سنغافورة/ 14أكتوبر/ رويترز: كان الهدف من معاهدة نووية مدنية وقعت عام 2008م بين الولايات المتحدة والهند رفع حظر استمر 34 عاما على التجارة النووية على الرغم من امتلاك نيودلهي برنامج تسلح منذ فترة طويلة في خطوة ينظر إليها على أنها تعزيز للبرنامج الهندي كثقل مضاد للصين.كما هدفت أيضاً إلى فتح سوق الصناعة النووية المتعطش للطاقة بالبلاد وتقدر حجمها بنحو 150 مليار دولار في وقت تشهد فيه الطاقة النووية نهضة جديدة على مستوى العالم كبديل أقل تلويثا للبيئة للوقود الاحفوري.لكن الصين وباكستان تهددان بتعطيل الطموحات النووية الهندية من خلال رفع مستوى التعاون بينهما وهو احتمال أثار شكوكا دولية وأحيا مخاوف بشأن المنطق وراء جعل الهند حالة استثنائية.ويعد تجدد خطر الانتشار النووي في واحدة من أكثر مناطق العالم اضطراباً أحدث عقبة في طريق شركات من بينها جي.اي هيتاتشي ومقرها الولايات المتحدة ووستنجهاوس اليكتريك التابعة لتوشيبا كورب اليابانية تحاول دخول قطاع الطاقة النووية الهندي.وأوضح تاكاهيسا اوكوياما المتحدث باسم شركة (جابان ستيل ووركس) التي ستلعب دورا رئيسيا في بناء المفاعلات النووية أننا نود توفير مواد جيدة لكننا لا نستطيع التفكير في هذا ما لم يتسن ضمان الاستخدام السلمي (للطاقة النووية).وأضاف اوكوياما: « إذا أبرم الاتفاق فان نطاق توفير موادنا الجيدة سيتسع. و(الهند) سوق جذابة»، مشيرا إلى محادثات بدأتها حكومتا اليابان والهند أواخر الشهر الماضي لبحث إمكانية التجارة النووية.وتتعامل اليابان -وهي الدولة الوحيدة في العالم التي تعرضت للهجوم النووي- بحساسية مع اي تعاملات مع دول تمتلك أسلحة نووية.ورفضت الهند وباكستان توقيع معاهدة حظر الانتشار النووي التي تحظر التجارة النووية مع الدول التي طورت أسلحة. وكونت كل من الدولتين ترسانة نووية متواضعة ويعتقد أن الهند تملك نحو 100 رأس حربي فيما تملك باكستان ما بين 70 و80 رأسا وفقا لما ذكرته رابطة مراقبة الأسلحة التي تتخذ من واشنطن مقرا لها.لكن في حين أخرجت واشنطن الهند من عزلتها النووية باتفاق ثنائي ثم أجبرت مجموعة الموردين النوويين التي تتألف من 46 دولة أن تحذو حذوها فإنها رفضت طلب باكستان الحصول على نفس الامتيازات.وتقدم الصين الآن عرضا لبناء مفاعلين في مجمع تشاشما بباكستان وهي خطوة قائمة على منطق مفاده أنه اذا كان بوسع الولايات المتحدة توفير اتفاق للهند فانه يجب السماح للصين بأن تفعل نفس الشيء مع باكستان.إلى ذلك قال براد جلوسرمان المدير التنفيذي لمركز منتدى المحيط الهادي للدراسات الإستراتيجية والدولية: « كلنا كنا نعلم آنذاك أن اتفاقا مثل ذلك الذي بين الهند والولايات المتحدة ستكون له عواقب على نظام حظر الانتشار وهذا هو ما تراه الان».وأضاف: « الاتفاق بين الهند والولايات المتحدة كان سيئا وهو مثال مزعج غير أنه بالنسبة لمن يروجون للانتشار برر رغبة واشنطن في تحسين العلاقات مع الهند».وفي إطار الاتفاق غير المسبوق تسنى للهند الحصول على التكنولوجيا والوقود النووي الأمريكيين بعد أن حرمت منهما منذ أجرت أول تفجير نووي عام 1974م. وفي المقابل وافقت على خضوع بعض منشآتها النووية لعمليات تفتيش دولية.وفي حين أن 14 من مفاعلات الهند البالغ عددها 22 فضلا عن المحطات الجديدة التي تقام لتوليد الطاقة ستفتح أبوابها أمام مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية ستعفى المنشآت العسكرية ومخزونات الوقود النووي التي أنتجتها الهند حتى الآن من عمليات التفتيش أو الضمانات.من جهة أخرى أشار خبراء إلى أن الهند تستطيع في واقع الأمر التمتع بالامتيازات التي يتمتع بها أعضاء معاهدة حظر الانتشار النووي دون قبول الشروط المرتبطة بها وأبرزها التنازل عن الأسلحة النووية.وأكد داريل جي. كيمبال المدير التنفيذي لرابطة مراقبة الأسلحة وهي مؤسسة بحثية مقرها واشنطن أن الاتفاق بين الهند والولايات المتحدة والمساعدة النووية الصينية لباكستان يعينان الخصمين على توسيع نطاق برنامجيهما التسلحيين من خلال توفير الوقود الضروري.وأضاف: « التجارة النووية مع أي من الدولتين ستسهم بشكل غير مباشر في برنامجيهما التسلحيين من خلال توفير احتياطيات اليورانيوم المحلية لإنتاج اليورانيوم المخصب والبلوتونيوم لأغراض تسلحيه».ويعتقد أن الهند تستخدم البلوتونيوم في أسلحتها بينما يعتقد أن باكستان سلكت طريق اليورانيوم.في غضون ذلك دعا كيمبال إلى مسعى فردي جديد من قبل الأعضاء لوقف التجارة النووية مع الهند حتى إذا تم إجبار مجموعة الموردين النوويين على إعطاء موافقتها.وفي حين دعمت روسيا وفرنسا وبريطانيا بقوة تقديم مساعدات نووية للهند فان عدة دول مثل النمسا ونيوزيلندا وايرلندا احتجت على هذه المعاملة الخاصة.وأوضح كيمبال انه على الرغم من إعفاء مجموعة الموردين النوويين للهند عام 2008 فان على دول مثل استراليا واليابان مقاومة الضغوط التجارية والسياسية للانخراط في تجارة نووية مع الهند، مضيفاً أنه يجب إلزام الهند بتوقيع معاهدة لحظر التجارب النووية فضلا عن وقف انتاج المواد الانشطارية.ومن المرجح أن تتجاهل المؤسسة الأمنية الهندية هذه النوعية من الحديث لكنها قد ترجيء دخول لاعبين أجانب إلى السوق الهندية المثقلة بخلاف حول تشريع بشأن المسؤولية النووية تصر الشركات الأمريكية على تمريره في البرلمان الهندي ليوفر لها حصانة من الدعاوى القضائية التي يرفعها طرف ثالث.من جهة ثانية أفاد رامتانو مايترا المحلل النووي المستقل المقيم في الولايات المتحدة أن التجارة بين الولايات المتحدة والهند المرتبطة بالمفاعلات النووية على المدى الطويل احتمال مؤكد اما على المدى القصير ليست كذلك.