ليس من العدل أن أطالب من حولي بكل ما أعتقد أنه حق لي، ثم إذا كان الحق لهم مني، لا أعطيهم إلا ما أرى أنا أنه حق لهم، أو ما أرى أنهم يستحقونه مني، ذلك أن هذا المنطق لا ينتج بالضرورة سوى الخسران والانتقاص والظلم.فكم من الأمور قد تراها الزوجة حقاً لها، وكم من الأمور قد يراها الزوج حقاً له.. وكل يفكر من منطلقه، وكل ينظر من زاويته، فكيف إذا انضاف إلى ذلك ضيق العيش، وقسوة الحياة، وقسوة البشر، وسعى الجميع لأكل الكل؟!لقد أنتج هذا الحال في الواقع فساداً كبيراً في حياة الناس، وعلاقاتهم داخل الأسر، وفي المقدمة حياة الأزواج مع زوجاتهم، والزوجات مع أزواجهن، وأصبحت الخصومات أكثر من فرص اللقاء، وأصبحت حالات الانفصال باعثة على الحزن، ودافعة إلى الخوف على مستقبل الأسر، والجيل القادم.وفي الواقع، فإن الزوج يعود من عمله، أو أعماله، مليئاً بالهم والغم، والانكسارات، والقهر، والاحباطات والكوابح، يضرب يميناً على صخر، ويضرب يساراً على رمل، وقلما حظي بشيء من زهرة الحياة.والزوجة من جهتها، منكدة بأذية أولادها ومشاغباتهم، ومنهكة بتلبية طلباتهم، تحلم في بيتها الصغير بوصول زوجها مبتسماً، مبتهجاً، على أجنحة الشوق، يحملها على رموشه، ويؤويها في خمائل قلبه.فإذا لم يع الاثنان، أنهما يعيشان واقعاً يعطي كلاً منهما من الهموم ما يقصم الظهر، ويقتل القلب، فإن النتيجة لن تكون أقل من المأساة، ذلك أن الاثنين لن يتحدثا سوى حديث واحد، هو حديث الصم، وسيغني كل على ليلاه، وسيطلب كل ما يهوى، ولن يكون الصحو أبداً، ولو غدت حياتهما قاعاً صفصفاً.. فكل يبكي.. فكل مظلوم.
|
ومجتمع
حتى نفهم ما يريده الآخر
أخبار متعلقة