واشنطن تخضع استخباراتها لأول مرة لاتفاقية جنيف لمكافحة التعذيب
واشنطن/14 أكتوبر/كارين بوهان: قال الرئيس الأمريكي جورج بوش أمس السبت إنه قلق من نتائج توصل إليها تقرير للمخابرات الأمريكية بأن القاعدة رسخت أقدامها في ملاذ آمن لها في منطقة قبلية في باكستان بالقرب من أفغانستان. ولكن بوش عرض المساعدة على الرئيس برويز مشرف بالقول إنه يعتقد بأن مشرف ملتزم بمحاربة متشددي القاعدة وطالبان. وأفاد جزء من تقرير تقديرات المخابرات القومية أعلن في الأسبوع الماضي أن هناك تهديدا "داهما ومتناميا" للولايات المتحدة من جانب جماعات إسلامية متشددة ولا سيما تنظيم القاعدة الذي يقوده أسامة بن لادن. وأضاف بوش في كلمته الإذاعية الأسبوعية أن تقييم التقرير الخاص بأن القاعدة تكتسب قوة في المنطقة القبلية في باكستان "هو من أكثر الأمور إثارة للقلق". وأكد البيت الأبيض أن الهدنة التي توصل إليها مشرف في سبتمبر مع زعماء القبائل لم تنجح وقال بوش أنه ثبت بأن الزعماء غير راغبين أو غير قادرين على حراسة المنطقة بأنفسهم. وأضاف الرئيس الأمريكي "إن الرئيس مشرف يعترف بأن الاتفاق لم ينجح أو لم يطبق بصورة جيدة وهو يتخذ خطوات فعالة لتصحيح الأمر." وأشار بوش إلى ان القوات الباكستانية تقاتل المتشددين وأن الولايات المتحدة تساعدها. وأضاف "سنعمل مع شركائنا لنمنع حصول طالبان والقاعدة على ملاذ آمن في باكستان أو في أي مكان في العالم." ويواجه مشرف أزمة سياسية في بلاده وسط موجات من العنف اندلعت بعدما هاجمت القوات الحكومية مسجدا في إسلام أباد في وقت سابق هذا الشهر لإنهاء اعتصام متشددين فيه.
ومن المعتقد بأن منطقة شمال وزيرستان القريبة من حدود أفغانستان معقل لنشاط القاعدة وطالبان ويقول المسؤولون الأمريكيون أن بن لادن وغيره من كبار القادة في تنظيم القاعدة مختبئون هناك. وتضغط الولايات المتحدة على الحكومة الباكستانية كي تبذل مزيدا من الجهد لقمع أنشطة القاعدة في المنطقة الحدودية ولم تستبعد حدوث ضربات أمريكية. وتقول وزارة الخارجية الباكستانية أن قواتها وحدها يمكنها شن أعمال في مواجهة الإرهاب على الأرض الباكستانية. على صعيد آخر أمر الرئيس الأميركي جورج بوش ولأول مرة بضرورة التزام جميع محققي وكالة الاستخبارات المركزية (سي.آي. أي) باتفاقية جنيف الدولية لمكافحة التعذيب، في حين أقرت محكمة أميركية بأحقية محامي المعتقلين في غوانتانامو بالاطلاع على الوثائق الحكومية الخاصة بموكليهم.وينص الأمر على إخضاع أساليب التحقيق مع المعتقلين استنادا إلى الفقرة الثالثة من بنود اتفاقية جنيف التي تحظر القتل والتعامل المهين، والتشويه، والأذى الجسدي المقصود، والاغتصاب والاعتداء الجنسي، وإخضاع الموقوفين لتجارب بيولوجية، أو أخذ رهائن لإجبارهم على الإدلاء بمعلومات، أو إهانة معتقداتهم الدينية.بيد أن ناشطي حقوق الإنسان انتقدوا قرار بوش كونه لم يأمر بوقف أساليب التعذيب الخطرة.وفي هذا الإطار قالت منظمة العفو الدولية إنه وعلى الرغم من حظر بعض الأساليب مثل "الاغتصاب والاعتداء الجنسي"، لا يزال هناك تعتيم كامل عن تقنيات أخرى من التحقيق والاستجواب مثل الغرق الافتراضي والغرف الباردة والحرمان من النوم.من جهته أوضح رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ السيناتور جون روكفيلر بأنه يتعين على مسؤولي (سي.آي. أي) أبلاغ اللجنة بالكيفية التي سيتم فيها ترجمة قرار الرئيس بوش، كما ينبغي على وزارة العدل تقديم التفسير القانوني والقضائي بشأن ذلك.واعتبر رئيس المخابرات المركزية مايكل هايدن أن الأمر الرئاسي يقدم صورة واضحة لمحققي الوكالة وموظفي الهيئات الأخرى بخصوص المسؤوليات القانونية ذات الصلة بدورهم بعمليات الاعتقال السري، وأضاف أن القرار يشير إلى تطبيق الشروط الواردة في الفقرة الثالثة من اتفاقية جنيف لمكافحة التعذيب وبشكل واضح، مؤكدا استعداد الوكالة للالتزام بفحوى القرار الصادر.غير أن العديد من كبار المسؤولين في الوكالة رفضوا تحديد تقنيات وأساليب الاستجواب التي سيسمح بممارستها استنادا إلى قرار الرئيس بوش، معتبرين أن الإفصاح عن هذه الأساليب قد يعطي فرصة "لتنظيم القاعدة لتدريب كوادره لمقاومة تلك التقنيات".يشار إلى أن عددا ممن يشتبه في كونهم من كبار أعضاء تنظيم القاعدة معتقلون في غوانتانامو ويخضعون لما يصفه مسؤولو الـ سي.آي.أي لأساليب الاستجواب المطورة.وتزامنا مع قرار بوش أقرت محكمة الاستئناف الأميركية العليا بواشنطن أحقية محامي المعتقلين بمعسكر غوانتانامو بالاطلاع على جميع الوثائق الحكومية -بما فيها الحساسة- للدفع أمام المحكمة العسكرية ببطلان الاتهام الموجه إليهم بكونهم "مقاتلين غير شرعيين".جاء القرار بإجماع قضاة المحكمة الثلاثة يوم الجمعة ليشكل ضربة قانونية جديدة لمحاولات الإدارة الأميركية لتحجيم الحق القانوني للمحامين بالاطلاع على الوثائق والأدلة التي تقدمها جهة الادعاء إلى المحاكم العسكرية فقط.يشار إلى أن جهة الادعاء ردت على مطالب محامي الدفاع السابقة بهذا الخصوص بالقول إن المحكمة العسكرية المخولة بتحديد توصيف المعتقل "كمقاتل شرعي" من عدمه، تعطي لهم الصلاحية بالاطلاع على الأدلة المقدمة لها. بيد أن محكمة الاستئناف العليا اعتبرت هذا الإجراء غير كافٍ على أساس أنه لا يمكن لمحامي الدفاع تمثيل موكليهم على النحو المطلوب دون الاطلاع على كافة الوثائق والأدلة ذات الصلة بالقضايا المعنية.كذلك أقرت محكمة الاستئناف بعدم جواز موقف الحكومة من السماح لمحامي الدفاع بزيارة معتقل غوانتانامو مرة واحدة لمدة ثماني ساعات للقاء المعتقلين والحصول على التوكيل القانوني لهم.وطالبت المحكمة بضرورة السماح للمحامين بزيارة موكليهم مرتين على الأقل من أجل كسب ثقتهم وتمكينهم من أداء عملهم حسب الأصول القانونية المعتمدة.