ظواهر دخيلة على مجتمعنا .. انتشار القات والشيشة بين المتعلمات
إستطلاع/ إبتهال الصالحيتعاطي القات والدخان في اليمن علناً، كان يقتصر على الرجال خلال سنين طويلة، إلا أن المرأة اليمنية كسرت هذه القاعدة في السنوات الأخيرة، وباتت مجالس الشيشة و القات النسوية أحد مظاهر الحياة الاجتماعية الدخيلة على مدينة عدن. وبعد أن بداء تعاطي القات عند النساء يقتصر على كبيرات السن ولفترة طويلة أصبحنا نرى اليوم ما هو جديد على موروث هذه المدينة العظيمه حيث نجد أن الشابات وخاصة المتعلمات والجامعيات منهن أكثر تعاطياً للقات من الأميات .وفي حين تصنف بعض النساء الإقبال على هذه الظاهرة بأنها موضة، وأمر عادي لا عيب فيه، ترى أخريات أنها وسيلة باتجاه المساواة. وعلى الرغم من رفض الشارع لهذه الظاهرة إلا أنها انتشرت بشكل مثير للقلق في الوقت الذي لابد للجميع من محاربة هذه العادات السيئة الدخيلة على مدينة عدن وخاصةً في ظل الظروف الاقتصادية المتردية للكثير من سكان هذه المدينة الجميلة بالذات .[c1]بداية الظهور [/c]أول ظهور لتعاطي القات والمداعة كان بين كبيرات السن من النساء ومعظمهن من غير المتعلمات وخاصة الوافدات من مدن وقرى مختلفة من غير مدينة عدن بعد ذلك ظهرت بين النساء المتزوجات ومن ثم بدأت الشابات في تناول القات في السنوات الأخيرة وانتشار هذه الظاهرة بين النساء والتي كانت تعتبر في الماضي عيبا وخاصة بين النساء غير المتزوجات.ومع مطلع التسعينيات بدأت تنتشر بشكل كبير بين النساء وبمعدل غير طبيعي بين المتعلمات و الجامعيات، حتى بدأت المرأة تعتقد أن هذه العادة حق من حقوقها.. ولا تجد حرجا في تناولها للقات ومعرفة الآخرين بأنها تتناوله لأنها تمارس حقا من حقوقها لان الرجل يمارسه وبالتالي تعتقد أنه شئ طبيعي.وما زاد الطين بله انتشار تدخين الشيشة بين النساء بشكل مثير للقلق وبشكل كبير وعلى الرغم من انتشار تعاطي القات والمداعة قديماً والتي حلت محلها الشيشة بشكل كاسح كانت نسبة تعاطيهما بين النساء في مدينة عدن نسبة قليلة جداً مقارنة بغيرها من المحافظات اليمنية الأخرى ولكن في السنوات الأخيرة انتشرت هذه الظاهرة بشكل مقلق حيث أصبح من المألوف أن تجد جلسات نسائية تجمع فيها نساء من شريحة الشباب وبالأخص المتعلمات والمثقفات يتناولن القات والشيشة بشكل منتظم ولا تتعجب أن تعلم أن من بينهن طبيبات ومهندسات وغيرهن من المتعلمات العاملات أو ربات البيوت .[c1]قتل الفراغ [/c]تحدتنا (ع- س) سافرت إلى مدينه صنعاء بسبب عمل زوجي وكنت كلما دعيت إلى حضور حفلة أو دعوه تتجمع فيها النساء اندهش لمشاهدتي لعدد النساء المخزنات والمشيشات وخاصة من الشابات والغير متزوجات وبالمثل دهشتهن بأنني لا أتناول القات أو الشيشة وكنت في كل تجمع لا اكف عن انتقادهن ولاتكففن عن الإلحاح عليا بان أجرب القات والشيشة وان لاعيب فيه وانه يعطي شعور رائع و..و... وكنت اشعر بأنني غريبة عنهم وكن يتظايقن من عدم مجاراتي لهن وشيء فشئ بدأت اتعاطي القات ومن ثم الشيشة واليوم بعد ست سنوات لي في صنعاء لا يمر يوم من دون قات وشيشة وقد اكتشفت أن معظم الوافدات من مدينة عدن يتناولن القات والشيشة ولكل واحدة سبب مختلف عن الأخرى واحدة تقول انه لقتل الفراغ فهي تكاد لا تخرج من بيتها بسبب عدم معرفتها بالكثيرات وواحدة تقول بسبب طبيعة الطقس البارد و..و..[c1]تقليد وتنفيس[/c]معظم المدخنات اللواتي التقينا بهن أجمعن على أن الشيشة تمثل بالنسبة لهن نوعاً من التسلية وتجلب إليهن المتعة، حيث يعتبرنها وسيلة للتنفيس عن همومهن ومتاعبهن في مجتمع مليء بالضغوطات النفسية والاجتماعية وبعضهن من اعترفت أنها لا تستطيع الإقلاع عنها و بعضهن اكتسبن هذه العادة بالتقليد، حيث أصبحت هذه العادة عند البعض موضة مرتبطة بالبرستيج والأناقة،والغالبية العظمى منهن صرحن أن أزواجهن هم وراء تعاطيهن القات أولا ثم أتت الشيشة في وقت لاحق كتقليعة جديدة وشيء فشئ اعتدن عليها... كما إن الوافدات العربيات المتزوجات باليمنيين وغير المتزوجات يتناولن القات لكي يفهمن مجتمعا جديدا ويندمجن مع المجتمع ، وبالتالي لا يشعرن بالاغتراب و يجذبن الأخريات إلى هذه العادة لأنهن يشعرن فيها بالمتعة والراحة. [c1]الشيشة والطقوس المصاحبة[/c] تحدثنا أم حسام كل يوم خميس نجتمع انا وصديقاتي لتناول القات وتدخين الشيشة وتبدأ مراسيم (الجلسة ) فبعد تقديم واجب الضيافة من شاي وملحقاته تبدأ الطقوس المصاحبة لتناول القات والشيشة التي تعتبر عملية جذب للكثير من النساء فالمجلس والبخور والفل والغناء والمشروبات كالبيبسي والشعير والزنجبيل . وطريقة الجلسة يكون فيها نوع من التفريغ النفسي هذه كلها عوامل تجذب المرأة إلى تناول القات والشيشة....وعن سؤلها عن مدى قناعتها وتقبل المجتمع عن تناولها وغيرها من النساء للقات والشيشة تقول « نحن نتناول القات والشيشة ليس حباً فيهما ولكن لقتل الفراغ ولكي نجتمع باستمرار فلولا القات لما تجمعنا كما أن مجالسنا لا تضر المجتمع في شيء فنحن نجتمع لتبادل الحديث وتجارب الحياة و(الحشوش ) طبعاً كما إنني اعرف نساء من غير اليمنيات ومنهن طبيبات وجامعيات يتناولن القات والشيشة خفية وعلى الرغم من ذلك فإننا نتجنب الخوض في تبرير تناولنا للقات والشيشة مع المعارضات لهما ولو أنهن في كثير من الأوقات ينغصن علينا تجمعنا.... [c1]إذا ابتليتم فاستتروا[/c]مع هذا كله قد نتقبل إلى حدٌ ما موضوع تناول حواء للقات والشيشة في بيتها مع زوجها أو صديقتها .. ولكن أن يصل هذا المرض الى أن تتناوله علناً في الأماكن العامة والحدائق وعلى الشواطئ دون حياء أو استحياء هذا أمر غير مقبول جملة وتفصيلا يحدثنا احمد عبد الكريم (معلم شيشة ) يعمل في إحدى المنتجعات السياحية أن عدد النساء الذين يطلبن الشيشة يتزايد يوم بعد يوم ومع انه في بداية الأمر كان مقتصر على غير اليمنيات و نادراً من اليمنيات من غير محافظة عدن ولكن الآن أصبح معظم زبائني من اليمنيات بما فيهن من نساء مدينة عدن !!![c1]تأثيرات القات والشيشة على الصحة[/c]تحدثنا الدكتورة /سلوى العالم / أخصائية نساء وولادة عن الأثر التي ينتجه تعاطي القات والمواد الكيميائية التي يرش بها القات ويمتد ضررها على قابلية جسم الأم الحامل من غيرها وهناك عامل التدخين الذي يضر بصحة الأم والجنين بشكل أو بأخر والمثبت علمياً أنه سبب رئيسي في صغر حجم ووزن المولود ... كما أن هناك المضاعفات الأخرى الناتجة عن تعاطي الأمهات الحوامل للقات ومنها تسببه في منع إفراز الحليب وانخفاضه لدى الأمهات مما يؤدي إلى سوء التغذية للطفل . وهو ما أكدته أيضاً دراسة أخرى تمت في أثيوبيا وأيدت ما يحدثه القات من نقص في وزن المواليد بالإضافة إلى تأثيره المستمر على تغذية الجنين بعد الولادة عن طريق الرضاعة الطبيعية التي تسببت في ظهور مادة « أكسيد الوافيدرين « في بول المواليد».وإلى جانب القات يؤدي التدخين والتدخين السلبي الذي يصاحب القات عادة إلى تغيير مذاق الحليب [c1]ابتسامة صفراء [/c]تحدثنا طبيبة الأسنان /مرام علي زين/ تتراوح نسبة أمراض اللثة بين (4% -8 % ) من سكان العالم 90% منهم مدخنين حيث تعكس هذه النسبة العلاقة بين التدخين وإمراض اللثة والأسنان حيث احتمالية الإصابة بالتهاب اللثة عند المدخنين تتضاعف 5 مرات من غير المدخنين. كما أن تعرض اللثة لمادة النيكوتين يقلل من جريان الدم المفيد في الأوعية الدموية وبالتالي يقلل من قدرة جهاز المناعة على محاربة الميكروبات فتتمكن الميكروبات من تدمير اللثة كما أن الحرارة الناتجة عن الدخان المحتوي أصلا على النيكوتين والمواد الأخرى الضارة بالغشاء المخاطي المبطن للفم فيبدءا بتكوين طبقة دفاعية تحميه من الحرارة والذي يعتبر أول مراحل تكون السرطانات المختلفة. كما إن دخان الشيشة يسبب تصبغ الأسنان والذي يكسبها لون مصفر أو مسود كذلك تساقط الأسنان مبكراً وخاصة لمرضى السكر ناهيك عن رائحة الفم الكريهة.وأثبتت الأبحاث أن تأثير الشيشة من جهة أول أكسيد الكربون وهو غاز سام يتحد بالهيموجلوبين في الدم ، ويسبب ارتفاع الكولسترول ولزوجة الدم وبالتالي زيادة الجلطات ،كما تبين أن تأثير الشيشة يبلغ ضعف تأثير السجائر . [c1]نهاية حتمية [/c]أما الدكتورة /سلامة عبد الحسن / أخصائية أمراض صدرية فتقول شاع بين الناس أن أخطار الشيشة اقل بكثير من أخطار السجائر وهذا الاعتقاد خاطئ , حيث أن جلسة تدخين الشيشة الواحدة والذي تستغرق بين الساعتين والثلاث ساعات يعادل تدخين 25 سيجارة تقريباً .كما إن أخطار المعسل اكتر بكثير من أخطار التبغ في السجائر وذلك لان السجائر تحتوي على النيكوتين والذي يلف عن طريق آلات وبأوزان محددة آما المعسل فيصنع يدوياً واحتمالات خلطة بمواد مخدرة أو ملوثة كذلك (مواد منكهة,مواد معطرة وألوان ) .ويساعد تعاطي الشيشة على انتشار الأمراض الصدرية المتعددة وبالأخص الأمراض المعدية منها ومنها على سبيل المثال (السل) وخاصة عند تناوب مجموعة من المدخنين على نفس الشيشة واحدهم مصاب .كذلك تصيب العدوى أيضا غير المدخنين ممن يخالطون المدخنين نتيجة لانتشار وتلوث الأجواء بالدخان والغازات السامة كأول أكسيد الكربون , كما إن الكثير من الأطفال الذين يعانون من الأمراض الصدرية المختلفة هم بالأساس ينتمون لأسر مدخنة , كما إن مواليد الأمهات المدخنات معرضون للإصابة بأمراض تنفسية مستقبلاً أو إلى حدوث الموت السريري المفاجئ بعد الولادة .[c1]ضحايا بالجملة [/c]يقتل التدخين أربعة ملايين شخص كل عام . والعدد في ازدياد بسبب الزيادة السكانية وخاصة في العالم الثالث . وتقدر منظمة الصحة العالمية أن يصل العدد إلى 10 ملايين شخص يتوفون سنويا بحلول عام 2020 م . وبالمقارنة ، فإن القنبلتين الذريتين اللتين ألقيتا على هيروشيما وناجازاكي في نهاية الحرب العالمية الثانية قتلت مباشرة 140 ألفا ثم مات بعد ذلك عدد آخر بسبب الأشعة القاتلة ، ويقدر العدد الإجمالي لضحايا القنبلتين الذريتين بربع مليون شخص. فكيف يمكن أن نقارن ضحايا التدخين ( أربعة ملايين شخص يتوفون سنويا ) بضحايا القنابل الذرية ( ربع مليون شخص ) أخيراً نتمنى في النهاية من المرأة والرجل معاً الإقلاع عن هذه العادة لكسب الصحة والجمال، ونقول للمرأة التي تعتقد أن القات أو الشيشة يضيفان إلى قيمتها قيمة إضافية أن تبعد عن هذا الاعتقاد الساذج وتفكر بطرق أخرى أكثر أهمية تعلي من قيمتها ومكانتها ومركزها.