سؤال أغفله الجميع
القاهرة/14اكتوبر كالة الصحافة العربية: انتشرت (قسيمة) الزواج العرفي خلال الآونة الأخير، في المجتمع المصري بشكل يفتح باب التساؤل، عن طبيعة الظاهرة التي تشابكت أسبابها وتنوعت بين نقص الوازع الديني، وبين الأحوال الاقتصادية، بالإضافة إلى ضعف الثقافة الاجتماعية التي تمثل الحارس القيمي على تقاليده وأعرافه.وأصبحت موضة الزواج العرفي متأرجحة بين طبقة طلاب الجامعات الفقيرة منها والثرية أيضًا وبين الخلل في النسق المجتمعي القائم، خاصة بعد صدور دراسة حديثة أجراها المركز القومي للبحوث الاجتماعية بالقاهرة تؤكد ارتفاع معدل الزواج العرفي في المجتمع الطلابي بنسبة تزيد عن العام الماضي، حيث كانت سابقًا مائتي ألف حالة وأصبحت ثلاثمائة ألف حالة سنوياً.الصدمة الكبريبصعوبة بالغة وصلنا إلي عدد من اللواتي يعتبرن أنفسهن من ضحايا الزواج العرفي، وتقول مها ... 12 عامًا طالبة: لا أذكر كيف أقنعني بتلك الفكرة المجنونة حيث قال لي نحن طالبان ولا يمكنني تحمل تكاليف الزواج و أن أهله لن يسمحوا له بالزواج وهو على مقاعد الدراسة، لقد كان وسيمًا لبقًا وكنت أحبه ولم أكن أفكر في شيء ، إلا في الطريقة التي أستطيع أن أكون فيها معه، تم كل شيء بسرعة كتبنا ورقة قلت فيها زوجتك نفسي وأجاب وأنا قبلت هكذا تزوجنا بكل يسر وسهولة فلا مهر ولا شهود ولا مأذون·وأضافت كنا نلتقي في شقة صغيرة يملكها أحد أصدقائه وبعد مدة قصيرة بدأ يتهرب مني ، ثم كانت الصدمة الكبري عندما قابلته لآخر مرة وأخبرني أنه لم يعد يرغب بالاستمرار في علاقتنا، وقبل أن أفتح فمي بكلمة قال: إنك لن تستطيعي المغامرة بفضح نفسك، وأعطاني عنوانا لطبيب يقوم بترقيع البكارة وقال لا تحملي هما لقد اتفقت معه على كل شيء ودفع له مقدماً حتى لا تتهميني بأنني ندل أو جبان.[c1]الأستاذ الجامعي[/c]لم تكن قصة هذه الفتاة مع أحد زملاء الدراسة ، بل كانت مع الأستاذ تقول منال 20 سنة: أحببته لأنه كبير في السن كنت دائماً أقول لصديقاتي: إنني لن أتزوج إلا رجلا ناضجاً قادراً على تحمل المسئولية، بدأت أزوره في مكتبة حتي توطدت العلاقات بيننا قلت له بصراحة أنني لا أستطيع أن ارتكب معصية الزنا ، فأجابني بأنني لا أستطيع أن أغضب زوجتي، اقترح أن نتزوج عرفيا فوافقته إلي طلبه وما هي إلا أشهر حتى علم أهلي بالموضوع وانكشف أمري، وحاول والدي حل القضية وإقناع الأستاذ بالزواج ، لكنه رفض بحجة مركزه ومكانته الاجتماعية فكان قرار والدي بمنعي من الذهاب إلي الجامعة ، وما كان مني إلا أن تم الإجهاض في إحدي العيادات وتنازلت عن القضية بعد أن بدا واضحًا لي أنها سوف تتحول إلي قضية زنا.[c1] شاهد تحت الطلب[/c]وفي أروقة الجامعة تعرفنا علىالشاهد العنيد الذي شهد علىالكثير من حالات الزواج العرفي بين الزملاء والزميلات والذي قال بصراحة: أنا ضد الطرق التقليدية في الزواج فأنا من أنصار الطرق السهلة والبسيطة للم شمل المحبين أنهم يلتقون علىسنة الله ورسوله فهو زواج صحيح ومشروع ومرجعة في ذلك هو الآباء والأجداد هل كانوا يسجلون الزواج في المحاكم، وهل كان هناك مأذون أصلاً؟ .وفي الاتجاه الآخر وبجرأة شديدة يحسد عليها يقول (محمد. ع): أحببت دينا منذ أول لحظة وقعت عيني عليها عندما كانت تنقل جدول المحاضرات الخاص بالفرقة الأولي بالكلية وكنت حينها مازلت طالباً بالفرقة الثالثة شدني إليها جمالها وجاذبيتها، أما هي فقد أعجبتها جرأتي حين تقدمت إليها في نفس اللحظة التي رأيتها وقلت لها: (أنت جميلة جدًا) وبعد فترة حب قصيرة تعاهدنا علىالزواج وقررنا أن نتخذ الخطوة الأولي لتحقيق هذا الحلم، وهي الخطبة وخصوصاً أننا نمر بنفس الظروف الاجتماعية فكلانا من أسرة بسيطة متوسطة الحال، وفاتحت والدي في رغبتي بالارتباط ففوجئت به يثور علىويصرخ في وجهي متهمني بالأنانية، وعدم التفكير في أحد غير نفسي فقط لأنني لم أنظر إلي أخوتي الثلاثة الصغار المحتاجين لكل الأموال ليتعلموا..فهل يعقل أن أشغله وأشغل نفسي بمصاريف خطوبة وزواج؟ وأنهي الحديث معي متوعدًا بطلاق أمي إذا تحدثت معه بشأن هذا الموضوع مرة أخرى.واستطرد قائلاً: وبعد أن وجدت الباب مسدوداً أمامي قررت أن أعتمد علىنفسي في اتخاذ هذا القرار الصعب ذهبت إلي أهل فتاتي بمفردي ورويت لهم ظروفي كاملة ولم أخف عنهم شيئاً، وأكدت لهم أن حبي لابنتهم كافياً ليجعلني أتخطي كل الصعاب فأجاب والدها باستهزاء من طلبي وسألني سؤال وهو يضحك “هل يعقل أن يضع يده في يد شاب يأخذ مصروفه كل يوم من أبيه؟ وقبل أن أجيب وأشرح له قال لي : شرفت وغادر الغرفة وتركني خرجت من باب الشقة وقد اسودت الدنيا في عيني، وتوجهت إلي أحد زملائي في الجامعة الذي يسبقني بعام واحد ويعتبر من الأقوياء فوالده من كبار رجال الأعمال، أكد لي أن عنده الحل أجبته علىالفور: ما هو؟ قال: لابد أن تتزوجها قلت له وكيف؟ أجاب زواجا عرفيا إلي أن تستطيع أن تتزوج رسمياً بعد التخرج! أعجبتني الفكرة وأقنعت بها محبوبتي واتفقنا علىكتابة الورقة في رحلة أعددنا لها لمدة شهر كامل، واتفقنا مع فرقة موسيقية لإحياء الحفل الذي يضم عدداً من زملائنا الأحبة الذين يرغبون في تتويج قصة حبهما بالطريقة التي يرونها هي السليمة، وقمنا بدعوة زملائنا المقربين خلال دعوة صممناها ووزعناها علىأصحابنا >الأنتيم< حتي يتوافر في زواجنا شرط الإشهار ليكون زواجنا صحيحاً شرعاً وقبل أن تسألني عن بيت الزوجية أقول لك لقد قمت أنا وبعض العرسان بتأجير شقة مفروشة في حي بسيط، وبدأت أنا ودينا نتقابل فيها مرتين في الأسبوع نمارس فيها حياتنا كأي زوجين طبيعين، ونفس الشيء بالنسبة لباقي زملائي ولا أحد يلومنا لأن الحب ليس خطيئة وإنما أجمل ما في الحياة.[c1]مظاهر كاذبة[/c]وبعقلية فتاة الألفية الثالثة تقول رشا: لم تسمعني أمي لم تحاول أن تفهم عواطفي بالرغم من أنها علىدرجة عالية من الثقافة وتشغل مركزاً مرموقاً في عملها، لكنها كعادتها لم تفكر في شيء سوي المظاهر الكذابة فبعد أن جمع الحب بيني وبين زميلي أحمد وهو حب طاهر بريء أردنا أن يكون في النور وطلب مني أن يتقدم إلي أمي ليخطبني منها وجاء هو ووالده، الموظف البسيط الذي بذل مجهوداً كبيراً لإقناعه بالموافقة علىالتقدم لي قابلتهم أمي بمنتهي العجرفة، وأكدت لهم أنها ليست علىاستعداد لأن تزوج ابنتها بشاب صغير، كما أنه ليس من مستوانا هو وأهله، وخرج حبيبي ومعه والده منكسر الخاطى.رفضت أمي أن تعطيني الفرصة لأقنعها بوجهة نظري أو تقنعني هي برأيها ومبرراتها لرفضها أحمد واصمت أذنيها وامتنعت عن الحديث معي ، وعلمنا بنية زملائنا في الزواج العرفي وأقنعونا أنا وهو بشرعية هذا الزواج وأنه حلال 001%.وصممنا علىأن نكتب البداية لحياتنا علىورقة يوقع عليها شاهدان وكان الموعد تلك الرحلة التي قررنا القيام بها لتكون رحلة العمر بالنسبة لنا، وكنا نتقابل في مكان لا يخطر لأحد علىبال أنه بيتي أقصد بيت أمي فكما ذكرت في البداية أن أمي تشغل منصباً هاماً يتطلب منها السفر معظم أيام الشهر ووالدي منفصل عن أمي منذ سنوات ويعيش خارج البلد، فكنا نتقابل في عدم وجود أمي ولم يلاحظ أحد من الجيران شيئًا لأننا نسكن في حي راق لا يهتم جار بما يحدث عند جاره.وأؤكد بعد مرور شهرين من ارتباطي بأحمد أنني لم أندم علىشيء سوي قتلي لجنيني في أيامه الأولي بعد أن علمت بحملي وكان لابد أن أتخلص منه حتي يتخرج زوجي ويعمل ويصبح لنا بيت لم أندم علىارتباطي لأنه حلال أما قتلي لابني فهو الحرام بعينه وأنا أعرف ذلك، لكن ماذا أفعل؟![c1] كفاح شاب[/c]أما ماريان فقد جذبها لمصطفي كفاحه واجتهاده فهو من أسرة بسيطة وله من الإخوة ثمانية هو أكبرهم والده موظف بسيط، فخرج للعمل بجانب الدراسة منذ أن كان طالباً في المرحلة الإعدادية، أما ماريان فهي من أسرة ثرية ولدت وفي فهما ملعقة من ذهب لم تقابل في حياتها هذ النموذج من الرجال إلا في أفلام الأبيض والأسود عندما كان البطل مفتول العضلات يكافح من أجل لقمة العيش ويبدأ من الصفر ليصبح من الأثرياء، ووجدت في مصطفي هذا الرجل أعجبت به وانجذبت إليه، أما هو فقد أعجب بها أيضاً ربما لأنه وجد فيها حلمه بأن يخرج من القاع ليصل إلي القمة ويتخلص من الفقر والتعب والشقاء؟ولأنها كانت تعلم أن والدها لن يوافق علىهذه الزيجة بسبب الفارق الاجتماعي والمادي الكبير بينهما لذلك قررت أن يكون الارتباط بعيداً عن عيون أهلهما خلال الزواج العرفي لأنه مع و جهة نظرهما الحل السليم لعدم الوقوع في الحرام وتجنبا للمشاكل التي يمكن أن تحدث من جراء معرفة الأهل وكما أنها تنوي أن تصارح والدها بالحقيقة بعد الزواج بعد أن تكون قد أثبتت له أنها لم تعد صغيرة وقادرة علىاتخاذ قرارات مصيرية في حياتها.أما مصطفي فقد ضرب بهذا الزواج عصفورين بحجر واحد تزوج بدون أي مصاريف أو تكاليف وفي الوقت نفسه فإن والدها عندما يعلم بالزواج سوف يجري وراءه ليتزوج ابنته رسمياً بدلاً من هذا الزواج الذي يعتبر عاراً اجتماعياً عند الآباء والأمهات، وبهذه الطريقة سوف ينتقل إلي طبقة الأغنياء والعائلات الثرية، وهذا ما همس به مصطفي لصديقه هيثم صاحب الحفل والمتكفل بكل مصاريفه.[c1]صيحة تحذير[/c]لماذا لا أتزوج عرفيا وزيجات أمي كلها عرفيا؟ هكذا بدأت دارين حديثها في حالة هستيرية تضحك وتتكلم بطريقة غير مفهومة وبصوت عال.تقول: منذ أن فتحت عيني على الحياة وأنا أري أمي تتزوج وما هي إلا أيام وتترك زوجها وتقول أنا طلقت كنت أعتقد كأي فتاة جريئة أن هذا الزواج زواجاً عادياً طبيعياً مثل كل الزيجات لكن عندما نضجت بدأت أتساءل إذا كان هناك زواج فأين المأذون الذي أراه في الأفلام وأين الفرح والمعازيم؟ لا شيء من كل هذا فقط أمي والرجل الذي تزوجته وورقة تكتب يوقع عليها صديقان لأمي أو للعريس وبعدها يقيم الرجل معنا في الشقة لمدة شهر أو شهرين وربما ثلاثة على الأكثر وتبدأ المشاجرات وتنتهي بتمزيق الورقة وكلمة طالق تخرج من فمه وبعدها بشهور قليلة يتكرر نفس السيناريو.وعرفت أن هذا الزواج يسمي زواجاً عرفياً وسمعت من التليفزيون والناس أنه حرام فذهبت إلى أمي منهارة اسألها هل الزواج العرفي حرام؟ هل تعيش في الحرام مع هؤلاء الرجال؟هنا أجابتني أمي بأنه حلال ولا فرق بينه وبين الزواج الرسمي فكلاهما زواج رضا وقبول وشهود وهكذا استطاعت أمي أن تقنعني بشرعية هذا النوع من الزواج، وعندما قابلت خالد أحببته وقررت الارتباط به دون تفكير، ودون النظر لأي اعتبارات شكلية، فاقترحت عليه أن نتزوج عرفياً كان مترددا في البداية لكنني أقنعته علىطريقة أمي ويبدو أن كلماتها كان لها مفعول السحر، ووافق عن اقتناع وتزوجت بنفس طرق زيجات أمي لكنني كنت أفضل منها لأنني أقمت حفلاً وحضره زملائي وزميلاتي في الجامعة.وقبل أن تسألني عن مسكن الزوجية، أقل لك: إنني استأجرت شقة مفروشة من مصروفي الكبير الذي تغرقني به أمي ولا تسألني في أي شيء أصرفه ربما لأنها أرادت أن تعوضني عن غيابها بهذا المال.[c1]شرعية الزواج[/c]وعن مثل هذه الممارسات تعلق د.عزة كريم أستاذ الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية بالقاهرة : إذا لم تستح فافعل ما شئت هذا شباب ضائع لا هدف له في الحياة كل همهم هو إشباع غرائزهم تحت مسمي الحب، وحتي لا يشعروا بتأنيب الضمير قاموا بكتابة ورقة لا قيمة لها في المجتمع، لكنها بالنسبة لهم الحل، ولقد لعبت وسائل الإعلام دوراً في حدوث ظاهرة الزواج العرفي، حيث أكدت مراراً وتكراراًَ علىشرعية هذا الزواج سواء خلال الأفلام أو المسلسلات التي تدافع عن المرأة المتزوجة عرفياً وظهورها بمظهر المغلوب علىأمره· كما أنها أكدت علىشرعية الزواج العرفي إذا توافرت فيه شروط الزواج الصحيح وهي الموافقة والقبول والإشهار وكانت حجتها لرفض الزواج العرفي وبطلانه في عدم توافر عنصر الإشهار فيه فلجأ مثل هؤلاء الشباب إقامة حفلة وقاموا بدعوة زملائهم إليها حتي لا يكون هناك ما يبطل هذا الزواج، وإذا سألهم أحد عن مدي صحة زواجهم هذا يؤكدون أن كل أركان الزواج السليم متوافره لديهم. وأضاف : قبل أن نتساءل عن أسباب قيام هذا الشباب بالإعلان عن زواجهم سواء من خلال الدعوة أو الحفلة لابد أن نتساءل عن حدوث الزواج العرفي من الأساس، وبالرغم من الدور الذي لعبته الظروف الاقتصادية السيئة في دفع الشباب لعقد مثل هذا النوع من الزواج إلا أن هناك عاملاً أكثر خطورة ساعد علىانتشار الزواج العرفي وهو غياب الأسرة وعدم مراقبتها لأبنائها وعدم قيامهم بزرع المباديء والقيم النبيلة في نفوسهم منذ الصغر، وتركت لوسائل الإعلام هذا الدور ومما يؤكد كلامي هذا أن الزواج العرفي قد انتشر أيضاً داخل طبقات المجتمع العليا التي لا يجد شبابها مشكلة في الزواج مثل زواج الدم، وزواج الكاسيت وأخيراً زواج الإنترنت، وكلها بدع قادمة من الغرب يبثها الشباب دون تفكير ودون من يقول له هذا خطأ وهذا صواب!وأؤكد علىأن قيام هؤلاء الشباب بعمل حفلة لزواجهم هو نوع من أنواع جعل حالة من الشرعية لهذا الزواج الذى يرفضه المجتمع ورغبة منهم في الضحك علىأنفسهم وعلي مجتمعهم بحجج لا يقبلها منطق ولا عقل! محذرة من خطورة الظاهرة التي ارتفعت بشكل ملحوظ عن العام الماضي بنسبة كانت مائتي ألف حالة زواج عرفي، وأصبحت الآن ثلاثمائة ألف.