[c1]فهد بلان ومعركة غير متكافئة مع الأغنية اليمنية !! [/c]إن اختلاف نغم الموشح في اليمن ، إذا ما وضع هذا النغم موضع المقارنة بالموشحات الاخرى فهو في رأينا عربي المنبت .. يمني في لهجته الموسيقية .ويعني هذا أن التأثير الاجنبي لم يصبه لا من بين يديه .. ولا من خلفه !!وحكمنا في هذا .. ينطلق من إلحاحنا في السؤال الكبير من الدارسين النابغين في الموسيقى العربية والاجنبية .. وجميعهم يحكمون على أصالته الغنائية واختلافه النغمي.. ويعزز هذا الحكم العلمي التجربة التي قام بها فناننا الكبير محمد مرشد ناجي في أكثر من بلد عربي .. حيث يقول :إذا ماحاولت تأدية الموشح اليمني على فرقة عربية .. أو تأدية أحد ألحاني القريب في تراكيبه الموسيقية من الموشح اليمني .. أواجه بالاعتذار !!وقد قال لي عازف الكمان الشهير عبود عبدالعال في بيروت عندما قررت تسجيل أحد ألحاني وهو ( عن ساكني صنعاء) للآنسي .. قال لي بعد سماعه لي وأنا أعزف الاغنية بالعود لتحفظها الفرقة : يستحسن أن تؤدي هذا العمل في اليمن يا أستاذ مرشد !!ويضيف الاستاذ محمد مرشد ناجي :وكانت لي تجربة أخرى مع الصوت العربي ( فهد بلان) في أغنيتي ( يا نجم ياسامر ) للدكتور سعيد الشيباني مع فرقة الاستاذ عبود عبدالعال في بيروت .. والاغنية مصاغة لحنياً بالنغم الشعبي اليمني (الفلكلور) وفي أستطاعة أي فرقة عربية عزفها لما تحمله من بساطة لحنية وخفة ايقاعاتها.. وقد غنيتها مع فرق أخرى قبل ذلك .. وأثناء تسجيل الأغنية بصوت الفنان فهد بلان ، شعرت وشعر الاستاذ عبود أن فهد بلان في معركة غير متكافئة مع إيقاع الأغنية !! .. وطلبت إعادة التسجيل أكثر من مرة ولكن دون جدوى .. وفي النهاية قال الأستاذ عبود : دخيلك لا تتعبنا .. فالرجل لا يستطيع أن يعطيك أكثر من ذلك !! .. وتم التسجيل بالحاصل وأعدنا التسجيل مرة أخرى مع فرقة موسيقية أخرى صغيرة .. حيث كان الفنان فهد بلان نوعاً ما أفضل بعد مران قاسٍ .. حتى قال لي فهد : ذبحتني يارجل !!والمستمع الموسيقي إذا ما استمع إلى التسجيل المذاع سيلاحظ بوضوح خروج فهد بلان عن الايقاع مرتين أو ثلاث مرات !! .. هذا الفنان فهد بلان بصوته القوي الواسع المساحة وإتقانه لموشحات بلده في سوريا والألحان العربية على طريقته الخاصة في الاداء قد أربكه الايقاع اليمني البسيط فكيف إذا طلب منه أن يؤدي موشحة يمنية قديمة ؟!من هذه التجربة العربية ومن التجارب على الصعيد اليمني نخلص إلى القول :إن أي صوت عربي أو محلي مهما أوتي من قدرة صوتية .. لايستطيع أداء الموشح اليمني القديم ، لصعوبته ، عزفاً ولغة وأداء ، مالم يكن هذا الصوت قد رضع هذا النغم طفلاً .. وعشقه ومارسه صبياً .. والقرائن على هذا حية كثيرة في بلاد اليمن، قبل بلاد العرب !!ويضيف المرشد : إن ايقاعات الغناء اليمني القديم ، وإن كانت موضوعة في قالب لحني حديث تسبب إرباكاً وجدلاً لدى الفرق الموسيقية ، وإن كنا في الحقيقة لا نعطي هذه الايقاعات أي ميزة في الايقاع العربي .. ولكن المشكلة تكمن في عدم استعمال هذا الايقاع في الموسيقى العربية الحديثة ..ويذكر الفنان محمد مرشد ناجي تجربتين ، هدفهما هو تبيان الأصالة الفنية العربية للغناء اليمني القديم من خلال التراكيب الموسيقية فيه والايقاعات التي كثيراً ما تثير الجدل بين العازفين العرب .. في حين أن هذا الجدل لا يحدث إزاء التراكيب الموسيقية العربية بشكل عام لقربها من بعضها ..ويتحدث المرشدي عن التجربة الاولى قائلاً :عندما كنا نعمل أنا والفنان الشهير محمد عبده سوياً على أداء الموشح اليمني القديم من خلال فرقته الموسيقية في مدينة جدة ، وما أن قرأ العازفون النوتة الموسيقية التي كتبها بصعوبة بالغة الكاتب الموسيقي الماهر ( عبده مزيد) على الرغم من تجربته الطويلة في التدوين الموسيقي ومعرفته الشديدة بالنغم اليمني القديم وايقاعاته .. إلاّ أن أصوات أفراد الفرقة تعالت .. البعض يستنكر العمل ويصفه بأنه غير علمي ، وقد انسحب عازفان مصريان ، بينما كان البعض الآخر في جدل عنيف يختلف فيما بينه في الحساب الصحيح لميزان الايقاع .. وكثر اللغط وتوقف العمل .. فما كان من الفنان محمد عبده إلاّ أن حسم الموقف بقوله لأفراد فرقته :إن كنتم لا تعلمون .. فاعلموا أن هذا الايقاع اليمني هو الايقاع العربي الاصيل .. والذي لن يحاول أن يكيف نفسه ويعمل بالموجود فإنه لن يسافر معي إلى صنعاء .والتجربة الثانية التي يتحدث عنها المرشدي .. يقول عنها :عندما كنا نعمل أنا والفنان عبدالرب إدريس مع فرقة موسيقية مصرية في القاهرة لإحياء ذكرى عيدالاستقلال الوطني حصل خلاف بيني وبين عازف الطبلة وهدد بالانسحاب من الفرقة لو أصررت عليه أن يعزف ما أريد .. وفي كواليس الحفل أبصر العازف الموسيقار المصري المعروف سليمان جميل .. فصاح في وجهه : يا أستاذ كسفتونا ، لماذا لم تعلمونا إيقاعات اليمنيين ؟!فأجابه الموسيقار على الفور : يا ابني ، هذا إيقاع العرب الأصيل .. وهذا هو النغم العربي الأصيل !!