يختزن العقل الشعبي للفار مواقف تاريخية عجيبة فعندما رست سفينة نوح ـ بعد الطوفان الشهير حسب رواية الاسطورة ـ على قمة جبل ارارات بالاناضول ، قفزت كل مخلوقات السفينة إلى البر عدا الفئران ، فقد كانت قد حفرت في متون السفينة واضلاعها وهيكلها مالم تقم به كل الحيوانات الاخرى ، ولاحظوا ان ن الفئران نفسها كانت تقفز من السفينة إلى الماء كلما هبت الاعاصير وأحس راكبوها بالخطر ، وتعود إليها فور توقف الخطر، وذلك لأن الفار يتنسم الاخطار أكثر مما يراها ولاتزال فئران السفن ـ التي تكون لها ساكنيها ـ هي أول القافزين منها .وبالمقابل ، نستذكر ـ هنا ـ المأساة نفسها التي خلفتها لنا الفئران التي كانت سبباً في هدم سد مأرب الشهيرفعلى الرغم من نتاج العقول اليمنية القديمة وعبقرية الايادي السبئية التي صنعت لنا ارقى حضارة انسانية ، طارت شهرتها إلى كل ربوع شبه الجزيرة العربية ، بل وإلى كل انحاء العالم القديم ، إلا ان الفئران بعد أن شبعت وسمنت وترعرعت وكبر حجمها وتناسلت بكثرة كاثرة ، اخذت تقرض جدران السد الشامخ على مدى سنوات طويلة ، وتنخر في اساساته ، حتى تمكنت ـ في نهاية المطاف ـ من هدم هذا السد الشهير ، فانسابت المياه المخزونة فيه ، مغرقة الاخضر واليابس ، فاجبرت أيادي سبأ على الهجرة القسرية ، وهكذا ضرب بهم المثل القائل : وتفرقت ايادي سبأ شذرا مذرا . فقد كانت تلك الفئران مصدراً رئيساً في انهيار السد ـ حسب الاسطورة ـ والقضاء على حضارة عظيمة سادت ثم بادت .ولكننا نعتقد ان القائمين على أمر السد في الدولة البسيئة القديمة آنذاك قد اهملوا مبدأ الصيانة اللازمة والمفاقدة الدورية المنتظمة في اعادة التأهيل والاصلاح لمثل هذه السدود ، وتدبر وسائل بيئية ممكنة للخلاص من الفئران المتكاثرة قبل استفحال امرها ،وترك الحبل لها على الغارب دون معالجة صائبة في حينها .فهل ادركنا أهمية الصيانة في حياتنا سواء للمباني أو المنشآت الصناعية أو الكهربائية أو المائية أو شبكات المجاري الصحية أو غيرها ، وبرمجنا خططنا الاستراتيجية ، وقمنا بتنفيذها بكل اخلاص ومسؤولية وطنية وحرص شديد على الانفاق الامثل لما يخدم مصلحة الدولة والصالح العام للبلاد والعباد ارجو ذلك .
كيف نتعظ من مواقف الفيران التاريخية
أخبار متعلقة