القاهرة/ خالد عمر:في أمسية هي الأروع من أمسيات الصالون الثقافي للشباب اليمني بالمركز الثقافي اليمني بالقاهرة، حلقت فيها النفوس كفراشات من ضوء مع روعة الكلمة وجمال اللحن وعمق الأصالة وعبقها الذي يتمتع بها الموشح اليمني، أحياها ا لمشد المتألق صالح المزلم المسؤول الإعلامي لجمعية المنشدين اليمنيين وعضو اتحاد المبدعين العرب فرع اليمن فكانت أمسية إنشادية يمنية على ضفاف النيل، تجاوب مع صداها أمير الشعراء أحمد شوقي الذي حياه المنشد- بداية- بتشنيف الأسماع بقصيدته الرائعة: ولد الهدى فالكائنات ضياء، حيث انشدها بلحنين متمازجين تمازج الروح والحب بين مصر العروبة ويمن الأصالة والتاريخ من خلال أدائه المتميز الذي سحر به قلوب السامعين فتمايلوا طرباً وبهجة، ثم أنشد من التراث اليمني الأصيل عدداً من القصائد والمشارب التي نالت الاستحسان، وأعطى الجمهور المتميز الذي حضر الأمسية ممثلا في عدد من الدول العربية والصديقة حيث حضرها لفيف من المبدعين والمثقفين ورجال الإعلام من مصر، وفلسطين، وسوريا والإمارات العربية المتحدة، وعمان والعراق والهند، هذا فضلاً عن عدد كبير من الباحثين اليمنيين والجالية، كما حضرها عن السفارة سعادة القنصل العام الأستاذ/ محمد نوري، كانت الأمسية قد بدأت بتقديم الشاعر والباحث إبراهيم أبوطالب الذي تكلم بعرض موجزعن فن الإنشاد اليمني وأصوله التاريخية منذ عهد امرئ القيس الذي يرى عدد من الباحثين ومنهم احمد الشامي وعبدالرحمن الرفاعي " في كتابه الحميني الحلقة المفقودة في امتداد عربية الموشح الأندلسي" بأن أصل الحميني يعود الى زمن ذلك الشاعر الجاهلي الكبير وأنه ذو جذور عميقة في الأدب وفي حياة اليمني على وجه الخصوص ثم تحدث بإيجاز عن علاقته بالموشح الأندلسي وعن اهميته بالنسبة لحياة اليمني فهو رفيقه في أفراحه - وحياته- وأحزانه فلا تخلو مناسبة إلا وكان الإنشاد حاضراً فيها ومعبراً عنها كعضو حيوي في ثقافة اليمني وحياته، ثم بدأت الأمسية في شقها الأول بعرض علمي للمشروع الذي فاز به المبدع الأستاذ/ صالح المزلم بالمركز الأول عربياً في الشارقة عن برنامجه التعليمي الذي ترعاه شركة مايكروسوفت العالمية لمشروع المعلم المبدع لتقنية التعليم عن بعد، وقد عرضه من خلال الكمبيوتر في نصف ساعة تقريباً مبيناً فكرته ونماذج من أمثلته التي طبقها على أحكام وقواعد التجويد وعلى تفسير القرآن الكريم ليستطيع الطالب أن يتعلم عليها بدون معلم من خلال التعلم الذاتي الذي يرمي إليه هذا المشروع الكبير والذي سيطلق على شبكة الانترنت في الأسابيع القليلة القادمة المشروع فاز بالجائزة الأولى كأحسن برنامج تطبيقي أدى الفكرة التي قصدت إليها شركة مايكروسوفت ودعت إليه ليأتيها الجواب الصحيح والمشاركة العلمية المتميزة والمكتملة من اليمن وعن طريق هذا المدرس المبدع، وقد قام بعمل البرنامج مكتملاً تأليفاً وأداءً صوتياً وشعراً تعليمياً وإنشاداً بصوته وبإخراجه الهندسي والتقني فكان مثار إعجاب الحضور كما كان من قبل مختطفاً لدهشة القائمين على المشروع بأن سلموه الجائزة الأولى للبرنامج عن يد وهم راضون ومعجبون، بعد هذا العرض دارت مناقشات واسعة حول البرنامج وطبسيعته وكيفية الحصول عليه لتعليم الأبناء ثم جاء الشق الثاني من الأمسية الجميلة ليحلق المنشد بحضوره وجمهوره في سماوات من الدهشة والجمال بمقاطع من أناشيد العرس اليماني ثم بألحان من مختلف ألوان النشيد اليمني من صنعاني ولحجي وتهامي وحضرمي وعدني، وكذلك بمواويل عربية تميز بأدائها المنشد المبدع بأن ردد بيتين شعريين بمقامات يمنية، وحجازية ، وشامية وعراقية، وسودانية ألهب الأكف تصفيقاً، والوجوه بشاشة وإعجاباً، وعلى الرغم من تنوع الحضور من عدد من الأقطار العربية فقد استطاع المنشد أن يبقيهم على مدى أكثر من ساعتين ونصف الساعة في لذة الدهشة والطرب مخللا أناشيده بروحه المرحة ومواويله الشجية التي علت أصوات الإعجاب مذكرة بعمالقة الطرب والإنشاد من أمثال النقشبندي والغزالي وغيرهم، كما جرت عدد من المداخلات من أكاديميين وأدباء عرب ويمنيين مثل د. طه حسين »مصري« حيث أشاد بالمنشد وأبدى أسفه أن مثل هذه المواهب لم تصل إلى الإعلام العربي وهي ذات نفس رائع وأداء مبدع، كما تحدث د. مزهر الخفاجي مدير الفضائية العراقية عن إعجابة الشديد بمثل هذه الأصوات التي تستغني بنفسها عن أي مصاحبات موسيقية أو تحسينات صوتية وقد سأل المنشد وهو يرى التنوع العربي في أدائه وكأنه قد نهل من كل المدارس الإنشادية العربية إذا ما كان ذلك سيعنيه على التجديد والخروج بمجموعة من الأعمال المتميزة ذات النفس العربي اليمني معاً لينطلق من المحلية الى العربية الواسعة كما سمعنا منك الآن من النماذج المتنوعة، وقد نعلت بنا فعلها من إعجاب واندهاش، كما طلب من المنشد شيئاً عن العراق في ازمته ومحنته باعتبار الفن التزام أيضاًَ بقضايا الأمة وجروحها، فكانت على غير إعداد مسبق أو ترتيب أبيات للشاعر إبراهيم أبو طالب يقول فيها:[c1]ما زلت " بغداد" رغم الجرح شامخةيا قبلة الحب يا نبض الحضاراتأهدي لعينيك من صنعاء أغنيةفيها الفداء لصناع البطولاتفيها الحنين إلى ماض يهيجناله البكاء على وقع انكساراتيمازال فيك " فرات" من كرامتناوقد تصلب شريان الكراماتلأنك الأمس والتاريخ مبتسم"ومطري حيث شئت من نداءاتي"[/c]إلى أن يقول:[c1]فلتنهضي ياعراق الخير ثانيةهذا جلالك في ميلادك الآتي[/c]أنشدها صالح المزلم بصوت جميل وأداء صادق مؤثر كانت من القلب إلى القلب ففعلت في الحضور فعل السحر. لتنتهي الأمسية العلمية الإنشادية بعد منتصف الليل حيث مرت فيه تلك الساعات وكأنها طيف حالم على أنغام ليلة نيلية عذبة.
|
ثقافة
النيل وأحمد شوقي يعانقان في القاهرة الموشحات اليمنية والشعر الحميني
أخبار متعلقة