احذروه
أثار قرار مجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة إجازة ما يعرف بزواج "المسيار" وكذلك زواج "الفرند" جدلا واسعا ومعارضة من ناشطات خليجيات في حين اعتبره الداعية العراقي الشيخ احمد الكبيسي "مرذولا" وكان المجمع الفقهي قرر في 12 ابريل الحالي إجازة ما يعرف بزواج "المسيار" وكذلك زواج "الفرند" القائمين أساسا على تنازل المرأة عن حقها في السكن والنفقة وقرر المجمع ان "إبرام عقد زواج تتنازل فيه المرأة عن السكن والنفقة والعيش المشترك) أو بعض منها وترضى بأن يأتي الرجل إلى دارها في أي وقت شاء من ليل أو نهار ،وإبرام عقد زواج على أن تظل الفتاة في بيت أهلها ثم يلتقيان متى رغبا في بيت أهلها أو في أي مكان آخر حيث لا يتوافر سكن لهما ولا نفقة. هذان العقدان وأمثالهما صحيحان إذا توافرت فيهما أركان الزواج وشروطه وخلوّه من الموانع".[c1]الزواج أجمل مظاهر الرقي الإنساني[/c]رغم ارتفاع نسبة العنوسة إلى درجة الخطر وفشل كل الحلول المقترحة لحلها، وبرغم استفحالها وتحولها إلي داء عضال يحتاج إلي الخبراء والحكماء، ورغم الجهود المبذولة هنا وهناك، إلا أن النتيجة لا زالت غير مبشّرة بقرب حدوث انفراجة، وقد ظهر في إطار ذلك أنواع عدة من الزواج منها: العرفي والكاسيت والمسيار، وزواج المسيار المعروف في بعض دول الخليج قد ثار بشأنه جدل طويل حتى صدرت فتوى أخيرة من مجلس مجمع الفقه الإسلامي برابطة العالم الإسلامي، وأباح المجمع، في بيانه الختامي، عقود زواج المسيار، الذي يتلخص في قبول المرأة بالزواج مقابل التنازل عن حقوقها من سكن ونفقة، وأن تظل في بيت أهلها، وتلتقي بزوجها متى رغبا، شريطة أن تتوفر أركان وشروط الزواج، وأن يخلو من الموانع. إلي هنا تنتهي الفتوى التي أثارت بصدورها جدلاً واسعاً، ذلك لأن الزواج هو عقد يفيد حل العشرة بين الرجل والمرأة، وتعاونهما، ويحدد ما لكليهما من حقوق وما عليه من واجبات. [c1]لم يشرع الزواج لإشباع الرغبات فقط [/c]الزواج مظهر من مظاهر الرقيّ الإنساني، ليس المقصود منه قضاء الشهوة فقط وإنما يتعلق بهذا العقد مصالح دينية ودنيوية كثيرة، ولكن الله تعالى علّق به قضاء الشهوة أيضا ليرغّب فيه المطيعَ والعاصي، المطيع للمعاني الدينية، والعاصي لقضاء الشهوة، بمنزلة الإمارة، ففيها قضاء شهوة الجاه، والنفوس ترغب فيها لهذا المعنى، حتي تطلب ببذل النفوس، ولكن ليس المقصود بها في الشرع قضاء شهوة الجاه بل المقصود بها إظهار الحق والعدل. [c1]المصالح التي شُرع من أجلها الزواج[/c] حفظ النساء والقيام عليهن والإنفاق، وصيانة النفس عن الزنا، وتكثير عباد الله وأمة الرسول صلي الله عليه وسلم، وتحقيق مباهاة الرسول صلى الله عليه وسلم كما قال: ( تناكحوا تناسلوا تكاثروا فإني مباهٍ بكم الأمم يوم القيامة ) وقد ذكر الإمام الغزالي أن من فوائد الزواج مجاهدة النفس، ورياضتها بالرعاية والولاية، والقيام بحق الأهل والصبر علي أخلاقهن، واحتمال الأذى منهن والسعي في إصلاحهن، وإرشادهن إلى طريق الدين والاجتهاد في كسب الحلال لأجلهن والقيام بتربيه أولاده .[c1]أهمية الأسرة في المجتمع[/c] ولأن الزواج هو أصل بناء الأسرة التي هي أصل صلاح المجتمع فبصلاحها صلاح للمجتمع كله وبفسادها فساد للمجتمع كله، كان لابد من وجود قوة واستقرار وتماسك لتلك الأسرة عن طريق سن التشريعات التي تحميها من الزلل والانزلاق، فإذا كانت الأسرة قوية نشأ الأبناء أقوياء أسوياء وذلك لأن الأسرة تلعب دورا هاما في حياتهم، فالقيم والأخلاق عند الأبناء هي نتاج لما تعلمه الابن في البيت من معايير اجتماعية خاصة الأمور المتعلقة بالحلال والحرام والصواب والخطأ، ولذلك فإن العلاقات الأسرية لها دور كبير في جنوح الأبناء أو التزامهم بالقيم الأخلاقية .[c1]اهتمام الإسلام بكيان الأسرة[/c]ولذلك اهتم الإسلام أشد الاهتمام بالأسرة وسنّ من التشريعات التي تضمن لها التماسك والاستقرار، ومن ناحية أخري رفع الإسلام مكانة المرأة، وأكرمها بما لم يكرمها به دين سواه، فالنساء في الإسلام شقائق الرجال، وخير الناس خيرهم لأهله، فالمسلمة في طفولتها لها حق الرضاع، والرعاية، وإحسان التربية، وهي في ذلك الوقت قرّة العين، وثمرة الفؤاد لوالديها وإخوانها وإذا كبرت فهي المعززة المكرّمة، التي يغار عليها وليها، ويحيطها برعايته، فلا يرضى أن تمتد إليها يدٌ بسوء، ولا ألسنةٌ بأذى، ولا أعينٌ بخيانة، فإذا تزوجت كان ذلك بكلمة الله، وميثاقه الغليظ، وواجب على زوجها إكرامها، والإحسان إليها، وكف الأذى عنها.ومن إكرام الإسلام لها: أنْ أمرَ الزوج بالإنفاق عليها، وإحسان معاشرتها، والحذر من ظلمها، والإساءة إليها.[c1]الأسرة أساس المجتمعالمسيار حرمان للمرأة من حقها [/c]من هنا كان الجدل الدائر حول زواج المسيار، كونه يحرم المراة تقريبا من كافة حقوقها في المبيت والمسكن والنفقة فزواج المسيار هو عقد من العقود المستحدثة، التي تتنازل فيه المرأة عن المسكن والنفقة والقسم أو بعض منها، وترضي بأن يأتي الرجل إلى دارها في أي وقت شاء من ليل أو نهار، وزواج المسيار ظاهرة بدأت تنتشر كثيراً في هذه الأيام في ظل ما استجدّ على المجتمعات المسلمة من إفرازات اجتماعية عديدة مثل : زيادة العنوسة، وصعوبة تدبير تكاليف "الزواج التقليدي" على كثير من الرجال، وارتفاع سن الزواج، وغير ذلك من الأسباب.[c1]آراء الفقهاء في زواج المسيار[/c] زواج المسيار منذ أن عرف قبل سنوات والفقهاء مابين مؤيد ومعارض ولكل وجهته فالقائلون بالإباحة :يرون أنه من الواقع وقد اقتضته الضرورة العلمية،وقد يكون فيه حل لبعض المشكلات كما أنه عقد متكامل الأركان والشروط وإن تنازلت فيه المرأة عن بعض حقوقها فلها ذلك لأنها مالكة للحق ولها أن تتنازل عن ذلك كليا أو جزئيا إن وجدت ذلك خيرا لها قال تعالي (وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ ..) سورة النساء الآية : 128روى ابن عباس قال: "خشيت سودة أن يطلّقها الرسول صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله لا تطلقني وأمسكني واجعل يومي لعائشة ففعل فنزلت الآية " فما اصطلحا عليه من شيء فهو جائز[c1]وجهة نظر القائلين بالتحريم[/c]يرجع القول بالتحريم إلي أسباب كثيرة منها :1- أن هذا الزواج فيه استهانة بعقد الزواج . 2- أن هذا الزواج فيه مخالفه لمقاصد الشريعة في الزواج من المودة والسكن والعفاف والطهر . 3-يترتب علي هذا الزوج ضياع الأولاد في حال تقدير الله ذلك .4- في هذا الزواج المرأة عرضة للطلاق إذا طالبت بالنفقة، وقد تنازلت عنها من قبل .وفي النهاية يجب الإشارة إلى ما ذكره الإمام الجصّاص في أحكام القرآن :"أن الله تعالى وإن أباح للمرأة أن تترك حقها من القسم وأن تجعله لغيرها من نسائه، ولكن ذلك في حق وجب لها في الماضي، فأما المستقبل فلا تصح البراءة منه، ولا يجوز أيضا أن يعطيها عوضا علي ترك حقها من القسم أو الوطء لأن ذلك من باب أكل المال بالباطل، أو أن ذلك حق لا يجوز أخذ العوض عنه، لأنه لا يسقط مع وجود السبب الموجب له وهو عقد النكاح" وأخير فإنه يترتب علي زواج المسيار خطورة قصوى قد تعصف بالمجتمع كله، وكذلك قد يتساهل الناس به مما يسبب العزوف عن الزواج العادي، ويصير الزواج كانه متعه فقط، فالعقد في الزواج ليس كغيره من العقود، فهو يتعلق بالأبضاع والأصل في الأبضاع التحريم، فلا يؤدى هذا الزواج إلي حل للعنوسة ولا مؤديا لتخفيض نسبة الطلاق ولا يؤدى إلى أسرة متماسكة البناء، ولا مجتمع مستقر اجتماعيا بل ستكون النتائج عكسية تماما، لقد صار زواج المسيار يشكل خطرًا على أمتنا العربية و الإسلامية أو يمكننا القول بأنه صار يهدد حياتنا اليومية، وذلك خوفاَ على بناتنا من هذا العصر الذي أصبح كل شيء فيه مجازا ومباحا على الرغم من أن عقيدتنا الإسلامية تنكر مثل هذه الأفعال الشنيعة الذي قد ترتكبها أي فتاة.