دفاعاً عن البرنامج الانتخابي لرئيس الجمهورية.. دفاعاً عن الدولة الوطنية الحديثة ليمن 22 مايو :(الحلقة الثانية عشرة)
[c1]احذروا..مشروع دولة طالبانية في اليمن[/c]أصدر الأستاذ الدكتور حسن مجلي كتاباً بعنوان : ( ملاحظات على مشروع قانون العقوبات ) المقدم من لجنة تقنين أحكام الشريعة الإسلامية في مجلس النواب - التي تخضع لهيمنة حزب التجمع اليمني للإصلاح وجامعة الإيمان - بدلاً عن مشروع التعديلات الذي تقدمت به الحكومة تنفيذاً لتعهدات فخامة رئيس الجمهورية في برنامجه الانتخابي .ونظراً لأهمية ما جاء في الكتاب تنشر صحيفة ( 14أكتوبر ) محتوياته على حلقات. [c1]المــادة (267) الزنا الذي لا يتوافر دليله الشرعي[/c]النــص الحالــي((يعزر الزاني والزانية بالحبس مدة لا تجاوز ثلاث سنوات إذا لم تتوفر الشروط اللازمة لتطبيق عقوبة الحد أو لم يقم الدليل الشرعي الموجب لتطبيق العقوبة المنصوص عليها في المادة السابقة متى اقتنعت المحكمة من القرائن القائمة بثبوت الزنا)).النص بعد التعديل((يعزر الزاني والزانية بالحبس مدة لا تجاوز ثلاث سنوات إذا لم تتوفر الشروط اللازمة لتطبيق عقوبة الحد أو لم يقم الدليل الشرعي الموجب لتطبيق العقوبة المنصوص عليها في المادة السابقة متى اقتنعت المحكمة من القرائن القائمة بثبوت الزنا وتضاعف العقوبة في هذه الحالة إذا وقع ذلك من رجل على إحدى محارمه)).النــص المقتــرح((يعزر الزاني ومن في حكمه (اللائط والملوط به) والزانية بالحبس مدة لا تجاوز ثلاث سنوات إذا لم تتوافر الشروط اللازمة لتطبيق عقوبة الحد أو لم يقم الدليل الشرعي الموجب لتطبيق العقوبة المنصوص عليها في المادة السابقة متى اقتنعت المحكمة من القرائن القائمة بثبوت الزنا، وتضاعف العقوبة على الجاني إذا وقعت الجريمة على إحدى محارمه)).هناك نص غريب في قانون العقوبات اليمني لا يوجد له مثيل هو المادة (267) والتي عنوانها: ((الزنا الذي لا يتوافر دليله الشرعي))؟!.ووجه الغرابة في النص القانوني المذكور أن المشرع قرر وجود جريمة الزنا وعقاب فاعلها رغم عدم ثبوت مزعوم الجريمة بالبينة الشرعية، وقد نص مشروع قانون العقوبات على ذات الجريمة دون تعديل.وفيما يلي نورد أهم وجوه الاعتراض الشرعية والقانونية على نص المادة (267) من قانون العقوبات النافذ ومشروع القانون وذلك بعد التمهيد اللازم. تمهيـــد :الثابت هو أن للزنا بين الحدود الشرعية منـزلة بالغة الخصوصية، فهو الجريمة الوحيدة التي لا يكفي لإثباتها شاهدان، بل يلزم لذلك أربعة شهود، ذلك أن البينة في جريمة الزنا لازمة لإثباتها وليس فقط لإيقاع الحد المقرر لها، كذلك فإن الزنا هو الجريمة الوحيدة التي يوقع الحد الشرعي على مرتكبها إذا ثبت فعل ارتكابها بالدليل الشرعي، ويُحَدّ على القذف به إذا عجز القاذف عن إثباته بهذا الدليل. أما الحدود الأخرى فيكفي لإثباتها شاهدان، كما أن الرمي بها، أي الحدود الأخرى غير الزنا، دون دليل لا يوجب الحد وإنما قد يوجب التعزير.ولدى علماء وفقهاء القانون والشريعة فإن علة إفراد الزنا بهذه الطريقة المعقدة في الإثبات، هي أن مجتمع المسلمين يراد له أن يكون عفيفاً طاهراً، فتكون نسبة الزنا إلى شخص بغير الدليل الشرعي نفياً للنسب وإشاعة الفاحشة. ولذلك فالحكم هو: إما أن يثبت القاذف صحة ما قذف به فيحد الزاني أو يحد قاذفه حد القذف. وقد حذرنا الله سبحانه وتعالى من خلخلة دعائم المجتمع بقوله: ((إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)). وقال تعالى في معرض الزجر عن ترديد القذف بغير دليل: ((إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ. وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُم مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ))( ).ولا ريب أن التأسي برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وصحبه، كفيل بأن يصدنا عن التسرع بنسبة الزنا إلى إنسان دون توافر الدليل الشرعي، لأن حكم النبي فيما عرض له من جرائم الزنا لا يقتصر فحسب، على عدم إيقاع حد الزنا الذي لم يكتمل دليله، بل هو في الأساس، ينصرف إلى عدم التقرير بوقوع الزنا نفسه.وجــوه الاعتــراض :الوجه الأول : أول وجوه الاعتراض على نص المادة (267)، التي تجيز للقاضي الحكم على المتهم بناءً على مجرد القرائن التي تشير إلى جريمة الزنا الذي لا يتوافر دليله الشرعي حسب التعبير الوارد في نص القانون، هو أنه، لكي تحكم المحكمة بعقوبة الاتصال الجنسي (الوطء) والذي لا يعتبر، شرعاً، زنا على مرتكب فعل الجماع المكون له، يتعين عليها أن تذكر السبب الذي حال بينها وبين إيقاع حد الزنا.والواضح أن المادة (267) من قانون العقوبات اليمني الخاصة بمسمى ((الزنا الذي لا يتوافر دليله الشرعي))، هي نص احتياطي لا يصار إليه إلا عند امتناع تطبيق نص المادة (263) الخاصة بجريمة وعقوبة الزنا، باعتبارها النص الأصلي فيما يخصه. وهذا يقتضي الاعتراف بتخلف الدليل الشرعي على ثبوت الزنا. وإذا سلم القاضي بهذه الحقيقة ثم قضى، بالرغم من ذلك، بعقوبة الزنا الواردة بالمادة (267) من قانون العقوبات النافذ وهي ذاتها الموجودة في مشروع القانون أوقع مصدر الحكم نفسه في تناقض خطير، لأنه بذلك يعلن أن الزنا لم يثبت للمحكمة شرعاً ومع ذلك ثبت لها قانوناً، ولأنه لم يثبت شرعاً لم تقض بالجلد أو الرجم حداً. على أنه عندما ثبت لها قانوناً قضت بالسجن تعزيراً. وهذا تسويغ مرفوض، إذ لا يصح، في ظل نظام قانوني واحد، أن يتضمن الحكم القضائي ثبوت الواقعة وانتفائها في ذات الوقت. ذلك أنه لا يجوز إثبات الزنا بغير الأدلة الشرعية الواردة في القرآن الكريم، كما أنه لا يصح نفي الفعل شرعاً وإثباته قانوناً، لما في ذلك من إهدار لأحكام الشريعة والقانون معاً. وهذا التنافر، كما يرى بعض كبار فقهاء الشريعة والقانون، يقود إلى أحد أمرين: إما اتهام الشريعة بالإفراط في تطلب دليل إثبات لا حاجة إليه، أو اتهام القانون الوضعي بالتفريط بقبوله دليلاً لا يصح الاكتفاء به والاعتماد عليه في توقيع العقاب على جريمة خطيرة كالزنا، وكلا الأمرين لا يليق.ولا مجال للاعتراض بانتفاء التناقض، بدعوى أن البينة، بشروطها الشرعية، إنما تلزم لإيقاع الحد وليس لثبوت الزنا، وأن ما يترتب على عدم اكتمال البينة هو امتناع الحكم بالحد دون أن يكون ذلك مقتضياً، بالضرورة، نفي وقوع الزنا. وعلى هذا الأساس لا يكون، في نظر البعض، ثمة تناقض إذا منع المشرع القاضي من إيقاع حد الزنا وأجاز له - إذا ما اقتنع بثبوت (الزنا) - أن ينـزل بالمتهم عقوبة الاتصال الجنسي (الإيلاج) المنصوص عليها بالمادة (267) من القانون. وهذا الاعتراض مردود، فالبينة ليست لازمة لإيجاب الحد فحسب، وإنما هي مشترطة كذلك لإثبات جريمة الزنا ذاتها. وليس أدل على ذلك من أن جمهور الفقهاء يرون وجوب توقيع عقوبة الحد على الشهود باعتبارهم قَذَفة، إذا كانوا أقل من أربعة، ولو صح أن فعل الزنا يثبت شرعاً بأقل من أربعة شهود، ما لزمهم حد القذف عند نقصانهم، لأن هذا الحد يسقط بإثبات القاذف صحة ما قذف به شرعاً.ويتساءل بعض علماء القانون وفقهاء الشريعة المعاصرين في هذا المضمار: ما هو الحكم لو أن القاضي حكم بالعقوبة الواردة بالمادة (267) من قانون العقوبات على المتهم بالزنا فقدم المحكوم عليه شكوى ضده مطالباً بإقامة حد القذف عليه لأنه رماه بالزنا دون أن يثبت صحة ما رماه به شرعاً، بل على الرغم من علمه بأن ذلك غير ممكن الثبوت شرعاً؟! ولا يستطيع القاضي الذي أصدر الحكم الاعتصام هنا بسبب الإباحة المتمثل في أداء الواجب، لأن النظام القانوني لا يمكن أن يجعل قذف المسلمين بالزنا بغير الدليل الشرعي عملاً مباحاً، ناهيك عن أن يكون واجباً.على أن عدم انطباق نص المادة (267) من قانون العقوبات ليس مؤداه إفلات المتهم من المساءلة والعقاب لعدم توافر الدليل الشرعي، إذ يمكن، عندئذ، تطبيق نص المادة (271) من قانون العقوبات الخاصة بـ (هتك العرض) إذا خلا من الإكراه.ونحن نرجح الاتجاه القائل بأنه إذا حقق القاضي الدعوى واستبان له أن دليل الزنا لم يكتمل شرعاً، فعليه أن يثبت شهادة الشهود وأقوال المتهم وتقارير الخبراء وقرائن الأحوال، ثم يعلن أن الأدلة التي اجتمعت لديه لا تكفي لإثبات الزنا شرعاً، ولكنها، مع ذلك، تكفي قانوناً لإدانة المتهم في جريمة هتك العرض، لأنه القدر المتيقن لديه، ثم يحكم على المتهم بالعقوبة المقررة لهذه الجريمة طبقاً للفقرة التي توفرت شروطها.بل إنه يمكن أن تتولى النيابة استبانة عدم وجود الدليل الشرعي على الزنا، أثناء التحقيق، فتقدم الفاعل في جريمة هتك عرض موفرة بذلك على المحكمة مشقة تمحيص الدعوى واستفصال جوانبها فيما يتعلق بوقوع جريمة الزنا الحدية من عدمه.الوجه الثاني : سبق أن أوضحنا، أن المقرر، وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية الغراء، هو عدم وجود ما يسمى (الزنا الذي لا يتوافر دليله الشرعي)، فحد الزنا إما أن يثبت توافر موجباته أو لا، باعتبار أن الدليل المتطلب شرعاً، هو شرط في إثبات الجريمة ذاتها، لا مجرد شرط في إيقاع العقوبة فقط، ومن ثم، فإنه إذا انتفى الدليل انتفى الحد بالكلية.ونضيف إلى ذلك أنه، وفقاً لأحكام الشريعة والقانون، يعتبر مرتكباً جريمة هتك عرض المنصوص عليها بالمادة (271) من هذا القانون ويعاقب بذات العقوبة المقررة لها كل من لم تتوافر الشروط اللازمة لتطبيق الحد عليه لعدم قيام الدليل الشرعي على ارتكابه جريمة الزنا المنصوص عليها بالمادة (263) من هذا القانون.ولذلك نرى إعادة صياغة المادة (267) بحيث تتضمن المعاني السالفة.[c1]المــادة (270) تعريف هتك العرض[/c]النــص الحالــي((كل فعل يطال جسم الإنسان ويخدش الحياء يقع من شخص على آخر دون الزنا واللواط والسحاق يعتبر هتكاً للعرض)).النص بعد التعديل((كل فعل يدنس عرض الإنسان بما يمس العورة ويخدش الحياء يقع من شخص على آخر دون الزنا واللواط والسحاق يعتبر هتكاً للعرض)).النــص المقتــرح((كل فعل يطال جسم الإنسان بما يمس العورة ويخدش الحياء يقع من شخص على آخر دون الزنا واللواط والسحاق يعتبر هتك للعرض)).عَدلت اللجنة النص القانوني النافذ، بأن وضعت كلمة ((يدنس)) بدلاً عن ((يطال))، والتدنيس هو، في الغالب، مسألة معنوية بينما ((الطَّول)) فعل ينطوي على اعتداء مادي وهو ما يلزم لقيام جريمة هتك العرض.ولذلك فالصحيح هو بقاء كلمة ((يطال)) الموجودة في القانون النافذ بدلاً عن كلمة ((يدنس)) المقترحة من قبل اللجنة، ثم تستمر بقية التعديلات في المادة لوفائها بالغرض التشريعي المطلوب.فتكون صيغة المادة بعد تعديلها على نحو صحيح كالتالي:((كل فعل يطال جسم الإنسان بما يمس العورة ويخدش الحياء يقع من شخص على آخر دون الزنا واللواط والسحاق يعتبر هتكاً للعرض)).[c1]المــادة (271) هتــــك العــــرض[/c]نرى أن تضاف بعد المادة (270) المادة التالية وذلك استكمالاً للمادة الخاصة بالزنا واللواط اللذين لا يتوافر دليلهما الشرعي. ((يعتبر مرتكباً جريمة هتك عرض المنصوص عليها بالمادة (270) من هذا القانون، ويعاقب بذات العقوبة كل من لم تتوافر الشروط اللازمة لتطبيق الحد عليه أو لم يقم الدليل الشرعي على ارتكابه جريمة الزنا المنصوص عليها بالمادة (263) وتضاعف العقوبة في هذه الحالة إذا وقع ذلك من رجل على إحدى محارمه)).[c1]المــادة (272)عقوبة هتك العرض بإكراه[/c]النــص الحالــي((يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على خمس سنوات كل من هتك عرض إنسان حي بالإكراه أو الحيلة أو إذا كان المجني عليه أنثى لم تتجاوز خمس عشرة سنة أو ذكراً لم يجاوز اثنتي عشرة سنة أو معدوم الإرادة أو ناقصها لأي سبب أو إذا كان الجاني من أصول المجني عليه أو من المتولين تربيته)). النص بعد التعديل((يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على خمس سنوات كل من هتك عرض إنسان حي بالإكراه أو الحيلة، وتكون العقوبة الحبس مدة لا تزيد على سبع سنوات إذا كان المجني عليه لم يتم الثامنة عشرة من عمره أو معدوم الإرادة أو ناقصها لأي سبب، أو إذا كان الجاني من أصول المجني عليه أو من المتولين تربيته)).أوردت اللجنة عنواناً قاصراً للمادة (272) هو: ((عقوبة هتك العرض بإكراه))، فكانت النتيجة أن تخلفت وسيلة الحيلة في العنوان بالرغم من أنها من مكونات الجريمة، وبالإضافة إلى القصور المذكور في العنوان فقد تضمن قصوراً آخر هو إيراد كلمة ((إكراه)) خالية من (الـ) للتعريف ما يعتبر خللاً لغوياً يلزم تدراكه.ولذلك يجب تغيير عنوان المادة بحيث يصير كالتالي:((عقوبة هتك العرض بالإكراه أو الحيلة)).والعلة في ذلك هي أنه لا يجوز استخدام كلمة ((أو نحوه)) في مجال التجريم والعقاب، لأن هذا التعبير المطاطي يتضمن، صراحة، قياساً تجريمياً وهو غير جائز دستوراً ولا شرعاً حسب الراجح في الفقه الشرعي اليمني، كما أن القياس التجريمي يتعارض مع المادة (47) من الدستور اليمني بعدم جواز التجريم والعقاب إلا بنص قانوني، والملاحظ أيضاً أن حظر القياس التجريمي هو الأصح من اجتهادات علماء وفقهاء الشريعة في اليمن.يضاف إلى ذلك أن العنوان قد حوى الوسيلتين الإجراميتين المنصوص عليهما في المادة المذكورة (272) وهما (الإكراه والحيلة)، والثابت هو أنه ما من وسيلة أخرى يمكن إضافتها في هذا المقام، الأمر الذي لا يجوز معه إيراد عبارة ((أو نحوه)) الموجودة في مشروع القانون.[c1]مادة مضافة بعد المادة (274)الخلــوة بـ (أجنبيــة)[/c]تنص المادة المضافة على ما يلي:((يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة كل رجل بالغ اختلى بامرأة بالغة ليست من محارمه في مكان خاص أو (بعيد) عن أعين الناس دون مبرر شرعي وتعاقب المختلى بها بذات العقوبة إن كانت الخلوة برضاها)).الاقـــتراحيجب حذف المادة من مشروع القانون.اقترحت اللجنة المسماة (لجنة تقنين أحكام الشريعة) بمجلس النواب اليمني إضافة جريمة خطيرة إلى قانون العقوبات أسمتها ((الخلوة بأجنبية)).وقد ورد هذا المقترح ضمن مشروع أعدته اللجنة ليكون بديلاً عن قانون العقوبات النافذ رقم (12) لعام 1994م.وقد تضمن مشروعاً متخلفاً لقانون عقوبات بدائي تضمن تعديلات جوهرية وضارة في قانون العقوبات النافذ بما في ذلك إضافة عدد كبير من الجرائم إليه لا يوجد لها مثيل في العالم المعاصر، ومن ذلك جريمة لقاء رجل بامرأة من غير محارمه.والمادة المضافة يأتي ترتيبها بعد المادة (274) من قانون العقوبات النافذ ونصها كما يلي:((يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة كل رجل بالغ اختلى بامرأة بالغة ليست من محارمه في مكان خاص أو (بعيد) عن أعين الناس دون مبرر شرعي وتعاقب المختلى بها بذات العقوبة إن كانت الخلوة برضاها)).وقبل أن نبدأ في إبداء ملاحظاتنا حول الجريمة الجديدة المقترحة يلزمنا القيام بشرح العبارات الواردة في النص التجريمي المقترح من قبل اللجنة:- المكان الخاص: مثاله: المنـزل أو المكتب التابع لذوي المهن الخاصة كالتجار والطب والمحاماة والمحاسبة ... الخ.- والمكان البعيد عن أعين الناس: مثاله: الشواطئ كساحل أبين في عدن وساحل الحديدة والمناطق الجبلية السياحية كمنطقة عصر في صنعاء وجبل صبر في تعز، والسيارات الخاصة ... الخ، إذا لم يكن مع المرأة أو السائق راكب آخر بالغ عاقل.المــبرر الشرعـي : الزواج.ونعرض فيما يلي أهم وجوه الاعتراض والملاحظات النقدية على النص المذكور:الوجه الأول : الشريعة إما حرام محظور فعله أو مباح لا يعصي من فَعله ولا من تركَه، واجتماع المرأة بالرجل، لا يوجد نص شرعي في الكتاب أو السنة المحمدية، يحظره ويعتبره حراماً يجب عقاب فاعله، ومن ثم، فإن تجريم لقاء أو اجتماع المرأة بالرجل مطلقاً، هو تحريم لمباح ينطوي على تكليف الناس بما يشق عليهم في العصر الحديث وعدم التيسير عليهم في معاملاتهم وإعناتهم وإيقاعهم في الضيق والحرج، بما يخالف مبادئ الشريعة الإسلامية الغراء ويشل حركة المجتمع ويعوق تقدمه.وإذا كانت القاعدة العامة هي: أن ما يؤدي إلى الجريمة يعتبر جريمة بذاته، فكل الوسائل المؤدية إلى ارتكاب جريمة الزنا تعتبر بدورها جرائم، كفتح المحلات للدعارة، والتوسط بين النساء والرجال لهذا الغرض، وإغراء النساء أو الرجال على ذلك، وتسهيله لهم أو مساعدتهم عليه، إلا أن الخلوة ليست مؤدية، بذاتها، إلى وقوع الزنا بحيث يمكن اعتبارها جريمة.ولا يمكن التسليم بالرأي القائل بأن الخلوة يمكن قياسها على فعل من عانق امرأة أجنبية أو قبلها أو دخل بيتها برضاها أو غرر بصبية واستدرجها إلى مكان مجهول أو كشف عن عورته لآخر، فهذه كلها جرائم بذاتها تستحق التعزير بينما الخلوة العابرة ليست كذلك.الوجه الثاني : إن الولاء للتطور لا يتعارض مع الطاعة للشريعة الإسلامية الغراء، ولذلك فإن المفروض على المشرع اليمني، في العصر الحديث، أن يستمد من الشريعة والفقه الإسلامي نصوصاً قانونية تساعد المجتمع على النهوض والتطور وتستقيم بها حياة الناس وتمنع عنها الاضطراب والانتكاس إلى الوراء وتيسر عليهم شئون حياتهم وعلاقاتهم، لا أن ترهقهم من أمرهم عسراً، كما هو الحال في جعـل المرأة شبهة في كل الأحوال والظروف، بحيث يكون الاجتماع بها جريمـة، وعلى من يدعي العكـس إثبات ذلك؟! مع أن المفروض أن الاجتماع بين الرجل والمرأة أساسه الإباحة، وعلى من يدعي أنه ينطوي على جريمة إثبات ذلك.والجدير بالملاحظة بصدد تجريم الخلوة العابرة بين الرجل والمرأة مطلقاً، مصدره بعض المتشددين في المذهبين (الحنبلي) و (المالكي)، الذين يرون أن ما قد يؤدي إلى جريمة، يعتبر جريمة ولو لم يكن جريمة بذاته.ويجد هذا التشدد أساسه في سيادة الاعتقاد لدى المتشددين بأن البواعث النفسية إذا بدا من العمل ما يدل على المقصد فإنه يكون عملاً محرماً كالفعل المقصود تماماً، ولكن الزيدية والحنفية والشافعية لا يأخذون بالبواعث لأنها تتصل بالنيات، وقد تجاوز الله عما توسوس به النفوس، فالوسائل في نظرهم، ليست جرائم.الوجه الثالث : إن الله سبحانه وتعالى، حينما لم يورد، فيما يخص اجتماع المرأة والرجل نصاً يحرمه، إنما أراد لنا أن نجتهد في هذا المجال لاستنباط حكم تستقيم به مصالحنا المعتبرة شرعاً، والحكم اللازم شرعاً هنا هو إباحة الاختلاط والاجتماع بين الرجل والمرأة لضرورات الحياة ومقتضيات العمل، فلا يجوز، بالتالي، تحريم الاجتمـاع بينهمـا إلا إذا انطوى على جريمة أو كان الغرض منـه ارتكـاب معصية، وهنا يجب على من يدعي ذلك إثباته، لأنه استثناء من الإباحة.والقول بغير ذلك، هو تعسف وظلم لا يستند حتى إلى تأويل نص ظني الدلالة، كما أنه لا يقوم على استنباط حكم لمسألة لم يرد فيها نص قطعي الثبوت.ويتضح مما أسلفنا أن النص المراد إضافته إلى قانون العقوبات تحت عنوان ((الخلوة بـ “أجنبية”)) معيب بعدد من العيوب الجوهرية التي يتعين معها حذفه، نذكر منها ما يلي:العيب الأول : إهدار المبدأ الدستوري القاضي بأن البراءة الأصلية هي الأساس في حياة الإنسان، ومن يدعي العكس عليه الإثبات.وبناءً على ذلك، فالبراءة الأصلية الثابتة في علاقة الرجل بالمرأة، لا تزول بمجرد احتمال وجود سبب للتجريم، طبقاً لنص تجريم اجتماع الرجل والمرأة أي تحريم مطلق الخلوة، ما مؤداه أن على من يدعي عكس البراءة الأصلية إثبات ما يدعيه، ذلك أن المفروض شرعاً ودستوراً هو عدم التجريم كأصل، ومن يدعي العكس هو الملزم بالإثبات دون حاجة لنص قانوني.فمن يزعم أن هناك جريمة مرتبطة بوجود امرأة ورجل منفردين في مكان ما، يلزمه إثبات دعواه وتقديم البرهان على صحة بلاغه وإلا وقع تحت طائلة المساءلة والعقاب، أما أن يحظر لقاء رجل بامرأة من غير محارمه دون شهود ويُجَرَّم اجتماع المرأة والرجل مطلقاً ويصير عبء إثبات البراءة واجباً على من يتمتع بحق شرعي ودستوري هو البراءة الأصلية، فهو نقل لعبء الإثبات إلى من ليس واجباً عليه وتغليب لمبدأ غريب على القانون الجنائي، مفاده (أن الإنسان متهم حتى تثبت براءته)، مع أن المعلوم بالضرورة هو أن الإنسان بريء حتى تثبت إدانته بارتكاب جريمة ما.العيب الثاني : يترتب على اعتماد نص تجريم مسمى (الخلوة)، أن يصير كل من يلتقي أو يجتمع دون شهود بامرأة في أي مكان كان، عرضة للاتهام بارتكاب مسمى (جريمة الخلوة)، وعلى من يدعي أن اللقاء أو الاجتماع كان لسبب مشروع كالعمل أو الضرورة أو الصدفة إثبات ذلك، وهذا عنت وتعسف ينافي أصل البراءة الدستوري، كما أنه يتعارض مع مقتضيات العصر وضرورات الحياة الإنسانية ذاتها التي لا تجيز تجريم الاجتماع البشري الطبيعي بين الرجل والمرأة.العيب الثالث : أن المفاسد التي ستنجم عن تطبيق نص (الخلوة) المقترح، أكثر من المصالح التي يعتقد البعض أنه يمكن جنيها من وراء ذلك (إن افترضنا وجود مصلحة ما؟)، والقاعدة الشرعية السائدة في الفقه الإسلامي واليمني على وجه الخصوص منذ ظهور الإسلام، أن (درء المفاسد مقدم على جلب المصالح)، كما أن هذه القاعدة الأصولية الجوهرية منصوص عليها في القانون المدني [المادة (4) منه]، وهو قانون أساسي ينبغي مراعاة قواعده وأحكامه عند سن أية قوانين أخرى.ومن المفاسد التي ستترتب على تضمين قانون العقوبات نص تجريم اجتماع الرجل والمرأة المسمى (الخلوة) ما يلي:1 - فقدان عدد كبير جداً من النساء لأعمالهن كالسكرتيرات، لأنه لا يجوز لهن العمل في مكاتب مع موظف أو الدخول إلى مكاتب رؤسائهن أو مناقشة الأعمال معهم على انفراد، كما أنه لا يمكن اعتبار الوظيفة مبرراً شرعياً للخلوة طالما وجد الرجال الذين يمكن استخدامهم لهذا العمل، ليس ذلك وحسب، بل إن مؤدى تطبيق النص الوارد في المشروع هو معاقبة الطبيب الذي يدخل غرفة العمليات بصحبة ممرضة لإمكان استخدام ممرض بدلاً عنها ومثال هذا كثير في حياتنا العملية.2 -ملاحقة كل رجل التقى بإحدى محارمه أو اجتمع بها في مكان خاص والقبض عليهما لأن وجود جريمة الخلوة في قانون العقوبات يخول كل من هب ودب تلك الملاحقة وذلك القبض حيث لا يعرف أحد أن المرأة من محارم الرجل ولا يمكن تبين ذلك إلا بعد حدوث الملاحقة والسؤال وربما إجراء القبض والاستجواب.العيب الرابع : خطورة تطبيق نص الخلوة على غير اليمنيين الموجودين في اليمن كالسياح، الذين غالباً ما يكونون من الجنسين ويقطنون، خلال إقامتهم في اليمن، في مكان واحد، وبالتالي، إما أن يطبق النص عليهم، وهذا يعتبر مخالفاً للاتفاقيات والعهود والأعراف الدولية، كما أنه يشكل ضربة قاضية للسياحة، أو يتم استثناء الأجانب من تطبيق نص تجريم الخلوة عليهم وذلك يخل بعمومية وإلزامية النص العقابي، وبالتالي، العدالة في التشريع، الأمر الذي يتعين معه حذف المادة المضافة بشأن الخلوة.العيب الخامس : إن من شأن تجريم مطلق الاجتماع أو الخلوة الضرورية العابرة بين الرجل والمرأة، من غير المحارم، تحويل المجتمع بأكمله وخاصة النساء إلى كائن بشري مشتبه به، بحيث يتاح لكل متطرف ومتخلف أن يعيث فيه فساداً تحت ذريعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبحجة تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية وآراء الفقهاء المسلمين، حتى فيما لم يرد به نص قانوني، ومهما كان تعارض نشاط الشخص المتطرف مع المصلحة الراجحة في المجتمع، كما يتيح النص القانوني المقترح الخاص بتجريم مطلق الخلوة العابرة بين الرجل والمرأة، لكل فاسد في الأجهزة الأمنية وما في حكمها، أن يقتحم حياة الناس في الأماكن الخاصة وأماكن العمل والمكاتب وينتهك خصوصياتهم في أماكن العمل الخاصة والحدائق والشواطئ وغيرها، لابتزاز الموجودين فيها عن طريق البحث عن المُختلين من الرجال والنساء ومنعهم من ذلك ومساءلتهم ومعاقبتهم بسببه، متذرعاً، في مضمار ممارسة فساده وتسويغ ابتزازه للمواطنين الآمنين، بتطبيق النص التجريمي للخلوة وإقامة أحكام الشريعة؟!وإذا كان القانون يقضي بإبعاد البغي عن المجتمع تخلصاً من فسادها وترويضاً لها على العفة، وذلك بإرسالها إلى إحدى مؤسسات التربية والإصلاح، إلا أن ذلك لا يعني تعميم هذا الحكم على جميع النساء، والاعتقاد، خطأ، بأن كل خلوة غايتها الزنا ما يترتب عليه نفي المرأة من الحياة العامة للحيلولة دون اختلاطها بالرجال ومنع اختلائها بالرجل في ميادين العمل والإنتاج وكل ما اقتضت الضرورة ذلك.إن تجريم مطلق الخلوة العابرة بين الرجل والمرأة، يفترض توافر القصد الإجرامي لدى كل منهما، وأن خلوتهما هي دوماً بقصد ارتكاب الفاحشة.العيب السادس : سوف يترتب على وجود جريمة (الخلوة) في قانون العقوبات اليمني حرمان النساء من الحصول على وظائف عامة أو خاصة، لأن النص التجريمي الخاص بالخلوة سوف يولد إحساساً بالحرج لدى أصحاب الوظائف، وخشية من صيرورته سبباً لإيذائهم وتعطيل أعمالهم والإضرار بمصالحهم، سوف يتجهون إلى توظيف الرجال والعزوف عن استخدام النساء.وبذلك يجب حذف المادة من مشروع القانون.[c1]* أستاذ علوم القانون الجنائي كلية الشريعة والقانون جامعة صنعاء المستشارالقانوني والمحامي أمام المحكمة العليا[/c]