نجوى عبدالقادرمنذ انبثق من ليل الصمت العميق ، واخترق اسوار العزلة ، مخاطباً حكم الامامة .. لم يكن خطابا ، بل إدانه واتهام :[c1]لماذا لي الجوع والقصف لك ؟يناشدني في الجوع ان اسألك ؟لماذا .. وفي قبضتيك الكنوز تمد إلى لقمتي أنملك ؟وتقتات جوعي وتُدعى النزيهوهل اصبح اللص يوماً ملك ؟![/c]صوت الشاعر والمثقف اليمني الذي كان ابرز رموز المقاومة في مسيرة الثورة والكفاح في اليمن ، رغم ليل القهر والتخلف السائد في البلاد ، كان لايعدم الرؤية للمستقبل والايمان بقدوم الفجر : [c1]غداً ، لاتقل اين مني غدخلا لم تسمّر يداك الفلكغداً لن اصفق لركب الظلامسأهتف : يافجر ما أجملك[/c]لم يكن الانتظار سهلاً ، فالانتظار في ظل الطغاة مجزرة تُحزّ بها رؤوس كلما تأخر بزوغ الفجر :[c1]فإلى كم نسير فوق دماناأين أين الفرار هل نحن ندري ؟!كلنا في السرى حيارى .. ولكنكلنا في انتظار ميلاد فجر[/c]وما اروع النشيد عندما يظل الفجر ، فتسكر به قلوب كثيرة .. قلوب تبتلت في محراب الليل حتى شف منها الروح والعظم : [c1]افقنا على فجر يوم صبيفيا ضحوات المنى اطربيأتدرين ياشمس ماذا جرى ؟سلبنا الدجى فجرنا المختبي[/c]لقد كان للأدب اليمني - والشعر منه بخاصة - دور كبير قبل ثورتي 62 سبتمبر و 41 أكتوبر ، وان كان ذلك مقصوراً على بعض الادباء الذين ناضلوا في سبيل قضايا شعبهم اليمني والذين ارتبط بعضهم بالنضال السياسي في الممارسة اليومية .ورغم ليل القهر والتخلف السائد في البلاد كانت اصوات الشعراء يمتزج فيها الامل واليأس بالصبر والجزع .. وهذا الشاعر ( علي عبدالعزيز نصر ) الذي يئس من طول الانتظار بعد أن فشلت ثورة 17 فبراير 1948م :[c1]الليل طال على متاعبنا وما طال الطريقهجعت قوافلنا فلم يظفر بطلعتنا الشروقمابالنا في كل منعطف مسالكنا تضيقوبكل منطلق يكاد يلفنا الصمت العميق[/c]ونعود إلى قصيدة البردوني لنرى كيف أن الانتظار لم يكن سهلاً ، فالانتظار في ظل الطغاة مجزرة تحزّ بها رؤوس كلما تأخر بزوغ الفجر :[c1]فإلى كم نسير فوق دمانااين اين الفرار هل نحن ندري !؟كلنا في السرى حيارى .. ولكنكلنا في انتظار ميلاد فجر[/c]ويعطي الزبيري نموذجاً خاصاً وفريداً بين شعراء النهضة العرب ، ذلك أن مشاركته لم تقتصر على قول الشعر ، بل تعدته إلى ممارسة السياسة وقيادة مقاليدها . وازاء هذا التنوع في تراث الزبيري ونضاله يجد النقاد انفسهم امام اشكال الادب والسياسة ، امام ماهو شاعري وفني وماهو سياسي وواقعي . ويزداد الامر تعقيداً حين لانجد معالم فاصلة بين الاثنين .. هكذا كانت رغبة الزبيري بأن يجمع بين الحلم والواقع.. بين الشاعري والاجتماعي ، ولكن مأساته كانت تكمن في ذلك الكم الهائل من الاستبداد والظلم ، وفي ذلك التراث المعقد من العلاقات التاريخية التي تشوه المجتمع وتفتت لبناته ، لذا لم يكن مستغرباً ان يذهب الزبيري نفسه ضحية ذلك الواقع الذي سعى دائماً نحو تغييره بل والادهى من ذلك ان ترتد سهام نقده عليه . لقد واكب الزبيري حركة 1948م التي ارادت ان تناصب الامام في عليائه وتستبق قدوم هذا الفجر ، ولكن لاسباب موضوعية وذاتية خفتت اشعة ذلك الفجر وخنق ذلك الوليد في مهده فسارت في محراب ذلك اليوم السابع عشر من فبراير 1948م قافلة من الشهداء وحزت رؤوس ، ولم يكن امام الزبيري الا ان يبكي قناديل الضوء وبشارات الفجر الجديد :[c1]انا راقبت دفن فرحتنا الكبرى***وشاهدت مصرع الابتسامة ورأيت الشعب الذي نزع القيد***وابقى جذوره في الامامة واذا بالطبول عادت طبولاً***واذا بالفطيم يلغي فطامة واذا بالدستور يصرعه البغي***ويلقى كصانعيه حمامة نحن شئنا قيامه لفخار***فأراه الطغاة هول القيامة [/c]ولكن الشاعر الزبيري في اعقاب ثورة 1948م يستشف الواقع ويلمح ماوراءه ، فعندما اكتسحت اليمن موجة من اليأس ، وركع الشعب أمام الطغاة وتكاثرت التهاني والمبايعات للجلاددين قال وهو ينتظر فجر ثورة اخرى جديدة : [c1]هو الشعب حق مشيئاته***صواب ورشد خطيئاته له نبضنا واحاسيسنا***فما نحن الا نباتاته ولكنه في المجال البعيد***تعلو على الظلم راياته [/c]
|
ثقافة
الثورة السبتمبرية في انتظار الفجر
أخبار متعلقة