سراييفو/14 أكتوبر/رويترز:عبر كثيرون من سكان سراييفو عن مشاعر متباينة من الدهشة والفرحة أمس الثلاثاء في أعقاب إلقاء القبض على رادوفان كارادزيتش الزعيم السابق لصرب البوسنة وأشادوا بهذه الخطوة باعتبارها فرصة للتعرف على حقائق الحرب التي دارت رحاها بين عامي 1992 و1995 . وقال كثيرون ممن أجريت معهم مقابلات اليوم أنهم يرون أن الزعيم السابق لصرب البوسنة تقع على كاهله الكثير من أحداث المعاناة والقتل خلال الحصار الذي استمر 43 شهرا للعاصمة البوسنية وانه مطلوب في اتهامات بالتخطيط وإصدار الأوامر بارتكاب أسوأ فظائع في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية بعد هربه لمدة 11 عاما. وتساءلت مينكا وهي من أرباب المعاشات وهي تهرول إلى السوق في هذا اليوم الممطر «هل هذا ممكن؟.» وقالت مينكا وهي مسلمة كانت قد حوصرت في حي جربافيتشا الذي كان يحتله الصرب خلال الحصار «لا يمكن أن اصدق هذا ببساطة.» ووجهت محكمة جرائم الحرب التابعة للأمم المتحدة الاتهام إلى كارادزيتش مع قائد جيشه الجنرال راتكو ملاديتش بالإبادة الجماعية في مذبحة سربرنيتشا التي قتل فيها حوالي ثمانية آلاف رجل مسلم بوسني تم اعتقالهم وقتلهم ودفنهم في مقابر جماعية في يوليو من عام 1995 كما أدين بشان حصار سراييفو الذي أفضى إلى مقتل 11 ألف شخص. وقال مسئولون صربيون انه اعتقل مساء الاثنين خلال انتقاله من حي في بلجراد إلى آخر. وتدفق مئات على شوارع سراييفو اثر سريان أنباء اعتقال كارادزيتش إلا أن كثيرين قالوا أنهم يستغربون عدم قدرة الغرب على اعتقاله كل هذه السنوات. وقال رجل اكتفى بذكر اسمه الأول وهو مولى الدين «كان بوسعهم أن يقبضوا عليه في أي وقت يريدون.» وقالت مونيا ماتروفيتش وعمرها 24 عاما «الاعتقال نفسه مهم لنا جميعا نحن الذين كابدنا الحرب والمعاناة أيا كان ما وراء الاعتقال.» واختفى كارادزيتش بعد أكثر من عام من التوصل إلى اتفاقات دايتون عام 1995 وقيام حلف شمال الأطلسي بنشر قوات حفظ سلام في أوائل عام 1996. وظل مكان اختباء كارادزيتش موضعا لتكهنات دولية منذ اختفائه في عام 1997 . وتردد انه كان يختبأ في الأديرة متخفيا يتنقل بين مخابئ بعيدة بمساعدة شبكة من الأشخاص الموالين له. وبعد اعتقاله مازال يوجد اثنان يشتبه في قيامهما بارتكاب جرائم حرب تطالب محكمة لاهاي بإلقاء القبض عليهما. لكن اعتقال كارادزيتش كاف لتأمين قيام علاقات أوثق بين صربيا والاتحاد الأوروبي وربما الحصول على وضع دولة عضو في الاتحاد هذا العام. وسترى الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي التي تصر على ضرورة أن تسلم صربيا جميع المشتبه في ارتكابهم جرائم حرب في اعتقال كارادزيتش دليلا على أن زميله ملاديتش القائد العسكري أثناء الحرب والهارب حاليا يمكن إلقاء القبض عليه إذا توفرت لدى بلجراد الإرادة السياسية لمواجهة القوميين المتشددين. وترى عائلات آلاف من ضحايا مذبحة سربرنيتشا التي كان كاردزيتش وملاديتش هما العقل المدبر لها أن اعتقال كارادزيتش يمثل ضوءا في نهاية النفق. وقالت سباهيتا فيزيتش التي نجت من هذه المجزرة بعد أن فقدت 16 من أقاربها «أتعشم أن تعجل المحكمة بمقاضاته.. يستحق أن يودع في المعتقل مدى الحياة للفظائع التي اقترفها بمساعدة صربيا والجبل الأسود.» وأضافت «اعتقال هذا السفاح خير لكل من البوسنة وصربيا.. الآن هناك بصيص من الأمل أن يلحق نفس المصير براتكو ملاديتش.» إلى ذلك أفاد الادعاء الصربي بأن زعيم صرب البوسنة السابق رادوفان كراديتش الذي أعلنت السلطات الصربية نبأ اعتقاله الليلة قبل الماضية، كان ينتحل شخصية ممارس للطب البديل. كما أعلن أنه سينقل إلى محكمة الجزاء الدولية الخاصة بيوغسلافيا السابقة في لاهاي.وقال الادعاء في مؤتمر صحفي إن كراديتش كان يتنقل بحرية في المدينة ويتكسب من الطب البديل. وأطلع الصحفيين على صورة له يصعب التعرف فيها عليه وقد بدا نحيلا وأطال شعره الأبيض ولحيته وارتدى نظارة ليخفي وجهه. ورفض الادعاء الكشف عن مزيد من التفاصيل خوفا على جهود اعتقال اثنين آخرين مطلوبين لارتكاب جرائم حرب من بينهما قائد جيش كراديتش الجنرال راتكو ملاديتش المتهم أيضا بالإبادة الجماعية في مذبحة قتل فيها آلاف من مسلمي البوسنة في سربرنيتشا.وقال المدعي الصربي في جرائم الحرب فلاديمير فوكشيفيتش إن كراديتش سينقل إلى محكمة الجزاء الدولية الخاصة بيوغسلافيا السابقة في لاهاي بموجب الإجراءات التي ينص عليها القانون الصربي. وبمجرد إعلان الخبر اكتظت سراييفو بالسيارات وبحشود احتفلت باعتقال الرجل الذي حاصرت قواته المدينة 44 شهرا أثناء الحرب, وتعززت في المقابل الإجراءات الأمنية في بلغراد حول المحكمة التي تنظر الآن في قضية كراديتش وحول السفارة الأميركية.وقال الرئيس البوسني حارث سيلاديتش إن الاعتقال يحمل بعض العزاء لعائلات الضحايا، لكن «رغم موت ميلوسوفيتش واعتقال كراديتش, ما زال مشروع التطهير العرقي لهذين الرجلين للأسف مستمرا في البوسنة والهرسك».وأمام مبنى محكمة جرائم الحرب في صربيا تجمع نحو خمسين من أعضاء حركة «أوبراز» القومية احتجاجا على اعتقال كراديتش وتدخلت شرطة مكافحة الشغب لتفريقهم.واعتبر زعيم الراديكاليين القوميين الصرب ألكسندر فوشيتش الاعتقال مكافأة للاتحاد الأوروبي الذي أتى -حسب قوله- بالحكومة الجديدة إلى السلطة.