د. فهد محمود الصبريإذا كانت هناك مشكلة سكانية في مجتمع ما، سواء أكانت ناجمة عن زيادة السكان أو ارتفاع معدل الخصوبة كما هو الحال في الدول النامية، أو كانت ناجمة عن نقص السكان وتراجع معدل الخصوبة (في بعض الدول الأوروبية) فإن الأسرة هي المكان الذي ينبغي أن يبحث فيه عن اسباب وعن نتائج مثل هذه المشكلة.إن الأسرة هي الخلية الأولى والأساسية في أي مجتمع، وبالتالي فهي المرآة التي تنعكس عليها كافة المشاكل الاجتماعية والاقتصادية وعلى رأسها المشكلات الديموغرافية والسكانية، وإذا كانت الأسرة هي العنصر الأساسي في تكوين المجتمع، فإن الإنسان هو العنصر الأساسي في تكوين الأسرة يبدأ الاهتمام بهذا الإنسان ليس فقط من كونه طفلاً،ولكن من كونه جنيناً في بطن أمه، مروراً به خلال مراحل تطوره المختلفة، بدءاً من الطفولة المبكرة، إلى الطفولة المتأخرة، إلى المرهقة والبلوغ ثم النضج لتبدأ مرحلة جديدة وهي التفكير في الزواج وتكوين الأسرة. ولذلك تختلف أشكال الأسرة ووظائفها باختلاف مستوى النمو الاقتصادي والاجتماعي فالأسرة مؤسسة اجتماعية تبحث عن ظروف الحياة الطبيعية، وهي نتاج بشري صادر عن الإنسان وتتأثر به، فتبدل النظم الاقتصادية وتطور الاحتياجات والاعراف والممارسات الاجتماعية يتحكمان في تكييف الشكل الذي تقوم عليها الأسرة وفي تحديد الروابط بين أفرادها وفي تطوير وظائفها.ومن أهم الوظائف الأساسية للأسرة هي الوظيفة البيولوجية، والمتمثلة في إرضاع الطفل من الثدي لمدة عامين وتمنحه من خلاله الشعور بالدفء والاطمئنان وحنان الوالدين، والوظيفة الثقافية من حيث أن الأسرة هي همزة صلة الوصل بين الفرد والمجتمع وهي الإطار العام الذي يحدد تصرفات الأفراد عن طريق نقل القيم المتوارثة والعادات والأعراف والتقاليد وقواعد السلوك والآداب العامة، هي المعلم الأول والذي يقوم بتكييف الأفراد اجتماعياً، والوظيفة الاقتصادية من حيث اعتبارها مؤسسة انتاجية استهلاكية في وقت واحد، والوظيفة النفسية والاجتماعية من حيث قيام الأسرة بتزويد الأطفال بمختلف الخبرات الضرورية بما في ذلك اللغة والدين والمركز الاجتماعي وهي الوسط الملائم لإقامة الكيان النفسي السليم المتوازن لعناصرها.ولكي تستطيع الأسرة أن تقوم بوظائفها البيولوجية والاجتماعية خير قيام لابد من التقيد بجملة من القواعد التي باتت معروفة باسم “تنظيم الأسرة” وذلك من اجل أن تكون الأسرة سواء من حيث الكم “عدد الأفراد” أو من حيث الكيف (نوعية وخصائص هؤلاء الأفراد الصحية والثقافية) عنصراً فاعلاً ومؤثراً في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية بصورة عامة وفي العملية التنموية بصورة خاصة.
|
الناس
نظرة سكانية
أخبار متعلقة