صنعاء / سبأ :تمر العلاقات اليمنية- السعودية هذه الفترة ، بمرحلة ازدهار، نوعية وجديدة , هي الأفضل حتى الآن في تاريخ العلاقات بين البلدين.. فبعد أن مرت بمراحل مختلفة، عمل خلالها البلدان على تطويرها وتجاوز كل العقبات التي تحول دون نموها وإزدهارها ، بدأت العلاقات اليمنية- السعودية ، ومنذ التوقيع على معاهدة جدة ، وفي ظل المتغيرات الإقليمية والدولية الراهنة، تدخل في مسارها الطبيعي بما ينسجم مع خصوصيتها وحتميتها.ويرتبط مسار العلاقات اليمنية - السعودية ، بمجموعة عوامل ، ساهمت بدور بارز في تشكيل نوعية، وطبيعة هذه العلاقات ، وهي عوامل متعلقة ، بارتباط البلدين، بروابط تاريخية متينة واجتماعية واقتصادية وسياسية ضاربة في القدم، وأخرى متعلقة بمحددات الجغرافيا السياسية للبلدين، وتواجدهما على رقعة جغرافية إقليمية واحدة، إضافة إلى عوامل متعلقة بالتطورات الحاصلة في السياسة و العلاقات الدولية.وبفعل عامل الجغرافيا والعمق الاستراتيجي الجغرافي والسياسي للدولتين، ارتبط الجانبان ، بمصالح مشتركة لعبت دورها الكبير في نمو العلاقات الثنائية وتطورها ، وهناك رؤية سياسية موحدة لدى قيادة البلدين تتمحور في الشعور أولاً بأن أمن اليمن هو أمن المملكة والعكس، وأن التعاون، والشراكة في مختلف المستويات باتت أمراً حتمياً.وقد تعززت تلك الرؤية بعامل ارتباط استثنائي ، ساهم في تطور العلاقات اليمنية السعودية، يتمثل في ، الإرادة السياسية الجادة لقيادة البلدين ، بالإضافة إلى العلاقة القوية والمتميزة التي تربط هذه القيادة ، التي أدركت أهمية الدفع بالدولتين في مسار المصالح المتبادلة والاعتماد المتبادل بهدف بناء علاقة نموذجية بين البلدين.كما أدركت هذه القيادة حجم المخاطر، والتحديات التي تواجهها الأمة العربية والإسلامية بشكل عام، ودول المنطقة بشكل خاص، الأمر الذي انعكس بدوره في زيادة وتعميق مجالات التعاون والمضي بها قدماً نحو تحقيق شراكة حقيقية، وفي تطابق الرؤية السياسية للبلدين تجاه المواقف، والقضايا العربية والإسلامية .وكان من شأن توفر تلك الإرادة ، منع أو على الأقل تحجيم التدخلات الأجنبية، فقد عملت اليمن والسعودية ، على حل الأمور المتعلقة بينهما من خلال الحوار المباشر ومنع أي تدخل خارجي يحاول أن يوظف هذه المسألة لأغراضه الإستراتيجية والخاصة ، وبفعل هذه الرؤية تمكن البلدان من تجاوز كل المشكلات والعقبات وأضحت العلاقة مستقرة ومتطورة باستمرار بما يخدم البلدين والمنطقة.ولاشك في أن الوضع العربي العام سيستفيد بالإيجاب من تحسن وتطور العلاقات اليمنية -السعودية ، لما تمثله كل دولة منهما من ثقل سياسي واستراتيجي كبير.ومن ابرز ملامح التحول الحقيقي الذي شهدته العلاقات بين البلدين، إغلاق آخر ملفات، المسألة الحدودية بين البلدين ، عندما تسلم اليمن آخر المناطق الحدودية من السعودية على منفذ الطوال ، و فتح معابر حدودية مهمة ، هي الوديعة و حرض في محافظة حجة ونقطتي علب و البقع بمحافظة صعدة، فإلى جانب تقليص عمليات التهريب ، أسهمت هذه المنافذ في حدوث انتعاش ملحوظ في حجم النشاط التجاري بين اليمن والسعودية ، هذا الانتعاش يعد واحدا من مظاهر التقدم الايجابي الذي شهده بشكل عام التعاون الاقتصادي بين البلدين في هذه الفترة ، بالإضافة إلى زيادة حجم الاستثمارات السعودية في اليمن ،والتي تشمل مجالات مختلفة وحيوية ، وقيام المملكة، التي تعتبر من أهم شركاء التنمية في اليمن، بتمويل العديد من المشاريع التنموية فيه.وتبرز ملامح هذا التحول في الجانب السياسي، من خلال تواصل اللقاءات بين قيادتي البلدين وعلى مختلف المستويات وبين ممثلي مختلف المؤسسات ، واستئناف انعقاد دورات مجلس التنسيق اليمني السعودي بصورة منتظمة بعد توقف دام عشر سنوات ، وتطابق وجهات نظر البلدين إزاء العديد من القضايا الاقليمية والدولية.ويأتي في الإطار نفسه ، دعم السعودية لليمن ، بشأن العضوية في مجلس التعاون الخليجي ، ففي دلالة واضحة على أهمية اليمن في المنظومة الخليجية المستقبلية، بدأ قادة المملكة بصفة خاصة وقادة دول الخليج بصفة عامة ، يرحبون بانضمام اليمن إلى مجلس التعاون لدول الخليج العربي بعد أن يستكمل اليمن الاستعدادات التي تؤهله لهذه العضوية ، ويبرز هنا دور المملكة كونها العضو الأبرز في المجلس، باتجاه تسهيل الحصول على برنامج اقتصادي كبير يساعد على تأهيل اليمن للانضمام إلى عضوية المجلس.كما بلغ التعاون اليمني - السعودي في مجال مكافحة الإرهاب والتنسيق في المجالات الأمنية والاستخباراتية أعلى مستوياته،فمنذ توقيع البلدين على الاتفاقية الأمنية في شهر إبريل من عام 2001 ، أظهر الطرفان التزاماً واضحاً بتنفيذ هذه الاتفاقية ، من حيث تبادل المطلوبين ، وتبادل الخبرات والمعلومات الاستخباراتية، والتنسيق على المستوى اللوجستي والعملياتي خصوصاً في المناطق الحدودية ويأتي في هذا الإطار تنفيذ المناورات العسكرية المشتركة ، اذ تم تنفيذ مناورة عسكرية العام الماضي (وفاق 1) وهناك ترتيبات لإجراء مناورة أخرى (وفاق 2) في قطاع الطيران والقوات البرية في وقت لاحق .وفي الختام يتأكد لنا أن الجمهورية اليمنية والمملكة العربية السعودية ، ترتبطان في هذه المرحلة ، بعلاقة اكثر عمقا ونضجا، وأكثر إدراكا لتحديات الحاضر والمستقبل، بشكل يؤهلها ، للانتقال من مرحلة التعاون والجوار ، إلى مرحلة الشراكة، القائمة على أسس وأهداف واضحة.
اليمن والسعودية .. نموذج في الشراكة
أخبار متعلقة