قراءة في ثنايا واقعنا الصحافي الراهن
الديمقراطية لا تعني الممارسة العشوائية لمهنة الصحافة ولا تعطي الحق في استخدام النقد الجارح والإساءة وكيل التهم للآخرين ممارسات لبعض صحف المعارضة تتنافى مع رسالة الصحافة وأخلاقيات هذه المهنة الوطنية النبيلةلا جدال في أن واقعنا الصحفي تشوبه سلوكيات وممارسات، تتنافى مع رسالة الصحافة وأخلاقيات الممارسة لهذه المهنة العظيمة والنبيلة، وذلك بفعل ما يكتنف هذا الواقع الصحفي الراهن من شوائب الممارسة غير السليمة للمهنة ورسالتها السامية، من بعض صحف المعارضة، الحزبية والأهلية، والكتاب فيها، بما من شأنه تشويه صورة الصحافة والرسالة المهنية والتنويرية للصحافة كمرآة وأداة توعوية في المجتمع..وإذا نظرنا، بقراءة تقييمية عامة، لما يشوب واقعنا الصحفي من السلوكيات والممارسات التي تنتهجها لبعض من صحف المعارضة، الحزبية والأهلية، في ما تنشره وما ينشر فيها للكتاب، من المواضيع والمقالات والتقارير والأخبار وغيرها، في إطار تأديتها وممارستها للمهنة الصحفية وعبر ما تنشره وتحتويه في صفحاتها من كتابات.[c1]سلوكيات النشر لبعض صحف المعارضة[/c]نجدانها في معظمها، إن لم يكن في كل، ما تنشره عن الواقع المعاش في مختلف مجالات الحياة في البلاد، سوداوي وقاتم، مع أنها في ذلك تكون مجافية للحقائق الساطعة في أرض الواقع، كما لا تخلو صفحات كل عدد تصدره من أعدادها من مواضيع ومقالات وآراء متعددة قاسمها المشترك الحدة في الطرح والنقد الجارح في المضمون للمسؤولين في الدولة والحكومة والنظام بشكل عام بمختلف أجهزته ومؤسساته، وتوجيه التهم جزافاً وكيل الشتائم وما إلى ذلك مما تنسبه للآخرين بحق أو بدون حق وبحقد واضح وصارخ، بل والأنكى والأغرب من ذلك تمادي هذه الصحف وكتابها إلى حد الإساءة لرئيس الجمهورية قمة قيادة الوطن!! دون أي اعتبار للموقع الرئاسي والقيادي والمكانة الرفيعة الوطنية والقيادية لهذا الموقع وشخص فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية الذي لم يأت لموقع رئيس الجمهورية، عفوياً أو مصادفة أو فرضاً، بل معززاً بإرادة شعبية تجلت في انتخابه من الشعب في الانتخابات الرئاسية عام 1999م، ثم عام 2006م دع عنك خلفيته الرئاسية القيادية المستندة إلى مسيرة عهد حكمه وتجربته القيادية الطويلة الزاخرة، على امتدادها، برصيد وطني تاريخي حافل بكم هائل من الثمار والمكاسب والإنجازات المحققة للشعب والوطن في مختلف المجالات السياسية والتنموية والاجتماعية وهي كثيرة جداً أو متعددة، ولعل قمتها الإنجاز التاريخي بإعادة تحقيق وحدة الوطن، أرضاً وإنساناً، على انقاض التجزئة والتشطير..فهو الواجهة المشرقة والمثل الأعلى والزعيم الرمز للشعب والوطن، وبالمقابل يهيئ له ولموقع رئاسته للجمهورية المكانة الرفيعة والخاصة جداً، الجديرة بكل التقدير والمحبة والاحترام، كما يتمتع بذلك لدى الشعب، وليس مقابلته بالجحود والنكران والتمادي والإساءة إليه، كما هو الحال من قبل صحف المعارضة؟!وهو أمر، لعمري، يمثل في حقيقته العيب كل العيب، وأي عيب أفظع من هذا التمادي الأرعن المتمثل بالإساءة المستمرة التي توجه، وبالنشر العلني، بحق رئيس اليمن وقائد شعبها، الملتف حوله، وراعي ديمقراطيتها التي في ظلها يمارس هذا البعض ما يمارسه من مضمون مسيء ومباشر ضد فخامته دون حياء أو خجل، أو مراعاة لحدود المهنة الصحفية..[c1]ممارسات باسم الديمقراطية[/c]العجب العجاب، أن يحدث كل ذلك باسم الديمقراطية وحق التعبير عن الرأي وكأن هذه الديمقراطية وذلكم الحق التعبيري لن يكون إلا بمثل هذه الممارسات البعيدة كل البعد عن الأدبيات الصحفية الحقة وأخلاقيات المهنة، بل وكأن الديمقراطية وحق التعبير هما رديفان للممارسة الصحفية الفجة.. وكأن هذه المعارضة لن تكون معارضة إلا بمثل هذه الممارسات.. ثم، من قال أن الديمقراطية تعطي الحق لكل من يمارس العمل الصحفي أن يستخدم النقد الجارح والإساءة وكيل التهم للآخرين؟وأيضاً من قال أن حق التعبير في الممارسة للمهنة أو الكتابة الصحفية، يجيز لكل من أراد استعمال هذا الحق، الذي يراد به باطل، لهذه الطريقة الفوضوية التي ما أنزل الله بها من السلطان، وأتساءل؟ ألا يمكن ممارسة الديمقراطية وحق التعبير عن الرأي بموضوعية واتزان ونقد هادف مسؤول وأداء معارض صائب وعقلاني بعيد عن المماحكات الحزبية، والمزايدات والأحقاد الجانبية..[c1]غياب الالتزام بأخلاقيات العيب[/c]أنني وعلى هامش طرحي لهذه التساؤلات، بل ومن منطلقها، أجدني، في عودة لاستخلاص عام لما ذكرته من الممارسات المقصودة بها البعض من صحف المعارضة، أمام استنتاج جوهري وتشخيص منطقي لهذه الممارسات، مفاده غياب الالتزام بالقيم الدينية والأخلاقية والاجتماعية المرعية في مجتمعنا اليمني العربي المسلم، واعني به " قانون العيب " في التصرفات والسلوكيات الخاصة والعامة وذات العلاقة بالأمرين على حد سواء، الأمر الذي يجعلني أتساءل : هل نحن بحاجة إلى وجود " قانون العيب " لضبط مثل هذه الممارسات غير المسؤولة، على غرار ذلك القانون الذي كان قد أصدره الرئيس المصري السابق أنور السادات..وهو ليس مستساغاً لدينا في اليمن لعدة أسباب من أهمها :- الاختلاف في المكان والزمان والأوضاع السياسية الداخلية والدولية المحكومة بالمتغيرات التي حدثت بالنسبة لما كانت عليه الظروف والأوضاع حينذاك، في السبعينات، على الساحتين الإقليمية والدولية، وبين الظروف والأوضاع، حالياً، ونحن في العام السادس من الألفية الثالثة.- إن فخامة الرئيس علي عبدالله صالح، ما تميز به قيادته من سمات بارزة في مقدمتها نهج الخيار الديمقراطي الوحدوي، الذي يتبناه ويرعاه، فخامته، ويوليه جل اهتمامه بل ويحرص على التمسك وعدم التفريط به.- إن النهج الديمقراطي الذي تنهجه اليمن وبرعاية وحرص من فخامة الرئيس القائد علي عبدالله صالح، المشهود به إقليمياً ودولياً، ورغم ما يحظى به من رعاية واهتمام وحرص من فخامة الرئيس القائد، الصالح، إلا أنه مع ذلك، بات يدفع ثمنه فخامته، مع الأسف الشديد، من خلال ما بتعرض له من تناولات وإساءات مغرضة. - ولأنه الرئيس الديمقراطي وراعي الديمقراطية في اليمن، لم تدفعه مثل هذه الممارسات والإساءات الموجهة بحقه وبمكانته الشخصية والرئاسية، للإقدام على أي رد فعل بل ظل متحلياً بالصبر لعل في ذلك، التحلي بالصبر، والتحمل، حكمة لدى فخامته، وهو الرئيس المعهود بحكمته وحنكته في التصدي والمعالجة لمختلف الأمور من موقعه الرئاسي القيادي، ولئن كنت هنا لست بصدد الخوض أو التكهن بإعطاء أي تفسير لذلك باعتبار هذا الأمر شأناً معنياً به فخامته، إلا أنني يمكنني أن أجزم أن المبرر الذي يمكن أن يكون وراء هذه الحكمة، هو حرص فخامته على عدم التأثير على مسار الديمقراطية وخيار نهجها الذي يرعاه ويتمسك به.[c1]إمكانية التوقف عن الإساءة للرئيس[/c]إنني أتساءل أما آن الأوان لمثل هذه الممارسات أن تتوقف؟؟أود الإشارة بهذا الخصوص، إلى ما أوردته الأخبار منذ فترة وجيزة، بشأن اللقاء الذي عقده في العاصمة المصرية رؤساء تحرير الصحف الرسمية والحزبية واتفاقهم جميعاً على الالتزام بالتوقف عن أي قذف أو إساءة بحق رئيس الجمهورية الرئيس محمد حسني مبارك، وعدم المساس بشخصه ومكانته كرئيس للجمهورية..فيا حبذا لو أن كافة رؤساء تحرير الصحف في بلادنا، يبادرون إلى عقد مثل هذا اللقاء والالتزام فيه، بالتوقف عن القذف أو الإساءة لرئيس الجمهورية فخامة الرئيس القائد علي عبدالله صالح وعدم المساس بشخصه ومكانته كرئيس للجمهورية.أقول يا حبذا، وصدقوني أن ذلك لو حصل فعلاً، ولا أرى مبرراً لعدم حصوله، فإنه سيكون بادرة حسنة وخيرة، خاصة من قبل صحف المعارضة والأهلية، علاوة على كونه سيمثل فاتحة لبداية موفقة تقدم عليها صحف المعارضة والمسؤولون عنها.والتي ستصب، بالتأكيد، في مجرى المستجدات الانتخابية السبتمبرية، الرئاسية والمحلية الأخيرة للعام الحالي 2006م، وعرسها الديمقراطي الرائع، وما أسفرت عنه هذه المستجدات المشهودة في تاريخ وحياة الشعب والوطن، من فوز كبير وتجديد معزز بأغلبية الملايين الشعبية من الناخبين، لصالح انتخاب فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح، للفترة الرئاسية القادمة- التي ستكون إن شاء الله مبشرة بكل خير- وبكل ما يعنيه ويحمله هذا الفوز الكبير والتجديد للرئيس، من ثقة غالية وتمسك بفخامته، وما يمثله من تجسيد ديمقراطي وصادق للإرادة الشعبية اليمنية المتجلية في هذا الانتخاب الديمقراطي المتجدد.[c1]تنويه متصل[/c]وبعد.. لقد حرصت، شخصياً ومهنياً، على تناول هذا الموضوع من منطلق واجبي الوطني والمهني المتجسد بعلاقتي وارتباطي عملياً ووطنياً بمهنة الصحافة على امتداد أكثر من أربعة عقود متواصلة، منذ الستينات من القرن الـ 20 الماضي وحتى الآن، بما في ذلك إصدار ورئاسة تحرير صحيفة " المصير " الأسبوعية بعدن منتصف الستينات، ومن خلال الممارسة لهذه المهنة ورسالتها النبيلة اكتسبت ما اعتز به من خبرة مهنية وتجربة طويلة لاشك وأنها غنية وجديرة بالاستفادة منها، وخاصة من قبل جيل الشباب اليمني الممارس لمهنة الصحافة.ومن هذا المنطلق، ورؤيتي الشخصية والمهنية للواقع الصحافي الراهن على النحو الذي تطرقت إليه أنفاً في سياق تناولي لهذا الموضوع، وحرصاً مني كصحفي على سمعة ومكانة هذه المهنة ورسالتها السامية مما يكتنف ممارستها من الشوائب والاختلالات السالفة الذكر، فأنني على ضوء كل ما تضمنه السياق العام لهذا التناول أود أن استخلص رؤيتي الشخصية والمهنية من خلال الطرح لعدد من المعايير المتعلقة بالممارسة المهنية السليمة للصحافة الحزبية والأهلية المعارضة، التي آمل استيعابها من قبل صحافتنا اليمنية ومسؤوليتها، وذلك على النحو التالي:[c1]معايير وضوابط الممارسة لمهنة الصحافة..[/c]- ممارسة الصحافة - مهنة وكتابة ونشراً - بدون الالتزام بأخلاقيات الممارسة لهذه المهنة ورسالتها السامية إنما يعني بلطجة وتشويهاً صارخاً للصحافة، كمهنة ورسالة، ودورها التنويري في المجتمع..- إذا كان حق ومشروعية الممارسة للمهنة والكتابة الصحفية يستند في منطلقه إلى نهج الديمقراطية في بلادنا، وحرية التعبير والرأي والرأي الآخر بكفالة الدستور فإن ذلك بالمقابل، يعتبر مسؤولية وطنية وأدبية وأخلاقية، يتحتم مراعاتها والالتزام بها بقدر ما يترتب عن هذه المسؤولية من تأثيرات عكسية بحق أي تفريط فيها..- الديمقراطية في حرية التعبير والرأي والرأي الآخر، عبر الممارسة للمهنة أو من خلال الكتابة الصحفية بقدر ما هو أمر مشروع ديمقراطياً ومكفول دستورياً، بالقدر الذي يفترض خضوعه لالتزامات وطنية وأدبية وأخلاقية وقيمية، خصوصية ومجتمعية، لا يمكن المساس بها أو تجاوز الخروج عن حدودها..- إن فهم الديمقراطية وحق التعبير والرأي والرأي الآخر، واستخدام هذا الفهم أو الحق في تبرير التناولات النقدية من خلال الممارسة للمهنة والكتابة الصحفية المسيئة بحق الآخرين، أشخاصاً مواطنين كانوا أم مسؤولين وهيئات أو مؤسسات عامة، إنما هو سلوك محكوم بقواعد وشروط ذات أهمية اعتبارية تتعلق في محتواها العام، بالمصداقية وتجنب القذف أو إطلاق التهم جزافاً وكذا عدم التعرض للجوانب الشخصية والكرامة المهانة، وليس بهكذا سلوك عشوائي يستغل مثل هذا الفهم المغلوط للديمقراطية في التناولات النقدية " عمال على بطال " بحق الآخرين..- إن حق التعبير عن الرأي، في الكتابة الصحفية، بما يحتويه ذلك في الإطار العام في النهج الديمقراطي الذي بات من السمات البارزة في الحياة السياسية والعامة في بلادنا، ينبغي أن يراعي ضوابط مهمة لا يجوز تجاوزها أو النيل منها بأي حال، وتتمثل هذه الضوابط في كونها متعلقة بأمور جوهرية وأساسية ذات ارتباط وثيق بالصالح العام والمصلحة العليا للشعب والوطن، وهي كالتالي :1- عدم التعرض بالإساءة أو النيل من الثوابت الوطنية والعقيدية للثورة والشعب والوطن، بالإضافة إلى عدم المساس والتشويه لمنجز الوحدة الوطنية اليمنية..2- عدم التعرض بالإساءة أو النيل من شخصية ومكانة رئيس الجمهورية، باعتباره الرمز الوطني القيادي للشعب والوطن، والذي يمثل إرادة الشعب الذي اختاره وانتخبه رئيساً للوطن..3- تجنب كل ما من شأنه إثارة الفتن الطائفية أو المذهبية أو القبلية وغير ذلك من عوامل الفرقة، بين المواطنين وما يهدد السلم الاجتماعي في البلاد..[c1]بروز الحاجة لميثاق الشرف الصحفي[/c]ومع وصولي إلى نهاية هذا التناول التقييمي المستوحى من واقعنا الصحفي الراهن، وعلى ضوء المحتوى العام لهذه القراءة الموضوعية في ثنايا هذا الواقع، يتبقى بروز الحاجة الماسة والملحة، إلى إنجاز ميثاق الشرف الصحفي الذي طال انتظاره لسنوات عدة، وبات من أولويات مهام نقابة الصحفيين اليمنيين بقيادة نقيبها الجديد المنتخب مؤخراً الأستاذ نصر طه مصطفى، الذي كان قد حدد في برنامجه إنجاز هذا الميثاق، وهو ما نثق به وبمصداقيته وحرصه على إنجاز هذا الميثاق، متمنيين له النجاح والتوفيق في مهامه النقابية والصحفية وفي مقدمتها ميثاق الشرف الصحفي..