صباح الخير
كثيراً ما تسعى بلديات المدن إلى إختفاء الطابع الجمالي على المدن إلا ان مثل هذا السعي كثيراً ماتجابهه معوقات كثيرة أبرزها نقص الاعتمادات وعدم إمكانية بث روح الجمال في بعض أجزاء المدن نظراً لقدم مبانيها ناهيك عن المظاهر العشوائية التي تنشأ والى ما هنالك من معوقات تحبط جهود القائمين على سلطة البلديات,إلا ان مسألة الوعي الاجتماعي بأهمية النظافة يكاد يكون المحور في مثل هذه المعادلة فقلما نجد روح المبادرة لدى السكان في تدعيم جهود البلديات ما يجعل عملية النظافة وكأنها حكراً على مهام البلدية دون غيرها..مثل هذا الافتقار للجمال هو ما نعاني منه بداخلنا فلو نظرنا إلى أرجاء مدننا نجد غياباً في الاهتمام بالتشجير عدا مايمكن ان تقوم به البلديات كما ان أمر الالتزام بالنظافة عند الأهالي مفقود طالما وهم يرون ذلك من مهام البلديات دون غيرها.قبل أيام لفت انتباهي برنامج تلفزيوني يتحدث عن تجربه فريدة لرئيس بلدية "البانيا" وهو فنان تشكيلي شاب وصل إلى رئاسة بلدية المدينة بعد إن عرف على نطاق واسع باهتماماته الفنية خصوصاً التشكيلية بالإضافة إلى ممارسته فن الغناء ونحو ذلك.فحين عهدت إليه مهمة بلدية المدينة استطاع هذا الشاب الذي يحظى بشعبية واسعة أن يبرهن أن روح الفن يمكن تجسيدها في وضع حياتنا العامة فأول ما بدأ عهده بتزيين مقر بلديته وجعلها نموذجاً معمارياً فريداً من حيث الشكل والنظافة ثم نقل فكرته التي يؤمن بنجاحها إلى أرجاء المدينة الألبانية ومبانيها العامة ومحلاتها التجارية التي سريعاً ما جعلها تكتسي بأزهى الألوان التشكيلية الأمر الذي نال! استحساناً واسعاً من الأهالي إلى درجة أنهم باتو يتفاخرون بفنانهم التشكيلي البارع الذي استطاع إن يبعث روح الفن والألوان في واجهات المدينة "الألبانية"ما يجعلنا نؤكد ان أي جهد وأي عمل يبدأ بفكرة إلا ان العامل الأهم هو كيفية تطبيق مثل هذه الفكرة أو تلك على ارض الواقع.كما ان قدرات البشر الكامنة..تؤتي أكلها كلما كانت هناك مساحة لتطبيقها.. والثابت ان كثيراً من الأفكار والإبداعات تموت قبل ان تجد طريقها إلى الواقع ربما يحكم تلك الطرق التقليدية الخالية من روح الإبداع والتجلي المعمول بها في محيطنا الحياتي.فكثيراً ما تستوقفنا المظاهر الجمالية والعمرانية في بلدان الغير إلا إننا نكاد نكون عاجزين عن تطبيق مثل هذه الأفكار في واقعنا مما يجعل مدننا قلاعاً أسمنتية تفتقر الى روح الجمال.. ولمسات الإبداع.فكم هي المرات التي شحذنا أذهاننا بحثاً عن قوانين جديدة تتيح لنا نشر مبدأ النظافة على نطاق واسع.. ليتبين لنا بعد ذلك انها قوانين لا تجد طريقها للتطبيق لشعور الناس ان مثل هذه القوانين ليست ملزمه لهم.؟!وكم هي الإمكانيات التي تذهب هدراً بسبب غياب الوعي والإحساس بالجمال نحو مدننا وأحيائنا السكنية.؟!فهل يا ترى نحن بحاجه إلى العقول المبدعة والمخيلات الخصبة التي يتوق أصحابها الى رسم مثل تلك اللوحة"الألبانية" على أرجاء مدننا الأسمنتية؟ وهل ينبع مثل هذا الإحساس بالجمال .. من داخلنا؟
