من تقاليد الشعوب
صنعاء / منى المحاقري :اليمن عالم حافل بالنقوش مكتظ بالزخرفة كل ما حولك يشي ببصمة الإنسان الذي يصر على أن يخفر في ذاكرة كل شيء نزعته إلى التزيين والزخرفة تطبع كل ما هو يمني، الملابس، الأواني، الحوائط، والأسقف وجوه المنازل، المساجد. والمرأة الريفية في اليمن جزء من هذا العالم الجميل، امرأة منتجة تزرع مأكلها وتنسج ملبسها فهي تعمل منذ شروق الشمس في الحقول، فتطرز الجبال بالخضرة وترسم المدرجات بأشجار البن وتلون الوديان بسنابل القمح لذلك تراها رشيقة القوام مشدودة البنيان جمالها نضر كأنما يرتوي من وابل لا ينقطع، بشرتها قمحية مشعة كأنما نسجت من خيوط الشمس. كما تتزين بالنباتات العطرية الخضراء مثل الشذاب والريحان والمشموم والكاذي حيث تلف بها شعرها او تضعها فوق عصابة رأسها او بمحاذاة اذنيها وتسمى «المشاقر» وهي مأخوذة من اللغة اليمنية القديمة من الفعل «هشقر» بمعنى بنى وعلا وهذا مما يؤكد الارتباط بين الزينة والعمارة في الثقافة اليمنية منذ القدم، وتشكل الحلي الفضية مكملاً أساسيا لزينة المرأة الريفية والتي تعرف باسم «المخلص» للتعبير عن درجة نقاء هذه الفضة وخلوها من الخلط بمعادن أخرى.وأضافت في حديثها وتلعب الحلي دورها الجمالي تعكس قيماً اجتماعية واقتصادية فمدخرات المرأة في الريف يعبر عنها بواسطة الحلي وهذا ما يفسر تكدس الحلي على جسم المرأة ويفسر تحلي المرأة بالعملات الفضية والذهبية، فالحلي تؤدي أدوارا عديدة حيث تعبر عن المكانة الاجتماعية وترتبط أشكالها بالعديد من المعتقدات، فالفضة تشكل على هيئة احراز أو احجبه تحفظ من ترتديها وقد تكتب عليها بعض آيات من القرآن الكريم والمرجان له فاعليته في درء العين ومنع الحسد والعقيق يجلب الحظ ويحقق السعادة، فالفضة تزين المرأة من رأسها حتى قدميها و أحيانا يصل وزن ما تحمله المرأة من فضة إلى عدة كيلو جرامات، فالمرأة تلبس العصبة وهي عبارة عن حزام يشد على الرأس تتدلى منه أقراط كبيرة من الفضة تسمى اخراصاً أو تتدلى على الخد فتسمى «زين الخد» و الاساور العريضة التي يطلق عليها اسم قبور العشاق ويزين النحر والصدر بالقلادات و الأساور التي تعتمد علي طريقة الشبك في التصنيع كما يشد الوسط بحزام عريض تتدلى منه الجناجل وتزين الأرجل بالخلاخيل والحجول ويندر أن تخلو هذه الحلي من الأحجار الكريمة المستخرجة من جبال اليمن مثل العقيق بأنواعه و ألوانه أو تلك المستخرجة من شعاب البحر الأحمر مثل المرجان واللؤلؤ.أن زينة المرأة في اليمن تعكس ذلك الانسجام بين الإنسان اليمني والطبيعة من حوله وتطرح في الوقت ذاته مقاييس جمالية مختلفة يتجلى من خلالها الاختلاف الثقافي بين المجتمعات حول القيم الجمالية.