في مبادرة فخامة الأخ رئيس الجمهورية
أ.د. خالد عمرعبد الله باجنيد عميد كلية الحقوق _جامعة عدن[c1]أولاً : أهداف مكونات المبادرة[/c]- إقامة نظام رئاسي ذي بنيان مؤسسي يؤمن إعادة صياغة بنيان الدولة باتجاه تعزيز الفصل بين السلطات على أساس التعاون والتوازن وتفعيل الديمقراطية على صعيد مؤسسات الدولة .- تأمين التوازن داخل البنيان المؤسسي للدولة سواء على صعيد العلاقة بين مؤسسات الدولة المركزية أم على صعيد العلاقة بين الأجهزة المركزية والمحلية للدولة .- توزيع الاختصاص بين أجهزة الدولة بصورة عقلانية بما يعزز من تفعيل الأداء وتوزيع المسؤولية وإنهاء عنصر الاحتكار في وظائف الدولة وإنهاء ظاهرة المركزية الإدارية .- إنهاء عنصر المركزية الإدارية التي تختزل الدولة في المركز الإداري ؛ وتعزيز فكرة الدولة المركزية الهادفة إلى مد سلطان الدولة والقانون إلى كل أرجاء البلاد ، ونقل فكرة الدولة من المركز إلى كل نقطة في ارجاء الدولة .- إعادة صياغة فكرة ربط المواطن بالمجتمع الوطني وذلك بإيصال الدولة إليه في موطن إقامته ليرى الدولة في كل جهاز ومؤسسة في منطقة إقامته تقدم له الخدمات المؤسسية ؛ بدلاً من أن يذهب هو إلى الدولة في مركز الدولة كزائر يشعر بالغربة في وعيه وفي ارتباطه بالدولة .[c1]ثانياً : أبعاد مبادرة الرئيس :[/c]هناك دون شك أبعاد لهذه المبادرة تتجسد في :[c1]-1 البعد السياسي :[/c]الذي يسعى إلى خلق أجواء سياسية فعالة ومؤثرة لتهيئة الإمكانات السياسية لعملية البناء السياسي لنظام مؤسسي تشكل أداة توافق لكل أطراف العقد السياسي في المجتمع ؛ وفي الاتجاه نحو تعزيز عناصر البناء السلمي لمؤسسات الحكم في الدولة ؛ وفتح الآفاق لخلق أجواء سياسية ملائمة لتفعيل عنصر المبادرة السياسية من قبل كافة أطراف العمل السياسي وتعزيز فكرة العقد السياسي الذي على أساسه يتم إدارة الخلافات وبناء التحالفات وتحديد مسار الحقوق والواجبات وكذلك على نطاق الحريات وممارسة العمل السياسي .[c1]-2 البعد القانوني : [/c]الذي يهدف إلى صياغة علاقة مؤسسية على صعيد الحكم على أساس من الفصل بين وظائف سلطات الدولة ؛ فصل يعزز من عنصر التميز والتعاون بصورة تخلق بناء متوازياً لمؤسسات الحكم يؤمن الفعالية في الأداء ؛ كما تهدف المبادرة إلى تأمين التوازن بين مؤسسات الدولة على نطاق الأفقي أي بين المؤسسة الرئاسية والمؤسسة البرلمانية من جانب ؛ وفي الجانب الآخر التوازن على النطاق الرأسي أي بين الأجهزة المركزية والأجهزة المحلية .[c1]-3 البعد السياسي الذي يؤمن :[/c]- وضع الأساس لبناء نظام مؤسسي على مستوى الفكرة والعلاقات على مستوى الحكم من جانب ؛ وعلى مستوى العلاقة بين مؤسسات الدولة والمجتمع المدني .- إعادة صياغة البناء المؤسسي للدولة وذلك عبر توطيد وتوسيع قاعدة بنيان الدولة والحكم ؛ وذلك من خلال الانتقال إلى الشكل الرئاسي وفكرة الحكم المحلي.- تهيئة الظروف الملائمة لبسط سلطان الدولة المركزية مؤسسياً وقانونياً وامنياً ومعيشياً ؛ وذلك من خلال حسم التناقض والصراع بين التقليدية والحداثة سلمياً والانتقال السلمي إلى مؤسسات الحكم المؤسسي للدولة .[c1]ثالثاً: أبعاد الشكل الرئاسي في البنيان المؤسسي للدولة في مبادرة فخامة الأخ رئيس الجمهورية [/c]بقراءة متأنية للمبادرة في صورتها الشاملة وفي جوهرها؛ نجد أنفسنا أمام تصور لإعادة صياغة البنيان المؤسسي للدولة ؛ ينطلق من فكرة التعدد والمشاركة وتعزيز مكانة مؤسسات السلطة الأخرى ، بما يجعل هذه السلطات توطد بنيانها والعلاقات بينها على الصعيد الأفقي أي بين المؤسسة الرئاسية المؤسسة البرلمانية، وكذلك على الصعيد الرأسي بين الأجهزة المركزية والأجهزة المحلية .فعلى الصعيد الأفقي تسعى المبادرة إلى إبراز فكرة العلاقات المؤسسية بين المؤسسة الرئاسية والمؤسسة البرلمانية على أساس المعادلة بين الفصل بين السلطات والتوازن بينهما . ففي الوقت الذي يتم الانتقال بالنظام الرئاسي إلى فكرة المؤسسة الرئاسية ؛ وتعزز من بنيانها كسلطة مؤسسية تؤمن الوحدة في المسار وحرية الحركة ؛ فإنه بالمقابل تسعى المبادرة إلى تعزيز مكانة البرلمان كمؤسسة تشريعية ليزداد تأثيرها على الصعيد المؤسسي للسلطة وكذلك على الصعيد الشعبي.إن هذه الرؤية تنطلق من أن الدولة ليست نسقاً واحداً تتوحد فيه الحاجات والميول والنوازع والرغبات ؛ فالمجتمع يتميز دوما بالتنوع ومن ثم فهو بحاجة إلى التعدد في كل شيء ؛ لأن هناك دوما مصالح تتعدد . والدولة بقدر ما تحقق فعاليتها من خلال ضمانها لهذا التعدد والتمايز ؛ فإن فعاليتها تزداد تأثيراً من خلال قدرتها على إدارة هذا التعدد والتمايز في إطار من التوازن السلمي بين المصالح والتكامل في تحقيق الأهداف .وفي الجانب الآخر إن بناء المجتمع بصورة سليمة وسلمية وعادلة ومتوازنة لا يمكن أن يتم فقط بجهود المؤسسات الرسمية أو طرف من هذه المؤسسات ؛ دون الأخذ بعين الاعتبار بالقدرات الجبارة للجهود الاجتماعية ؛ ومهما كانت قدرات كل طرف، فهناك استحالة لان يقوم بكل ويحقق الأهداف وهنا لابد من أن تتكامل المكونات المؤسسية لسلطة الدولة من جانب ومع جهود منظمات المجتمع المدني في إطار من الوحدة والتباين والتمايز الذي يراعي الخصوصيات والاعتراف بتباين مصالح التكوينات الاجتماعية وإدارة هذا التباين على أساس التمسك بالبنيان السلمي للمجتمع .إن هذه المبادرة بوضعها ملامح البنيان المؤسسي الجديد من المؤسسة الرئاسية مفتاح البنيان المؤسسي بما يجعل الفصل بينهما أساس المسؤولية والتعاون والتوازن أساس التكامل في تسيير شؤون الدولة والمجتمع .فشكل النظام الرئاسي في هذا البنيان سيتأسس على فكرة مؤسسية ؛ تقوم على التكامل مع المؤسسة البرلمانية في قيادة وإدارة الدولة ؛ ففي الوقت الذي تهدف المبادرة إلى تعزيز مكانة رئاسة الدولة في بنيان الحكم ؛ فإنها تهدف بنفس المستوى إلى توطيد مكانة المؤسسة البرلمانية ؛ بوصفها الدعامة الأخرى في بنيان الحكم ؛ وأساس التوازن الذي تقتضيه الديمقراطية في قيام هذا البنيان . وفي هذا الاتجاه تؤسس العلاقة على أساس الفصل بين السلطات ؛ بحيث يجعل المؤسسة الرئاسية والمؤسسة البرلمانية تعمل في إطار فصل حقيقي يقوم على التميز والتوازن والتعاون؛ بحيث تعمل كل سلطة في إلاطار المرسوم لها دستورياً . وهكذا تصبح السلطة التنفيذية في شموليتها من اختصاص المؤسسة الرئاسية ؛ والسلطة التشريعية من اختصاص المؤسسة البرلمانية .وفي الاتجاه يمكن أن تتشكل ملامح وتكون ودور المؤسسة الرئاسية في الاتجاه الآتي:-1 إنهاء فكرة ثنائية السلطة التنفيذية؛ بحيث تكون الحكومة جزءاً مندمجاً في المؤسسة الرئاسية التي تمسك بكل مفاصل السلطة التنفيذية ؛ ومن ثم تعمل الحكومة تحت الإشراف المباشر للرئاسة وتكون مسؤولة بصورة متكاملة أمامه. وهكذا تنتهي ازدواجية المسؤولية للحكومة ؛ وعدم جواز عضوية الوزارة في البرلمان . وفي هذا الاتجاه تصبح الحكومة هيئة متكاملة ككيان قانوني وسياسي من صنع المؤسسة الرئاسية ؛ بحيث يصبح وجودها قانوني مستمدة من دور المؤسسة الرئاسية التي تعد الكيان المؤسسي الفعلي للسلطة التنفيذية .-2 عدم جواز حل البرلمان بإدارة رئاسية أو عزل رئيس الدولة بإدارة برلمانية.ج- أن يكون للمؤسسة الرئاسية مهام ذات طابع تشريعي منها :- قرارات بقوانين التي تصدر في أوقات معينة يحددها الدستور ويحدد ضوابطها وتعرض على البرلمان ليحدد مصيرها .- لوائح تشريعية يصدرها رئيس الدولة في الأوقات الاعتيادية يحدد الدستور مجالها وطبيعتها وتعرض على البرلمان لإقرارها كقوانين ؛ وفي حالة عدم إقرارها تسبح لوائح إدارية .- لوائح تشريعية يحدد الدستور طبيعتها ومجالها ولا تعرض على البرلمان .د- حق المبادرة التشريعية ؛ ويحدد الدستور طريقة استعمالها وذلك إما بالطريق المباشر بتقديم مقترح بمشروع قانون إلى البرلمان ؛ أو بالطريقة غير المباشرة عبر رسالة تحدد الغرض من الجانب التشريعي او عبر علاقة الوزارة برؤساء اللجان البرلمانية ... إلخ.هـ- حق المؤسسة الرئاسية في استخدام الاعتراض على مشروع قانون يقره البرلمان ؛ وهنا سيتطلب دون شك ضوابط إجرائية تتعلق بإعادة النظر في مشروع القانون والنسبة المطلوبة للموافقة الثانية أو سقوط القانون .وبالانتقال إلى الرؤية المؤسسية للنظام الرئاسي ؛ فإن ذلك قد يحقق مزايا متعددة أهمها تعزيز أسس الفصل بين السلطات في إطار من التمايز والتوازن والتعاون بما يؤمن إدارة الخلافات في إطار البنيان المؤسسي الهادف إلى التنوع وحدة المسار ؛ وفي الاتجاه نحو تعزيز استقرار السلطة وتأمين سرعة الحركة في إدارة الدولة وتحقيق الأهداف . كما أن هذا البناء المؤسسي الجديد والفصل بينهما ، يجعل المسؤولية واضحة أمام الشعب بوصفه الحكم . فالشعب سيتمكن من أن يحدد من أين يأتي الإخفاق . فكل سلطة محدد دورها وواجباتها ومسؤوليتها ؛ وعل هذا الأساس سيحدد الشعب مسؤولية التقصير . وهذه ميزة لا يستطيع أي طرف معها إلغاء تبعات الإخفاق على الطرف الآخر . حقاً تبرز صعوبات في جسامة المهام التي ستلقى على عاتق المؤسسة الرئاسية ؛ وهنا يصبح البناء المؤسسي لرئاسة الدولة ضرورة لتحقيق الأهداف على أساس من التخصص وتوزيع الأدوار في إطار من التناغم ؛ بحيث يصبح مركز المؤسسة الرئاسية أداة للتناغم والتوجيه المؤثر ؛ بما يجعل مكونات المؤسسة في وضع قادر على استقبال مؤثرات التوجيه والعمل بمسؤولية .ومن حيث المكانة المؤسسية للبرلمان فإنه سيتشكل في ثنائية مؤسسية "مجلس النواب وجلس الشورى " بحيث يصبح على الصعيد الشعبي الوعاء القادر على تحقيق التوازن الاجتماعي واستيعاب مجتمع السلام الاجتماعي ؛ وعلى الصعيد الرسمي فإن هذه الثنائية تجعل البرلمان مؤسسة فعالة في صياغة فكرة ممارسة الحكم وفق رؤية التوازن وتأمين مؤثرات بناء تجربة ديمقراطية في الوقع اليمني بخصوصياته ومتطلبات تطوره . ولن ندخل في تفاصيل هذا الموضوع لتتاح الفرصة لمن يتناول بالدراسة هذا المحور .