يجول الرئيس بوش على إسرائيل وأراضي السلطة الفلسطينية ودول الاعتدال العربي في الشرق الأوسط الكبير في زيارة وداعية متأخرة في عامه الأخير في السلطة، وهو يجول شاهداً على حصاد سبعة أعوام من سياسة الحروب والعقوبات والتهديد كآلية ونهج في منطقة تفرخ كما تراه إدارته الإرهابيين والفوضى والنزاع، وتهدد أمن ومصالح واشنطن وحلفائها وخاصة إسرائيل التي تلتزم أميركا بتفوقها التقني وسلاحها النووي و”وطنها اليهودي».ينبغي أن يكون خطابنا مشتركاً في الدول التي يزورها بوش، ونابعاً من تقديرنا لأنفسنا كدول مهمة ومؤثرة على المسرح الإقليمي والدولي، وكلاعب اقتصادي مؤثر خاصة في مجال الطاقة. وعلينا أن نؤكد للرئيس بوش أننا لسنا طرفاً في المواجهة مع إيران، ولن ينفع الحشد والتخويف منها. وفي المقابل، لن نقوم بتطبيع مجاني مع إسرائيل قبل الاستجابة للمبادرة العربية، وتحويل رؤية بوش لدولة فلسطينية متجانسة وقابلة للحياة أمراً واقعاً. لقد تحدث بوش عن “الاحتلال” وأبدى تفاؤلاً بالتوصل لحل الصراع الفلسطيني/ الإسرائيلي قبل أن يترك البيت الأبيض في يناير 2009. والسؤال الكبير: هل ستبقى هذه مجرد رؤية أم سترى النور فعلاً.ما ينبغي التعبير عنه بصراحة للرئيس بوش هو القلق من نتائج الحصاد المر للسبعة أعوام العجاف، ونتائجها على الأوضاع في منطقتنا. ففي الوضع العراقي الذي يشهد تراجعاً في دوامة العنف فيه دون أن يتلازم ذلك مع أي اختراق أو مصالحة سياسية ترسي قواعد واضحة تؤسس لمرحلة الاستقرار للعراق وللمنطقة. وما يثير قلقنا هو انعكاس سحب 30000 جندي أميركي من العراق في يوليو المقبل على الوضع الأمني. وهناك أيضاً مخاوف من السياسة الأميركية تجاه إيران، مع أن فرص مواجهة عسكرية قد تراجعت بعد التقرير الاستخباري الأميركي. وهناك استمرار تداعيات اغتيال بينظير بوتو التي شجعتها واشنطن على العودة والمشاركة في الحكم في باكستان النووية، إلى اغتيالات وقتل وحصار في غزة، إلى تفجيرات لـ”القاعدة” في الجزائر، وتداعيات الملف النووي الإيراني والتحذيرات الإيرانية المتكررة من مرشد الثورة آية الله خامنئي بإذلال من يعتدي على إيران، إلى عودة خطر “طالبان” بقوة، إلى استمرار العمليات العسكرية التركية في العراق وتفجيرات انتقامية لحزب العمال الكردستاني في تركيا، هذا طبعاً دون إغفال استمرار المراوحة المقلقة في لبنان بين الانفراج والانفجار.هناك علاقات ثنائية سيتم التطرق إليها دون شك في زيارة الرئيس بوش لدول المنطقة من الالتزام الأميركي بأمن الدول عبر اتفاقيات وترتيبات أمنية ثنائية بين واشنطن ودول المنطقة، وقضايا صفقات الأسلحة. ومع ملامسة أسعار النفط 100 دولار للبرميل سيتم التطرق لدور دول المنطقة في المساعدة على وقف صعود أسعاره.وسيحظى وضع مواطني الدول المحتجزين في معتقل جوانتانامو بالنقاش، حيث خرجت المظاهرات في عواصم العديد من دول العالم، ومن بينها واشنطن ونيويورك بمناسبة الذكرى السادسة لافتتاحه، والتي تزامنت مع بداية زيارة الرئيس بوش للكويت حيث تحتجز أميركا أربعة من مواطنيها في سجن قاعدة جوانتانامو. وبالرغم من اصطدام المشروع الأميركي الذي يشهد تعديلات جذرية في العراق وإيران وعملية السلام بمشروع الممانعة في المنطقة الذي تتزعمه إيران وحلفاؤها الذين يرون زيارة الرئيس بوش كحملة علاقات عامة ، إلا أن هناك قلقاً في المنطقة من فرص “صفقة كبرى” مع إيران تعطيها اليد الطولى إقليمياً على حساب مصالحنا وأمننا القومي، وبحيث ندفع نحن ثمنها كبيادق مقايضة على رقعة الشطرنج الإقليمية، فيما نحن دول المنطقة الخليجية التي زارها الرئيس بوش نرى أنه علينا أن نقرأ نصاً واحداً ونقدم خطاباً موحداً حول ما يقلقنا من السياسة الأميركية وتراكم هفواتها وأخطائها. ثم هناك تعامل الإدارة الأميركية مع العالم الإسلامي الذي هو بحاجة إلى إعاة نظر جذرية بسبب تداعيات الحرب على الإرهاب. لنقلْ للأميركيين، بعبارات واضحة: إن تعاملكم مع العالم الإسلامي والمسلمين وقضايانا يفتقد الموضوعية بسبب التوصيفات المعلبة كـ”الإسلام الفاشي”، و”الحملة الصليبية” وغير ذلك من كلمات لا تساعد على التعايش السلمي. والمطلوب احترام إرادة الشعوب وخياراتها، لعل ذلك يحقق أحلامها ويؤدي إلى تصالح وتعايش الحضارات وتلاقحها بدلا ًمن تصادمها. ولا تزال الفرصة سانحة ليكفِّر بوش عن كوارث الحصاد المُر. فهل نحن حالمون في كل ذلك، أم أننا نراهن على سراب؟[c1]* عن / صحيفة “الاتحاد” الاماراتية .[/c]
بوش في المنطقة... شاهداً على حصاده!
أخبار متعلقة