[c1]المنعطف الكبير للولايات المتحدة[/c] كتب بيير روسلين في افتتاحية صحيفة (لوفيغارو) الفرنسية الصادرة أمس الأربعاء أن الأزمة المالية الحالية أدت إلى تسارع خطى التطور الراديكالي للسياسة الأميركية, وهو ما يخشى بصورة جدية أن ترسخه الانتخابات الرئاسية الأميركية في الرابع من نوفمبر القادم.فالذي حدث بين التخلي قبل أسابيع عن المصرف الاستثماري ليمان براذرز باسم «قدسية عدم التدخل في السوق» وبين القرار الذي اتخذ لتوه لاستخدام خطة بولسون من أجل إعادة تمويل البنوك بمبلغ يصل 250 مليار دولار، هو في الواقع ثورة أيديولوجية حقيقية في الشاطئ الآخر للمحيط الأطلسي، فمنذ فوضى العراق أصبح فشل المحافظين الجدد في السياسة الخارجية واضحا وها هو الآن يتأكد بهزيمتهم في أوج الحملة الانتخابية في المعركة الاقتصادية.فإذا كانت الإدارة الفدرالية قد تركت ليمان براذرز تنهار دون أن تقدم لها أية ضمانات فإن ذلك يعود إلى فشل «براغماتيي» الإدارة -وزير الخزانة هنري بولسون ورئيس الاحتياطي بن برنانكي- في إقناع المنظرين الذين رأوا في إنقاذ رابع أكبر مصرف بوول ستريت «بداية الاشتراكية».وهذا الهلع هو نفسه الذي حمل عددا من أعضاء الكونغرس الجمهوريين على رفض خطة بولسون أواخر شهر سبتمبر/أيلول الماضي.تلك الخطة التي تمت المصادقة عليها في النهاية في صيغة تخول الخزينة الأميركية استخدام 750 مليار دولار لشراء «السندات المعدومة» للمصارف لكنها لا تضع في الحسبان على الإطلاق إعادة تمويلها, غير أن ذلك هو ما يبدو أن الأموال ستستخدم فيه حاليا، ولحسن الحظ, فالكونغرس لم يكن ليوافق أبدا على تلك الخطة لو علم أنها تحضر للتأميم الجزئي للمصارف.ففي الاقتصاد, كما في الدبلوماسية, ها هي الإدارة الأميركية الأكثر أيديولوجية في التاريخ الأميركي الحديث تبدأ بطي فترتها على وقع التخلي المدوي عن مبدأين ظلت تدافع عنهما في بدايتها:- ففي العراق, أدى تولي الجنرال بيتراوس القيادة هناك إلى وصم تغيير جذري للأهداف الأميركية في هذا البلد, فغدت واشنطن البراغماتية تبحث عن حلفاء بين الطائفة السنية.- وفي أفغانستان, بدأ وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس, وهو أحد دعاة البراغماتية في الإدارة الأميركية الحالية, إلى الترويج بصراحة لـ»طريقة للخروج من الأزمة» تقوم على مباحثات مع أعضاء حركة طالبان ممن هم غير مرتبطين بتنظيم القاعدة.- وفي كوريا الشمالية, حيث خرج هذا البلد لتوه من «محور الشر» ومن قائمة الدول الراعية للإرهاب بعد صراع حاد مع المحافظين الجدد.وعلينا أن نحيي براغماتية الأميركيين التي تظل عقيدتهم الوحيدة الحقيقية وتمكنهم من تحطيم أصنام كانوا يعبدونها قبل فوات الأوان.فالمنعطف الكبير الذي اتخذته الإدارة الأميركية في ربع الساعة الأخير من عمرها هو في الواقع منعطف في الرأي العام الأميركي ويبدو أنه عميق إذ ربما وصل حد إمكانية انتخاب الأميركيين للمرشح الديمقراطي باراك أوباما حسب ما تظهره استطلاعات الرأي. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ[c1] لو أنفقت الصين تريليوناتها لتجنبنا الركود[/c]كتبت صحيفة (غارديان) البريطانية أن تدخلات الحكومات المكثفة التي أعلن عنها على جانبي الأطلسي في الـ48 ساعة الماضية ربما تكون قد منعت النظام المالي العالمي من الانفجار الداخلي.وقالت الصحيفة إنه إلى جانب أضخم انهيار مالي في نصف قرن، تواجه بريطانيا انهيارا في نفقات المستهلكين والمشروعات. وهذه المشاكل متشابكة، ذلك أن الأزمة المالية جزء من سبب الانهيار في الإنفاق، والانهيار في الإنفاق يعمل الآن على تقويض أسواق المال، لكن هذه المشكلات بحاجة لحلول منفصلة، وأضافت أنه لمعالجة هذه المشاكل، يجب أن نبدأ من الجانب المالي وأن نعلم حقيقتين هامتين عن قطاع البنوك والمال.أولا، منذ ظهور الرأسمالية من ثلاثة قرون شهدنا ثلاثين أزمة مالية رئيسية، نحو أزمة كل عشر سنوات. وفي المملكة المتحدة مر علينا أكثر من ثلاثين عاما منذ آخر إنقاذ للبنوك. والنتيجة كانت اعتقادا متزايدا -قد تصدع الآن- أن القطاع المصرفي يمكن أن يترك بيد القطاع الخاص.ثانيا، المال ليس كالسيارات أو أكواب الشاي لا تستطيع اختبارها أو تذوقها. فهو يعتمد، فوق كل شيء، على الأمانة والثقة التي لا يمكن شراؤها أو تبادلها. والمال هو قاعدة النظام الاقتصادي الكامل. وإذا أردت تجنب كارثة عندما تتبخر الثقة، كما حدث في الاضطراب الأخير، فإن الخيار الوحيد أمام الدولة هو دعم المؤسسات المالية المركزية.وأشارت الصحيفة إلى أن هاتين الحقيقتين هما السبب فيما آل إليه الوضع اليوم. واعتبرت أن الإجراءات الحاسمة التي قام بها براون كانت ملائمة تماما: وهي ضخ سيولة في الأسواق وتوفير ضمانات لسوق بين البنوك وضخ رأسمال عام مباشرة إلى البنوك من خلال شراء أسهمها.وقالت الصحيفة إن أصول هذا الركود تكمن في جوانب الخلل الهائلة في الاقتصاد العالمي الناجمة عن استهلاكنا الائتماني في الغرب. وفي الوقت الذي نوقف فيه الإنفاق في الغرب، فإن الطريقة الوحيدة لتفادي ركود عالمي أن تنفق الصين -على وجه الخصوص- المزيد، وأضافت أن الاحتياطي الهائل من الدولار (نحو تريليونين) لدى الصين يجعل لديها حافزا كبيرا للمساعدة في وقف الاقتصاد الأميركي وتدهور عملته. لكن هل ستتعاون إذا طلب منها؟ وعلى مستوى الطلب العالمي والكلي، وباعتبار الاستقرار المالي العالمي المستقبلي، يعتبر الصينيون جزءا أساسيا في الحل ومن ثم يجب ضمهم على الفور إلى مجموعتي الدول السبع والثماني.
أخبار متعلقة