39 ألف فتاة عربية وأجنبية تجاوزن سن الزواج في السعودية ( 1 - 2 )
الرياض /متابعات:عكست الأرقام الرسمية التي أعلنتها جهات سعودية حكومية لأول مرة ظاهرة اجتماعية جديدة على المجتمع السعودي وهي مشكلة العنوسة وهي الظاهرة الاجتماعية الثانية بعد ظاهرة الطلاق التي تثير قلق المجتمع... إذ ثبت أن نسبة حالات الطلاق وكذلك الفتيات غير المتزوجات، على الرغم من بلوغهن سن الزواج تعد الأعلى عالميًا. وقد امتدت ظاهرة (( العنوسة )) لتشمل حوالى ثلث عدد الفتيات السعوديات وذلك وفقًا لإحصائية لوزارة التخطيط... وجاء فيها أن عدد الفتيات اللاتي لم يتزوجن وتجاوزن سن الزواج اجتماعيًا ( 30 عامًا ) بلغ حتى نهاية 1999 حوالى مليون و 529 الفًا و 418 فتاة. من يرى أسماء يعتقد أنها، سعودية الأصل والمنشأ، فهي تجيد اللهجة المحلية، وتتشبث بالعادات والتقاليد، وترتدي عباءة الرأس، والنقاب وكفوف الأيدي: «هذه عادات مجتمعي الجديد، ولا بد من اتباعها، على رغم صعوبة التأقلم معها. فالمجتمع السعودي يختلف كثيراً في عاداته وتقاليده عن المجتمعات الأخرىوجاء في تقرير كتبته رحمة ذياب في جريدة الحياة اللندنية ... لم تخف منى عاطف، سورية الجنسية، ما وجدته من «صعوبة في التأقلم، وفي العيش في السعودية»، على حد وصفها. وكان أهل منى، قرروا تزويجها من أول رجل سعودي يتقدم إليها، منذ أن بلغت 18 سنة. ومع قدوم مولودها الأول بعد مضي زهاء سنة، قررت منى الانفصال، وبدأت معركة شرسة مع زوجها، «الذي لم يهنأ لي العيش معه لحظة واحدة، على رغم ظروفه المادية الجيدة»، على حد تعبيرها. وفي خضم معركة، تحول في ثناياها طفلهما «ضحية»، لم تتوان «السورية» عن تقديم الكثير من التنازلات، وتقول: «تنازلت عن الطفل، الأمر الذي كان بمثابة خنجر غُرس في قلبي. عمر طفلي تسع سنوات، ولكنني لم أره منذ انفصالي عن أبيه». منى تدخل في تفاصيل حياتها التي انتهت بالطلاق «طواعية، وليس كرهاً»، وتوضح: «تنافر، تضاد، وتلاسن، كان ذلك أبرز فصول السنة الأولى من الزواج، لذا بدأت أفكر ملياً في الانفصال بعد الولادة، وتسليم المولود إلى والده، الذي كان يعتقد أن الطفل سيرغمني على العيش معه، وتحمّل الحياة التي بدت مليئة بالغيوم». تحاول أن تسترجع ذاكرتها لتتخيل صورة طفلها: «كان صغيرًا جدًا، واعتقد أن والده ذهب به إلى القصيم (300 كيلومتر شمال الرياض)، حيث تقطن عائلته، إلا أن صورته محفورة في قلبي، وأنا على أمل اللقاء به يوما.تنجم مشكلات كثيرة عن عدم التكيف والانسجام، ربما لا تكون لأسباب اجتماعية. حكاية أسماء بغاجاتي، الأردنية الأصل، والتي تزوجت منذ أربع سنوات، ولم تحصل على الجنسية السعودية بعد، تعتبر نموذجًا في هذا المجال. ودعت عائلتها إلى أمل «الالتقاء بهم يومًا»، إلا أن الظروف وقفت حائلاً أمام ذلك، ولم تجد منفذًا لرؤية والدتها التي هاجمها المرض آنذاك. وتقول: «تزوجت وفي مخيلتي السعادة التي لم أذق طعمها يومًا، منذ مرض والدتي ووفاتها. لم أتمكن من زيارتها. ومن هنا كانت المآسي والأحزان، وبقيت في السعودية، وتوفيت والدتي من دون أن أراها». من يرى أسماء يعتقد أنها، سعودية الأصل والمنشأ، فهي تجيد اللهجة المحلية، وتتشبث بالعادات والتقاليد، وترتدي عباءة الرأس، والنقاب وكفوف الأيدي: «هذه عادات مجتمعي الجديد، ولا بد من اتباعها، على الرغم من صعوبة التأقلم معها. فالمجتمع السعودي يختلف كثيرًا في عاداته وتقاليده عن المجتمعات الأخرى». حكايات تتوالى في بيوت السعوديين المتزوجين من أجنبيات، فإحداهن كانت تحلم منذ طفولتها، أن تكون لديها «خادمة»، فهي عاشت وحيدة بين أربعة ذكور، وكانت تتولى شؤون المنزل، من التنظيف والطبخ، فحلمت بأن تتزوج رجلاً «ثريًا» يجلب لها خادمة، ويريحها من تلك «الأشغال الشاقة». وتقول: «ليته لم يكن حلمًا، وليتني بقيت أخدم أخوتي، فأنا أشعر اليوم أنني في دوامة البحث عن حريتي». تتأفف وتكفكف دموعها بعدما بات كابوسًا يؤرقها، لأن زواجها غير ناجح اطلاقًا. وفي المقابل، فإن «الانهيار» سيكون أسرع من المتوقع، مخلفًا وراءه ضحايا لا ذنب لهم. هذا حال لسان مجموعة من السعوديات اللاتي تزوجن من أجانب. وتبقى المشكلة الأكبر - في نظرهن - هي مصير الأطفال في حال الطلاق، أو وفاة أحد الزوجين. وربما تتفاقم المسألة، وبخاصة مع الانفتاح الذي يصيب المجتمعات، والاختلاط بين الشعوب، فضلاً عن ارتفاع نسبة العنوسة وغلاء المهور في السعودية، كلها تساهم في الزواج من أجنبي. وتقول السعودية أميرة عبد الكريم التي تعمل «وكيلة في مدرسة»، وهي متزوجة من مصري: «تزوجت سعوديًا، وأنجبت منه بنتًا وولدًا، وحدثت بيننا مشاكل أدت إلى الطلاق. بعدها بنحو سنتين، تزوجت من مدرس مصري الجنسية، وأنجبت منه ثلاثة أولاد». وتشير إلى أنها تشعر بـ»الظلم لافتقاد أولادها من زوجها المصري للجنسية السعودية، وحرمانهم من عدد من الحقوق في كثير من المجالات». وتشعر بثقل وضعهم بعد تخرجهم في الثانوية العامة، لإكمال الدراسة الجامعية، فالجامعات السعودية الحكومية لا تستقبل «الأجانب». وتضيف: «طلبت من زوجيّ شراء بيت في السعودية، على نفقتيّ الخاصة. لكنه رفض الموضوع، ولم يتقبل الفكرة مطلقًا». وتقول: «أشعر بالألم عندما يحين موعد اقتراب سفر أبنائي مع والدهم إلى مصر. ويراودني شعور بعدم رجوع أبنائي إلى السعودية مرة أخرى». وواجهت المواطنة السعودية فاطمة عبدالعزيز مشكلة في تأخر الموافقة الرسمية على زواجها من لبناني. وتقول: «تسرعت كثيرًا، لأنني لم أفكر للحظة في أطفالي، فذهبت في إحدى السنوات إلى لبنان، لمدة تتجاوز الأربع سنوات. وتلقيت خبرًا من أهلي عن والدي. واضطررت إلى العودة. وكان ابني أحمد رضيعًا (ثمانية أشهر)، عند ذهابي إلى المطار مُنع ابني من السفر، لأنه لبناني الجنسية، ويلزمه تأشيرة لدخول الأراضي السعودية». هنا تبدأ المأساة والحيرة «بين الطفل وبين والدي الذي طلب رؤيتي قبل وفاته». فقررت في النهاية ترك الطفل عند والده، والسفر وحدها. وتشير إلى طبيعة «المجتمع السعودي وعاداته وتقاليده القبلية، وطبيعة النظرة «الخاصة» إلى الأولاد من أم سعودية وأب أجنبي، من قبل المجتمع بما فيه العائلة». وتؤكد «الخوف من أن يكون أبنائيّ غير قادرين على الانسجام والتأقلم مع عادات وتقاليد مختلفة، بين المجتمعين اللبناني والسعودي». يقول الباحث في العلاقات الاجتماعية الدكتور نايف السليمان: «إن التزاوج بين المجتمعات لا يمكن الحكم عليه بالفشل في شكل عام، فثمة أمور وعوامل تتداخل بعضها ببعض، والزواج، له أسس ومبادئ ثابتة لا تتغير. وهناك خطأ يكمن في فكرة واعتقاد سائدين بأن الزواج من أجنبية يعني المشاكل، وعدم التناغم». ويضيف أن «مشاكل التجنيس وغيرها قد تدخل الزوجين فعلاً في مأزق، إلا أن ذلك لا يعني الانفصال، فهو أمر ليس محكومًا بشخصين، وإنما بأطراف عدة»، مشيرًا إلى مثل شعبي، ربما لا يكون صائبًا دومًا، يقول: «خذ من طين بلادك، وحط على أخدادك». وكانت حنان الزاير من قناة العربية كتبت تقريرًا تضمن أن العنوسة تنتشر في أوساط الفتيات العربيات الوافدات للمملكة العربية السعودية واللاتي يعشن هناك كموظفات أو مرافقات لأسرهن، وتبلغ نسبة العنوسة حوالى 5.8% من مجموع الوافدات البالغ عددهن 1.7 مليون فتاة وذلك حسب آخر الإحصاءات الصادرة عن مصلحة الإحصاءات العامة السعودية. ووفقًا لآخر إحصائيات وزارة التخطيط فإن عدد الفتيات العربيات والأجنبيات اللواتي لم يتزوجن وتجاوزن سن الزواج المحدد اجتماعيًا 30 عامًا بلغ خلال العام الماضي 39 ألف فتاة عربية وأجنبية. [c1]يتبع غداً[/c]