أنور أحمد صالحليس الغريب في رفع شعار "محاربة فساد" ولكن الأغرب أن يردد هذا الشعار من قبل الفاسدين قبل الطاهرين !.. والأكثر غرابة أن الجميع يؤكدون ويعترفون ويصرخون بعدوى الفساد وخطورة انتشاره على طول وعرض البلاد وينفث سمومه بين الدواوين والمكاتب الرسمية وغير الرسمية !.. وحيث يوجد الفساد يوجد الفاسدون الكبار والصغار كخلايا منظمة ونشطة تنخر كل شيء نظامي وقانوني وتعطل أي تقدم أو تطور يخدم الصالح العام للأرض والانسان .ومن مفارقات الزمن الرديء فإن الفاسدين على كافة المستويات العليا والدنيا يتباهون ودون حياء أو خجل أو وازع من ضمير ودون خوف من عقاب ربهم !.. كما أن الفاسد شديد الأدمان بالفساد غير قادرعلى تطهير ذاته بعد سقوطه في وحل الافساد كالمريض بالسرطان الخبيث .. والفاسدون غايتهم الفاسدة تبرر وسيلتهم المفسدة !وهم أول من يعلنون الحرب على الفساد .. وهم مع كل دعوات الأخ الرئيس ويهتفون ويصفقون ويرحبون بهذه الدعوات !!وهذا هو الموقف الغريب والمتناقض الذي أعتاد سماعه المواطن المجني عليه ويرى بأم عينيه انتشار الفاسدين كالجراد يأكلون الأخضر واليابس ويطغون في البلاد ويكثرون فيها الفساد حتى اصبحت عملية محاربة الفساد من المستحيلات .. وهذه الاستحالات تبرز في ضعف ثقة المواطن الغلبان بقدرات الحكومة وعجزها عن مقاومة ومواجهة الفساد لأن الفاسدين بداخلها يمنعون قيام هذه الحرب العادلة !! وحتى أحزاب المعارضة غير قادرة على ذلك سوى الابداع في التنظير والترصد والانتقادات والتحريض بالأقوال وهي بحاجة الى تطهير ما بداخلها من فساد .وإن تكررت الأصوات العالية الفاسدة مع الطاهرة من قبل القيادات الحكومية والحزبية والبرلمانية والقضائية والأمنية وغيرها والداعية الى محاربة الفساد .. فإن هذه الاصوات تبقى مجرد فقاقيع تتطاير في الهواء ويظل المواطن الفريسة في حيرة من أمره ومغلوب على حاله مجبراً على البحث عن الإبرة الفاسدة في كومة القش إن ثم تتطور هذه الحيرة بتساؤل المواطن المتشائم والمحبط والمقهور حول إمكانية وكيفية إزالة الفساد وفي الوقت ذاته فإن الجميع دون استثناء الفاسدين والطاهرين يسلون سيوفهم لجزذ الرؤوس المفسدة .. ويرفعون شعار " كفاية فساد"!!وعلى كل حال .. فإن غرابة هذه المواقف المتناقضة تنطبق مع ماجاء في الأبيات الشعرية للشاعر السوري (أيمن أبو الشعر) حين قال:(إنني لا أفهم كيف يحل الحبل الشانق مشكلة المشنوق .وكيف يصير (الفاسد) في لمحة عين قديساً موثوق).إذن للمواطن حق في حيرته الشديدة وتساؤله الغريب حول كيف يمكن للفاسد محاربة ذاته المفسد؟! .. وإذا كان المفسدون هم أول من يعلنون الحرب على الفساد .. فمن هم إذن الفاسدون؟!!إنني لست متشائماً ولكني متأكداً بأن مسألة التخلص من الفاسدين وفسادهم ليس برفع شعار كفاية فساد .. ولكن المسألة تتطلب (معجزة من السماء) والله وحده قادر على ذلك .قال تعالى :(الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد فصب عليهم ربك سوط عذاب إن ربك لبالمرصاد ).(صدق الله العظيم)
|
آراء حرة
شعار محاربة الفساد يرفعه بعض الفاسدين أيضا !!
أخبار متعلقة