يصادف يوم غداً الأربعاء الموافق 20 فبراير 2008م الذكرى التاسعة عشر لرحيل الشاعر الكبير إبراهيم علي صادق، وكل ما قالته المصادر القليلة، إنه من مواليد مدينة الحديدة 1932م وإنه سافر عام 1947م مع البعثة اليمنية إلى لبنان للدراسة ولم يكمل بسبب برقية الإمام إلى بيروت.. عن أنه – أي الإمام – غير مسؤول عن إعاشة الطالب، ثم رحل إلى القاهرة سنة 1949م حيث تكفل بمنحته (( الاتحاد اليمني)) غير أن منحة الاتحاد اليمني الوليد في ذلك الوقت لم تكن تحتمل أكثر من نصف الإعاشة الشهرية. وبسبب نشاطه وشعره الثوري المحرض تمت ملاحقته ومضايقته من قبل صلاح نصر وطرد من القاهرة التي أرسلته إلى بلد عربي أختاره إبراهيم. لكن هذا البلد الشقيق أرسله مع رفيق له للإمام في مدينة تعز تطبيعاً للعلاقات مع الإمام وإثبات حسن النوايا وتوطيد التعاون..، وأودع في (سجن الشبكة)، وبعد محاولة اغتيال الإمام من قبل العلفي واللقية أودع في (حبس الشريف) بمدينة الحديدة مكبلاً بالقيود ذلك ما رواه أحد تلاميذته في (المدرسة السيفية) الوحيدة بالحديدة بقوله: (لقد رأيته يومها في زيارة صبيانية زائغة من خلف أبواب ما سمي بـ (حبس الشريف).ويعد إبراهيم صادق أحد الذين غرسوا بذرة الانتماء الوطني ونزعة الوحدة اليمنية في الفكر اليمني المعاصر والحركة الوطنية.ويضيف د. أحمد القصير بمناسبة حديث الذكريات عن خالد فضل منصور أثناء الدراسة في مصر أواخر الخمسينات من القرن الفارط.. قائلاً ( أعتقد الدور الرائد في هذه الحركة كان لمجموعة صغيرة في البداية.. الأساس فيها كان خالد فضل منصور ويليه في الجهود الأولى طاهر رجب ثم إبراهيم صادق ثم عبده عثمان محمد الشاعر السفير..) وهؤلاء هم الذين وضعوا اللبنة الأولى للحركة الطلابية والمؤتمر الطلابي في مصر بشأن مستقبل اليمن ووحدته.. والبيان الصادر عن هذه الحركة كان البذرة الأولى التي غرسوها..).وكان إبراهيم صادق أحد المبشرين بالثورة وحتميتها بالكلمة والموقف وفي أسبوعها الأول كان على رأس (فريق التوعية بالنظام الجمهوري) وتبنى فكرة المقاومة والدفاع المدني، وطاف كل مديرية وقرية من جبال المحابشة إلى سهول عبس وحرض لصد عدوان المرتزقة وقوى الظلام.وإضافة لنضاله الثوري والتقدمي فقد كان جماهيرياً ونقابياً وقد أسس أول نقابة عندما كان مديراً لمنجم الصليف وقد إستطاع أن يستنهض همم العمال إلى درجة مقاضاة الشيخ سنان أبو لحوم الذي كان يومها محافظاً للحديدة.وقد عرف عنه البطولة في الكلمة والموقف، فعدا ما جرى في ساحات الإعدام لم يجرؤ أحد أن يواجه الشخص الثاني بعد الإمام أحمد ليقول له..[c1]سندمـر البيت الـــــذي قد قدانـــــا ستين عامـــاً للقبــور وللــــوراءوسنشهد الشهــــداء أنـــــا أمــــــة قامـت لتأخـذ حقـهـــا ولتثــــأرانشاطه الأدبي والثقافي[/c]1- تولى رئاسة اتحاد الأدباء والكتاب فرع الحديدة.2- مؤسس مجلة (اليراع) الناطقة باسم فرع اتحاد الأدباء والكتاب الحديدة 1985م.3- مؤسس نادي الفنون.4- مؤسس فرقة بلقيس الموسيقية وفرق فنية وإبداعية أخرى.5- جعل من (مقايل) الحديدة صالونات للأدب والفكر والثقافة.وقد شغل عدة مناصب إدارية آخرها مدير القسم التجاري بشركة النفط فرع الحديدة.[c1]أعماله الشعرية[/c]هناك كُتاب لم ينشروا إلا كتاباً واحداً، أو بضعة كتب تعد على أصابع اليد الواحدة ومع ذلك فقد ملأوا الدنيا وشغلوا الناس، وهناك كتاب نشروا عشرات الكتب دون أن تكون لكتاباتهم أي حاجة، أو ضرورة تاريخية، ودون أن يسمع بهم أحد، كانت علاقاتهم بالكتابة خارجية سطحية، غير عضوية أو غير حميمية وبالتالي فالضرورة التاريخية هي التي تبرر الكتابة، أو لا تبررها.ودون شك فالفرق شاسع بين الكتابة كوظيفة خارجية يمارسها عشرات الكتاب والشعراء والصحافيين، وبين الكتابة كتعبير عن جرح داخلي، كانصهار في العالم أو الوجود. وبالتالي فلا يمكن أن نخلط بين كتاب دفعوا الثمن باهظاً حتى قبل أن يكتبوا حرفاً واحداً، وبين كتاب سطحيين يملأون الجرائد والمجلات ودور النشر يومياً.وقد عرف الشاعر الفقيد إبراهيم صادق بوصفه (شاعر مقل مجيد صدر له ديوانان الأول ((عودة بلقيس)) صدر عن مطابع مؤسسة 14 أكتوبر في عدن 1981م والثاني ((أغاني للشعب)) صدر مع الديوان الأول في مجموعة واحدة من إصدارات وزارة الثقافة والسياحة 2004م).ويضم ديوان ((عودة بلقيس)) بين دفتيه ست عشرة قصيدة منها ست قصائد عمودية وعشر قصائد تفعيلية بعضها أقرب إلى العمودي.واحتوى ديوان ((أغاني للشعب)) تسع قصائد و ست عشرة أغنية وسبع خواطر في مؤخرة الديوان.ويقول الأستاذ عمر الجاوي في تقديمه لعودة بلقيس.. (( ولم نسمع عن قصيدة أصبحت تردد في كل مكان باستثناء ((أنا يمني)) لشاعرنا والتي عبرت عن وضع اليمن كل اليمن في تلك المرحلة)).وإضافة إلى أنشودة ((أنا يمني)) التي غناها الفنان القدير إبراهيم طاهر فقد غنى الأستاذ الفنان الكبير محمد مرشد ناجي أغنيته السياسية الشهيرة ((يا طير كم أحسدك)).وغنت له الفنانة القديرة منى علي من ألحان الفنان المرحوم سالم البازغة أغنية (( ما هو حرام يا امة)) التي مطلعها :[c1]حته مــــن أمخنـــــــــــــــــة وحلمــــــت بالجنـــــــــــــــةوأم نقش وأم محنـــــــــــــة ما هـو حـــــرام يا أمــــــــــة[/c]وقد غنى له في السبعينيات المنولوجست محمد صغير عدداً من الأغاني الشعبية تناولت بعض القضايا الاجتماعية، منها أغنية، مظلوم مظلوم يا بلدية، وأغنية عجب يا عالم عجب.[c1]عجب يــــــــا عالــم عجـــب كـم من شبابنـــا فينــــا عــــزب[/c]هذا، وغنى الفنان أحمد فتحي في بداية حياته الفنية : ربيع الحب – مش مشكلة – دخل الشريان – ليلتين.ويقول الأستاذ جابر الشراخ : (( وقد أسهمت هذه الأغاني البديعة في إشهار الفنان الشاب أحمد فتحي وذيوع شهرته في السبعينات وقدمته إلى الجماهير فناناُ مبدعاً)).وفي حديث للفنان أحمد فتحي مع صحيفة 26سبتمبر الخميس 12 ديسمبر 2007م ذكر أنه يحضر لألبوم جديد من بين نصوصه نص للشاعر الكبير المرحوم إبراهيم صادق قائلاً : ((اكتشفت نصاً في مكتبتي لإبراهيم صادق يقول :[c1]بـدأت أحس بوجـــوده بشـدة ويسألني عليـــه قلبي بحــدة[/c]إلى آخر النص حيث والفكرة فيه جديدة وتنافس أي نص عرـبي)).[c1]إبراهيم والقصيدة الحديثة[/c]في خضم معركة ريادة الشعر الحر، طرحت القضية زمنياً وشعرياً، وذكرت أسماء وقصائد، وتواريخ، واحتدم النقاش على صفحات مجلة ((الآداب البيروتية)) حول ريادة (الشعر الحديث) وقد اشترك فيها السياب نفسه، بمقال تضمن بعض أفكاره من الآراء ما يمكن اعتباره الحكم الفصل في هذا المجال، بحسب تعبير الدكتور عبد العزيز المقالح، ولعل السياب بمقاله المومأ إليه قد حسم الخلاف الذي دار بينه وبين زميلته الشاعرة الكبيرة نازك الملائكة وغيرهما بقوله (ومهما يكن، فإن كوني أنا ونازك الملائكة أو با كثير أول من كتب الشعر أو آخر من كتبه ليس بالأمر المهم. وإنما الأمر المهم هو أن يكتب الشاعر فيجيد فيما كتبه، ولن يشفع إن لم يجد إن كان من كتب على هذا الوزن أو تلك القافية..).
|
ثقافة
إبراهيم صادق.. ريادة في الشعر والموقف 1 - 2
أخبار متعلقة