في رحيل الإذاعية الكبيرة صباح ناصر علي
عبدالله الضراسي / سمير الوهابي كما هي العادة الصباحية مع كل يوم إثنين يكون طاقم البرنامج الإذاعي (من تسجيلاتنا الاذاعية الخارجية) على موعد لتسجيل الحلقة في استوديو (4) بالطابق الأرضي لإذاعة البرنامج الثاني / عدن ..حيث يكون المخرج المبدع والخلوق سمير يحيى الوهابي في حالة (استندباي) لبدء تسجيل الحلقة بعد أن احضرها طاقم عربة النقل الخارجي ومن قبل الفني الكبير عبد الحكيم اسماعيل وتواجد المعد عبدالله الضراسي بغية الوقوف على أية حالة مونتاج داخل الاستديو (4) وكعادة كل اثنين تمام الحادية عشرة تكون كل (مفردات العمل الاذاعي التسجيلي جاهزة) ولايبقى غير وصول ( المذيعة أسيا ثابت شرف) مذيعة البرنامج الأساسية وكان هذا قبل شهرين والمذيعة المذكورة آنفاً كانت مواعيدها مضبوطة كعقارب ساعة التسجيل ولكن (طارئاً مفاجئاً) لم يمكنها من الحضور فوجدنا انفسنا (محتاسين) بالعمل وقد تجاوزت الساعة الحادية عشرة وبدأ العد التنازلي لوقت التسجيل وفجأة (قفز) المخرج سمير يحيى الوهابي على إثر سماعه صوتاً نسائياً مميزاً وانفرجت اساريره وقال فجأة:-- لقد حلت مشكلة مقدمة البرنامج...- قلت كيف- سوف تسجل المقدمة المذيعة الكبيرة صباح ناصر علي...وماهي إلاّ دقائق حتى دخلت المذيعة صباح ناصر علي وكانت في حالة واضحة من التعب والارهاق...ومع هذا وجدته حلاً لانقاذ تسجيل الحلقة...وقدمها لي المخرج الاذاعي سمير يحيى الوهابي وحصل تعارف وكنت في حالة من الترقب وأقول في نفسي (كيف يمكن أن تقرأ وهي بهذه الحالة) ولم أفق إلا وهي تقول لي أعطني (أستاذ ضراسي) أوراق المقدمة لأنه لاوقت عندي...وفي الوقت الذي أخذت أوراق مقدمة البرنامج واذاعتها من داخل غرفة التسجيل وأنا في حالة انبهار فيما بعد لأن ماسمعته بعد ذلك زاد فوق حيرتي حيرة ولم أفق إلاوهي تعيد لي أوراق مقدمة البرنامج وأيقظتني بعد ذلك بسؤالها المفاجئ:-- كيف قرأت مقدمة البرنامج؟!- أجبتها بأنني أعتقد بأن من قرأ المقدمة مذيعة تملك حنجرة 20 ربيعاً وأنا لم أكن أبالغ إذ فوجئت بأن السيدة الجليلة والاذاعية الماثلة أمامي هي من قرأ هذه المقدمة!!!لأنني فوجئت بامرأة كبيرة ولكن ماخرج من (حنجرتها الاذاعية) صوت مذيعة شابة!!!لهذا فقد انفرجت اساريرها وانبسطت وفرحت كثيراً على هذا (الإطراء) وهو في الحقيقة لم يكن مدحاً أو إطراء بل كان الواقع (بأم عينيه) وشكرتها مرة ثانية على أمل أن أجري معها حديثاً صحفياً رغم انها-رحمة الله عليها-اعتذرت بسبب حالتها الصحية (فعذراً كبيراً أم علاء وصبراً جميلاً) فقد كانت تلكم اللحظات خير عزاء لي - شخصياً-لأنني للأسف لم التق (أم علاء) رغم علاقاتي القديمة مع إذاعة عدن ولكن كانت تلكم الذكريات السريعة والخاطفة وعلى غير موعد عزائنا للأقتراب من مذيعة كبيرة أعطت وقدمت بحضورها الصوتي الجميل والذي لم يتبدل أو يتغير أو يساوره تغيير رغم ما أصابها من مرض عضال وهي التي (خلفت)وراءها أصواتاً اذاعية يكفي أن يكون منهم المذيع المتميز منصور سيف سعيد والذي أكد هو الآخر في مادة اذاعية نشرتها له صباح السبت حيث كتب من خلال (منطوق الوفاء):-"الزميلة الراحلة صباح ناصر علي كانت القدوة وتتمتع بصدر رحب وتتلمذ على يديها الكثير من الزملاء وأنا واحد منهم ، وصباح التي غادرتنا وكلها حيوية ورقة وبفقدانها نفتقد صوتاً اذاعياً كان له وقع خاص عندما كنا مستمعين لاذاعة عدن في ثمانينات القرن الماضي وكان صوتها قد أثار العشق فينا للعمل الاذاعي منذ الصغر..."وفي الاخير لايسعنا إلا القول إن مشيئة الله من اختارتها ونحن على ثقة بأن قيادة اذاعة البرنامج الثاني وفي المقدمة الاذاعيان جميل محمد المدير العام للبرنامج ومدير عم البرامج في البرنامج الثاني وبقية إخوتها العاملين في اذاعة البرنامج الثاني بدءاً من مدير عام التشغيل المخرج سعيد شمسان وطواقم المذيعات وعلى رأسهن كبيرة المذيعات السيدة نبيلة حمود وأكرم محسن الترب والمذيعون المخضرمون وعلى رأسهم المذيع الكبير سعيد ناصر وجيلها الإذاعي بدءاً من سمير الوهابي ورضا مصلح ومنصور سيف سعيد وبقية العاملين ستظل هذه (الحنجرة الإذاعية الذهبية) شمعة أضاءت في يوم من أيام إذاعة عدن فضاءات الاذاعة و(ترجلت) وما زالت مسيرة إخوتها تواصل بثها الإذاعي.