بروكسل / 14 أكتوبر / رويترز:يلتقي حلف شمال الأطلسي الذي ولد على أنقاض الحرب العالمية الثانية اليوم الجمعة في الذكرى الستين لإنشائه ويحرص بهذه المناسبة على تجنب تعرضه للإذلال في حرب بعيدة في أفغانستان لم يتخيل انه سيخوضها يوما. يعقد الاجتماع في مدينتي ستراسبورج وكيهل الحدوديتين في أرض الراين على حدود الخصمين اللذين تحولا إلى حليفين فرنسا وألمانيا وسيزخر بالرمزية احتفالا بالحلف الذي أنشئ في الأساس للدفاع عن حدود أوروبا.كما سيرحب الحلف بالعودة الكاملة لمشاركة فرنسا في أنشطة الحلف بعد انقضاء فترة الشقاق الفرنسي الأمريكي التي ترجع إلى أيام الرئيس الفرنسي الأسبق شارل ديجول في الستينات وبعد تحسن المناخ بين ضفتي الأطلسي عقب تسلم باراك أوباما الرئاسة الأمريكية في يناير كانون الثاني الماضي. وسيدخل الحلف الذي يضم 26 دولة عضوين جديدين من شرق أوروبا هما ألبانيا وكرواتيا كدليل على اتساع هيمنته خلال سنوات الحرب الباردة ويتطلع إلى بناء الروابط مع روسيا بعد الحقبة السوفيتية. لكن كل هذه المظاهر الاحتفالية لا يمكن أن تخفي شكوك حلف الأطلسي في سبيل المضي قدما في حربه الطويلة ضد الإسلاميين المتشددين في أفغانستان ومخاوفه من تصاعد التطرف في جارتها باكستان المسلحة نوويا. وأشار كارل هاينز كامب من كلية دفاع حلف شمال الأطلسي في روما إلى أن “أفغانستان مشكلة كبيرة جدا وقضية رئيسية بالنسبة لحلف شمال الأطلسي. لست واثقا من فهم كل دولة في الحلف لها جيدا.” وتواصل العنف في أفغانستان لأكثر من سبع سنوات منذ الغزو الأمريكي للبلاد عام 2001 للإطاحة بحكومة طالبان رغم وجود أكثر من 60 ألف جندي من 42 دولة تحت قيادة حلف الأطلسي بالإضافة إلى آلاف آخرين تحت قيادة الولايات المتحدة في عمليات ضد الإرهاب. وأكد مؤتمر دولي عقد في لاهاي هذا الأسبوع عزم المجتمع الدولي على عدم خسارة الحرب في أفغانستان والتفت الدول حول إستراتيجية أوباما الجديدة لتصعيد الحرب على المتشددين وتعزيز قوات الأمن الأفغانية. لكن محللين يحذرون من المغالاة في التفاؤل بخطة أوباما ويرون أن الزيادة المقررة في القوات الأمريكية في أفغانستان لن تكون كافية وان شركاء واشنطن في حلف الأطلسي مازالوا يحجمون عن تقديم القوات والمعدات والأموال كما أن هناك حاجة لتنسيق الجهود. وقال كامب “لا نملك مسودة...لا نعرف كيف نفعلها ولا يوجد لدينا تقييم حقيقي للموقف. إذا كنت لا تعرف أين أنت فكيف ستعرف إلى أين تتجه؟” ووصف تاراك بركاوي من مركز الدراسات الدولية في جامعة كيمبردج مهمة حلف الأطلسي في أفغانستان بأنها “ورطة”. وقال “الأمور لن تتطور للأحسن في المستقبل على الإطلاق. الناس تحت وهم أن القتال في دولة كأفغانستان هو أقل صعوبة من العراق وهذا ببساطة ليس هو الحال. “وفي باكستان أنت تنظر إلى دولة فاشلة تملك أسلحة نووية وكل المعدات العسكرية الأخرى. هذا شيء لا يريد أحد إمعان التفكير فيه. انه مستنقع.” ويقول ياب دي هوب شيفر الأمين العام لحلف الأطلسي انه حان الوقت للتوصل إلى نتائج. لكن الحلف يركز على ما يمكن تحقيقه بشكل واقعي. ففي الوقت الراهن يريد الحلف من الحلفاء على الفور إرسال أربع كتائب إضافية أي ما يصل إلى 4000 جندي لحماية الانتخابات الأفغانية المقبلة التي تجري في أغسطس آب وتوفير فرق لتدريب الجيش الأفغاني والتزام بدعم مهمة تدريب الشرطة الأفغانية تحت قيادة الحلف. وقال جيمس اباثوراي المتحدث باسم هوب شيفر “نريد أن نضمن أن تكون هذه القمة أكثر من مناسبة للمصافحة والاحتفالات.. نريد نتائج.” من جانبه يرى روبرت جاكسون المحلل في (تشاتام هاوس) أن فشل الحلفاء في الحذو حذو الولايات المتحدة بمزيد من الالتزام الملموس سيعني أن الحلف سيواجه في نهاية الأمر خيارا صعبا “أما أن نرحل ونترك طالبان تتولى أو أن حلف الأطلسي بقيادة الولايات المتحدة يحتاج إلى التزام هائل بتوفير القوات والمساعدة. أفغانستان تضيع من بين أيدينا.” كل هذه الشكوك القت أيضا بظلالها على اختيار خليفة لهوب شيفر خلال القمة. ويخشى بعض الحلفاء أن يشعل المرشح الأول أندرس فو راسموسن رئيس وزراء الدنمرك التوتر مع المسلمين نظرا لعدم اعتذاره خلال خلاف حول نشر رسوم كاريكاتيرية مسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم. وأبدت تركيا عضو الحلف العلمانية التي تقطنها غالبية مسلمة بالفعل تحفظاتها على راسموسن.