أضواء
كنت قبل أيام أتصفح موقعاً إليكترونياً على الإنترنت، فإذا بأحد كُتّابه يبدو من سياق حديثه المكتوب أنه رجل ينافح عن الدين ويدافع عن الإسلام، غير أني وجدت ألفاظه محشوة بكلمات عجيبة، فهو يستخدم في وصف من ينتقدهم ألفاظاَ لو سمعتها من رواد الشوارع والأزقة المتسخة والمتصفة بقلة التهذيب وانعدام الأدب، لعتبت عليهم لاستخدامهم هذه الألفاظ، مثل: (الخبيث)، (الفاسق)، (الفاجر)، (الإمعة)، (السفيه)!وتجد من يجارونه في الردود: يستمرئون الهبوط بألفاظ يحمرون فيها هذا ويصفونه بنقص الرجولة تارة، وبالتفاهة تارة أخرى!وعجبت لأمر هؤلاء، أينصرون ديناً غير دين الإسلام الذي أمر الناس بالرفق واللين، وأشار نبيه الموصوف بنبي الرحمة عليه الصلاة والسلام إلى أن الرفق ما دخل في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه؟!واستغرقت في استغرابي، أي غلظة انتهج هؤلاء، وهم الذين يزعمون أنهم يتبعون نبي الهدى عليه السلام وهو الذي نعرف جميعاً قصته مع جاره اليهودي الذي كان يتعهد الرسول بالأذى والقاذورات، حتى إذا فقد النبي أذاه، سأل عنه فعلم بمرضه، فذهب يعوده؟!أي فرق بين سلوك النبي المشفق على الأمة، بل إن شفقته طالت اليهودي الذي استمرأ إيذاءه بما لا تطيق تحمله نفوس عامة البشر، وبين سلوك هؤلاء الذين يختلفون مع فلان على قضية قد تكون هامشية، فيسفهونه، ويسبونه، ويشتمونه، ولا يتورعون عن الكذب وإطلاق الصفات على عواهنها في حق من يختلفون معه؟!وبينما أنا أتأمل إذا بابني يردد ما حفظه من مدرسته على والدته، مردداً حديث مسلم، مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لأصحابه:”أتدرون من المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع؟ فقال: إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطي هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه، أخذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار».استمتعت إلى الحديث، وطلبت من صغيري أن يُعيده عليّ، ثم دعوت الله أن يرزقنا حسن الخلق، وبخاصة والنبي صلى الله عليه وسلم لم يبعث إلا ليتمم مكارم الأخلاق! [c1]* صحيفة “الوطن” السعودية[/c]