غضون
- في النظام الديمقراطي يحكم حزب الأغلبية النيابية وتتحول الأقلية إلى معارضة.. تصبح الأغلبية “سلطة” والأقلية أو المعارضة “سلطة ظل”.. والعلاقة بين الطرفين هي علاقة تعاون إلى جانب أن كلاً منهما يستفيد من إيجابيات الآخر، والكاسب الأساسي في النهاية هو الشعب، ولكي تتحول المعارضة إلى “سلطة” في إطار التداول السلمي للسلطة عليها أن تقدم نفسها للناخبين وللشعب عموماً بصورة أفضل؟؟ أي على الأحزاب المعارضة أن تظهر للناخبين أنها تتفوق على الحزب الحاكم في مجال التفكير والسلوك وأن تعرض على الناخبين برنامجاً تقنعهم به بأنها البديل الأفضل.. لا يمكن لمعارضة مسؤولة أن تحدد هدفها في إسقاط “السلطة” ثم تقدم نفسها كبديل سيء، وأن تتحرك لإسقاط السلطة هي غير مؤهلة ولا مقتنعة أنها ستكون سلطة بديلة.. فالبديل هنا هو الفوضى.. وأعرف أن كثيراَ من الناس لا يحبون الحزب الحاكم في اليمن الآن ولكنهم يفضلونه لكونهم يجدون أن أحزاب المعارضة تتصرف تصرفاً فوضوياً في قضايا لا تحتمل الفوضى والهزل.- ماهي الأفكار والمشاريع وأنماط السلوك الإيجابية لدى أحزاب المشترك والتي يمكن للسلطة أن تستفيد منها في مجال إصلاح الأوضاع أو تصحيح الأخطاء أو تقويم العوج، وما هي هذه الأفكار والمشاريع وأنماط السلوك لدى هذه الأحزاب التي تشعر المواطن بأنها أحزاب متفوقة على حزب السلطة في هذا الميدان أو ذاك.. لم يحكم الحزب الدستوري في تونس طيلة خمسة عقود لأنه حزب مثالي، ولم يحكم حزب في المكسيك لفترة سبعين سنة لأنه مثالي، بل أن الناس كانوا يختارون مثل هذه الأحزاب دائماً لأنهم يرون أن أحزاب المعارضة تتصرف وتفكر وتقدم برامج على هيئة لا تدفعهم للوثوق بها.- لنقترب قليلاً من القضية الأصلية.. ففي أواخر نوفمبر 2005م أخرجت أحزاب اللقاء المشترك ما أسمته برنامج للإصلاح السياسي والوطني.. وضمنته أفكاراً قالت إنها وحدها كفيلة بحل مشاكل اليمن كلها وحل مشكلة كل مواطن.. وبعد سنة واحدة خرجت قيادات هذه الأحزاب تعلن أن برنامج الإصلاح السياسي والوطني كان قاصراً ثم تخلت عنه أخيراً كما تتخلى الزانية عن ابن الخطيئة.. ثم بعد هذا انتقلت إلى ما يسمى “التشاور الوطني” للوصول إلى “رؤية” تحل “أزمات” اليمن بمجرد اجتماع مجموعة من الغاضبين وفاقدي الرشد في لقاء يسيطر عليه الصياح والنحيب وترفع فيه شعارات الفوضى والتخريب.. هل هؤلاء الهزليون يمكن أن يقنعوا الناس بأنهم هم البديل؟..
