اللاجئون الأفارقة بين اليمن كترانزيت وحلم العودة للوطن
[c1]* رغم توافر كل الإحتياجات يظل الحنين للأسرة والوطن [/c]
أفراح صالح محمدوحدها اليمن اتبعت سياسة الباب المفتوح للهاربين من الموت الذي يمزق بعض شعوب دول الجوار في القرن الافريقي.من الصومال واثيوبيا يتوافد اللاجئون جماعات عبر البحر ، على اليمن، بعضهم يصل سالما، والآخر تقذف باشلائه الامواج على شاطئ بئر علي، وتصبح منطقة ميفعة في محافظة شبوة مركز استقبال للاحياء والاموات منهم.من (بوصاصو) نقطة الانطلاق تبدأ الرحلة بهم ليلا، املا في الوصول الى حيث الامان المادي، والراحة من التعب والخوف من المجهول، الى دول الخليج، وما اليمن الا ترانزيت فقط، لكنها تصبح ولسنوات الملاذ الاخير لهم. [c1]رحلة الساعات الثلاث [/c]حلقت الهليوكبتر فوق رؤوسنا ونحن في الحافلة المكيفة، دقائق صمت عشناها كانت كالدهر ثم استدارت تكمل جولتها الاستشكافية في المنطقة فهي لخفر السواحل ونحن نسير في منطقة (هويرب) والتي كانت قبل الثاني والعشرين من مايو 90م تسمى المركز الرابع للتهريب.بدأت الرحلة في الثامنة من صباح يوم الثامن من مارس - يوم المرأة العالمي - من بوابة المفوضية السامية للامم المتحدة لشؤون اللاجئين بخور مكسر حوالى (22) كادرا اعلاميا من محافظة عدن تلقينا دعوة من المفوضية لزيارة مخيم (خرز) وحملتنا الحافلة تسبقنا سيارة المفوضية تحمل موظفيها وعلى رأسهم السيد خالد فنصة منسق الرحلة.وحين وصلنا البريقة التقينا بفرقة الحراسة الامنية والتي ظلت معنا حتى نهاية الرحلة الى حيث يعيش حوالى (8225) لاجئا افريقيا من الصومال واثيوبيا في مخيم (خرز) في محافظة لحج على الخط الساحلي المتواصل على امتداد ساحل عدن.قفار اسعة تصلح لسياحة سباق السيارات (التي تدر الملايين على دول الخليج) لكننا في اليمن لانفهم عن هذه الصناعة - صناعة السياحة شيئا - على جوانب الطريق المسفلت قليل جدا ماصادفنا مواطنين، وايضا الحيوانات، رغم ان هناك - كما قيل لنا - موجود العديد من القرى والسكان.[c1]الى ان وصلنا خور (عميرة) [/c]صادفنا نقطة عسكرية تجاورها منازل متفرقة (بين بناءحديث وعشش) لكن هناك حركة عمران ملفتة بعدها تنتهي الطريق المسفلت لتبدأ رحلة الاهتزاز على ارض قاحلة في نهايتهالاحت لنا منازل مبنية من (البردين) في شكل بلوكات تخلو من اي طلاء لجدرانها .. تجاورها خيام، ومساحات صغيرة هنا وهناك مزروعة بالخضار، وشيئا فشيئا برز الناس من كل مكان ... اطفال، ونساء، ورجال شباب، صومال ويمنيون، وكان الاستقباال بالورود والوجوه البشوشة امر لم نكن نتوقعه . .ففي هذه المنطقة النائية هل يمكن ان نجد الورود؟ او الفرحة بالضيوف الزائرين للمخيم. المذهل ان مناسبة عيد المرأة العالمي لم تمر دون ذكر، بل نظم لها احتفال خطابي وفني ورقصت النساء بمتعة فيه رغم حنينهن للوطن والاهل، وقد قالت لنا احداهن - مريم - انها تتمنى لو تجتمع باهلها مرة ثانية لانها تفتقدهم من سنين.ومخيم خرز يسكنه (8225) لاجئا افريقيا من الصومال واثيوبيا وشهريا يولد ما بين 25 - 30 مولودا جديدا وهو - المخيم - ينقسم الى منطقة اللاجئين، مركز الخدمات وسكن لبعض الموظفين.ومنطقة معيشة اللاجئين مكونة من (41) بلوكا اساسيا وكل بلوك يتكون من (25) ملجأ، ويشمل العدد(160) ملجأ تم بناؤها مؤخرا، بالاضافة الى ان بعض اللاجئين قاموا ببناء مساكنهم بانفسهم.ولان التوافد مستمر على اليمن، فإن اللاجئين الجدد قد تم تجهيز موقع جديد لهم، فشهريا يتوافد حوالى 1500 لاجئ.وبحسب ما افاد به الاخ محمد طه المرافق الصومالي الذي استقبلنا، ان التفاوض مع الدول المانحة لبناء(200) وحدة سكنية (بلوكات) جديدة للوافدين الجدد هذا العام.
[c1]الحماية والمساعدة[/c]تعمل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بالشراكة مع منظمة الغذاء العالمي والتي توزع شهريا على كل اللاجئين المسجلين في المخيم سلة غذاء تحتوي على دقيق ابيض، رز، سكر، بعض الحبوب، ملح، زيت الطبخ. وهناك المواد غير الغذائية مثل الصابون والبطانيات والفرش (المراتب) والفرش البلاستيكية وعلب تعبئة الماء وغيره. كما يزود الاطفال الدارسين في الحضانة وطلاب التعليم الاساسي والثانوي وعددهم حوالى 1400 طالب، بوجبة كل يوم وفق برنامج التغذية المدرسية.وتتحمل منظمة (رادا بارنا) مهمة التعليم حيث توجد مدرستان اساسيتان في المخيم : صومالية وتدرس باللغة الصومالية والمنهج الصومالي، وعربية والمنهج يمني وباللغة العربية وفيها (13) مدرسا يمنيا.كما ان جمعية التكافل الانساني (shs) تهتم بتوفير المياه، حيث يتزود المخيم بالمياه من بئرين من الآبار الارضية الى الخزان الرئيسي واربعة خزانات اخرى (فيبر جلاس) وتستعمل لضمان تدفق المياه الى العيادة الصحية والمدارس والمطبخ المركزي كما تغطي شبكة مياه المخيم القرية المجاورة للمخيم والتي تعاني من نقص في المياه.. وتوفر ايضا الكهرباء وتهتم بالزراعة وتعليم اللاجئين حرفة الزراعة ومواسم الخضار، وقد تم زراعة (100) حديقة منزلية في تلك المناطق وففي المخيم سوق (الجمعة) واليه يوردون منتجات حدائقهم من الخضار ليتبادلوا بها مع مايورده سكان القرى اليمنية المجاوره للمخيم من دواجن وسمن بلدي وغيره .. كما افاد الاخ محمد طه.والاهم ان سكان القرى المجاورة يستفيدون ايضا من الدورات المقدمة للاجئين مثل الميكانيكا، الكمبيوتر، الكهرباء، واللغة الاجنبية، مما خلق الفة وتفاهم وعلاقة طيبة بينهم.اما جمعية الاصلاح الخيرية فانها تتبنى الجانب الصحي، والخدمة الصحية وتتضمن مخزن ادوية (صيدلية) وقسم العيادة الخارجية والاسعافات الاولية، المختبر، قسم السل، وقسم الاطفال والتمديد.والوضع الصحي كما افاد طبيب الوحدة الصحية يعتبر مقبولا من حيث عدم تفشي اي مرض معد، ماعدا اثناء فصل الشتاء الذي تقع فيه اصابات المجاري التنفسية للاطفال والالتهابات المعوية في الصيف والتهابات المسالك البولية والمجاري التنفسية تعتبر هي الامراض الاكثر شيوعا بين البالغين، اما المرض المزمن والمشترك فهو داء السكري وضغط الدم.وهناك مركز صحة الام والطفل والصحة الانجابية، ويقوم بالتوعية بمخاطر مرض الايدز والامراض الجنسية المنقولة.هذا وكانت منظمة (ثري انجل)تعمل بمجال تنمية المجتمع وهي منظمة فرنسية، ثم اصبحت منظمة (ادرى)الامريكية تقوم بهذه المهمة فتقدم دورات في مجال الخياطة وغزل الصوف وصناعة المنتجات المركبة من القش وفي المدة (2004 - 2005م) تخرج (70) لاجئا في مجال اللحام والسباكة والكهرباء والميكانيكا من معهد التدريب المهني في عدن. وهناك فريق من الباحثين الاجتماعيين يقومون بالزيارات الميدانية اليومية الى منازل اللاجئين، وخاصة لذوي الاحتياجات الخاصة مثل (ربات الاسر، اطفال غير مرافقين، مرضى ومعاقين وكبار في السن).وهناك صفوف محو امية، ومركز اجتماعي للرجال، وآخر للنساء فيه مكتبة وتلفزيون، العاب رياضية وانشطة ترفيهية وتربوية اخرى.ومركز تأهيل المجتمع الذي يساهم في دمج وتكامل الاطفال العجزة اللاجئين داخل المجتمع.[c1]مطالبة عادلة[/c]وقفت احدى اللجئات الصوماليات تحمل ورقة كتب عليها "اريد حياة جيدة جديدة" وعندما سألناها عن السبب قالت : كل انسان من حقه ان يتمنى ويحلم بالافضل له.امرأة اخرى اعتلت الربوة التي وقفنا عليها بهدف اخذ صورة للمخيم من الاعلى، كانت تصيح : اريد عملا، انا لايكفيني ماتعطوني، عندي اربعة اطفال وزوجي غير موجود.فسألنا مرافقنا الاخ محمد طه فاجاب : اننا نساعدها كثيرا لكننا لانستطيع اكثر من ذلك.بعدها علمنا ان هذه المرأة تأخذ اكثر من الحصص المقررة لها ولاولادها تعاطفا معها، لكنها تطلب المزيد ..اما في مخيم الوافدين الجدد فالعيش مؤقت لمدة ثلاثة اشهرومن يبقى فيه يوفر مسكن جديد في البلوكات كما انهم وخلال هذه المدة يتحصلون على ثلاث وجبات يوميا جاهزة بالاضافة الى المعونات المخصصة لهم، لكن بعضهم يفضل العيش في المناطق الحضرية مثل عدن - منطقة البساتين، فيرحل اليها.في حفل عيد المرأة القيت كلمة النساء دعت الامهات المتواجدات في المخيم ان يرسلن بناتهن الى المدارس ليتعلمن ويحصلن على حقوقهن وحريتهن، كما ركزت على ان من المشاكل التي تعاني منها النساء في المخيم الضرب والعنف المنزلي واخذ حقوقهن.. وناشدن الحكومة اليمنية والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين حل هذه المشاكل مادامت الام هي المحور الرئيس في الحياة والمجتمع.،[c1]نهاية الرحلة [/c]بعد الطواف على كل موقع في المخيم، انتهت الزيارة بقص الشريط لبوفية احتوت مأكولات خفيفة صومالية يمنية وعلى عادتهم الشهيرة المتمثلة بأخذ ملعقة عسل توضع على حبات الفشار وتؤكل .. لكن اهم الملاحظات التي لايمكن الا التركيز عليها ان حال اللاجئ افضل من المواطن اليمني الساكن في المناطق النائية رغم قلة عدد سكان هذه المناطق فلا ماء ولامدارس ولااسواق ولا مراكز صحية ومن رحمة الله ان هدى الحكومة الى اختيار المنطقة التي اقيم فيها مخيم اللاجئين بالقرب منهم وكما يقول المثل اليمني "ياالله بضيف نسعد بسعده".