د. عبد الرازق مسعد سلام يحتل هذا الموضوع أهمية تاريخية وعلمية وعملية بالغة لكل الشعوب الصغيرة أو الكبيرة إلى حد إن هذا الموضوع قد طغى على الأقليات العرقية أو الدينية أو الجغرافية والسكانية والأفراد والمجتمعات التي تغيب عنها الدولة أو التي تتحول الدولة فيها إلى قوة نهب وقمع وقسوة لشعوبها ... ويحتاج الوطن العربي الإسلامي وشعوبهما إلى القوة المنظمة والمحترفة السريعة الحركة والفعل الفوري القادرة على تأمين سلامة أراضيها وسكانها وحماية أعراضها وكرامتهم... ويدخل في هذا الإطار حماية تراكم الثروة المتنوعة وتسخيرها التسخير العادل لإدارة شئون المجتمع الشاملة ...!إن بلدان الشرق الأوسط التي أصبحت تربة خصبة للأطماع الأجنبية منذ التاريخ القديم والوسيط والحديث تواجه اليوم أكثر وأشرس قوى الشر طمعاً بها بعد تحولها إلى أحدى أغنى مناطق العالم والتي تمتلك أكثر من 1/3 الاحتياطات النفطية العالمية إضافة إلى ما يحويه جوفها من الثروات الثمينة المعدنية وكذا ما تمثله أراضيها من مواقع إستراتيجية هامة منذ التاريخ. من أجل ذلك كانت الغزوات الاستعمارية الغربية قد بدأت منذ العهد البرتغالي الأسباني الهولندي والتي استكملت خلال القرن السابع عشر والثامن عشر والتاسع عشر والعشرين من قبل الانجليز والفرنسيين "وأخذت أشكالاً متشابهة لها في أوائل القرن الجديد في زمن الألفية الثالثة الجديدة". لقد استكملت تلك الغزوات بالسيطرة المطلقة على مناطق الشرق الأوسط القديم (الجديدة) بشكل مباشر وغير مباشر .... " وهذا الشكل الأخير هو الغالب اليوم" وقد توجت عدوانها على العرب والمسلمين عندما زرعت كياناً صهيونياً غريباً في قلب البلاد العربية والإسلامية. وعلى أراضى عربية هي أراضى فلسطين. والفلسطينيين اللذين لازالوا يخوضون مقاومة باسلة نادرة ليس لها مثيل في التاريخ منذ إعلان قيام دولة إسرائيل ولا زال شعب فلسطين " يعانى من بشاعة التقتيل ومن فظاعة تفوق الوصف ومن أعمال مريعة تفوق الخيال ومن دمار مرعب ومستمر يومياً ودورياً حتى يومنا هذا" لقد كان ولازال واقع الاحتلال الصهيوني للأراضي الفلسطينية والعربية وفعله المستمر سبباً أساسياً ورئيسياً لخلق الأزمات الكبرى في منطقة الشرق الأوسط.إن هذا الاحتلال والاغتصاب للأراضي الفلسطينية الذي أخذ شكلاً تدريجياً منذ ما بعد الحرب العالمية الأولى والثانية ... قد تم بمساعدة الغرب الامبريالي بزعامة بريطانيا حتى الحرب العالمية الأولى وبزعامة الولايات المتحدة الأمريكية فيما بعد عام 1919 وقيام منظمة دولية على الأرض " عصبة الأمم" وحتى يومنا هذا فالعدوان الصهيوني كان ولازال مدعوماً في حروبه الأكثر وحشية من قبل دولة أمريكا ودول أوروبا الغربية 48، 67، 73 وحرب 1978م على لبنان والتي استهدفت القضاء على المقاومة الفلسطينية المسلحة إضافة إلى المحاولات الدورية لاغتيال القيادات الوطنية الفلسطينية المجاهدة من قبل الكوماندوز الإسرائيلي. وقد شهد العالم وكنا شهود على إحدى أبشع الحروب وأكثرها وحشية على لبنان في عام 1982م بشكل عام وعلى جنوبه بشكل خاص وهى الحرب التي وصلت حتى العاصمة بيروت... وفى هذا الزمن كانت إسرائيل تسرح وتمرح فى لبنان بطولة وعرضه إلى أن تشكلت المقاومة الإسلامية بقيادة حزب الله الجنوبي الأصل واللبناني المنشأ والذي وضع حداً للعربدة الإسرائيلية وكللت حرب تحرير جنوب لبنان بقيادة حزب الله بنصر كبير سجل في تاريخ العرب الحديث بعد نصر الشعب والجيش المصري العظيم في 6 أكتوبر من عام 1973م والذي وضع حداً نهائياً للأسطورة العسكرية الإسرائيلية التي لاتقهر في حرب إلكترونية حديثة وبإستراتيجية عسكرية مصرية فائقة التخطيط إضافة إسهامات علمية تاريخية إلى تاريخ الحروب التي لم تشهدها حتى الحرب العالمية الثانية. لقد شهد العالم على أهم حروب إسرائيل الوحشية والهمجية في عام 1967م حيث احتلت عدد من الأراضي العربية، سيناء وجزء من قناة السويس من مصر وجزء من الأردن والجولان من سوريا. ولم تتحرر الأراضي المصرية إلا بحرب وطنية مصرية عظمى وضعت حداً حاسماً للأسطورة العسكرية التي لا تقهر وصدقة مقولة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر "ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة"خلال الفترة منذ حرب 48، 67، 73، 78، 82 مروراً بالتسعينات وحتى ما بعد توقيع اتفاقية أوسلو ومدريد بين الفلسطينيين والإسرائيليين وبعد قيام السلطة الفلسطينية بقيادة زعيم الثورة الفلسطيني الشهيد ياسر عرفات وحتى ما بعد خروج الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان بعد عام 2000م ظل الفلسطينيون واللبنانيين عرضة للقتل والتدمير والأسر والانتهاك غير الإنساني... من خلال العدوان الوحشي المستمر حتى كتابة هذه السطور على الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية وقد قامت إسرائيل خلال خمس سنوات بتدمير مدن فلسطينية بأكملها لأربع مرات على التوالي مثل ما حصل مع مدينة جنين ومن خلال الحرب المهولة والخرافية الأكثر بشاعة في تاريخ العدوان محاولة إسرائيل الانقضاض على لبنان بشكل عام وجنوبه بشكل خاص في 12 يوليو من عامنا الماضي ورأى العالم كيف أن إسرائيل ضربت بعرض الحائط بكل قواعد الحروب وعادة إلى البدائية الوحشية وسحقت بوحشية لا مثيل لها أكثر من نصف مدن وقرى لبنان وجنوبه بشكل خاص.والعدوان الإسرائيلي كان ولازال على استعداد للانقضاض على العرب وعلى أراضيهم مهما كانت اتفاقيات السلام إنه بدون استعداد حربي قوى ودائم للعرب فإن إسرائيل وبالتحالف مع الغرب وبقيادة الدولة الأمريكية المنافس الوحيد لإسرائيل في القتل الوحشي الهمجي والبربري مثلما تعمل اليوم في العراق وفى أفغانستان ... فإن هذه القوى لا يمكن لها التوقف وستحاول مهما طال الزمن أو قصر القضاء على الهوية القومية العربية والإسلامية وبالاستيلاء قسراً أو طوعاً على أرضى وثروات شعوبها مهما طال الزمان إن هي استطاعت إلى ذلك سبيلاً وهم اليوم طامحون للقضاء على كل من يقاوم من السكان أمالهم!!!وهذا هو مضمون الشرق الأوسط الجديد الأمريكي المقدم من كولن باول والذي تسعى اليوم رايس إلى تنفيذه بدأً من لبنان ... !لقد استطاع حزب الله فضح هذا المخطط بشكل مبكر واستطاع عرقلته إلى حين ... وذلك بفضل الإعداد الحربي لهذا الحزب الصغير والمعد إعداداً حربياً رفيعاً وإعداداً عقائدياً ووطنياً هذا إضافة إلى ما قامت به المقاومة العراقية الوطنية هي الأخرى في وضع حد غير نهائي لهذا المخطط اللعين...!لقد أكد لنا اللبنانيون والمقاومة العراقية... أكدوا لنا كعرب وكمسلمين وكأمة وكشعوب من أن وحدة صلدة وإعداد تكنيكياً وتكتيكياً وتعبئة شعبية مستمرة رفيعة وإيماناً عقائدياً صلباً... وبوجود جيوش أكثر احترافية قادرة على التحرك السريع في كل الأوقات الزمنية القصيرة والطويلة مسلحة بأحدث التكنولوجيا مسنودة بتطور علمي وطني شامل ... كل ذك كفيل بتحقيق الانتصارات الحاسمة للأمة ...!!إن الحرب الدنيئة والأكثر بشاعة التي شنتها الولايات المتحدة الأمريكية على شعب وبلاد العراق دون وضع لكل الاعتبارات سواءً للرأي العالمي والذي توحد لأول مرة في التاريخ رسمياً وشعبياً والتي لم تضع اعتبارات لممثلي الأديان السماوية ومنها المسيحية ولا لجماهيرها المؤمنة . واحتلت بموجبها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا العراق وتقتسم الدولتان اليوم وعملائهما من الغربيين والعراقيين المحلين ثروات العراق وأسواقها وتسعى لمحاولة اقتلاع ثقافة وحضارة هذا الشعب ودينه في طموح بربري مستحيل للسيطرة على الوطن العربي والإسلامي والعالم. لقد أثبت لنا شعب العراق اليوم بكل فئاته بأن طموح أمريكا سوف يتحطم تحت أقدام الحرب الوطنية التي هب شعب العراق لإشعالها في وجه المحتلين، المحاصرون اليوم في مدينة بغداد وكل مدن العراق العظيم ليس هذا فحسب بل وضع بداية هامة على طريق سقوط نظام القطب الواحد بأسلحة يدوية بسيطة ولكن بعقيدة صلبة... فما بالنا لو أننا تمكنا بحكمة الزهاد والحكماء العادلين من بناء أوطاننا وشعوبنا وقواتنا الرادعة العسكرية والاقتصادية والعلمية لما تمكن هؤلاء البرابرة الجدد من النيل من دماءنا وأعراضنا وأرضنا. ونستطيع اليوم القول بأن مصر العروبة ومصر الإسلام قد زرعت في قولبنا الأمل وجددت في قلوبنا الطموح الحق والعادل في أن تملك هذه القدوة العربية القائدة والقوة الإقليمية التاريخية، القوة السلمية النووية ودخولها عصر الذرة السلمي الحق الغائب دهراً والمتأخر كثيراً وخصوصاً ونحن نعلم من أن مصر تعيش ما يزيد على ثلاثة وثلاثين عاماً من السلم أي منذ حرب أكتوبر المصرية العظمى وتملك مصر كقوة إقليمية مئات الآلاف من النوابغ العلمية فئ كافة مجالات الحياة وشعباً موحداً وعظيماً وتملك قاعدة صناعية واقتصادية تجعلها تتنافس مع الكثير من الدول العالمية الكبيرة. أن على العرب والمسلمين واجبات مقدسة نحو بناء قوتهم وتطورهم التكنولوجي والإلكتروني وأن يكونوا أقوياء اقتصاديا وعسكرياً وصناعياً وأن يمتلكوا ناصية العلم والتكنولوجيا ... وبادئ ذي بدء فإن على المنظومات السياسية الحاكمة والمعارضة الانطلاق نحو القضاء على الفساد المستشري في بلدنها، في قمة نظم الحكم وأوساط مؤسساتها وإداراتها وأنظمتها وحتى أوساط شعوبها. إننا بحاجة إلى انطلاقة فكرية معاصرة، وفلسفة علمية يكون أحد أهم أسسها تراثنا العربي الإسلامي الإيجاب وهو كثير جداً ... ونهج علمي وتربوي جيد بهياكل جديدة تقضى على عادات وتقاليد القرون الوسطى السيئة وفساد واستبداد الشرق القديم المقرونة بتمثل الحكمة والزهد والتقشف الأخلاقي للحكام وللشعوب العربية والإسلامية وتحقيق العدالة والمساواة والمواطنة المتساوية بين أبناء الشعوب والأوطان وإلغاء العنصرية العصبية داخل البلدان وبناء جيل جديد لم يمسه الموروث التركي المملوكي ولا دنس الفتن المحلية وعلى أساس منهج تعليمي وعلمي وديني حضاري جديد يكون أساسه وأهدافه الوطن وقوة الأوطان من أجل كرامة وعزة أهلها وعرضها ودينها، وتطورها جنباً إلى جنب مع بعضها البعض ومع شعوب المعمورة تتبادل معها الأدوار والثقافات وخبرات التطور والتقدم الحضارية المشتركة . [c1]الحاجة الموضوعية للتطور والقوة لمنعة الأمة [/c]كان مبدأ القوة على الأرض دائماً هو المبدأ الذي استلهمه الإنسان على الأرض، أفراداً، وقبائل وأقواماً وشعوباً وأمماً واعتبر هذا المبدأ أهم أسس مكونات الحياة الكريمة المتقدمة التي تمكنهم من العيش بكرامة رافعين الرؤوس والهامات. ولقد سطر لنا الإنسان الأول تجربة تاريخية عظيمة لا تنسى أبداً، بعد أن اكتشف بأن البحث عن لقمة العيش حيث وجدت في الطبيعة لا يوفر له ما يسهل أو ما يرغب دون القوة، حيث تمنع عنه هذه اللقمة الوحوش القاسية القوية والمتوحشة، وإن البحث عن الأمان وبما يمكنه من التحكم فيما يريد أن يأكله أو يحصل عليه إنما يتطلب قوة، أي أن يكون قوياً ولهذا كان عليه البحث في المجهول ليصل إلى مرحلة التحكم فيما يستهلكه وما ينتجه للوصول إلى ذلك. وكان البحث عن وسائل القوة في مواجهة ما يواجهه من صعوبات الحياة واعتراض الوحوش المفترسة الآدمية منها والغير أدمية ليتمكن من الحياة إلا بصناعته لوسائل الدفاع عن النفس ووسائل القوة التي مكنته من البقاء حياً، وكان المصير الحتمي دائماً للإنسان الضعيف وغير القادر على البقاء، الموت الحتمي، واستمرت الحياة في كل العصور والأزمات في التاريخ القديم والوسيط والحديث والمعاصر حتى يومنا هذا، ونظره تاريخية متفحصة لانتشار الديانات الأرضية في بلاد ما بين النهرين ومصر حيث تمكن الأقوياء دائماً من فرض سيطرتهم على الحياة وجعل ديانتهم المعتقد الأول للأقوام الضعيفة. لقد تعرضت أهم الرسالات السماوية الدينية مثل رسالة موسى وعيسى عليهما السلام على الرغم من معجزاتهما الخارقة، تعرضت لأبشع الأذى والعنف وفى السنوات الأول لانتشار المسيحية وحتى النصف الأول من الألفية الأولى قدم المسيحيون التضحيات الخرافية في مراحلها الإيمانية الأولى في روما الإيطالية وأوروبا ومصر وبلاد الشام وكانت القوة الإيمانية الروحية تحتاج على جانبها القوة المادية المدافعة عن حق النشر الطوعي لهذه الرسالات. لقد انتصرت البروتستانتية المسيحية في أوروبا عندما تمكنت من بناء نفسها كدعوة دينيه تصحيحيه في وجه الكاثوليكية المحافظة عندما دعمت بالقوة الفعلية المسلحة والغير مسلحة في حروب الثلاثين سنه من القرن السابع عشر الميلادي. وما كان لرسالة محمد عليه الصلاة والسلام أن تنتصر طوعياً وتستمر لولا البناء المؤسسي والتنظيمي الرفيع للقوة الإسلامية التي استطاعت أن تعصف بأكبر إمبراطوريات العالم قوة ونفوذاً وهما الإمبراطورية الفارسية والرومانية.ويشهد التاريخ بأن القوة الإسلامية في عهد الرسول الأعظم محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام وفى عهد الخلفاء الراشدين.. القوة المصحوبة بالحكمة والعدل والزهد والتقشف كانت نواة قوة العرب والمسلمين التاريخية.. والتي أوصلت الحضارة العربية والإسلامية أوجها في القرن التاسع والعاشر الميلادي في مختلف الميادين ويكفى أن نقرأ على لسان الروائي الأمريكي مايكل كرايتشون في مقدمة روايته أكلة الموتى الصادرة عن دار الأهرام عام 1985م في وصفه لحضارة العرب الإسلامية في القرن العاشر الميلادي وعاصمتها بغداد قائلاً "فقد كانت بغداد مدينة السلام، في القرن العاشر الميلادي أكثر مدن الدنيا حضارة وكان يعيش أكثر من مليون مواطن ضمن أسوارها الدائرة المشهورة وكانت بغداد مركز الاستقطاب الفكري والسياسي يحيط بكل ذلك جو من الرشاقة والأناقة والبهاء الخارقة للعادة"."فكانت هناك حدائق معطرة، وغابات ظليلة باردة كما كانت هناك الثروات المكدسة لإمبراطورية مترامية الأطراف.. كان عرب بغداد مسلمين شديدي الإيمان وكانوا على صلة بالشعوب ويفكرون بطرق تختلف عن طرقهم. وكان العرب في الواقع أقل شعب ذلك الزمان إقليمية وهذا ما جعلهم متفوقين على الثقافات الأجنبية". لقد تحقق ذلك المجد للحضارة العربية والإسلامية بفعل العديد من الأسباب:1- تسلح الحضارة العربية الإسلامية بدستورها العظيم القرآن الكريم كلام الله العلى القدير وسنة رسول الله عليه الصلاة والسلام والداعية إلى العدل وحرية الإنسان والمساواة بين المسلمين بمختلفة انتماءاتهم القومية وبمختلف ألوانهم وأجناسهم العرقية والداعية إلى المساواة بين المسلمين وبين معتنقي الأديان الأخرى والداعية إلى تعايش البشر بمختلف أجناسهم وألوانهم ومعتقداتهم وثقافتهم وإلى تبادل الأدوار والمنافع المتبادلة بين الأمم.2- تحلي العديد من القادة والخلفاء الراشدين وعدد من الخلفاء ما بعد الراشدين وبعض من الحكام والولاة بصفات الزهد والتقى التقشف ونكرات ذات بما مكنهم من خلق مؤاخاة إسلامية قوية بين المسلمين بعيداً عن العصبيات الجاهلية البغيضة وهذا مكن الدولة العربية الإسلامية من بناء جيشاً عربيا إسلامياً من مختلف الأعراق والأجناس المنطوية تحت راية الإسلام اتصف هذا الجيش بقوة العقيدة الدينية والعسكرية العالية ذو الأهداف الإنسانية والأخلاق العالمية لتحرير الإنسان من عبودية الإنسان.3- لقد كان لدى النبي عليه الصلاة والسلام وخلفائه الذين تعرضوا للأذى الكبير عند نشرهم للدعوة الإسلامية تجربة أفادتهم بأن دعوتهم الطوعية لدخول الإسلام ستتعرض لطواغيت الظلام والظلال والمقاومة والإعاقة لهذه الدعوة وبالقوة وبأن أعداء انتشار الإسلام وبقائه الأبدي سواء كانوا من قريش أو غيرها داخل الجزيرة العربية أو أعداء الإسلام من خارج الجزيرة العربية.. يمتلكون القوة والثروة والتنظيم الرفيع ولم يكن هناك أي شك لدى الرسول أو خلفائه بأن هؤلاء سوف يستخدمون كل تلك الإمكانيات لإعاقة نشر الدعوة الإسلامية وبقاء الإسلام ومعتقدوه.ولهذا وضع هؤلاء نصيب أعينهم ضرورة خلق وإيجاد وإعداد كاف نوعى وكمي للقوة المطلوبة الرفيعة التجهيز والتنظيم وتسخير كل موارد الثروات القطرية والإسلامية من أجل الدفاع عن حياض الأمة ورفعة الإسلام انطلاقا من تعاليم الله سبحانه وتعالى القائل: "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل". على أن ذلك تخلله كثير من الانحرافات الداخلية لبعض الخلفاء والحكام والولاة الأمويين والعباسيين حيث انتشر في بعض الفترات الزمنية الإسراف في تبذير المال الإسلامي وانتشر الفساد وحللت بعض المذاهب بفتاوى إسلامية نهب المال العام الإسلامي والرشوة وانتشرت المحسوبية العصبية في مختلفة مراحل الدولتين الأموية والعباسة واشتدت الصراعات الداخلية والتنافس العصبي بين العرب المسلمين فيما بينهم وبين المسلمين غير العرب وانشغل بعض من الخلفاء فئ تصفية بعض الأمراء وأنصارهم وكل ذلك ساعد على غياب مبدأ المساواة والعدل وغياب العلم بالأحكام الإسلامية لتحل محلها الأحكام العصبية الجاهلية وانتشر الفساد بين أوساط حكام الولايات وتقسمت وتشتت بين عدد من الحكام وأنصارهم وتجمعت في بيوتهم الثروة وخلت الخزانة العامة للدولة الإسلامية في بعض من الأوقات وأضعفت الجيوش والشعوب العربية والإسلامية.. فنجح المغول والتتار في غزو البلاد العربية والإسلامية ودمرت بغداد عاصمة الإمبراطورية الإسلامية وأحرقت ودمرت مكتباتها وكنوزها المتنوعة والمتعددة المادية والثقافية والحضارية."وقد استطاع المماليك فقط في إنقاذ ما تم إنقاذه بعد أن أدركوا جوهر المشكلة إلا وهو تخاذل الأمراء وبطانتهم من رجالات الدولة الذين راكموا الكثير من الثروات مثل النقود والحلي من الذهب والفضة والأحجار الكريمة وهذا شكل عائقاً نفسياً ووجدانياً لسكان بلاد الشام ومصر في الدفاع عن بقايا الدولة الإسلامية وبعد جمع أمراء الفساد وبطانات السوء الثرية للحكام وجمع أموالهم قسراً.. أعاد ذلك الروح من جديد لشعوب مصر وبلاد الشام وأعاد تنظيم الحياة من جديد وعادة الروح الأخلاقية لحياة الدولة والمجتمع واستطاع المماليك تحقيق النصر الساحق الكبير على التتار والمغول في موقعة عين جالوت وبرزت شخصيات عظيمة إسلامية لازال التاريخ يرددها حتى اليوم وكتبت عنها الروايات والكتابات التاريخية الثرية وأعتبر هذا النصر نصراً عربياً وإسلامياً ومثل نصراً إنسانياً عالمياً حيث لم تستطيع من قبل أي قوة إيقاف هذا المد الهمجي التتري لا في أوروبا ولا في البلدان الأسيوية.."لقد استطاع العثمانيين الأتراك بناء قوة ضاربة باسم الإسلام قدر لها أن تتبوأ قيادة العالم العربي والإسلامي قسراً لفترة تزيد عن ثلاثة قرون من الزمن. وفى بداية ظهورها كقوة عسكرية استطاعت تسيد البحر الأبيض والأسود وحلت محل الإمبراطورية البيزنطية وبعد أن تمكنت من الاستيلاء على الوطن العربي حتى نهاية النصف الثاني من القرن السادس عشر اعتبرت نفسها واعتبرها بعض المسلمين بديلاً قيادياً للخلافة الإسلامية بعد سقوط الدولة العباسية التدريجي وكان ذلك في بدايته تعويضاً كبيراً للعرب والإسلام من حالة الانكسار وقد لعب بعض السلاطين والخلفاء الأتراك دوراً إيجابياً في بعض فترات الخلافة العثمانية الإسلامية. حيث حققت انتصارات كبيرة في ميدان السياسة الخارجية على الإمبراطورية الغربية المقدسة في زمن الإمبراطور شارل الخامس وخلفائه حتى أوساط القرن السادس عشر. وحاول السلطان عبد الحميد القيام بإصلاحات داخلية منذ 1839 حتى عام 1876م سميت أو عرفت بالتنظيمات وأعلن الحكم بالنظام السلطاني الدستوري إلا أنه تراجع عن ذلك وهذا مثل بداية الانهيار التدريجي للإمبراطورية وقيام ثورة 26 إبريل من عام 1909 التي خلعت السلطان عبد الحميد وتنصيب أخيه محمد رشاد. كما انتشرت التنظيمات الوطنية القطرية وبالذات العربية والتي استغرق تكوينها لفترة تزيد عن خمسين عام حتى أوائل القرن العشرين بعد قيام ثورة الشريف حسين شريف مكة. وكان ذلك لأسباب عديدة أهمها التركيبة المتنوعة وتداخل بعض الظروف الصعبة في حياة شعوب الإمبراطورية واختلاف ثقافاتها وخصائصها المعقدة وكذا الممارسات القمعية الداخلية الاستبدادية للفصائل العسكرية التركية والقمع الوحشي لجيوش السلطان لشعوب الإمبراطورية داخلياً. والعجز الذي أشرنا إليه الذي بدأ واضحاً منذ نهاية القرن التاسع عشر في عملية الإصلاح السياسية المطلوبة إلى جانب منحها فرنسا نظام الامتيازات التسهيلات الجمركية والضريبية لمواطنيها ثم منح تلك الامتيازات للبلدان الغربية الاستعمارية مثل إيطاليا وفرنسا وبريطانيا.. تلك الامتيازات التي مهدت للاستيلاء المستعمرين الغربيين على العديد من البلدان العربية والإسلامية عسكرياً واقتصادياً.وكان القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين الزمن الذي تلاشت فيه الإمبراطورية الإسلامية التركية التي أعيد تقسيم ممتلكاتها بين بريطانيا وفرنسا وإيطاليا وروسيا بنهاية الحرب العالمية الأولى عام 1918م. ولكن يبقى شئ للتاريخ وهو أن السلطان عبد الحميد الخليفة الإسلامي التركي كان قد وقف وقفه تاريخية من قضايا فلسطين وبيت المقدس ورفض كل الإغراءات المالية التي قدمتها الحركة الصهيونية العالمية. وفى زمن ضعفه رفض الملايين من الدولارات مقابل تنازله عن فلسطين لليهود.لقد كان للسياسة القمعية العسكرية التي قام بها الباب العالي (الحكومة التركية) وولاتها من باشاوات وباكوات إقطاعيين والفصائل العسكرية المحترفة المسامة (بالإنكشارية) إلى جانب البطء الشديد في عملية التطور الاقتصادي والاجتماعي والسياسي بسبب تحلى حكام الإمبراطورية بسلوك الفساد الإداري والمالي الموروث فى بعض منه من حكم الولاة الفاسدين في الخلافتين الأموية والعباسية. إضافة إلى أن بسبب سيطرة القوة الإقطاعية في قمة الهرم السياسي في الحكومة والسلطنة وجعلها لم تستوعب عمليات التطور داخل العلاقات الاجتماعية الإنتاجية في المجتمع ولعبت دوراً معرقلاً في تطور العلاقات الإنتاجية الرأسمالية الجديدة والتي أخذت بالتطور تدريجياً وتحول الدور الريادي الاقتصادي الرأسمالي إلى يد البلدان الأوروبية، إيطاليا، هولندا، بريطانيا، فرنسا. ولم يستطع الملاك من سكان الإمبراطورية التركية من مجارات البلدان الأوروبية الغربية والتي عملياً تحولت إلى قيادة عملية التطور الاقتصادي في الرأسمالية الصغيرة منها والكبيرة كما خدمها في ذلك الاكتشافات الجغرافية ما وراء المحيط الأطلسي، في أفريقيا وأمريكا الجنوبية والشمالية وآسيا (اليابان، الصين) إلخ.. كما استفادت من عوامل النهضة العلمية والفكرية ومنجزاتها والتي شهدتها أوروبا في ميادين العلوم المادية الطبيعية والتطورات الهائلة في مجالات علم الفيزياء والكيمياء والعلوم الجغرافية والاجتماعية والفلسفية وما نقل إليها من الترجمات العربية والإسلامية العلمية.لقد تحطمت قوة ونفوذ الإمبراطورية التركية الإسلامية بسبب التخلف الفظيع الذي كانت عليه القومية التركية ولمنهج حكم إقطاعي سيطر على حكومة الإمبراطورية وولاياتها وهو منهج المنفعة الاقتصادية الإقطاعية الذاتية للحكام في جمع الأموال والثروة وتكديسها وبأي ثمن لأقربائهم وحاشياتهم وأقرانهم من الإقطاعيين المحليين في البلدان العربية والإسلامية المحكومة.مما أنساهم القضية الهامة ألا وهى التطور ومواكبة العصر بما يحفظ ويبقى على كرامة وقوة ومهابة الأمة والدين الإسلامي.وبنتائج الحرب العالمية الأولى ظهرت بقوة الدولة القطرية والتي تعمق مفهومها في الواقع بشكل واسع لتستمر حتى اليوم في العالم العربي والإسلامي بفعل السياسة الاستعمارية الغربية التي استطاعت خلق وتعميق مبدأ سياسة فرق تسد أولاً في سياستها الاستعمارية ثم في موروثها للحكام العرب الذين يتبعونها حتى اليوم من أجل تمزيق أوصال الوحدة الداخلية للشعوب وتعميق الحق في اللهث الذاتي الشنيع للحكام وبطاناتهم للإثراء الفاحش على حساب البناء والتطور الاقتصادي والاجتماعي وبناء درع الشعوب العربية والإسلامية من قوة عسكرية وأمنية رادعة تحمى وتضمن كرامة وعزة وعرض الأمة بدلاً من إشاعة الفتن فيما بين أبنائها وهتك أعراضهم وكرامتهم في بلادهم.ومنذ 1917 – 1919م و 1920م ظهرت النضالات الإيجابية للشعوب العربية والإسلامية في العراق وسوريا ولبنان وفلسطين المتتالية لم تتوقف وحتى يومنا هذا وكذا اللحظات العظيمة في تاريخ الشعوب العربية والإسلامية منذ قيام ثورة 23 يوليو المصرية بقيادة زعيمها وزعيم العرب أجمعين الخالد جمال عبد الناصر وتأميم قناة السويس المنجز الاقتصادي والسياسي والتاريخي للشعوب العربية والإسلامية الذي أعاد أهم وأعز حق عربي مصري والذي لم يشهد له التاريخ مثيل، وقيام الثورة الإسلامية بقيادة الإمام آية الله خمينى إلخ.. إلا أن حلقات البناء المؤسسي القوى اعترضته هزات تاريخية منذ قرار التقسيم الفلسطيني وهزيمة العرب في حرب 48 – 1949م وحرب 1967م بسبب ضعف الوعي القومي والديني لدى الملوك العرب واتجاههم نحو الملذات والأهواء والخضوع للاستشارات اليهودية زائد الضعف العام في أولويات مصالح الأمة لدى البطانات العسكرية والاقتصادية والسياسة لنظم الحكم، وانتهاج الملوك والحكام العرب سياسة اللامبالاة والبطئية في محاولة بناء قوة الأمة الرادعة والحاسمة المصحوبة بالحكمة التاريخية التي لا تقبل الغرور والثرثرة ولا العدوان على الأمة وشعوبها.حتى عندما سنحت الفرصة التاريخية عند انبلاج فجر التحرير في حرب 1973م لم يتمكن العرب من الاستمرار في بناء أنفسهم البناء السليم للدفاع عن الحق والأرض والدين والكرامة وتحرير فلسطين.. حيث أنه حتى هذا الزمن فإسرائيل لم تسبقنا تماماً في بناء قوتها الإستراتيجية النووية والعسكرية القوية.. وإذا ما خضعنا حتى للمنافسة فإنه كان بمقدورنا بناء قوة عسكرية شاملة تذهل الأعداء وتعيد الحق العربي الضائع. ومع ذلك فأننا نستطيع اليوم ولأننا نملك ثلاثة عناصر هامة: أولاً الثروة والمال والاقتصاد الكبير وثانياً الكثافة السكانية، وثالثاً القاعدة العملية والاقتصادية حيث توجد في الوطن العربي والإسلامي أكثر القواعد الصناعية البتروكيماوية المتطورة والتي تكتمل أهميتها بدمجها بالاستفادة القصوى من علوم الفيزياء والكيمياء الحديثة.[c1]حق موضوعي وتاريخي لمصر لتكون دولة نووية سلمية :[/c] تمتلك جمهورية مصر العربية كل الحق الموضوعي والتاريخي كدولة إقليمية عظيمة لها سكانها الذي يتجاوز اليوم ثمانين مليون نسمة وسكانها يعانون من الكثير من المشكلات السكانية ومن مشكلات الطاقة ومن حق مصر أن تتحسب لنفاد مصادر الطاقة البديلة من بترول وغاز وإلخ.ومصر دخلت عالم الثورات البرجوازية والرأسمالية قبل شعوب الشرق الأوسط قاطبة وقبل دول إقليمية كبيرة في جنوب شرق أسيا. وإلى جانب ذلك يجب التأكيد على أن مصر قوة اقتصادية وصناعية نوعية تتنافس بكل اقتدار مع بلدان أوروبية غربية وآسيوية عملاقة. وهى شئنا أو أبينا تمثل قمة الهرم الكبير وزعامته وهى الدولة العربية الوحيدة التي تمتلك مئات الآلاف من النوابغ العلمية القادرة على تحويل ليس مصر وحدها بل ودولاً أخرى إلى مقدمة الأمم.إن مصر تعتبر من الدول التي تمتلك الحق ليس في إنشاء الطاقة النووية السلمية فحسب بل وأن تمتلك الحق وعليها أن تقوم بذلك علناً وسرياً وبأي طريقة كانت لامتلاك قوة الردع النووية المطلوبة كونها تقع على مقربة من عدو لا يؤتمن مسلح بأكثر من مائتي قنبلة ذرية ويمتلك أكثر من أربعة مفاعلات نووية وترسانة عسكرية لا نظير لها في الشرق الأوسط، إضافة إلى أن الشرق الأوسط القديم "والجديد" تعيش فيه قوى إقليمية تمتلك هذا التفوق فلا مجال للتأخر بعد اليوم. وسب أخر هام يعطى هذا الحق لمصر وهو أن مصر أثبتت أنها دولة تسعى إلى السلام دوماً وتملك شعباً ودولة ثقافة الحق السامية.لقد أوضح الرئيس حسنى مبارك في حديث لجريدة القوات المسلحة المصرية في الذكرى 33 لنصر أكتوبر العظيم "بأن مصر أوقفت (بالماضي) برنامجها النووي باختيارها وحين تريد إحياءه ومواصلته فإنها تملك أن تفعل ذلك بإرادتها الحرة، مشيراً لأن مصر لا تسمح بالنيل من دورها الإقليمي لأنها لا تنفصل أبدا عن قضايا أمتها وقضايا المنطقة""وأوضح الرئيس مبارك" بأن الدفاع عن السيادة والأرض واستقلال الإرادة الوطنية هو المسئولية الأولى والرئيسية والأمانة الكبرى".[c1]أستاذ التاريخ الحديث المعاصر المساعد جامعة عدن ـ اليمن [/c]
|
دراسات
الحق العربي في إمتلاك قوة نووية
أخبار متعلقة