أقواس
عثرت في موقع الكتروني على دراسة مهمة بعنوان "الخصوصية في الثقافة العربية مظاهر ضعفها والأخطار التي تهددها" .. والدراسة تميط اللثام عن الأخطار التي تهدد الخصوصية في الثقافة العربية المعاصرة التي تتعرض لصنوف كثيرة ومتنوعة من تشويه واختراق وعدوان يستهدف وجودها ذاته.. وتورد الدراسة جوانب مهمة من مظاهر الضعف والتبعية في الفكر العربي المعاصر المتمثل في القطيعة مع الفكر القومي العربي المعاصر من خلال إلغاء كل مرحلة لأفكار وتراث المرحلة التي سبقتها وما يستتبع ذلك الفعل من تصنيف لرواد ومفكري تلك المرحلة بتصنيفات في غير إطارها وذلك الإلغاء والإقصاء القاتل جعلنا نفتقر لمراكز (بحثية) كان من الممكن أن تفيدنا في استثمار تراث هؤلاء الرواد في البحث عن أسباب تعثر نهضتنا التي كانت ستخلصنا كما تقول الدراسة من أساليب الترقيع وملء الفراغ وفق اجتهادات شخصية أو اعتبارات قطرية أو إقليمية أو مذهبية كما أن من مظاهر تخلف الثقافة العربية حالة الانفصام التي يعاني منها المفكر العربي المعاصر المتمثل في البحث عن الذات خارج نموذج الفكر العربي الذي اتخذ نموذجه الأول من الغرب الأوروبي الذي وجد فيه في بداية الأمر منقذاً من التخلف الذي سببه الحكم العثماني الذي حارب كل فكر تنويري وكذلك لاقت الثورة الفرنسية اهتماماً عظيماً لدى (الفئة المتنورة) لكن عندما وجد العرب أنهم خدعوا بالسياسة الانجليزية والفرنسية اتجهوا نحو القارة الجديدة ثم باتجاه النموذج السوفيتي كأحد أشكال الانبهار بالنموذج الغربي واستورد مفكرونا المفاهيم النظرية والأفكار الفلسفية الغربية التي تعتبر قفزاً فوق الواقع دون النظر إلى طبيعة أوضاعنا وظروفنا الاجتماعية والتاريخية، وانتشر (المتحزبون) إلى هذا المذهب أو ذاك كل يحاول تجريب تلك النظريات والأفكار الجاهزة من النماذج المستوردة وتطبيقها قسراً على واقعنا.وترى الدراسة أن من أخطر ما أصاب العقل العربي هو حالة عدم التوازن التي خلفها سقوط المنظومة الاشتراكية وما تبعها من حالات الانهيار والإعلان عن الانضواء تحت جناح أمريكا والتوجه إليها على أنها المخلص على الرغم من تاريخها المعادي للعرب وهذا البحث عن الذات خارج النموذج العربي وهذه الاتكالية المريضة والهرولة خلف الغرب أدت بالمثقفين العرب إلى الاستهانة بوحدة الأمة العربية في جو من الدعايات المجنونة لأنماط مستوردة وتابعة وإلى الضياع والتخلف ولعل القطيعة بين المؤسسات الثقافية في الوطن العربي وغياب الفعل الثقافي العربي الذي لا يزال فعلاً فردياً والثقافة الموجهة إلى نخب معزولة من الجماهير المتروكة لعفويتها في مواجهة نظام اتصال عالمي شرس من دون حماية من الأسباب التي تنتج تخلفنا وتأخر نهضتنا الثقافية.شفاء منصر