أتعجب لماذا لا يختار من يتشدق باتباع السنة المحمدية في الزواج اتباع سنته ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الزواج من السيدة خديجة رضي الله عنها؟! ألم يتزوج الرسول ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ ثيبا تكبره بأكثر من عشرين سنة في أول زواج له؟! وألم يكن ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ حفيا بتلك الزوجة حريصا على مشاعرها؟! وألم تكن تلك الثيب (الفذة) الوحيدة التي لم يجمع الرسول معها زوجة ثانية؟!نعم في انتقائية ذكورية عجائبية يتم التغاضي عن الاقتداء بسنة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالزواج من السيدة خديجة رضي الله عنها، وبعين تختار من الأمور ما يوافق أهواءها يُستدعى زواجه من السيدة عائشة رضي الله عنها، في تجاهل متعمد لاختلاف الأنساق الثقافية وواقع الزمن وظروفه عن زمن الرسول الكريم!وتماهيا مع الانتقائية الذكورية، يأخذ قلم ـ يزعم أنه تنويري ـ على عاتقه مهمة تفنيد مقولة الشيخ عبدالله المنيع (لا يمكن أن يقاس تزويج أطفال اليوم بزواج أمنا عائشة لعدم تطابق الشروط والمناخ)، وبدلا من أن يساند الشيخ في موقفه يمضي ـ في إنكار سقيم لما يفرضه تغير الزمن والمناخ والمجتمعات والأنساق الثقافية من اختلافات!- فيستدعي الشواهد والأدلة من بطون التاريخ، ويتوسل بحوادث معينة مقتطعة من سياقاتها وشروطها وأسبابها وظروفها الخاصة، ليؤكد اتباع الصحابة لسنة الرسول في الزواج من عائشة. وهنا يحضر تزويج سيدنا علي بن أبي طالب لابنته وهي في الحادية عشرة من عمرها لسيدنا عمر بن الخطاب، بل تستدعى حادثة عقد قدامة بن مطعون نكاحه على ابنة الزبير وهي رضيعة في المهد!! وأتساءل ألا تخالف وتناقض هذه الحادثة الحديث الشريف القائل: (لا تنكح ال أيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن)؟! أم أن للذهنية الذكورية أهواءها الخاصة التي تسير خلفها منتخبة ما يتوافق معها غاضة الطرف عما لا ينسجم معها حتى لو كان حديثا نبويا شريفا؟! بل يتم الاستنجاد بما نقله ابن حجر في فتح الباري عن ابن بطال (.. يجوز تزويج الصغيرة بالكبير إجماعا ولو كانت في المهد. لكن لا يمكن منها حتى تصلح للوطء..)، وهكذا يقدم قول ابن بطال على حديث استئمار الأيم واستئذان البكر، ويقدم الإجماع على حديث نبوي صريح! فيما يتغافل الهوى الذكوري الانتقائي عن قصة الصحابية التي شكت أباها إلى الرسول الكريم ـ صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ـ لتزويجها بابن عمها، فأرسل إلى أبيها وجعل الأمر لها فقالت: يا رسول الله لقد أجزت ما صنع أبي، ولكني أردت أن أعلم النساء أن ليس للآباء من الأمر شيء. يفترض الاستئذان تمام الإدراك والتمييز لتبعات الأمر المزمع الإقدام عليه لتصح شروطه، والسؤال: هل تستطيع طفلة غرة أن تدرك معنى الزواج وتبعاته وما يترتب عليه من تغييرات تطال حياتها الحاضرة والمستقبلية؟!تزويج القاصرات والعبث بحياة الصغيرات جريمة تتنافى مع روح الدين ومع الاتفاقيات التي وقعتها المملكة لحماية الطفولة، فلنسارع في سن قانون يحمي الصغيرات من العبث بمصائرهن! [c1]* كاتبة سعودية[/c]
|
فكر
التوسل بالتراث لشرعنة زواج الصغيرات
أخبار متعلقة