فلسطين المحتلة/14 أكتوبر/اليستير ليون: ربما يكون العالم مصدوما من مشاهد الدمار في غزة لكن هذا لا يؤثر على الإسرائيليين الذين يصبون كل تركيزهم على تحقيق أهدافهم من الحرب. ويقول محللون ومسئولون إسرائيليون أن بعض هذه الأهداف قد تحقق مثل استعادة قوة الردع للجيش الإسرائيلي وإلحاق أضرار هائلة بالقدرة التسلحية لحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس). لكن أهدافا أخرى مثل وقف الصواريخ التي تطلقها حماس على إسرائيل ومنع الحركة من إعادة التسلح عبر الأنفاق أسفل الحدود بين غزة ومصر لم تكتمل بعد. ويرى محللون أن الكثير سيتوقف على الشروط المحددة لاتفاق لوقف إطلاق النار تلعب مصر دور الوسيط للتوصل إليه وعلى الترتيبات التي يتوقع أن تشارك فيها مصر والولايات المتحدة ودول أوروبية أبرزها ألمانيا لاعتراض شحنات الأسلحة لحماس. وقال داني ياتوم رئيس المخابرات الإسرائيلية (موساد) السابق «أعدنا تأهيل قدرتنا على الردع على الأقل مقابل حماس والمنظمات المماثلة... ضربنا الذراع العسكري لحماس بقوة شديدة.» ويقصف الجيش الإسرائيلي قطاع غزة منذ ثلاثة أسابيع مما أسفر عن مقتل 1199 فلسطينيا وإصابة 5300 آخرين وفقا لما أعلنته وزارة الصحة في حكومة حماس المقالة في غزة. وفقدت إسرائيل عشرة جنود في القتال كما لقي ثلاثة مدنيين حتفهم اثر سقوط صواريخ على مستوطنات بجنوب إسرائيل. وقصف الإسرائيليون الشريط الحدودي البالغ طوله 15 كيلومترا بين مصر وغزة المسمى ممر فيلادلفي بشكل متكرر لتدمير الأنفاق التي تستخدم لتهريب الأسلحة والسلع التجارية. ويريدون ضمانات دولية حتى يضمنوا ألا تعيد حماس تسليح نفسها بعد انتهاء الحرب. وأضاف ياتوم «لا نعلم بعد إن كان المصريون سيأخذون على عاتقهم إغلاق ممر فيلادلفي أو ما إذا كانت حماس تريد أن تقدم التزاما للمصريين بوقف إطلاق النار لعدة سنوات.» ويقول محللون إسرائيليون إن من السابق لأوانه تحديد الأثر الذي ستحدثه حرب غزة على الصراع الفلسطيني على السلطة بين حماس وحركة فتح التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس. وسيطرت حماس في يونيو عام 2007 على قطاع غزة الساحلي في أعقاب اقتتال داخلي مع قوات حركة فتح بعد 18 شهرا من فوزها بانتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني. ومن الأهداف الرئيسية لحركة حماس رفع الحصار الاقتصادي الإسرائيلي على غزة الذي جرى تشديده بعد سيطرة حماس على القطاع. وقال مارك هيلر الباحث البارز بمعهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب «الجميع أضعفوا. حماس وخصمها أبو مازن (عباس).» وتكهن بعض المسئولين الإسرائيليين بأن تخسر حركة حماس كما هائلا من الدعم الذي تتمتع به مما يمهد الطريق في نهاية المطاف للسلطة الفلسطينية لإعادة فرض سيطرتها على قطاع غزة. ويقول مارك ريجيف مستشار رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود اولمرت «معلوماتنا... أن حماس بالغت في استخدام سلطتها وأنها أبعدت قطاعات كبيرة من الشارع الفلسطيني.» وأضاف «في اليوم التالي لانتهاء هذه الأزمة حين تهدأ الأمور ستواجه حماس مشكلة كبيرة للغاية مع الشعب الفلسطيني خاصة سكان غزة.» وحماس التي تدير شبكة من المؤسسات الخيرية والمدارس والعيادات إلى جانب الميليشيا مغروسة بعمق في المجتمع الفلسطيني مما يجعل اختفاءها من غزة في أي وقت قريب أمرا غير مرجح. كما من المستبعد أن يرحب سكان غزة البالغ تعدادهم 1.5 مليون نسمة بأي محاولة لعودة مسئولي السلطة الوطنية الفلسطينية الذين سينظرون إليهم على أنهم عائدون على ظهور الدبابات الإسرائيلية. ولم يتضح بعد النطاق الكامل للدمار الذي حل بغزة ويرجع هذا جزئيا إلى أن إسرائيل تمنع المراسلين الأجانب من الدخول ويتكهن محللون إسرائيليون بموجة غضب دولية أشد. وقال ياتوم «حين تتسنى رؤية الصورة كاملة من أنقاض وأضرار وجثث وجثامين أطفال ونساء قد تكون هناك موجة من الانتقاد ضد إسرائيل.» لكنه عبر عن وجهة نظر إسرائيلية شائعة إذ قال إن إسرائيل لم يكن لديها خيار سوى التحرك ضد حماس وأضاف «ما كان بوسعنا أن نجلس مكتوفي الأيدي أكثر من هذا بينما تسقط تلك الصواريخ على مواطنينا.» وصعدت حماس من إطلاق الصواريخ الشهر الماضي بعد أن قررت عدم تجديد التهدئة التي دامت ستة أشهر مع إسرائيل قائلة إن الحصار الإسرائيلي المتواصل والغارات على النشطاء جعلت التهدئة غير ذات قيمة. وأثارت الحملة الإسرائيلية انتقادات واحتجاجات في أنحاء العالم لكن استطلاعات للرأي تظهر أن الرأي العام الداخلي يؤيد بشدة قرار الحكومة إطلاق العنان للجيش. وقال شموئيل ساندلر الأستاذ بمركز بيجن-سادات للدراسات الإستراتيجية «المذهل هو وحدة الرأي العام. حتى وسائل الإعلام تقف وراء هذه العملية.» وأضاف «المذهل أكثر من هذا هو أن دولا عربية تريد ضرب حماس في الأساس لأنها ترى في أفكار حماس تهديدا لأنظمتها.» وقال هيلر إن الإسرائيليين مستعدون تماما لقبول العداء الدولي الذي يواجهونه حتى الآن. وأضاف «الانطباع الظاهري هو أن الناس الأكثر انتقادا هم المسلمون وهذا متوقع أو المشتبه بهم المعتادون في وسائل الإعلام الليبرالية في الغرب.» وتابع قائلا «حتى الآن وعلى الرغم من تلك الصور (في غزة) هناك الكثير من التفهم من جانب الحكومات الغربية.»