صباح الخير
في تاريخنا العربي الاسلامي عبر ودروس لايمكن التخلي عنها او نسيانها لانها صارت في العصر الحديث قوانين يعتدبها ويتباهى بها غير ابناء جلدتنا، وكأنها من صنعهم او من عالمهم (الاول)!.يحكي لنا التاريخ ان المعتصم بالله، خليفة المسلمين واميرهم ، الذي كان بالكاد يقرأ ويكتب، كان على اطلاع واسع وعلم نافع، وهو الذي تعاقب ابناءه واحفاده على حكم دام اكثر من (400 سنة) اذا ما عرفنا ان والده هارون الرشيد ومن سبقه من خلفاء بني العباس قد حكمواحوالي (61) سنة وهو العصر الذهبي .. العصر العباسي الاول بانتهاء حكم (هارون الواثق) ابن المعتصم بالله ينهي حقبة زمنية تلتها الفتن والمؤامرات والانقسامات.. ماآذن بتصدع اركان الدولة وسيطرة الاتراك كحجاب ووزراء وبطانات.. الخ!.ويحكي التاريخ عن هذا البطل الفاتح لعمورية .. عندما استنجدت به امرأة مسلمة طالها الجور والظلم فاطلقت استغاثتها المشهورة : (وامعتصماه!..) فقال لبيك يااختاه .. وكان من بقية القصة المعروفة ماكان.المعتصم (احمد المؤتمن) ابن هارون الرشيد .. ذلك الرجل الهمام الذي لم يتوان عن نصرة مسلمة استغاثت به فاعد الجيوش وسار ليدك اسوار العصاة وتحرير المستضعفين وليقهر من اراد قهر الاسلام واهله . يحكي التاريخ هذه الحكاية عنه:مر المعتصم بجيوشه في الطريق الى عمورية، مر يستسقي خيله وجنوده فرأى كلبا مقطوع اليدين، او هكذا قد تعرضتا للتلف، رآه يحاول الشرب ولكنه لم يستطع، محاولا عدة مرات، لكن عاهته منعته، وسبحان الله .. فقد نزل الخليفة الفاتح من على ظهر جواده وحمل الكلب الى حافة النهر وجعله يلعق حتى ارتوى، فاعاده الى بر الامان .. فاستدار الكلب محركا ذيله بزهو .. مؤذنا بتحية وشكر وعرفان لقاء هذه الاغاثة التي سجلت واعتبرت بانها اول (جمعية للرفق بالحيوان) بالمصطلح الحديث!.رغم ان الكلب نجس، والنجاسة تمنع المسلم من ممارسة حياته وأداء فرائضه الا ان "الضرورات تبيح المحضورات" ونعلم ان المعتصم قد ادى واجبه وتطهر وكتبت له حسنة او حسنات، وفتح الله عليه بفتح عمورية ودك معاقل الكفر التي اشار اليها (ابو تمام) في قصيدته المشهورة : فتح عمورية.وفي حادثة اخرى .. قرأنا مالسجين مغربي من صلة وامانة ووفاء مع كلبه الذي ظل مرابطا لاشهر امام السجن الذي اودع فيه الرجل .. كان الكلب يتابع ويتحسس ويئن لوعة وفرقة صاحبه، يرقب الداخل والخارج وكأنه يسألهم عن حال صاحبه، ستة اشهر والحال هكذا حتى مل حراس السجن منه، فطاردوه وضربوه.. ولكنه مازال مصرا على الوفاء..اختفى الكلب بعد مدة ولم يعد حراس السجن يروه، فتساءلوا : ترى اين ذهب .. هل هو حي ام قد مات من الجوع والهزال والضرب.. الخ؟ تتبعوا الامر فعرفوا ان الكلب قد رافق صاحبه المفرج عنه وذهبا معا الى مدينة اسبانية، بحسب المعلومات المؤكدة.. ترى اهناك اليوم وفاء وامانة واخلاص بمثل مافعل هذا الكلب الوفي؟!وبين فعلة الخليفة المعتصم بالكلب وانقاذه .. كان الكلب لصاحبه وفيا وكأنه يستحضر فعلة المعتصم الوفية التي جعلت فصيلة الكلاب تبادل الانسان الوفاء بالوفاء والاخلاص.. وهل هناك اوفى من الكلب ان انت احسنت التعامل معه وصنت حياته..؟!اسوق هذه المفارقات .. اليوم في وقت غدا الانسان يفتك باخيه الانسان، وصار بعض الناس اكبر من حيوان مفترس والا كيف نفسر خطف طفل او طفلة او سائح او انسان عادي، كيف نفسر هذه الاعمال التي تعبر عن كفر وجحود في نعم انعم الله علينا بها هي العقل والقلب وبقية اجزاء الجسم التي تدعونا للرحمة والمساعدة وتقديم يد العون .. وليس العكس من ذلك؟.ألا ترون معي ان الامور بحاجة الى التبصر والتفكر فيما نحن فيه وان نعتبر في خلق الله سبحانه، حتى لاتفتك بنا المصائب ونهلك كما اهلك الله اقواماً وقرى من قبلنا، جزاء لافعالهم التي لاترضي الله ولارسوله ولا المؤمنين؟! مجرد انبعاث ضمير، واعتبار دروس التاريخ مآثر في اعمالنا دائما.