غزة / 14 أكتوبر / رويترز:انسحبت القوات الإسرائيلية من قطاع غزة يوم أمس الاثنين في أعقاب هُدنة مبدئية مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) سمحت للفلسطينيين بتقييم ما خلفته الحرب المُدمرة التي استمرت ثلاثة أسابيع.وأزالت جرافات أنقاضا من شوارع القطاع وقال جهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني إن أكثر من 22 ألف مبنى إما دُمرت أو لحقت بها أضرار وقُدر إجمالي قيمة الخسائر في غزة بما لا يقل عن 1.9 مليار دولار.وقال مسؤولون عسكريون إن القوات والدبابات التي تدفقت على قطاع غزة في الثالث من يناير كانون الثاني في بداية الهجوم الإسرائيلي ترحل تدريجيا ولكنها مازالت مُستعدة لمواجهة أي تفجر للقتال.وأعلنت كل من إسرائيل وحماس وقفا لإطلاق النار يوم أمس الأول الأحد مما أشاع شعورا بالارتياح لدى الدول الغربية التي شعرت بانزعاج لتزايد الخسائر البشرية في قطاع غزة رغم تعاطفها علانية مع المخاوف الأمنية الإسرائيلية.وألقت الأزمة بظلالها على الأيام الأخيرة من إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش وكشفت عن تحديات في الشرق الأوسط قد يجد الرئيس المنتخب باراك اوباما الذي سيؤدي اليمين اليوم الثلاثاء أنها لا تقل صعوبة عن التحديات التي واجهها من سبقوه من الرؤساء.وخرج الفلسطينيون من أماكن اختبائهم والصدمة تملؤهم بعد استشهاد أكثر من 1300 من إخوانهم وإلحاق دمار هائل بالمنازل والبنية التحتية.وقال مسؤولون بالقطاع الطبي في غزة إن بين القتلى الفلسطينيين 700 مدني على الأقل. وقالت إسرائيل إن بين القتلى مئات المسلحين واتهمت حماس بتعريض المدنيين للخطر من خلال العمل في مناطق مكتظة بالسكان. ونفت حماس صحة الرقم الذي ذكرته إسرائيل وقالت إنها فقدت 48 مقاتلا.وتقول إسرائيل إنها فقدت عشرة من جنودها إضافة إلى ثلاثة مدنيين قتلوا في هجمات صاروخية.وأعلن إسماعيل هنية رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة في قطاع غزة تحقيق نصر شعبي على إسرائيل وقال في كلمة إن «العدو» فشل في تحقيق أهدافه.ووصف هنية قرار حماس إعلان الهدنة بشرط أن تنسحب إسرائيل في غضون أسبوع بأنه قرار حكيم ومسؤول.وقال أبو عبيدة المتحدث باسم كتائب عز الدين القسام الجناح المسلح لحركة حماس أن كل الخيارات ستكون مفتوحة إذا لم تلتزم إسرائيل بالمُهلة المحددة للانسحاب.
وشنت إسرائيل عمليتها الجوية والبرية والبحرية يوم 27 ديسمبر كانون الأول الماضي وتعهدت «بتغيير الواقع» في بلداتها الحدودية الجنوبية التي تتعرض منذ عام 2001 إلى نيران حماس وغيرها من الفصائل الفلسطينية المسلحة بصواريخ أغلبها قصير المدى وبدائي الصنع.وعلى الرغم من إطلاق زخات متقطعة من الصواريخ على إسرائيل يوم الأحد فقد أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود أولمرت انجاز المهمة مشيرا إلى الجهود الدبلوماسية الحثيثة التي بذلتها الولايات المتحدة ومصر ودول أوروبية لمنع حماس من إعادة تسليح نفسها.وسيعني هذا اتخاذ إجراءات لم تحدد بعد لوقف تهريب الأسلحة إلى حماس عبر حدود مصر مع قطاع غزة وهو أمر حساس نظرا للجهود التي بذلتها مصر للحد من التهريب.وهدد وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي افي ديختر بالرد عسكريا على أي تدفق جديد للأسلحة على قطاع غزة قائلا إن إسرائيل ستعتبر مثل هذا التهريب هجوما على أراضيها.وقال ديختر للإذاعة الإسرائيلية «هذا يعني أنه إذا تجدد التهريب فستعتبره إسرائيل كما لو أن النيران أطلقت عليها.»ويبدو الوضع في قطاع غزة في الوقت الحالي أشبه كثيرا بما كان عليه قبل اندلاع الحرب حيث المواجهة المسلحة والمستقبل المظلم الذي يحيط بمليون ونصف مليون شخص محتجزين في القطاع بسبب حصار يهدف معاقبة حماس على إطلاق الصواريخ وسعيها لتدمير إسرائيل.وقالت أماني كردي وهي طالبة تبلغ من العمر 19 عاما بينما كانت تتفقد حطام الجامعة الإسلامية في غزة التي درست فيها العلوم «لا أعرف أي مستقبل ينتظرني الآن. لا أحد غير الله يعلم مستقبلي بعد هذا.»ودعا الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي - الذي انضم إليه قادة ألمانيا وبريطانيا واسبانيا وايطاليا وجمهورية التشيك باعتبارها الرئيس الحالي للاتحاد الأوروبي لإجراء محادثات مع اولمرت - إسرائيل إلى فتح حدود غزة أمام المعونات في أقرب وقت ممكن.وفتحت إسرائيل يوم أمس الاثنين ثلاثة معابر حدودية لمرور شحنات الغذاء وغيرها من المواد الأساسية. وقال مارك ريجيف المتحدث باسم أولمرت إن من الممكن السماح بعبور «كميات هائلة» من المعونات اذا استمر الهدوء.وداخل إسرائيل حظيت العملية بشعبية وعززت موقف وزيرة الخارجية تسيبي ليفني ووزير الدفاع ايهود باراك قبل انتخابات العاشر من فبراير شباط.لكن استطلاعات الرأي لا تزال تتوقع فوزا سهلا لبنيامين نتنياهو زعيم المعارضة اليمينية الذي عارض انسحاب إسرائيل عام 2005 من قطاع غزة بعد 38 عاما من الحكم العسكري قائلا إن الانسحاب سيعزز الإسلاميين المتشددين.وعلى الصعيد نفسه تعهدت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) يوم أمس الاثنين بإعادة تسليح نفسها في تحد لأي جهود إسرائيلية ودولية لمنع الحركة من إعادة بناء ترسانتها من الصواريخ وأسلحة أُخرى بعد الحرب على غزة.وقال أبو عبيدة الناطق باسم كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحماس في مؤتمر صحفي «فلتفعلوا ما تشاؤون فادخال السلاح الطاهر وصناعة السلاح المقاوم هو مهمتنا ونحن نعرف جيدا كيف نحصل على السلاح.»وأضاف في حديثه إلى الصحفيين ووجهه ملثم بوشاح فلسطيني «جميع الخيارات ستكون مفتوحة» إذا فشلت إسرائيل في سحب قواتها من قطاع غزة خلال أسبوع وهو شرط وضعته حماس عندما أعلنت يوم أمس الأول الأحد وقفا لإطلاق النار بعد ثلاثة أسابيع من القتال.وهددت إسرائيل التي أعلنت من جانبها وقفا لإطلاق النار بتجديد العمليات العسكرية إذا حاولت حماس تهريب مزيد من الأسلحة إلى قطاع غزة.وتريد إسرائيل من مصر أن تمنع الأسلحة من الوصول إلى النشطاء الفلسطينيين من خلال أنفاق تحت الحدود مع قطاع غزة.وكانت إسرائيل قد وقعت يوم الجمعة الماضي اتفاقا أمنيا مع الولايات المتحدة يدعو إلى زيادة تبادل المعلومات والمساعدة الفنية واستخدام كل الإمكانات الأمريكية المتاحة للحيلولة دون وصول الأسلحة إلى حماس جوا وبرا وبحرا.