وأنا أشاهد الحرائق تشتعل في داخل خيمنا العربية، أسال نفسي، هل مجتمعاتنا العربية صالحة لتأسيس وجود إنساني؟ هل سيأتي يوم، ونرى العالم العربي ينهل من معين الإنسانية بدلا من الشرب من مستنقعات الطائفية؟هل سيأتي يوم ونلغي عنصريتنا، ونلقي بها في مزبلة التاريخ، كما فعلت بقية الشعوب والأمم أم سنبقى نشعر أن دمنا ازر، وأن دورتنا الدموية مصنوعة في مصانع الملائكة، وأننا الأمة التي يحبها الله، وبقية الشعوب والأمم كلها إلى خراب ودمار وموت وخسران دنيا وآخرة؟.لقد تم توزيع تركة الجنة بين السنة والشيعة، وتم تسجيلها في السجل العقاري المخصص لكل طائفة، ولن تجد بقية الشعوب أي موطئ قدم لهابيننا، هذا وكل طائفة تحتكر في داخلها بقية غرف الجنة، وتلغي عن المخالفين لها دخولهم لهذه الجنة. إنها جنة المذهب وليست جنة الله. اننانبحث عن جنة الإنسانية. إنهاجنة المليشيات، التي مازلت على مذابح الطوائف تشنق الدين والملائكة. تراهم يستعرضون بقضايا التاريخ وهو تاريخ في معظمه مزور حكوميا. هناك قضايا واضحة في التاريخ لا لبس فيها، وهناك اختلافات على توافه ليس لها أصول. إذا كنا لانعرف ملابسات اغتيال كندي فكيف لنا اليقين في معرفة ملابسات دقيقة.لقد اختار مثقفونا الانزواء في الصدفة خوفا من موج الجماهير ولوردات الطوائف من الاتهام بالزندقة والخروج من الدين. أصبح الدين كعلب السردين، يوزع في كل احتفال إيديولوجي، وماركة مسجلة وحقوق الطبع محفوظة منذ 1400 سنة في بيوتات محتكري الدين مابين الجبب المؤدلجة والنكتايات الاكثر تأدلجا.فالمثقف إما أن يستسلم إلى إغراءات اللعبة الثيوقراطية، وإلا سيجد نفسه مصلوبا على مشنقة هذا الحزب الاسلاموي أو ذاك فالإسلاميون الوسطيون لابواكي لهم.إما أن تقبل بتناول المخدرات التي توزع على الجمهور وتقبل بثقافة المورفين، وتنام على أسرة الحزب الموزعة على القرى والمدن، والتي توزع أيضا من على شاشات الإعلام وفي المعاهد والمدارس، وإلا ستتهم بالتآمر والتأورب. المشكلة أن لا أحد يمتلك قدرة نقد الخرافات، والأفكار المليشياوية التاريخانية.نحن في العالم العربي بحاجة إلى ختان العاطفة وليس إلى ختان المرأة. أضحكني شيخ في قناة إعلامية كان يقول: إن الإسلام أكرم المرأة بختانها. إن ختان المرأة ليس من الإسلام في شيء. إنها عملية متخلفة وعملية وحشية ضد الدين وضد الإنسانية وضد انوثية المرأة. ما هذا الهوس في التدخل في حياة الإنسان. لقد وصل أننا لن نتغير حتى نغير من هذا الواقع المرير. لقد أصبحنا كما قال مفكر غربي "العرب أكثر الشعوب تعاسة وكآبة".هناك إحصائيات مرعبة من انتشار ظاهرة الاكتئاب في عالمنا العربي. نعم للنظام العربي دور كبير، ولكن حتى الثقافة المقدمة على موائد اللقاءات والمنتديات، أغلبها كئيبة، وتعبث بالجرح، وتعمق المازوخية وتتلذذ باجترار الوجع وتعميق نظرية المؤامرة وعقدة البرانويا.لقد تحولت الكثير من أطروحات أفكار الإسلامويين المتشددين إلى شريعة وعقيدة راسخة كصخرة لايمكن زحزحتها، والى تابوات لايمكن كسرها. أصبحنا نشهد الكثير من التلفيقات التي لفقت على الإسلام والإسلام منها بريء.الإسلام يدعو للحب والتسامح والتعددية الدينية والى حب الوطن، اسلام الحب والجمال والإنسانية وليس إسلام التكشيرة وغريزة الصراخ أو إسلام القتل. دعونا نبني أوطانا على الحداثة والمدنية وحب الحياة وتمجيد الفن والإبداع، فالتاريخ لن يرحم امة تمجد الموت وتحتكر الجنة.نعم، إننا بحاجة إلى تحلية مياه العقل، فهو لايقل أهمية من تحلية مياه البحر.[c1]كاتب بحريني[/c]
المسلم بين ختان الوعي وختان المرأة
أخبار متعلقة