قبل ظهيرة كل يوم وأنا في طريقي من منزلي إلى مبنى مؤسسة (14 أكتوبر ) للصحافة والطباعة والنشر , حيث عملي في صحيفة ( 14 أكتوبر ) منذ ثلاثة عقود , وأنا في الطريق اشاهد كثيراً من المواطنين حاملين في أيديهم نسخاً من الصحيفة إصدار اليوم نفسه , بعضاً منهم أشاهده يتصفحها في مجلسه في مقهى قريب من مبنى المؤسسة , هذه المشاهد تعطيني قوة أواجه بها تعب اليوم الذي غالباً تبدأ ساعاته من العاشرة صباحاً وحتى الواحدة فجراً , تنهكه الصحيفة من جسدي ولكنه تعب لذيذ, والذي يحملنا نحن العاملين فيها مسؤولية أمانة لا يمكن تصويرها لكم هنا في هذه الأسطر القليلة .. أمانة مخاطبة عقول الناس بمصداقية تعزز فيهم قناعة حب الوطن والفداء من أجله .. ليس فقط فداء بالروح وهو مقدس شرعه الله سبحانه وتعالى ورفع شأن عباده الشهداء من أجل أوطانهم , بل فداء العرق والجهد من أجل رفع شأن الوطن ومواجهة كل من يحاول أن ينخر في جسده ويمزق وحدة أبنائه ويوقظ الفتنة النائمة في المجتمع .. نعم أمانة تظل تلاحقنا كلما امسكنا القلم لنكتب سطراً يقرأه المواطنون . أقول هذا الكلام بعد أن فهمت من أخي العزيز وأستاذي الجميل ثقافة وخلقاْ ومعاملة مع الآخرين / نجيب مقبل مدير تحرير صحيفة ( 14 أكتوبر ) أنه تلقى بعض الكتابات رداً على ما كتبته أنا في عدد الاثنين الماضي الموافق 19 فبراير , حول معاتبتي ومعاتبة الوطن للزملاء الاساتذة الذين جعلوا من أقلامهم تكتب بعيداً عن ما يواجه الوطن اليوم من خطر فتنة طائفية تقودها شرذمة ضالة في بعض مناطق محافظة صعدة والتي لا تهدد كما يعتقد هؤلاء الزملاء الأساتذة النظام الوطني الديمقراطي وحده , بل تهدد الوطن بكامله إذا استمر السكوت عنها , وجعلها تنتشر كالسرطان في الجسد اليمني !!الزملاء الأساتذة مع كل تقديري واحترامي لهم فهموا ما كتبته أنني ضد كتابة النقد حول بعض الاختناقات التي تشهدها البلاد بين حين وآخر , كالنظافة والبيئة وارتفاع الاسعار , وكذلك بعض الاختلالات الأمنية التي تحدث هنا وهناك بفعل تطور وتنامي المجتمع , أقول على العكس .. فأنا مع كل هذه الأطروحات النقدية , بل من واجبنا كصحف حكومية وطنية أن نتصدر قائمة من ينتقدون الدولة إذا شعرنا بتقصيرها في حق المجتمع .. بل ما قصدته في موضوعي الصادر يوم الأثنين الماضي , كان عتاباً ونقداً نمارسه مع أنفسنا , عتاباً بأن نكتب أشياء ونضعها في مقدمة أولوياتنا ( الأمانة ) , بتوجيه خطابنا الإعلامي الملتزم إلى المجتمع , فالوطن يواجه خطر فتنة طائفية حقيرة تخطط وتدعم من الخارج وتنقذ بأرواح يمنية باعت ضمائرها ورخص الوطن في دواخلها مقابل حفنة من المال ترسل إليهم هدفها تمزيق اليمن الكيان اليمني الواحد وتحويله إلى فوضى كما هو حاصل اليوم في العراق الشقيق .. فبدلاً من تركيز كتاباتنا في توعية المجتمع بخطورة ما تحمله الشرذمة الضالة في بعض مناطق صعدة , نجد الزملاء الأساتذة يغنون على ليلاهم .. ويتباكون على النظافة ويشتكون من ارتفاع الأسعار واصوات مآذن دور العبادة ( الجوامع ) وبعضهم يطالب بمساكن إيجاراتها رخيصة وبناء سكة حديد .. وكلها انتقادات ومطالب مشروعة وإن كانت الشكوى ليست في اليمن فقط , بل هي نفسها في جميع دول العالم اليوم , خاصة في دول غنية ومتقدمة صناعياً , قصدت هذا وليس إنني ضد ما يكتبه الزملاء الأساتذة .. فالجميع اليوم مطالبون بمواجهة العناصر الإرهابية كواجب وطني لترسيخ قواعد الأمن والاستقرار وتعزيز روح الوحدة الوطنية داخل المجتمع اليمني .. مواجهة تقطع دابر الفتنة , وكما قال رسول الله سيدنا ( محمد ) عليه أفضل الصلاة والسلام : “ الفتنة نائمة , لعن الله من أيقضها».والله من وراء القصد .
أخبار متعلقة