أفراح صالح محمد أطفال الشوارع -ظاهرة تتسع حدودها يوماً بعد يوم في اليمن ، وهي نتاج البطالة والفقر الذين خلًفهما برنامج الاصلاح الاقتصادي في مراحله الأولى وماتلاه ودفع بالصغار الى أن يشبوا قبل الاوان ليعيلوا اسرهم وأنفسهم ويتحملوا مايتعرضون له من أذى ومهانة في الشارع دون رحمة ... وهذه الظاهرة أصلاً عالمية ولها جذور تاريخية لها صلة بتطور المجتمع البشري وتناقضاته .الظاهرة عالمياً في اليمن جرى تأسيس مراكز للطفولة الآمنة واحد منها في محافظة عدن وبدعم من المنظمة السويدية لرعاية الاطفال استطاع هذا المركز أن يصور فيلماً وثائقياً حول أطفال الشوارع داخل محافظة عدن بفئاتهم العمرية المختلفة وأنواع المهن التي يمارسونها ماذا يأكلون وأين ينامون .الهدف من هذا الفيلم - ريبورتاج عن أطفال الشوارع والذي حمل عنوان " أنا وأنت معاً لحماية الطفولة" كان حشد أكبر عدد من المتعاطفين من صناع القرار لمساعدة هؤلاء الاطفال وغيرهم . لكن هل يتحقق لهم ذلك ؟إذا قلنا أن ظاهرة أطفال الشوارع هي ظاهرة عالمية وقد تضاربت الأرقام كتحديد حجمها عالمياً ، إلاّ أن التقديرات العالمية في السنوات الماضية (2001-2002م ) قد أشارت الى وجود مايزيد عن مئة مليون طفل من أطفال الشوارع في العالم ، يتركز أكثر من (40) مليوناً منهم في امريكا اللاتينية والوسطى ، وهناك مايزيد عن (03) مليون طفل شارع في آسيا ، وأكثر من (10) ملايين في قارة أفريقيا ، وهناك مابين (20-25) مليون طفل شارع موزعون على باقي قارات العالم .وفي العالم العربي يوجد ملايين من أطفال الشوارع ، أي غير محدد العدد ، كما هو غير محدد في اليمن اليوم . لكنها ظاهرة متسارعة النمو في اليمن بالذات للأسباب الاقتصادية والسياسية والاسرية والبيئية وكلها مشكلات تهيء لتطور هذه الظاهرة ..خصائص أطفال الشوارع
طفلة الشارع يخاف عليها من التعرض للمشاكل
في دراسة أشرف عليها ملتقى المرأة للدراسات والتدريب وأعدها الاختصاصي النفسي عبدالرحمن عبدالوهاب علي محاضر في علم نفس الاطفال بجامعة عدن ، حدد خصائص أطفال الشوارع حيث أن النسبة المرتفعة من الاطفال هؤلاء يأتون في سن (12-3113-14) سنة يليهم أطفال في سن (9-10) أعوام أي أن الاطفال بين (9-14) سن هم الاكثر معاناة ولأسباب مختلفة دفعتهم الظروف الى الشارع ليحتضنهم - وهذه المرحلة العمرية مهمة حيث وأنها تقع بين مرحلة الطفولة المتأخرة ومرحلة المراهقة والتي تتميز بخصائص معينة تحتاج الى رعاية وتوجيه وإرشاد مناسبة .من ناحية أخرى أظهرت الدراسة أن أطفال الشوارع في اليمن في الغالب هم من الذكور لأسباب متعددة منها الجوانب الاجتماعية المرتبطة بنظرة المجتمع على إعتبار أن الذكور فيه هم المسؤولون عن الاسرة وعليهم تحمل العبء الاكبر في مساعدة الاسرة والعمل على توفير احتياجاتها . أما البنات فإن خوف الاسرة عليهن سبب في عدم السماح لهن بالعمل في الشارع ومن تعرضهن للمشاكل بسبب غياب الحماية من ناحية ونظرة الناس التي ترى خروج الفتاة للعمل في الشارع من الامور غير المقبولة ويعبر عن إنتماء مثل هؤلاء الفتيات الى أسر غير محترمة.من الملاحظ أن أطفال الشوارع الاناث يتركزون في فئة واحدة هي فئة اطفال الشوارع المتسولين ، لكن الدراسة أظهرت أن نسبة الاناث منهم بلغ (21.4%) كما تؤكد الدراسة تزايد فئة الاناث من أطفال الشوارع عاماً بعد عام .
أطفال الشارع ظاهرة عالمية
الأمر المهم في الدراسة أنها أشارت الى أن أطفال الشوارع الكثير منهم لم يسبق لهم الالتحاق بالتعليم (47.1%) لأسباب مرتبطة بالحالة المادية للاسرة وتنامي الفقر ، وعدم قدرة الاسرة على تحمل نفقات التعليم والانفاق في الوقت نفسه على الحياة المعيشية وهذا يؤدي الى تسرب الملتحقين من الدراسة وعدم إلحاق الجدد فيها .البنك الدولي وضع تقديراته فيما يتوجب على الاسر إنفاقه على إلحاق أطفالهم في المدارس وبالتالي تكاليف النقل والرسوم والكتب والمستلزمات والزي المدرسي ، هذا الى جانب دخول رسوم متعددة التسميات ( مساهمة المجتمع) مما يضاعف المشكلة على الاسرة محدودة الدخل .أما التقارير الرسمية ومنظمة اليونيسيف فإنها تؤكد على أن :1- أداء المعلم لايزال ضعيفاً بصورة عامة بسبب مستوى التأهيل المتدني .2- الازدحام الشديد في الصفوف الدراسية .3- عدم توزيع الوسائل التعليمية .4- بيئة المباني المدرسية في اليمن لاتساعد على التعليم الجيد فهناك مدارس ابتدائية بدون كهرباء وأخرى بدون ماء ، وثالثة بدون مراحيض وهناك محافظات وجد أن نصف المدارس فيها على الاقل بحاجة الى إصلاح 60% منها إصلاح كامل ..هؤلاء بلا مستقبل أطفال الشوارع بلا مستقبل كما هم اليوم بلاحاضر ، وإن كانت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل لاتجد من يمكن أن يسهم اسهاماً فاعلاً في حل مشاكل هؤلاء الاطفال فالاحرى بها أن لا تستمر في فتح مراكز لهم بمخصصات متواضعة..أطفالنا أمانة في أعناقنا علينا أن نحميهم اليوم عبر إعادتهم الى المدارس ونتحمل مصاريف ذلك لهم وعبر مساعدة اسرهم مساعدة حقيقية لا أن يدفع ألف ريال كإعانة شهرية لاسرة قوامها (6-7) أفراد وتأهيلهم لحياة أفضل ومستقبل آمن .