تحولت إلى أنقاض بعد سنوات من الحرب والدمار
بغداد/14 أكتوبر/ميسي رايان: يقيس عدد كبير من العراقيين التقدم الذي تحقق في إعادة بناء بلادهم التي تحولت إلى أنقاض بعد سنوات من الحرب والدمار بمجرد تحريك زر الإنارة. وأصبحت الكهرباء قضية محورية سلبية بشكل مزمن في تقييم ما وصلت إليه البلاد بعد الغزو الأمريكي عام 2003 الذي أطاح بالرئيس السابق صدام حسين. وشبكة الكهرباء العراقية آخذة في التحسن لكنها مازالت تغطي نحو نصف الطلب ويتدخل هذا بشكل سافر في كيفية تسيير المواطنين العراقيين العاديين لشؤون حياتهم اليومية كما يعيق جهود إعادة بناء الاقتصاد العراقي المنهار رغم تراجع العنف في شتى أنحاء البلاد بدرجة كبيرة. ومنذ عام 2003 تأجلت مرارا وتكرارا أهداف تحسين شبكة الكهرباء وتقوية إمدادات الطاقة وتقول الحكومة الأمريكية إن نحو 30 في المائة فقط من العراقيين راضون اليوم بما لديهم من كهرباء. ويرى مسئولون عراقيون وأجانب أن إعادة بناء شبكة الكهرباء العراقية التي تضررت بشدة من جراء سنوات من العقوبات والقصف الجوي وسوء الإدارة قد يستغرق سنوات خاصة مع زيادة الطلب على الكهرباء مع انفتاح الاقتصاد العراقي أكثر. وقال البريجادير هاميش مكنينش وهو مهندس كبير في سلاح المهندسين بالجيش البريطاني يعمل في قطاع الكهرباء في العراق «السؤال التقليدي الذي يسأله الناس هو عن الفائدة من وراء وجود أقوى دولة على وجه البسيطة هنا (في العراق) لمدة خمس سنوات بينما الإنارة لا تدوم». وأضاف «إعادة بناء البنية التحتية بالكامل يجب أن تأتي من العراق. المهمة في صعوبة الهبوط على سطح القمر. لأنها دولة مترامية الأطراف وتحتاج إلى كثير من الطاقة». ويعطل نقص الكهرباء الاقتصاد كما يعطل الحياة الطبيعية. ويقول حيدر نور وهو بقال في الحلة جنوبي العاصمة العراقية بغداد إن انقطاع الكهرباء اضطره إلى خفض مخزونه من السلع التي تفسد سريعا خارج البرادات. وأضاف «في يوليو واغسطس اضطررت إلى التخلص من اللحوم ومنتجات الألبان كل يومين بسبب انقطاع الكهرباء لساعات طويلة. وهذا يقضي على أرباحي». في المدن العراقية تمتد في كل ركن شبكة عنكبوتية من الأسلاك الكهربائية المختلفة الألوان تربط المنازل بشبكة من المولدات الخاصة التي أصبحت ضرورية للحياة. ويقول عبد الغني الدباغ وهو جراح في الحلة إن الاعتماد على الكهرباء المتقطعة التي توفرها الدولة ليس خيارا حين تكون أرواح مرضاه على المحك. واضطر إلى زيادة أتعابه ليشتري مولدا خاصا وضعه على سقف عيادته. ومنذ الغزو الأمريكي عام 2003 تعثرت جهود تحسين إمدادات الكهرباء من جراء الهجمات التي تشن على أنابيب النفط ومحطات التقوية والعنف الذي يستهدف العاملين في الحكومة. كما أن سنوات الجفاف أضرت بمحطات توليد الكهرباء من مساقط المياه. وتأمل حكومة رئيس وزراء العراق نوري المالكي التي يدعمها الغرب في أن تقضي على ظاهرة انقطاع التيار بحلول عام 2012 وان تزيد بحلول هذا التاريخ القدرة على توليد الكهرباء من 5500 ميجاوات في اليوم ثلاثة أمثال. لكن مجرد الوفاء بالاحتياجات الحالية سيكلف العراق 5.5 مليار دولار على الأقل كما يتطلب إقناع المستثمرين الأجانب بوضع مخاوفهم الأمنية جانبا في دولة مازالت تشهد أعمال عنف. في محطة القدس شمالي بغداد يلتف عمال يرتدون بزات زرقاء اللون حول توربينات عملاقة من إنتاج جنرال الكتريك ستساعد لدى تشغيلها خلال الأشهر القليلة القادمة في إمداد 180 ألف منزل في العاصمة العراقية بغداد بالكهرباء. ومشروع محطة القدس الذي يتكلف 170 مليون دولار هو أكبر آخر مشروع ستموله الولايات المتحدة في العراق بعد أن أنفقت نحو خمسة مليارات دولار على القطاع منذ عام 2003 . كما انفق العراق نحو مليار دولار على استثمارات الطاقة في الفترة ما بين عام 2005 وعام 2007 لكنه اصطدم بتعقيدات بيروقراطية في إنفاق ميزانيات أضخم على الكهرباء. ويقر المسئولون أن التقدم في هذا القطاع بطيء بدرجة مؤلمة مع تنامي الطلب بشكل صارخ منذ عام 2003 بعد أن مكن انفتاح الاقتصاد العراقيين من استيراد الكثير من الأجهزة التي تستهلك الطاقة. وتكافح الحكومة العراقية لتحقيق تحسن ملحوظ بحلول الصيف القادم. كما وقعت اتفاقات مبدئية هامة مع جنرال الكتريك وسيمنس لشراء معدات جديدة لتوليد الكهرباء. وقال عزيز سلطان المتحدث باسم وزارة الكهرباء «إذا خفض الناس استهلاكهم من الطاقة بالاستغناء هذا الشتاء عن غلايات المياه والمدافئ لن تنقطع عنهم الكهرباء.»