في ظلال الثورة
أفراح صالح محمد لم يقع النضال ضد الاستعمار البريطاني في جنوب الوطن على عاتق الرجال فقط ، بل كان للمرأة في عدن وأرياف الجنوب المحتل كله أدوار عظيمة وكفاح مستميت ابتدأ من المنزل والمدرسة والكلية والجمعية النسوية والمزرعة ، من البيوت التي كانت تترك مفتوحة ليتمكن الفدائيون من دخولها والاختفاء فيها هربا من جنود الاحتلال أثناء مطاردتهم في الشوارع ، إلى تقديم كل مايلزم الفدائيين من أغذية وأدوية ولباس ومساعدة فورية ، إلى توصيل المعلومات للفرق في مختلف المناطق الوعرة وبين الجبال والوديان ، وتوزيع المنشورات والأسلحة وإسعاف المصابين من الفدائيين وممارسة أي نشاط مناوئ للاحتلال البريطاني إلى أن تحقق النصر والاستقلال يوم الـ(30) من نوفمبر 67م ورحيل المستعمر الغاصب إلى غير رجعة منكسا رأس وتاج إمبراطورية لم تغب عنها الشمس .لقد وقفت المرأة اليمنية في الجنوب المحتل في صف واحد مع أخيها الرجل لتحرير الوطن المحتل وتحملت ويلات وغضب جنوده الذين لم يمنعهم شيء من استخدام شتى أشكال القوة والعنف لردع الثوار رجالا ونساء ، لكن ذلك لم يزد هم إلا إصرارا على تحرير وطنهم وكان لهم ذلك بعد أربع سنوات كفاح وعدد كبير من الشهداء الذين رووا بدمائهم أرضهم المحتلة وحرروها وعلى حد قول الشاعر المرحوم محمد سعيد جرادة في قصيدته (30 ) نوفمبر :[c1]هذي الجماهير في عيد الجلاء مشت طليقة بعد تكبيل وتتبيرتصرم الليل وإنجابت غياهبه ومن رزاياه ولى كل محذور عاد الدخيل على الأعقاب منهزما يجر أذيال كابي الحظ مدحور”[/c] [c1]بداية النضال[/c] يشهد التاريخ أن بريطانيا مارست أسلوب الغدر والخديعة لحماية مستعمراتها في الهند من التهديدات الفرنسية فقامت باحتلال جزيرة بريم «ميون» اليمنية في مضيق باب المندب عند مدخل البحر الأحمر في ابريل من عام 1699م وتمادت في أهدافها إلى احتلال جزيرة سقطرى في العام 1834م بهدف احتلال( عدن ) وتحقق لها ذلك عام 1839م واجبروا سلطان لحج حينذاك على توقيع اتفاقية إذعان لهم توالى بعدها توقيع عدد من الاتفاقيات والمعاهدات مع سلاطين وأمراء باقي المحميات لتوسيع السيطرة الكاملة على ما كان يسمى بالمحميات- أي الجنوب اليمني كله. و قامت بريطانيا بتقسيم وتجزئة البلاد إلى أكثر من( 25) ولاية صغيرة عبر شبكات من الاتفاقيات والمعاهدات، وسمتها المحميات الغربية وتضم(5 ) ولايات والمحميات الشرقية وتضم (19 ) ولاية وألحقتها بالحكومة الهندية حتى العام 1937م ثم ألحقتها تحت حكم إدارة لندن .ومع تصاعد المد الثوري التحرري لحركات التحرر الوطني في المستعمرات والبلدان التابعة لها اضطر المستعمرون الانجليز إلى إيجاد بعض التغييرات في الأنظمة السياسية لهذه المنطقة فأنشئ عام 1947م مجلس تشريعي في عدن لتنفيذ السياسة البريطانية المتمثلة في محاولات طمس( عروبة عدن ) عبر قوانين الجنسية والمواطنة التي أباحت الجنسية وبتسهيلات كبيرة لرعايا بريطانيا أولاً ولأبناء الكومنولث ثانياً وللمقيمين في عدن من اليمنيين والجاليات الأجنبية ثالثاً ومنعت الجنسية على اليمنيين القادمين من شمال الوطن أو القادمين من المحميات من جنوب الوطن. وتفيد الوثائق التاريخية وذكريات الثوار رجالا ونساء ، الذين شاركوا في مختلف مراحل النضال ضد الاستعمار البريطاني ومنهم المناضلة شفيقة مرشد احمد وأمنة شرماني وخولة شرف ونعمة الأبيض وغيرهن أن النضال ضد الاستعمار كان عنيفا منذ اليوم الأول للاحتلال ، وتقول الحجة فاطمة الخضر ، إحدى المشاركات في الكفاح المسلح ، وهي بدون انتماء لأى تنظيم حينها ، تقول : «رغم قلة كمية السلاح الذي كان بحوزة الثوار لكن ذلك لم يوهنهم أبدا بل جرى استخدام كل مايمكن استخدامه للقتال ، حتى انه جرى إعداد المتفجرات بوسائل بسيطة مستخدمين البارود ومشابك الغسيل والاوتار الخاصة بالصيد ، وكان أخي يعد القنابل في المنزل ليلا بمشاركة زميل له ثم يخرجان لرميها على الجنود الانجليز أثناء مرورهم في دوريات خصوصا عندما أعلن عن منع التجول في عدن ، وجاءت حادثة ( عمارة الرائد ) في الشيخ عثمان ،والتي مٌثل فيها بجثث الجنود الانجليز كدليل على حنكة الفدائيين وتخطيطهم السليم لكيفية إرهاب وإرغام بريطانيا على الرحيل من عدن والجنوب المحتل». وعندما شعرت بريطانيا بتصاعد الرفض الشعبي لسياساتها رفعت (العصا الغليظة ) لتحقيق مشروعها الجديد والمتمثل بالاتحاد الفيدرالي عبر القمع والتسريح الجماعي وواجهت مظاهرات واضطرابات ضد هذا المشروع وانتخابات المجلس التشريعي وفرضت جملة من القوانين مثل حالة الطوارئ على الصحافة وقانون منع الإضراب ومنع التبرعات ، الذي كانت تتبناه المرأة في عدن حينها .وفي الأعوام 1963-59م عملت بريطانيا على إنشاء ( دولة اتحاد الجنوب العربي ) وذلك بعد ضم عدن مع بقية الكيانات الأخرى واجبر الحكام على الانضمام إلى هذا الاتحاد تحت قيادة الحاكم العسكري الانجليزي.لكن هذا المشروع ايضا ولد ميتاً كما ولد قبله المجلس التشريعي أمام تصاعد النضال الوطني الذي قاده كل فئات الشعب بلا استثناء في عدن ضد كل هذه المخططات الاستعمارية وتوصلت قيادات الحركة الوطنية اليمنية في الجنوب ، والتي تمثلت بالجبهة القومية والتنظيم الشعبي وجبهة التحرير إلى أن النضال السلمي لن يحقق شيئاً ولابد من إنتهاج أسلوب الكفاح المسلح ضد الاستعمار وعملائه وقد كان للدعم المادي والسياسي والعسكري والثقافي- الذي قدمته مصر بقيادة الزعيم الخالد جمال عبد الناصر- أثره الايجابي في تعزيز صمود القوى الوطنية اليمنية في الدفاع عن ثورتي 26سبتمبر 1962م و 14 أكتوبر 1963م حتى كان النصر وجلاء آخر جندي بريطاني .[c1]الحركة النسائية اليمنية[/c]يعتبر عام 1935م معلماً بارزاً في تاريخ المرأة اليمنية إذ بدأ الآباء فيه يقبلون تدريجياً على إرسال بناتهم إلى المدارس ومنهم الفقيه حيدر سعيد عثمان الذي تقول عنه المناضلة فوزية محمد جعفر : «كان يدرس الأولاد في منزله بالشيخ عثمان (أمام بيت العالم حالياً) ودرس ابنتيه ، لولة ونور حيدر معهم حتى أنشئت أول مدرسة للأولاد فانتقل إليها للتدريس والحق ابنتيه لتدريسهما فيها مع الأولاد حتى أتمتا المرحلة الابتدائية وعاد أبوهما للتدريس في المنزل مرة أخرى ، فقامت الابنتان بالتدريس معه ولكن في منزل زوح إحداهما. وتعتبر هذه المدرسة النواة الأولى لتدريس البنات . كما تعتبر الرائدتان لولة ونور حيدر سعيد أول من نشرتا التعليم في الشيخ عثمان في أوساط البنات ، وكانت أولى الرائدات في التدريس في مناطق عدن والتواهي كل من الأستاذة القديرة حليمة خليل والأستاذة آسيا حميدان».بعدها بدأت الدعوات بالمطالبة بتعليم المرأة تأخذ طريقها إلى الصحافة اليمنية ، رغم أن الاستعمار لم يكن حريصاً على نشر التعليم وخاصة تعليم البنات، كما كان تعليم البنين لا يهدف إلا إلى تخريج عدد من الموظفين ليشغلوا وظائف إدارية بسيطة في أجهزة الدولة..و منذ العام 1937 ظهرت في عدن بعض الجمعيات النسوية العاملة في الحقل الاجتماعي..في مجال التخفيف من ويلات المصابين في الحوادث والكوارث عن طريق توزيع الأغذية والملابس للمنكوبين وتضميد جراح المصابين من الحوادث.لقد كان لاستقلال عدد من البلدان العربية، عقب الحرب العالمية الثانية ، وما تبع ذلك من اتصالات بين الدول العربية أثره الطيب والمثمر في توسيع نظرة المجتمع نحو التعليم بصورة عامة ومن حينها وقد تصدرت صحيفة «فتاه الجزيرة» ورئيس تحريرها الأستاذ محمد علي لقمان في نهاية الأربعينيات من القرن الماضي الدعوة لتعليم المرأة وإعطائها فرص التعليم مثل أخيها الرجل وخصصت عدداً من المقالات لمعالجة هذه القضية لتوعية الناس وحثهم على أهمية وضرورة إدخال بناتهم المدارس وتشجيعهم على ذلك واستمرار مواصلة تعليمهن حتى المراحل المتقدمة.ولقيت هذه الدعوات استجابة ، وزادت جهود الأفراد لتعليم بناتهم وفتح البعض منازلهم لذلك ، كما افتتحت عدد من المدارس الخاصة بالبنات. فنشأ من ذلك تخرج جيل من الرعيل الأول من الفتيات اللاتي حصلن على قدر معين من التعليم أتاح لهن فرصة العمل في بعض المهن كالتدريس والتمريض وأعمال الطباعة والسكرتارية.وقامت في حضرموت مبادرات أهلية لتعليم البنات حيث بادر الشيخ عبد الله الناخبي بفتح داره لتعليم المرأة وكانت زوجته وابنته تقومان بهذه المهمة النبيلة. وتقول الأخت مريم ناصر، من كود بيحان في الشيخ عثمان : «لقد كان إخوتي وزوجي يشرحون لي فوائد التعليم للبنت، وكانوا يدرسون وشقيقاتي الأربع في المنزل كل ماكان يعطى لهم من دروس ومعارف رغم أنني لم أكن أحب ذلك ، لكن مع الأيام وكثرة الجهد الذي كان أخي يبذله لتدريسي استوعبت أهمية التعليم وواصلت الدراسة مع بنات الجيران في (المعلامة) رغم كبر سني حينها وهذا أفادني كثيرا، و لقد كنا نساعد أزواجنا ضد الانجليز ، وزوجي كان في جبهة التحرير وكل أهل كود بيحان في ذاك الوقت كانوا مع جبهة التحرير ، فكنا نساعد الثوار في حفر ارض المنزل ودفن الأسلحة فيها، واذكر حادثة حصلت ذات يوم ، عندما صحونا في الليل على صوت طرق قوي على بابنا وكان الجنود الانجليز يبحثون عن فدائي هارب وهذا الفدائي كان زوجي الذي خرج وانا نائمة وقام بعملية فدائية مع زملاء له ثم هرب للبيت والجنود لمحوا ظله وهو يدخل المنزل فلحقوا به ، وعندما صحوت على طرقهم الباب رايته أمامي ملثماً فخفت لثوانٍ ثم انتبهت ودفعته إلى داخل حزمة قصب وحشائش مكومة للمواشي) وعليها (قصع وكراتين )، كوم كبير ، وعندما دخل الجنود فتشوا البيت وعندما وصلوا إلى الكوم رجعوا للوراء أولا من رائحة المواشي وأوساخها التي كانت تحت الكوم وثانيا لأنهم خافوا من سقوط الكوم عليهم فخرجوا بسرعة وهم يشتمونا». أيضا من أنشطة المرأة في فترة النضال ضد الاستعمار البريطاني في مجال الأمومة والطفولة أنها كانت تقوم بالتوعية العملية للنساء في الأحياء الفقيرة وتقدم الألبان للحوامل وتقدم لهن الإرشادات والنصيحة في مجال تربية الأبناء ، وتخيط الملابس للأطفال. كما عملت المرأة في مجال الحركة الكشفية في الهلال الأحمر، وبمحو الأمية في صفوف المرأة وفي مجالات متعددة من الخدمة الاجتماعية التطوعية، كما كانت المرأة في عدن تتجاوب مع القضايا العربية سواء عن طريق التعبير عن آرائها عن طريق نشر المقالات أو إقامة الندوات وإرسال المساعدات الاجتماعية النقدية والعينية إلى الجهات المتضررة.وظل للمرأة دور كبير في دعم المشاركة المفتوحة للرجل في النشاطات السياسية المختلفة مما عكس وعيها السياسي المتقدم.[c1]نساء قويات يقفن في وجه المستعمر [/c]تأسست (جمعية المرأة العدنية) برئاسة المناضلة الفقيدة رقية ناصر» أم صلاح محمد على لقمان» ومشاركة كل من المناضلات نبيهة حسن علي، عيشة بازرعة، صفية جعفر، قدرية علي جعفر، فاطمة هانم، فريال فكري وأخريات وذلك بعد نضال ابتدأ بعد خروج الفتيات المتعلمات، من الرعيل الأول ، إلى ميدان العمل إلاَّ أنهن لم يكن قادرات على أداء أدوارهن بفعالية بسبب القيود الاجتماعية المقيدة لحركتهن، فظهرت بعض النداءات في الصحف للمطالبة بإعطاء المرأة نوعاً من الحرية وبرزت على صفحات الجرائد العديد من المقالات والحوارات التي تناقش مسالة الحجاب وعمل المرأة وحقها في تشكيل تنظيم سياسي وتواصل إلى خروج فتيات، بينهن رضية إحسان الله ونورا وصافيناز، نجاة محمد حسن خليفة، نفيسة عبد الله منذوق، سافرات في شوارع عدن وقمن بزيارة رؤساء تحرير الصحف، متحديات بذلك بعض المناوئين لخروج المرأة إلى النشاط الاجتماعي والسياسي والاقتصادي العام. و عندما انطلقت الحركة القومية العربية والإنسانية لتفرض نفسها على واقع الحياة السياسية التي شارك فيها الرجل والمرأة معاً وهبت المرأة بقوة تؤيد القضية الفلسطينية والثورة الجزائرية والثورة المصرية فخرجت إلى الشوارع تجمع التبرعات وكانت أكثر ابتهاجهاً أثناء احتفالها بجلاء القوات البريطانية عن قناة السويس عام 1956م.بعدها اتحدت مع الرجل في العمل الوطني اليمني وفي المطالبة بجلاء القوات البريطانية عن الجنوب. هنا بدأ العمل السياسي للمرأة ينشط وتجسد في المظاهرة العنيفة التي قادتها الحركة النسائية في العام 1959م احتجاجاً على أساليب السلطة الاستعمارية الوحشية في قمع الجماهير.وفي الأول من يناير من العام 1960م تكونت ( جمعية المرأة العربية )بقيادة المناضلات رضية إحسان الله ونورا وصافيناز خليفة وليلى جبلي كفرع تابع لحزب البعث العربي الاشتراكي في عدن، وكانت هذه الجمعية تنادي ببعض المطالب منها حرية المرأة وحق العمل والمشاركة الفاعلة في النقابات العمالية كما نادت بخروج المرأة سافرة بدون حجاب وعملت على حث النساء للعمل بالمرافق الحكومية . ولعل أهم انتفاضة قامت بها المرأة اليمنية هي انتفاضة طالبات كلية البنات في خور مكسر-مدينة عدن- وذلك في الأول من فبراير من العام 1962م ضد السياسة التعليمية البريطانية الهادفة إلى مسخ الشخصية الوطنية عن طريق فرض مناهجه الاستعمارية ، وأعلنت الإضراب العام والخروج في مظاهرات حاشدة سرعان ما تجاوب معها الطلاب في مدارس البنين واشتركا معاً في مظاهرات صاخبة تندد بالاستعمار ومشاريعه جابت معظم شوارع عدن عدة أسابيع لم تستطع القنابل المسيلة للدموع ولا التهديدات أو الاعتقالات والتسفير والنفي والمحاكمات إخمادها مما دفع بالسلطة الاستعمارية إلى إغلاق كلية البنات سنة دراسية كاملة ومدارس البنين عدة أسابيع عقاباً لهن على انتفاضتهن، ومعاقبة ست طالبات( عيشة سعيد ناليه، أنيسة سليمان، نجاة راجح، منيرة محمود منيباري، هيام معتوق، عادلة صالح عوض) بدفع الغرامة (بعد محاكمتهن).[c1]الكفاح المسلح ودور المرأة اليمنية [/c]خلال السنوات الأربع من الكفاح المسلح ضد الاستعمار انضمت أعداد كبيرة من النساء في عدن وفي الأرياف إلى الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل والى جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل والتنظيم الشعبي كأعضاء و قائدات للمظاهرات وقمن بتوزيع المنشورات والبيانات الثورية وحملن الرسائل الشفوية والمكتوبة والأسلحة والذخائر عبر نقاط التفتيش العسكرية البريطانية وجمعن التبرعات ، ووفرن الغذاء للمناضلين في الجبهات ة ورصدن تحركات الأعداء وزودن الثوار بالمعلومات، كما تصدرن الإضرابات والاعتصامات، كما لعبن دورا كبيرا في توعية النساء وتعبئتهن للوقوف إلى جانب الثورة والإسهام فيها وشاركن في نضال النقابات العمالية وفي تكوين النقابات الست عام 1966م وكان من المنضمات إلى هذه النقابات مجموعة من المعلمات منهن ثريا منقوش ،فوزية محمد جعفر الشاذلي ، فطوم على احمد ، انيسة سالم ، آمنة عثمان ورجاء احمد سعيد ومارسن نشاطهن العلني ضمن هذه النقابة بالإضافة إلى أنهن كن يستقطبن العناصر اللواتي كان يظهر فيهن الإيمان بضرورة طرد المستعمر الغاصب للانضمام إلى تنظيماتهن السرية.وقد حملت المرأة السلاح وقاتلت ضد قوات الاحتلال البريطاني ومنهن الثائرة دعرة بنت سعيد، صالحة أم الشهيد علي شايع هادي، فاطمة ناصر مثنى، نعمة بنت سعيد ،و خديجة الحوشبية، وهى من الحواشب ، وكانت قائدة لكتيبة مقاتلة.إن للمناضلة الثائرة دعرة مواقف كثيرة دللت على بطولتها وشجاعتها في ردفان، وكما يقول الدكتور سيف علي مقبل صاحب كتاب ( أكتوبر.. الثورة التحررية المسلحة في الجنوب ): “كانت شجاعة دعره لاتوصف ، وقد خاضت معارك دبان والثمير ووادي تيم والربوة . وقادت هي نفسها (7 ) من الفدائيين إلى مركز القيادة البريطانية في الثمير وهاجمت العدو بالقنابل اليدوية وقتل من العدو اثر هذه القنابل (7 ) وجرح (9 )، ثم داهمت قوة كبيرة من العدو ، وأصيبت على اثر ذلك بعدة طلقات في رجليها وفي بقية جسمها ، فطلبت من بقية فرقتها الانسحاب وعدم حملها واستمرت تدافع وهي جريحة حتى أغمي عليها من النزيف فأسرتها قوات العدو». كما ساهمت المرأة في تحرير المناطق اليمنية الريفية وفي حراسة المناطق المحررة.وقد تشكلت أولى الحلقات النسائية في العام 1963م من المناضلات الفقيدة نجوى مكاوي وفتحية باسنيد، آمنة يافعي، انيسة احمد سالم وفي العام 1964م استطاع قطاع المرأة وبمساعدة رفاقه في التنظيم أن يبني قطاعاً نسائياً منظماً قادته المناضلة الفقيدة زهرة هبة الله علي والتي وصلت إلى أعلى المراتب التنظيمية في مدينة عدن وهي الشعبة.وهناك عائدة علي سعيد ، فوزية محمد جعفر، ثريا منقوش ، انيسه الصائغ فطومة على احمد،أمنة عثمان يافعي ، سلوى مبارك ، نسيم عبد الخالق ، انيسة احمد سالم ، وعيشة سعيد ناليه ، رجاء احمد سعيد وشفيقة مرشد احمد ، نجيبة محمد عبد الله ، أسمهان عقلان، خولة شرف ،نجوى سعيد ووفاء عبد الملك وهن وغيرهن كثيرات من عضوات الجبهة القومية ،ولايمكن للتاريخ أن يمحي ماقدمن من اجل الوطن والجنوب اليمني.. ولعب القطاع النسائي بجبهة تحرير جنوب اليمن المحتل دوراً لايقل أهمية تحت قيادة المناضلات:رضية إحسان الله، نعمة سلام، حياة حداد، نفيسة منذوق، بهجة محمد عبد الله سوقي، زنوبة حميدان، نورا وصافيناز خليفة، ليلى جبلي ، رضية احمد هادي، هناء حامد خان.وبنفس القدر من الحماس لعب القطاع النسائي لحزب الاتحاد الديمقراطي الشعبي دوراً لايستهان به. ويعتبر يوم الجمعة الموافق 15 أكتوبر 1964 م يوما مجيدا ، فقد نظمت مظاهرة نسائية يقال إن المشاركات فيها كن أمهات وزوجات المعتقلين الثوار الذين اعتقلتهم القوات البريطانية ، وقد مرت المظاهرة في شوارع عدن دون خوف من جنود الاستعمار ، ولكن الجنود البريطانيين أطلقوا النيران عليهن وفرقوهن ، فغادرن من عدن إلى المنصورة ومن هناك ايضا خرجت مظاهرة أخرى كبيرة من النساء والطلبة وأبناء الشعب وسارت مارة بجانب سجن المنصورة ، فأرسلت قوات البوليس وأطلقت القنابل المسيلة للدموع وتفرقت الجموع ومن بعد ذلك أعلن عن منع التجول في الشيخ عثمان والمنصورة ، ثم أغلقت المدارس بما فيها الابتدائية. ونتيجة لكل هذه الأدوار البطولية التي كانت تقوم بها المرأة فقد واجهت نفس التعسفات الاستعمارية التي لاقاها الرجل فزج بها في السجون ولاقت كل ألوان التعذيب والإرهاب وسقطت البعض منهن شهيدات في سبيل القضية الوطنية كمثال «الشهيدة خديجة الحوشبية».وبحسب شهادة المناضلة فوزية محمد جعفر فان المناضلة الفقيدة نجوى مكاوي امتطت دبابة بريطانية قتل أفرادها في انتفاضة مدينة كريتر في 20يونيو 1967م وقادتها في جميع أحياء المدينة تدعو أصحاب المطاعم والأفران والبقالات إلى فتح متاجرهم لتقديم الخدمات للشعب وتوفير الغذاء. لقد شكل نضال المرأة اليمنية علامات مضيئة في تاريخ شعبنا الوطني التحرري وبدون تمييز يفرق بينها وبين أخيها الرجل ، فالكل كان يناضل من اجل الاستقلال والحرية من نير مستعمر غاصب ، لكن المرأة اليوم تناضل من اجل التمييز ضدها متناسين دورها الهام والمكمل لدور الرجل في النضال من اجل الاستقلال ، كما تقول الحجة فاطمة