حدث وحديث
منير أحمد قائد إن الشيء عندما يرتدي المسمى كمخلوق ، يعبر عن المعنى ويتطابق ويتناغم معه باعتباره الجوهر والماهية، ونحن في عالمنا العربي والإسلامي اكتشفنا الأسماء وقد اغتصبت منا فنطلقها بتلقائية وعفوية وندعي أنها عقلية ونتاج تفكير عقلي سليم عبر اللغة كأداة له وليست مجرد وسيلة للتخاطب الذي غالباً لا تحمل ألفاظه وعباراته ِأي معنى حقيقي نابع من التفكير العقلي، وهذا ينطبق للأسف على المخلوق المشوه المسمى ( هيئة الفضيلة ) الذي أثار ولا يزال جدلاً واسعاً في أوساط الرأي العام وانقساماً حوله كأمر طبيعي يدلل على أن ولادة هذه الفكرة العقيمة برهان على حجم مأساتنا ومشكلتنا الدينية التخلفية واستمرارنا منذ انهيار الدولة الإسلامية الواحدة في إعادة إنتاج تخلفنا الديني بما يلبي مصلحة القوى المهيمنة والمتسلطة وعلى العالم فنجم عن ذلك تشبثنا بمفاهيم ومقولات مغلوطة تفرض علينا أن نعيش الازدواجية والتناقضية في شخصيتنا وهويتنا لأننا عجزنا عن إبرازها كما هي بطابعها الأخلاقي الإنساني والأفق الانفتاحي واللغة المميزة لها بهويتها الإنسانية ففشلنا في مخاطبة العالم واغترب علماء الدين لأنهم فهموه بمقاييس ومعايير لاصقة بهم قدمهم بهذا الوصف أنهم علماء وهو يحتاج إلى إعادة نظر بتحديد مقاييس ومعايير تنتمي لرسالة الإسلام بلغة العصر والزمان الذي نعيشه والتي تحارب من القوى الكونية المهيمنة والمتغطرسة والظالمة لأنها تقدم للعالم الوجه الحقيقي للشخصية والهوية الإنسانية للعرب والمسلمين .وفي بلادنا اليمن - بلد الأيمان والحكمة ندرك أن الخوض في موضوعات دينية جريئة أمر شائك نظراً لأن البلد يمثل بيئة دينية تعرضت ومازالت منذ قرون وسنوات إلى إعادة إنتاج هيمنة وطغيان السلطة الدينية المتناقضة مع منهجية فهم الحاكمية لله عز وجل ومصادرة واغتصاب حاكمية الشعب بتغليف الدين بخطاب إرهابي على أصعدة مختلفة فجعلت حوامل هذه الهيمنة والطغيان من نفسها وكلاء الله في الأرض وهي تغضب الخالق فيما تمارسه من استبداد وتسلط وإرهاب وتخويف وترويع للناس كسلوك وممارسة وثقافة مشبوهة المنبت والمنشأة تدون تاريخاً أسود بالإساءة لرسالة الإسلام السمحاء وتخدم مراكز القوى والنفوذ الدولي الطاغية ظلماً واستبداداً بحق العرب والمسلمين ونجد أصحاب تلك الحوامل وهم يؤدون هذه الوظيفة المدانة يدعون الله عز وجل بالهلاك والدمار لهذه القوى ويتضرعون للخالق بان ينزل بها أشد العذاب والعقاب ولا يستجيب المولى عز وجل لهم لأنهم منحرفون عن فهم الإسلام بأنه دين العالمين وأمة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم وهي كل العالم وكل أبناء المجتمع البشري بما فيهم معتنقو ديانات غير الديانات السماوية الثلاث ( اليهودية - المسيحية - الإسلام) وبذلك تولى ما نطلق عليه العالم بمقاييس ومعايير وصفه الزائف مهمة التجهيل وكما تولى الحاكم بنفس جوهر وماهية هذه المقاييس مهمة الإذلال وكما برزت معطيات نجاح المشروع العربي الإسلامي التحرري النهضوي تسارع السلطة الزائفة والمزورة إلى عرقلة ووضع العقبات الكبير أمامه بالعودة إلى خطاب الإرهاب والاستبداد والتخويف والترويع والتجهيل خدمة لقوى الهيمنة والكونية وهما وجهان لعملة واحدة باعتبار أن مهمة السلطة الدينية المزورة في عالمنا العربي والإسلامي هي تعطيل وتجميد دور العقل ورفض الاجتهاد وإفراغ العلم في عالمنا من مضمونه ومحاربة الإبداع ومصادرة واغتصاب الحرية وتلهية أبناء الأمة عن الاهتمام بقضاياهم الكبرى في التحرر والنهوض الحضاري الشامل على وحي رسالة الإسلام بلغة العصر والزمان الذي نعيشه.إن اليمن العظيمة بأسرارها وكنوزها التي لا تنضب للبشرية وبتاريخها وحضارتها ومكانتها الإنسانية قد اختطت منذ إعادة تحقيق وحدتها في ظل قيادة القائد الوحدوي علي عبدالله صالح - رئيس الجمهورية النهج الديمقراطي باعتبار الديمقراطية أرقى فكرة توصل إليها الفكر السياسي الإنساني لإدارة حاكمية الشعب وإنهاء بواعث الصراعات والعنف والحروب والاقتتال والفتن والإرهاب والعصبية والتشدد والتطرف والغلو وبحنكة القائد أدار هذه الحاكمية متغلباً بإرادة قوية مستمدة من إرادة الشعب المتطلع إلى النهوض الحضاري الشامل على الخوف من الديمقراطية كونها فكرة جاءت من الغرب وديننا الإسلامي يحثنا على الشورى ولم نعمل بها منذ 14 قرناً مضت، فالحقيقة أن هذا التغلب على الخوف من زاوية التقديرات والتفسيرات المتباينة هو رأس الحكمة اليمانية المعبرة عن الهوية الإنسانية لليمن ورسالته ودوره التاريخي والحضاري وموقعه الريادي والقيادي الفكري والأخلاقي فهو بما حققته الديمقراطية في المجتمع من تطور في مستوى اكتشاف الذات والوعي به قد حفز غالبية أبنائه لأن يتحرروا من السلطة الدينية المزورة ليقدموا نموذجهم على المستوى الكوني ليتمدد إنسانياً وهو ما تدلل عليه كل معطيات واقع المجتمع الإنساني بكل حراكه وتفاعلاته وتجلياته وتداعيات وانعكاسات ومسارات أحداثه وتطوراته وصيرورته، فأوصلتنا الديمقراطية إلى أن لا يسلم من النقد فخامة الأخ رئيس الجمهورية باعتباره ولي الأمر المطاع بأمر الخالق عز وجل وأحياناً يتعرض للإساءة من ذوي الأقلام الرخيصة والبذيئة فيما مازالت هناك حلقة مفقودة في الثقافة الديمقراطية ببلادنا وهي المحاذير الزائفة من نقد الموروث الثقافي والفكر الديني بمنطق العقل والاجتهاد ورسالة الإسلام بلغة العصر والزمان والمشروع التاريخي الحضاري النهضوي لليمن الذي يستعيد به هويته ومكانته الإنسانية، كما هي منذ الأزمان الغابرة، إذ أن فاعلية الديمقراطية المعبرة عن هذا المشروع ستظل ناقصة إذا لم تتجه بمنطق ثوري لنقد السلطة الدينية المزورة بجدل حر وواعٍ ومسؤول يحتكم لثوابت العقيدة والانتماء والهوية بآفاقها القومية والإنسانية.إن الديمقراطية قد فرضت على أبناء اليمن الطبيعي والكبير استحقاقات قومية وإنسانية كبيرة بكبر اليمن تاريخياً وحضارياً فأسقطت وإلى الأبد معادلات التزواج النفعي وارتكاز أي قوى في الدولة والمجتمع غير مؤمنة بالديمقراطية الحقيقية وتخاف منها على قوى السلطة الدينية المزورة والزائفة لأن مشروع العولمة وإن كان قد فشل لقيادته من قبل قوى دولية ظالمة ومستبدة ومنتهكة لحقوق الإنسان قد جعل من العالم قرية واحدة تفتقد اليوم لقيادة حكيمة ورشيدة وعادلة، والحضارة كما انطلقت من مهدها اليمن قيادة وريادة هي آتية وعائدة إليه قريباً مهما تصارعت القوى التي تطلق على نفسها كبرى وتدق بعضها طبول الحروب فإن النتيجة الحتمية هي معانقة أبناء المجتمع الإنساني للحقيقة المتمثلة في أن بداية أي دورة تاريخية حضارية جديدة تنطلق من اليمن وعندما تؤكد معطيات الواقع الإنساني هذه الحقيقة فإن العالم كله ملزم بتعمير مركز الريادة والقيادة بعقليته ورؤى مشروعه الإنساني فيسقط حكم ما تسمى (الماسونية والاهرامات الكبرى) للعالم فيحكم بالعدل ورسالة الإسلام بلغة التطور الإنساني والزمان والعصر الذي نعيشه.وتأسيساً على كل ما سبق فإنني أخشى أن يتحول المخلوق المشوه المثير للجدل المسمى (هيئة الفضيلة) تحت عنوان (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) إلى فتنة مجتمعية تنعش بواعث الإرهاب وتعزز من السلطة الدينية المزورة الهشة وتضعف دور ووظائف الدولة تجاه المجتمع حيث أن عدم الإجماع وهذا الرفض الواسع والمخاوف المثارة حول هذا المسمى يفرض على الدولة أن تعي أبعاده وتخمد شرارة الفتنة قبل إطلاقها، فأبناء اليمن جميعهم مسلمون وأي ممارسات للرذيلة تتولى الدولة وأجهزتها معاقبة مرتكبيها وفقاً للقوانين النافذة، والمناط بها توضيح الرؤية التكاملية الصائبة لمفهوم الحاكمية لله عز وجل والحاكمية للشعب، فهذا المخلوق الميت هو من مخرجات السلطة الدينية المزورة.