صراع بين العقيدة والمهنة يسيطر على المحترفين العرب في أوروبا
لا مجال للتفريط في "صوم رمضان"كأحد الأركان الثابتة للدين الاسلامي هكذا تقول الشريعة الإسلامية ، ولا مجال لمناقشة الأمر خارج إطار الرخصة الشرعية التي أجازت الإفطار وفق ضوابط يعلمها كل مسلم مثل المرض والسفر، ولكن في المقابل هناك واجب مهني يجب على اللاعب العربي المسلم أن يقوم به تجاه ناديه الأوروبي الذي يلعب له، ولا مجال للتفريط في هذا الأمر أيضًا من وجهة نظر هذا النادي الأجنبي.حيث تدفع الأندية الكثير للاعب من أجل الاستفادة من خدماته، وتتوقع منه أن يكون في قمة جاهزيته البدنية والفنية خلال المباريات وهو ما يتعارض مع حالته أثناء الصيام كما يقول العلم وربما تتعرض حياته للخطر جراء المجهود البدني أثناء الصيام ... كما أن قضية الصوم لا تعني تلك الأندية الأجنبية من قريب أو بعيد خاصة إذا تعارضت مع مصلحة النادي، مع الاعتراف بأنهم غالبًا يحترمون من يتمسك بعقيدته ويحرص على أداء شعائره الدينية، دون النظر إلى هوية هذا الدين .المصري "ميدو" على سبيل المثال رغم أنه حسم موقفه بالتوقف عن الصيام خلال المباريات الرسمية فقط، على أن يصوم باقي الأيام ... يحصل على 40 ألف جنيه استرليني في الأسبوع، أي أنه يحصل على حوالى 80 ألف دولار في المباراة، فهل من حقه هو أو غيره من اللاعبين العرب (المسلمين) أن يتمسك بالصيام خلال شهر رمضان ويحرم ناديه من جهوده؟ القضية دون مبالغة تحمل صراعاً كبيراً بين العقيدة الدينية والواجب المهني للاعب، وفي كل عام يتفجر الصراع وتطرح الأسئلة ذاتها ويبقى الاختلاف قائماً لأن حسم مثل هذه القضايا يعد ضرباً من الخيال لتشابك أطرافها ما بين لاعب متمسك بعقيدته مهما كانت النتائج، مثل المصري "أحمد حسن" والثلاثي الجزائري "عنتر يحيى" و"دهام" و"الشاذلي" وبعض نجوم الكرة المغربية وغيرهم من اللاعبين، وآخرون يحاولون الوصول إلى حلول وسطية وهو الأمر الذي يفعله المصري "ميدو" كما فعله من قبل المغربي "بادو الزاكي"وغيره من اللاعبين الذين لا يجدون حرجاً من الافطار أثناء المباريات والصوم أثناء التدريبات. وهناك طائفة ثالثة من اللاعبين المسلمين لا تعنيهم القضية من قريب أو بعيد، حيث يمارسون حياتهم وفق نمط لا علاقة له بشعائر الدين ... وفي المقابل كما ذكرنا هناك أندية ترغب في أن يكون اللاعب في قمه جاهزيته البدنية بصرف النظر عن أي اعتبارات دينية ... وخلال هذا التقرير نحاول رصد القضية من كافة جوانبها .( البداية ... مع نجوم المغرب النيبت وبودربالة وبصير...) كانت البداية مع المعاناة المكبوتة لبعض محترفي كرة القدم العرب والمسلمين عامة والمغاربة خاصة، حيث واجهوا مشاكل كبيرة مع انديتهم الاوروبية خلال شهر رمضان، نتيجة اصرار بعضهم على الصيام، والقيام بشعائرهم الدينية الرمضانية رغم الضغوط المختلفة التي تعرضوا لها من قبل مدربي وادارات هذه الفرق. وعاش المحترفون المغاربة تجارب كثيرة في هذا المجال مع الاندية الاوروبية التي كانت تسعى جاهدة إلى منعهم عن الصيام سواء بالاقناع او اللجوء الى العقوبات بالخصم من رواتبهم ومكافآتهم، ووضعهم احيانا على لائحة الإنتقالات . فجر "نور الدين النيبت" قائد المنتخب المغربي واللاعب السابق لفريق توتنهام الانكليزي و"ديبورتيفو لاكورونا" الأسباني مشكلة في الملاعب الاوروبية حول الروابط الدينية بمجال الرياضة، بعد اصراره على صوم شهر رمضان مهما كلفه ذلك من عواقب حتى لو كان ذلك ضد رغبة مدربه، واكد النيبت اثناء وجوده في فريق ديبورتيفو لاكورونا الإسباني لمدة سبع سنوات انه لن يغير من قيمه الاسلامية التي تطبع شخصيته اينما حل، حيث قال ... "لا يوجد من يستطيع منعي من الصوم، مهما كلفني ذلك لأنني تعودت تطبيق فرائض الدين الاسلامي، ثم ان كل عمل ابن آدم له الا الصوم فهو لله وحده وهو يجزي به"كما سبق أن قال "عزيز بودربالة" الذي احترف في كل من سويسرا وفرنسا، انه كان يصر على الصوم رغم معارضة الأندية التي لعب لها، مضيفا انه يعيش اجواء دينية وروحية في شهر رمضان حيث يحرص على اداء صلاة التراويح رغم الصعاب التي كان يجدها في بحثه عن مساجد تضم عددا كبيرا من المسلمين، خاصة خلال تنقلات الفرق التي لعب لها بين المدن المختلفة .كما افاد انه تمكن من اقناع مسؤولي هذه الادارات باصراره على موقفه، وقال ان الله كان له عون حيث لم يظهر دون مستواه المعهود في اي مباراة خلال شهر رمضان، بل كان يحس بقوة خفية تحفزه على بذل الجهود، ولم يشعر قط بالارهاق او التعب ، الأمر نفسه اكده صلاح الدين بصير، المحترف الاسبق في ديبورتيفو لاكورنا الذي عانى الكثير من قبل مدرب وادارة فريقه، خاصة انه كان يمر بمراحل حرجة في هذه الفترة بفعل أزمات صحية مختلفة، ورغم ذلك كان يصر على الصوم.[c1]( ونجوم الجزائر في الجيل الحالي يواجهون المشكلة مجدداً ...)[/c]حيث رصدت صحيفة "الشروق اليومي" الجزائرية حالة أكثر من لاعب محترف جزائري خاصة بالدوري الألماني، وكيف يتعايشون مع شهر رمضان الكريم وفق التقاليد الإسلامية وعلى وقع الأجواء الجزائرية رغم صعوبة التوفيق بين التدريبات الشاقة والحياة في ألمانيا. ويعتبر العمري الشاذلي من بين المحترفين الجزائريين المميزين فهو محافظ كثيرا على أداء الفرائض الدينية منذ أن كان في ماتز الفرنسي، ويقول شاذلي في إحدى تصريحاته السابقة للشروق ... "أؤدي الفرائض الدينية بشكل عادي، أنا من عائلة ملتزمة ومحافظة على التقاليد الجزائرية ، وعن شهر رمضان يقول شاذلي .. "حينما كنت العب في فريق ساربروغ في الدرجة الثانية صعب علي التأقلم مع الأجواء الألمانية، لكن أصدقكم القول إني أفضل ألمانيا على فرنسا لوجود هامش حرية اكبر في ممارسة الشعائر الدينية"أما "عنتر يحي" فإنه يقضي هذا العام رمضانه الأول في ألمانيا خاصة وان قدومه إلى "بوخوم" الموسم الماضي جاء متأخرا. وقال عنتر يحي في تصريحات سابقة ..." من المستحيل أن أتخلى عن الجذور، أنا متمسك بتعاليم الدين الإسلامي وأصوم بشكل عادي". اما "نور الدين دهام" فقد صرح قائلاً ... "سعدت كثيرا بدعوة المنتخب الوطني في شهر رمضان لأنها تسمح لي بان أعيش بعض الأجواء الروحانية لرمضان التي افتقدتها العام الماضي". وربما بركة شهر رمضان أتت أكلها حيث تمكن اللاعب من تسجيل هدفين في أول مباراة يجريها مع فريقه الجديد توس غوبلنز في الدرجة الثانية من الدوري الألماني.(المغربي "بادو الزاكي" والمصري "ميدو" والمدرسة الوسطية ... )صحيفة "الغارديان" البريطانية أشارت في تقرير لها منذ أيام إلى أن اللاعب المصري "أحمد حسام" – ميدو- لاعب فريق "ميدلسبره" الإنكليزي كان يجلس أمام وجبة الغذاء التي سبقت مباراة فريقه الأسبوع الماضي أمام فريق "سندرلاند" وقد اجتاحته مشاعر متباينة، حيث إنه لاعب "مسلم" ويحرص على صيام شهر رمضان وهو الشهر المقدس لدى كل مسلم، كما أنه كلاعب محترف يحرص على المشاركة مع فريقه وهو في حالة بدنية جيدة، لذلك فقد قرر اللاعب أن يتوقف عن الصوم خلال المباريات على أن يعود لممارسة هذه الفريضة في باقي الأيام وأثناء التدريبات. وأكد "ميدو" في تصريحاته للغارديان أنه يستطيع الصوم حتى أثناء المباريات مؤكداً أن الصوم ليس مشكلة كبيرة لأن الجسد يعتاد عليه بعد مرور الأيام الأولى من شهر رمضان، ولكنه حرصاً منه على عدم التصادم أو الوقوع في مشاكل مع مدربه يخوض المباريات دون أن يكون صائما، ثم يعود لممارسة الفريضة في باقي الأيام، وأثناء التدريبات، مؤكداً حرصه على صيام الشهر .وكان للمدرب المغربي "بادو الزاكي" الذي احترف في نادي مايوركا الاسباني ستة اعوام طريقته في التعامل مع الشهر الكريم، وهي الطريقة التي تتشابه مع المصري "ميدو" ، فقد اكد في تصريحات سابقة لـ«الشرق الاوسط" انه كان يفطر ايام المباريات التي خاضها مع فريقه الاسباني في شهر رمضان، وقال الدين يسر وليس عسرا، وانه كان يفطر بفعل الإرهاق والتعب الشديدين الناتجين من الجهد الذي كان يبذله باعتبار ان كرة القدم مصدر رزقه اليومي، مؤكدا في الوقت ذاته انه كان يفدي عن ذلك ويعوض الأيام التي افطرها طوال العام .( أحمد حسن ... وضجة في عام لتمسكه بالصيام )في كل عام يفجر المحترف المصري "أحمد حسن" لاعب فريق "أندرلخت" البلجيكي قضية الصوم أثناء شهر رمضان أكثر من غيره من اللاعبين العرب، وذلك لإصراره على أحمد حسن لصوم مهما كانت العواقب، وخلال رحلته الاحترافية في "تركيا" التي امتدت عدة سنوات لم تكن هناك مشكلة كبيرة ولكن منذ انتقاله للدوري البلجيكي تفجرت القضية بشكل كبير، ووصلت العقوبات التي وقعها ناديه عليه إلى درجة حرمانه من المشاركة في بعض المباريات خلال العام الماضي رغم أن اللاعب كان قد أعلن جاهزيته لخوض تلك المباريات، وكان من أبرز تلك المباريات بطولة دوري أبطال أوروبا وتصاعد الخلاف بين اللاعب وناديه إلى درجة تهديده بالرحيل، ولكن الجديد خلال الموسم الحالي أن مدرب فريق "أندرلخت" منح النجم المصري فرصة المشاركة أثناء الصيام وكانت النتيجة مذهلة من حيث ظهور "أحمد حسن" بشكل رائع أجبر الجميع على احترام قراره بالمشاركة وهو صائم .حيث فرض نفسه نجما للقاء فريقه امام فريق "زولتي فاريغيم" والذي انتهي بالتعادل الايجابي 2-2 في المرحلة السادسة لبطولة الدوري البلجيكي، بعدما صال وجال وسجل هدفين بالاضافة إلى هدف ثالث ألغاه حكم اللقاء بدعوى التسلل، وسجل هدفا في كل شوط حيث تقدم لاندرلخت من تسديدة رائعة في الدقيقة 44 من احداث الشوط الأول قبل ان يعزز من تقدم فريقه بهدف ثان من ركلة جزاء .وقد عبر اللاعب المصري عن بالغ سعادته بمردوده الفني في هذه المباراة وقال ... "اشكر الله على توفيقه الكبير لي ، خاصة وان انطلاقة اللقاء تزامنت مع آذان المغرب في بلجيكا حيث بدأت المباراة في الثامنة مساء فيما كان موعد الافطار في الثامنة و3 دقائق تقريبا، كنت قلقا بشدة قبل المباراة لرغبتي في تقديم مستوى طيب كما تعودت الجماهير مني .. وبعد آذان المغرب افطرت في الملعب على 3 تمور وبعض الماء واكملت اللقاء ويبدو ان رمضان اتى ومعه الخير كله فقد وفقني الله توفيقا كبيرا بتألقي بالاضافة إلى تسجيلي هدفين وهو ما لم يحدث منذ فترة طويلة "واضاف نجم اندرلخت .. "استطعت اكمال المباراة حتي نهايتها بقوة وكان هذا امرا جيدا لي وتلقيت العديد من الاشادات من الصحافيين بعد نهاية المؤتمر الصحافي الخاص بالمباراة حيث كانت تعليقات اغلبهم تشير الى ان أنني رغم متاعب الصيام تمكنت من العودة لمستواي الحقيقي بعد تراجعه بعض الشيء في اخر مبارياتي"