مما لاشك فيه أن الفلسطينيين الذين لجؤوا الى لبنان في عام 1948م تختلف تجربتهم عن غيرهم من اللاجئين في البلدان الاخرىحيث ضمت تجربتهم سلبيات وشوائب تأثرت بالخارطة الطائفية والمذهبية في لبنان وصلت الى درجة المساس بحقوقهم وتهميشهم وقد شهدت فترة اللجوء تبعثراً للاجئين وفي مخيمات متعددة أمتدت من شمال البلاد الى جنوبها حيث وصل عدد المخيمات إثنا عشر مخيماً رسمياً وهي مخيم مار الياس , مخيم برج البراجنة , مخيم ضبية , مخيم شانيلا , ومخيم عين الحلوة , ومخيم الميه وميه , مخيم البصل , مخيم الرشيدية , مخيم البرج الشمالي , مخيم نهر البارد , مخيم البوادي , مخيم ويغل (الجليل في البقاع) أما عن أعداء اللاجئين في المخيمات فنجد إنه نادراً ماعرفت احصاءات الحكومة اللبنانية وإذا ما أعلنت فهي بعيدة عن الدقة , فالتقدير الرسمي الذي قدمته مديرية شؤون اللاجئين 1969م ويشير إلى أن الاحصاء الذي جرى 1952م لكل اللاجئين الى أن عددهم كان 140 ألف نسمة وتفيد تقارير الازوا التي تقدم خدمات للاجئين أن عددهم وصل في كانون الاول 1997م 362.098 نسمة .في احصائية نهاية 2003م تشير الى أن عدد اللاجئين في المخيمات بلغ 227.438 نسمة داخل المخيمات 176.167 خارج المخيمات .السياسة اللبنانية الرسمية تقضي بتشديد التصعيد والضغوط على الفلسطينيين لدعمهم للهجرة ومن جهة ثانية افتعال اجراءات إدارية لمنع عودتهم الى بلد اللجوء وابقائهم مبعثرين في كل دول العالم والتي ترفض أن يفرض عليها الامر بإبقائهم لديها مما أدى فعلياً الى مآسي إنسانية لا محدودة .الفلسطينيون في لبنان لا يتمتعون بالحقوق المدنية ولا الاجتماعية كالمواطنين اللبنانيين وتم حرمانهم من العمل في المؤسسات الحكومية بشكل رسمي .في هذه المقالة المتواضعة أسلط الضوء على مخيم منهم وهو مخيم نهر البارد نظراً لخصوصية وكعنوان لبؤس وشقاء اللاجئين الفلسطيني في لبنان .يقع مخيم نهر البارد على مجموعة من التلال واكثبان في أقصى جنوب قضاء عكا في محافظة لبنان الشمالي عند مصب نهر البارد في البحر الابيض المتوسط .ويشكل المخيم صورة لمجتمع فردي ضد حيز جغرافي محدود جداً فينتمي سكانه في الأصل الى مجموعة من قرى الجليل شمال فلسطين هذا الواقع القروي سهل عملية الاندماج السكاني للمخيم مع الجوار فنشأت علاقات وطيدة وروابط عميقة في كافة المجالات .لا تتجاوز مساحة المخيم كيلو متر مربع وينحصر بين شاطئ البحر غرباً ومجرى النهر جنوباً بينما يحده الشارع العام ( عكار وسوريا ) ويبعد المخيم من مدينة طرابك حوالي 15 كلم.يعود إنشاء المخيم الى عام 1949 ويبلغ عدد سكانه حسب احصاء الانروا عام 1994م حوالي 24.540 لاجئاً وفي احصاء 2003م للازوا أيضاً 29.902 نسمة .يسكن المخيم فلسطينيون من بلدان سمسع , صفورية , الدامون , سميخ , الشيخ , عمقا وغيرها .مر الفلسطينيون في لبنان مراحل عدة من التهجير سواء هجرة داخلية الى مناطق الشمال اللبناني أو هجرة الى البلدان العربية والاجنبية وأسباب ذلك متعددة ولكن أبرزها الاعتداءات الاسرائيلية والحروب الداخلية , وحرب المخيمات , وبالاضافة الى الهجرة هناك هجرة واحدة للمخيم نتيجة حرب الجنوب ومخيمات بيروت وقد بلغ عند الهجرة الى مخيم نهر البارد في سنة 1991م حوالي 474 عائلة حسب احصائية (الازوا) وقد بنت لهم الازوا وحدات سكنية على أرض تابعة لدائرة الاوقاف الاسلامية عكار , كل وحدة سكنية تتألف من غرفة واحدة حجمها 4 متر .أما إذا أردنا أن ننتقل بالحديث عن الناحية الفعلية والاقتصادية في المخيم فهي متردية مبدأ ونتيجة الاكتظاظ السكاني نجد أن الطلاب يعيشون حالة الاكتظاظ في المدارس التابعة للازوا وبالتالي عطاء المدرسين يكون محدود ويعاني مخيم نهر البارد من أزمة اقتصادية بالغة بسوء والبطالة مرتفعة الى حد كبير جداً ويمنع الفلسطينيين من الحصول على رخصة للعمل .نجد سكان نهر البارد يعملون في التعليم والتجارة وأعمال البناء والتمريض وغيرها من الممد الخدماتية.ومن الناحية الصحية يعاني السكان مشاكل صحية كبيرة بسبب النقص في الرعاية الصحية من جانب وعدم كفاءة الازوا من الجانب الآخر وتدهور أوضاع مؤسات جمعية الهلال الاحمر الفلسطيني والحضار خدماتها منذ عام 1982م .ولا ننسى أن اللاجئين الفلسطيني محروم من التسجيلات الخاصة بالضمان الصحي من وزارة الصحة اللبنانية ولا ننسى إرتفاع تكاليف العلاج والخدمات الطبية في المستشفيات الخاصة وإكتظاظ السكان وإنتشار المجاري والنفايات بوادي الى زيادة إنتشار الامراض .هل لكم أن تتصوروا نتيجة هذا الوضع كم يعاني سكان مخيم نهر البارد الذين ما زالوا ينتظرون العودة ويعيشون الحلم الفلسطيني .إزدادت مأساة هؤلاء في ظل ظاهرة “ فتح الاسلام “ والتي هي من صنع أجهزة استخباراتية محلية وخارجية لا تخفى على أحد بهدف الاساءة الى الفلسطيني وزج الجيش اللبناني فيها ليكون هو الاداة لتنفيذ مخططاتهم .يجزم الجميع أن فتح الاسلام ليس تنظيم فلسطيني ولا يوجد فيه بنسبة 2% من الفلسطينيين وأصحاب المشروع يعرفون من هي فتح الاسلام الفلسطيني في نهر البارد يدفع الثمن وهجر من جديد وخسر بيته المتواضع والذي سكنه منذ 48عام وبناه بعرق جبينه هو وأولاده .نعم الفلسطيني يرفض التوطين ويرفض الوطن البديل في أي مكان في هذا العالم ولكن من حقه أن يعيش كإنسان وبكرامة وأن يحظى بالحقوق المدنية التي توجد للمواطن في البلد الذي يعيش فيه وأن تتوفر له فرص العمل للعيش بكرامة كفى ظلماً للاجئين الفلسطينيين وكفى هجرة إلاّ للوطن الاصل فلسطين المحتلة .وأنا هنا أريد أن يتم التأكيد على مسألة غاية في الأهمية الأعوام القليلة الماضية سادت في أوساط الفلسطينيين والعرب فكرة مغلوطه فيها مفادها أن من شأن التحسينات في أوضاع حياة اللاجئين في الدول المضيفة فهذا يضعف من إرادة النضال من أجل حقوقهم التاريخية وكانت النتيجة العملية لهذه النظرة ولا سيما في لبنان هجرة فردية على نطاق واسع إن الغرب (كذا الدول الاسكندنافية والولايات المتحدة).أرى بالضرورة أن منظمة التحرير الفلسطينية ملزمة بأن تدفع باتجاه منح حق الإقامة الكاملة لجميع اللاجئين في لبنان وليس حق المواطنة ويتضمن هذا الحق الحصول على العمل والحماية القانونية من المضايقات وحرية الحراك والسفر الى الخارج والعودة كما يجب الوضع بإلزام الازوا في إدارة المخيمات والاستمرار في تقديم خدماتها للاجئين وتحمل كامل مسؤولياتها .[c1]المراجع :[/c]-1 غازي الصوراني – الحقوق الفلسطينية الثابتة من أجل السيارة الوطنية وحق العودة .-2 سليم تجاري – مستقبل اللاجئين الفلسطينيين .-3 المجموعة 194 رقم 1 وكافة القوات في لبنان .-4 العودة نشرة شهرية – مركز الدورة الفلسطيني – لندن العدد 12- 2002م.
|
آراء حرة
مخيم نهر البارد مخيم البؤس والشقاء
أخبار متعلقة