المرأة خلقت للمنزل!!
تختلف الشعوب ونظرة الرجل للمرأة واحدة ، للأسف هذه حقيقة تدمي القلب في الشعوب العربية جمعاء ، ولكن تختلف شدتها من شعب لآخر ، فكل رجل عربي يتمنى أن تصبح زوجته كأمينة زوجة (سي السيد) الزوجة المقهورة التى ترضي بالذل والهوان .ومن المثير للدهشة أن فئة الشباب تؤيد هذه الفكرة وهذه الصورة للمرأة ، وبالتأكيد التربية فى المجتمع الذكورى تفجر هذه الأفكار في عقول الشباب ، والمفاجأة أنّه في دراسة نشرها أخيراً المركز الوطني الأردني لحقوق الإنسان تبيّن أنّ 91.1 % من طلبة الجامعات الأردنية يرون أنّ للزوج الحق في ضرب زوجته ، هذا الرقم المهول دفع كثيرين إلى التشكيك في صحته،إلا أنّ إطلالة سريعة على أرقام رسمية صادرة عن إدارة حماية الأسرة في مديرية الأمن العام الأردنية تجعل تصديق الرقم ممكناً ، فقد تعاملت الإدارة مع 1796 قضية اعتداء ، من بينها 439 قضية اعتداء على الإناث في العام الماضي، مقارنة بـ 1423 قضية، كان من بينها 396 قضية اعتداء على الإناث في العام الذي سبقه،كما ذكرت جريدة (الحياة).ليست المشكلة في وجود مشاركات من الجنس الناعم في الدراسة المشار إليها فقط (باعتبار أنّ عدد الإناث الملتحقات بالدراسة الجامعية في الأردن أعلى من الذكور)، بل تكمن القضية في أن الدراسة شملت فئة " متعلمة" تحمل قيماً وعادات جديدة، على الأقل تجاه المرأة، يفترض أنها أكثر إيجابية، كونها تخص جيلاً جديداً متحرراً من أغلال الماضي. وبدت نتائج الدراسة سلبية أكثر من المتوقع، إذ رأى 7.85 % فقط أن للنساء حقوق الرجال نفسها، فيما علّب 93.2% منهم المرأة في إطار المنزل ورأوا أن "ليس لديها أي دور غير رعاية البيت والأولاد"، و 88.8 % اعتقدوا بأنّ "التعليم أكثر أهمية للذكور من الإناث".النتيجة "الإيجابية" الوحيدة في الدراسة كانت أن 52.5 % من العينة اعتبرت أن "للنساء قدرات الرجال نفسها في مجال العمل".وتبدو النظرة السلبية التي يحملها "الجيل الجديد" إلى المرأة مرعبة للغاية فهي لا تشمل فقط نظرة الذكر إلى الأنثى، إنما نظرة الأنثى إلى نفسها أيضاً، فأرقام الدراسة تشير بوضوح إلى وجود خلل في فهم الآخر واستيعاب "إنسانيته"، كما أنها تشير إلى أن المسألة لا تقاس فقط في كونها تتعامل مع ظاهرة عالمية انطلاقاً من أن ضرب الزوج للزوجة تصرف سلبي موجود في كل دول العالم.فليس الشباب وحده هو المشكلة في هذه الظاهرة ، بل إن قوانين عدة منحازة إلى جانب الرجل على حساب المرأة ، كما هو الأمر مع قانون الجنسية، إذ لا يحق للأردنية المتزوجة من غير أردني أن تعطي الجنسية لأبنائها.هذا يجعل من صورة المرأة التي كانت قديماً، تتكرر في القرن الواحد والعشرين، مع شباب جامعيين متعلمين: كانت المرأة في السابق صالحة للضرب، فظلت كذلك. وكانت لا تستحق التعليم كما الذكور، فظلت كذلك، على رغم كل ما مر أمام جيل شاب كامل من مواد إعلامية (سواء مخصصة لنقل هموم المرأة وقضاياها أم عامة تتحدث عن "نصف المجتمع" في شكل إيجابي) وأحاديث متواصلة عن أن المرأة ليست زوجة فقط، وإنما أم وأخت وبنت.وللأسف هذا الواقع الأليم لا يشمل شباب الأردن فقط بل تشمل جميع البلاد العربية، فنظرة الرجل للمرأة تبتعد كل البعد عن ما وصي الإسلام به ، فالرجل يحلل لنفسه ضرب وإهانة المرأة ، وكأن دورها فى الحياة أن تكون فى خدمة شمشون الجبار ، ولكن وقد أمر القرآن بالإحسان إلى المرأة والزوجة ، وإكرامها ، ومعاشرتها بالمعروف،قال الله تعالي : (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً ) النساء / 19.وبالمثل فللزوج له حقوق وواجبات كالمرأة تماما ،فكل له حقوق على الآخر، فقال : (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) البقرة / 228 ، والآية تدل على أن للرجل حقا زائدا ، نظير قوامته ومسئوليته في الإنفاق وغيره.ويجب على كل شاب وكل زوج معرفة أن إهانة الزوجة لا تؤثر على المرأة واستقرار الأسرة فقط ولكن يؤثر بصورة كبيرة على الأبناء ، فعندما يحدث ميل الأبناء كلياً نحو أمهم يحدث في المقابل لديهم كره لوالدهم وسلوكه وتصرفاته نتيجة إهانته لوالدتهم ويتمنون اختفاء الأب بالسفر أو الموت، وقد يصل الأمر بالأبناء إلى التطاول على والدهم وتوجيه ألفاظ بذيئة له.