لم يعد مجديا أنْ يبقى الحزب الاشتراكي خارج دائرة الضغط الحقيقية، وأن لا يقوم بدوره كشريكٍ رئيس في الفعل، مكتفيًا باللعبة المشتركة.بقاء اشتراك “الاشتراكي” في تحالف المعارضة، كتكتيك لبقائه موجودًا، كان في وقتها ضروريا، بحسب ما أراده الاشتراكيون الذين صمموا هذا التحالف، للحفاظ على تواجدهم، أمام اندثار ما بعد الحرب، وهو تكتيك موفق، إن كان فقط للحفاظ على التواجد.ولكن هذا التحالف الذي أبقى الحزب في المعارضة، يجده البعض في المرحلة الثانية قد انتهى مفعوله، لتغير مساره الذي كان مرسومًا له، إن كان يهدف لإعادة بناء قوة الحزب. وإبقاء الاشتراكي في إطار “المشترك” حيًا، وفاءً لذكرى “جار الله عمر” مؤسس “اللقاء المشترك” الذي يظهر الآن كتركة ثقيلة.اتضح مؤخرا أن مخرجات المشترك من خلال تشاوره الوطني، لم تعد لصالح الحزب العتيق، الذي يفضل وسط الأزمة الحالية أنْ يمسك بيد الجماعة، وهي يد لن تنجيه على ما يبدو من أزمته الراهنة إلى جانب تفضيله الظهور كجزء مكمل لطرف المعارضة، وليس كلاعب رئيس ووحيد، إضافة إلى أن الفترة الطويلة له في المشترك، ربما قد زادت من إضعافه.ووسط ضجة الوحدة والانفصال، يتحدث شريك الوحدة باسم غير اسمه الشرعي “كشريك”، ويسمع صوته ضمن الجماعة. ومع بروز تحديات تواجه الوحدة ووجوده الآن في مواجهة تهمة الانفصال بسبب بعض رموزه، فإن حلولا كثيرة تبدو في يده، بينما يبدي هو عدم استعداده لاستخدامها.يطرح الاشتراكي حلولا للأزمة الراهنة باسم المشترك، وهذا لا يجعل الحوار مباشرًا معه، بل يسمح بفتح حوار بين المؤتمر والمعارضة. وعند الحديث عن كتلة المعارضة ترتب قوى الأحزاب أوضاعها فورًا، ويجد الاشتراكي نفسه أمام حوار بين مؤتمر وإصلاح، وهذا ما كان دائمًا يزعجه.الآن، يمكن الحديث عن تجربة وقوف الاشتراكي أمام المؤتمر لوحده، دون سند من أحزاب المعارضة - الإصلاح خصوصا - كتجرِبة جريئة. ويمكنه أن يتحلى بجرأتها إن أخذ في اعتباره أنّ بقاءه في دائرة الأحزاب الأخرى ومنها من هو أقوى منه، ويحمل برنامجا مناقضا لبرنامجه وتوجهاته، وفي ظل هذه الأزمة، سيضعفه أكثر، وسيجعل المتحالفين معه يستغلونه أكثر، ويجنون مكاسب أكثر باسمه.الاشتراكي والمؤتمر وحدهما شريكا الوحدة، عند هذه النقطة فإن كليهما قادران على إعادة الأمور للسياق المقبول، وإن كان تحالف المشترك بغرض أن يعاود الاشتراكي الوقوف أمام المؤتمر بعد هزيمته في الحرب، ويستعين بأكبر قدر ممكن من الأحزاب، لتعميق المفهوم الديمقراطي ويزيد حصة الأحزاب الصغيرة، ويضمن بقاء الاشتراكي، ويضعف اكتساح المؤتمر؛ فإن المؤتمر لم يضعف بل زاد نفوذه، واختل التوازن، ولم يستفد الاشتراكي كثيرا من كل هذه المدة في أطول تحالف له مع المعارضة.لقد كان اللقاء المشترك قويا في بدايته، وفكرته التي تشرك اليمين مع اليسار وهي حالة اقتربت كثيرا من التجارب الأيديولوجية الغربية، ولكنها لم تتطور؛ لأن كفة اليسار ظهرت الأضعف، وبدا اليمين في “اللقاء المشترك” هو المسير للأمور، ولم يولد يسار لليمن، أو يمين لليسار. وهذا ما راجع مستوى الحريات، ومؤشر الديمقراطية، وأهمل حرية الصحافة. فاختلال التوازن وحدوث هذا التشوه السياسي لم يهدد الديمقراطية فقط، بل كان هو السبب في تهديد الوحدة التي لا يمكن حمايتها إلا بعودة التوازن الذي قامت عليه.[c1]اشتراكيو الشمال[/c]لا يقول الفعل السياسي اليمني إن الوحدة عليها أن تعود بعودة من أسسوها، ولكن بعودة الحزب اليساري، كتيار وطني أسهم في صنعها سياسيا وثقافيا وجماهيريا منذ منتصف القرن الماضي. ألق الوحدة كان السبب فيه هو وجود هذا التنوع المختلف بين يسار ويمين ووسط، والمؤتمر كان أكثر إصرارا على بقاء الديمقراطية والتعددية الحزبية والإعلامية “الصحفية”؛ لأنها كانت الضمان الوحيد أمام عدم تمدد اليسار، وعدم تمدد تيار يمين أمامه ممثلاً في “الإصلاح”.المؤتمر ليس له أيديولوجيا تقف أمام أيديولوجيا اليسار، وكان هناك خوف من انتشار اليسار في الشمال، لذا يجب أن يوجد من هو بقوته ليقف أمام مده، لأن اليمين لم يحد من انتشار اليسار كحليف للمؤتمر في السلطة، بل أيضا كحليف فيما بعد للاشتراكي في المعارضة، حين جعل الحزب يتخلى عن يساريته، أو يتوب عنها.الاشتراكي بصفته شريكا ثانيا وشرعيا في الوحدة، وكممثل لفئة تشعر أنها أقصيت وظلمت، يستطيع الحوار مع اشتراكيي الجنوب واشتراكيي الخارج، ومع الجنوبيين والشماليين. فحواره مع المؤتمر، هو الحوار الذي من المنتظر أن يبدأ بين المعارضة والسلطة. وحوار الداخل هذا، هو من يملك القدرة على أن يخرس أي أصوات خارجية معادية للوحدة.وإن كان فهم المتحاورين، أن أزمة الوحدة بدأت عندما بدأ إقصاء الاشتراكي تدريجيا، فإن هذا يمكنه أن يعيد بناء حلول منطقية تبعد أكبر قدر ممكن من أشباح الأزمة.عودة الاشتراكي هي عودة للوحدة. وعودة لديمقراطيتها، وعودة لصحفنا، وحريتنا، وقبل هذا عودة لحركة التحديث الاجتماعي.ولكن هذا مرهون بقدرته على الوقوف وحيدًا أمام المؤتمر. وبقدرة الحزب على أن يكون الآن قويا بنفسه، وبشرعيته كشريك تاريخي في الوحدة، وكشريك حالي تفرضه الضرورة التاريخية للمشاركة كان شريكا في حمل راياتها وتحقيقها.[c1]* كاتبة وصحافية يمنية[/c]
|
فكر
هل حان الوقت لخروج “الاشتراكي” من “المشترك”؟
أخبار متعلقة