د/ فهد محمود الصبريتعتبر اندونيسيا من أكبر الدول الإسلامية في العالم وهي عبارة عن أرخبيل داخل المحيط مكون من 17 ألف جزيرة بمساحة 1.9 مليون كيلو متر مربع ويبلغ عدد سكانها حوالي 230 مليون نسمة موزع على 33 إقليم و 471 مقاطعة و 5287 مديرية و 72586 قرية ومع هذا التقسيم الكبير والمساحة الشاسعة كان العمل في مجال السكان والصحة كبير حيث استطاعت اندونسيا الوصول إلى معدل خصوبة 2.6 مولود في عام 2008م.ومن خلال زيارتنا لاندونسيا للإطلاع على تجربتها في الصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة.. قمنا بزيارة كل المستويات الإدارية وآليات عملها في الصحة الإنجابية ابتداء من المستوى المركزي (الهيئة القومية لتنسيق برامج تنظيم الأسرة الاندنوسية (BKKBN) الذي يتبع رئاسة الدولة مباشرة مروراً بالولاية والمقاطعة ثم المديريات والقرى والمراكز الصحية والمستشفيات والإذاعة والتلفزيون في كل هذه المستويات بالإضافة إلى منظمات المجتمع المدني العاملة مع الحكومة بشراكة وانسجام رائعين. وكذا الإطلاع عن قرب على آليات وأساليب العمل ومقومات نجاح التجربة الاندونسية وخصوصاً في مجال الاتصال وتغير السلوك في الصحة الإنجابية وكان أهم ما لاحظناه من هذه الزيارة والذي اعتقد أنه سبب نجاح التجربة وتقدمها الواضح في العمل السكاني كان أهمها الالتزام الحكومي والقومي بالصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة مما يجعل موضوع الصحة الإنجابية ذا اهتمام أكبر كنتيجة طبيعية لتولي رئاسة الدولة الإشراف المباشر على العمل في مجال الصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة ما عكس أثره على المؤسسات والأفراد على حد سواء وأصبحت الصحة الإنجابية هي الشغل الشاغل للمجتمع.. كما لعب العمل التطوعي دوراً أساسياً في نجاح العمل في اندونسيا حيث يعتبر من أهم العوامل المؤثرة في تحفيز المجتمع وبرامج الصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة ويوفر العمل التطوعي أكثر من 5 ملايين متطوع ومتطوعة على المستويات المختلفة.. ويتواجد المتطوعون على مستوى القرى والمجتمعات الصغيرة وتطور الآليات التي تربط بين شبكة المتطوعين والمؤسسات المشرفة هذا كله كان له أثر فاعل وقوي على تحقيق الأهداف الوطنية للصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة. والملفت للنظر والمثير للإعجاب التنسيق المنظم والقوي بين المؤسسات الحكومية وغير الحكومية (منظمات المجتمع المدني - القطاع الخاص - المنظمات الداعمة) من خلال المشاركة في التخطيط والتنفيذ لكل البرامج..ومن خلال الزيارة لاحظت الاهتمام في إشراك الفئات المستهدفة في العملية كاملة ابتداء من التخطيط وانتهاء بالتنفيذ والتقييم وكان هذا واضحاً في فئة الشباب حيث هناك الكثير من البرامج التي يقوم بالتخطيط لها وتنفيذها الشباب أنفسهم بإشراف من الجهات المختصة واضعين مساحة واسعة لإبداع الشباب وتفاعلهم.. كما لعب الالتزام الحكومي دوراً كبيراً في استمرار التمويل للأنشطة الخاصة بالصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة من ميزانية الدولة غير مقصور على الدعم الخارجي ومرهون باستمراره.. ومن أهم العوامل التي أدت إلى نجاح العمل السكاني في أندونيسيا اللامركزية التي ساعدت المؤسسة المعنية بالصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة هناك في نقل وتحويل الإدارة واتخاذ القرارات من المستوى المركزي إلى المستويات المختلفة والدنيا منها.. حتى القرية من انعكس على سرعة تنفيذ الأنشطة وبرامج الصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة.. وهذا ما يحاول المجلس الوطني للسكان من خلال لجان الأنشطة السكانية في المحافظات الوصول إليه إذ تعتبر اللامركزية من أحدث طرق وأساليب الإدارة التي أثبتت نجاحها في كثير من الدول في مجالات مختلفة اقتصادية وسياسية واجتماعية.
التجربة الإندونيسية في مجال السكان
أخبار متعلقة