القارىء الكريم،وحديثنا يتواصل عن فريضة الحج، والبقاع المقدسة التي باركها الله، ورزق أهلها من الطيبات، والثمرات الوفيرة بفضل وبركة سيدنا إبراهيم (عليه السلام)ودعائه لها، حتى جعلت بعد القفر مأوى لكل عابد طائع مخبت أواب، فبعد أن فرج الله هم السيدة أم إسماعيل بعد نفاد الزاد والماء عليهما، وإبنها، وسعيها بين الصفا والمروة ضارعة داعية الله ليرفع عنها محنتها، ويزيل همها وكربها، فبعد أن سعت سبع أشواط، ودعت بارئها، فأستجاب الله دعاءها قائلاً:"قد أسمعت إن كان عندك غواث"، فإذا هي بالملك عند موضع زمزم فبحث بعقبه، أوقال بجناحه حتى ظهر الماء، فجعلت تحوضه، وتقول بيدها هكذا..قال ابن عباس:قال النبي(صلى الله عليه وسلم):"يرحم الله أم إسماعيل لو تركت زمزم، أوقال: لم تغرف من الماء لكانت زمزم عينا معينا"..قال: فشربت، وارضعت ولدها. فقال الملك:لاتخافا في الضيعة، فإن ههنا بيتا لله يبنيه هذا الغلام وأبوه، وإن الله لايضيع اهله.فكان البيت مرتفعاً من الارض، كالشرفة تأتيه السيول فتأخذ عن يمينه وشماله، فكانت كذلك حتى مرت بهم رفقة من جرهم، أوأهل بيت من جرهم مقبلين من طريق كداء، فنزلوا في أسفل مكة، فرأوا طائرا عائقاً، فقالوا : إن هذا الطائر ليدور على ماء ليهدينا بهذا الوادي ومافيه ماء، فأرسلوا جريا، أوجريين، فإذا هم بالماء، فرجعوا فأخبروهم بالماء، فأقبلوا. قال وأم إسماعيل عند الماء، فقالوا أتأذنين لنا أن ننزل عندك؟قالت:نعم، ولكن لاحق لكم في الماء عندنا: قالوا:نعم . قال ابن عباس: قال النبي(صلى الله عليه وسلم)فألفي ذلك أم إسماعيل، وهي تحب الأنس، فنزلوا، وأرسلوا إلى أهليهم، فنزلوا معهم، حتى إذا كان بها أهل أبيات منهم، وشب الغلام، وتعلم العربية منهم، وأفهم، وأعجبهم حتى شب، فلما أدرك زوجوه إمراة منهم.. وماتت أمه، فجاء إبراهيم(عليه السلام)بعد ماتزوج إسماعيل يطالع تركته، فلم يجد إسماعيل، فسأل إمراته عنه، فقالت: خرج يبتغي لنا، ثم سألها عن عيشهم، وهيئتهم، فقالت: نحن بشر، نحن في ضيق وشدة، فشكت إليه.قال: فإذا جاء زوجك، فاقرئي عليه السلام، وقولي له يغير عتبة بابه. فلما جاء إسماعيل كأنه أنس شيئاً، فقال: هل جاءكم من أحد؟ قالت: نعم جاءنا شيخ كذا وكذا، فسألنا عنك، فأخبرته، وسألني:كيف عيشكم فأخبرته أننا في جهد شدة.قال: فهل أوصاك بشيء ؟قالت: نعم، أمرني أن أقرأ عليك السلام ويقول: غير عتبة بابك. قال:ذاك أبي، وقد أمرني أن أفارقك، فالحقي بأهلك، وطلقها، وتزوج منهم بأخرى.فلبث إبراهيم عنهم ماشاء الله، ثم أتاهم بعد، فلم يجده، فدخل على إمراته، فسألها عنه، فقالت: خرج يبتغي لنا، قال: كيف وسألها عن عيشهم وهيئتهم، فقالت: نحن بخير وسعة، وأثنت على الله عز وجل. قال: ماطعامكم؟قالت: اللحم. قال: فماشربكم قالت: الماء. قال: اللهم، بارك له في اللحم والماء. قال النبي(صلى الله عليه وسلم): ولم يكن لهم يومئذ حب، ولوكان لهم لدعالهم فيه قال: فهما لايخلو عليهما أحد بغير مكة، إلا لم يوافقاه. قال: إذا جاء زوجك، فاقرئي عليه السلام، ومريه يثبت عتبة بابه. فلما جاء إسماعيل، قال: هل أتاكم من أحد؟ قالت:نعم، أتانا شيخ حسن الهيئة، وأثنت عليه، فسألني منك، فأخبرته.فسألني كيف عيشنا؟فأخبرته: أنا بخير. قال: فأوصاك بشيء قالت: نعم، هو يقرأ عليك السلام، ويأمرك أن تثبت عتبة بابك. قال: ذاك أبي، وأنت العتبة، أمرني أن أمسك، ثم غاب عنهم ماشاء الله ، ثم جاء وإسماعيل يبري نبلا له تحت دوحة قريبا من زمزم. قال: فأصنع ماأمرك ربك، قال: وتعينني؟ قال: وأعينك. قال: فإن الله أمرني أن ابني ههنا بيتا، وأشارإلى أكمة مرتفعة على ماحولها. قال: فعند ذلك رفع إبراهيم وإسماعيل(عليهما السلام) القواعد من البيت.يتبع (4)
|
مقالات
من الجمعة إلى الجمعة
أخبار متعلقة