أنت يا أخي اليمني .. أخي في الألم والأمل والمأساة .. أنت .. أنت محروم من حق انتخاب من يمثلك في المجلس التشريعي القادم لا لأنك لست في جزء من بلادنا جميعاً بل لأن الحكومة التي تحكم هذا الجزء لا تمنح ذلك الحق إلا لمن يتمتع بجنسيتها.وكلهم سيمارسون ذلك الحق الانتخابي.كلهم .. الذين نبتوا في هذه الرقعة..والذين أمتد بهم المنبت إلى إمارات الجنوب المستظلة بالحماية .. وبينك وبينهم وجدان مشترك وروابط مشتركة.وأخيراً .. الذين جاؤوا إلى هنا من أرض بعيدة غريبة فوجدوا وطناً وصادفوا حقوقاً!!كلهم .. إلا أنت يا أخي اليمني يقال لك وحدك: «قف من أنت».فهل ثم من يجهلك؟ وهل أنت في حاجة إلى تعريف؟وأنت الذي يدين لك هذا البلد بأوفر قسط من تقدمه وازدهاره.وأنت الذي شاركت بأفدح الأثمان وأشق الجهود في صنع تاريخه وطبعت أثارك على كل حجرة بنائه الصاعد المتسامق.إن اليد اليمنية العاملة هي التي صاغت عدن الحديثة، عدن عام 1955م.وهذا العملاق العمراني الذي يطوق عدن ويشمخ بأنفه في سمائها هو ظل العامل اليمني الكادح صاحب اليد الخلاقة المبدعة التي نثرت هذه العمارات المزهوة في كل ركن من أركان عدن وفرشت الطرق الممهدة تحت أقدام الجميع، كأنها أذرع مارد جبار يحتضن «المستعمرة»!وفي صبر أيوبي عنيد راح ذلك العامل الشريف يعطي هذه الأرض دم قلبه وذوب أعصابه ويمزج عرقه الطاهر بترابها ويمرغ أقدامه في أوحالها ويرفع الأثقال التي ينوء تحت وطأتها كاهله الخائر .. وهو صامت كالأهرام ثابت كالأبد.وما أعظمك بل ما أشقاك حين لم تقبض لقاء ذلك العطاء سوى أجور يومية تافهة لا تنقلك إلى حياة سعيدة ولكنها فقط تضمن للآخرين استنزاف قواك من جديد مع كل شروق شمس .. حتى الغروب.هذا أنت يا أخي العامل اليمني .. وهذه جموع أخوانك من التجار وصغار الباعة والطلاب والكادحين يملأون الزوايا والمنعطفات ويسدون الأفق.وأنتم جميعاً ككل واحد يرجحون كفة عروبة هذا البلد وتشكلون مركز الثقل في كيانه العربي.فماذا يحدث عندما تختفي يا أخي اليمني من مسرح الانتخابات؟لقد أجبنا عن هذا السؤال في عدد الأسبوع الماضي .. وكان الجواب صريحاً صادقاً.قلنا إنه لن تشترك في الانتخابات سوى نسبة ضئيلة من هذا الشعب العربي ومعنى ذلك ان النتائج التي ستنكشف عنها الانتخابات لن تكون معبرة عن رأي هذا الشعب مالم يشترك فيها بمجموعه.وختمنا إجابتنا الصريحة الصادقة بهذه العبارة:«فلا أقل من أن نعرف هذه الحقيقة .. إن لم نستطع لها تغييراً».[c1]*عبدالله باذيب / النهضة، العدد 263، 18 أغسطس 1955م[/c]
كلهم .. إلاَّ اليمني
أخبار متعلقة