قضية للنقاش
السجن من أسوأ التجارب المرة للرجل وللمرأة على حد سواء مهما كانت الجريمة التي ارتكبها وحجم العقاب المترتب عليها ولا يمكن للمرء الذي يحمل صفة (خريج سجون) أن يتخطاها بسهولة.والصعوبة تزداد حين يتعلق الأمر بالمرأة ( السجينة) تدفع ثمن جريمتها مرة داخل السجن وألف مرة خارجه وتعيش بعد إطلاق سراحها معزولة ومنبوذة ومضطهدة حتى وإن أعلنت توبتها تظل مطرودة من (جنة) الناس ومحرومة من (رحمة) المجتمع.إن سجن المرأة تجربة غير عادية بالنسبة إليها مقارنة بالرجل بسبب طبيعتها النفسية والعاطفية فإن البعد عن أسرتها وأطفالها يجعلها تعاني آلاماً معنوية أكثر من عقوبة السجن نفسها وشعورها بفقدان الحرية.. فالشعور بالأمان أهم ما تحتاج إليه السجينة كي تواجه واقعها الحالي والمستقبل والفشل في اشباع هذه الحاجة يؤدي إلى آثار نفسية واجتماعية سلبية أهمها الحرمان والاحباط والشعور بالعصبية والسخط وهذه المشاعر مجلبة للتوتر والقلق والألم خاصة إذا كانت السجينة أماً ولديها أطفال.فهناك من تخرج من السجن وهي مليئة بالتفاؤل وأخرى تفتقر إلى الصلابة النفسية إي بمعنى تكون يائسة من الحياة ومليئة بالخوف من المجتمع الذي قد يخبئ لها المزيد من المفاجآت بينما هناك سجينات يخرجن ليعدن الكرة مرة أخرى.وبالتالي يكون تواصلهن مع المجتمع متوتراً.إن نظرة المجتمع العربي المحافظ إلى المرأة السجينة تملؤها الريبة والشك بخلاف المجتمعات الغربية التي تتعامل مع قضية سجن المرأة بشكل مرن قد لا يؤثر في مستقبلها حيث تخرج المرأة بعد تأديتها العقوبة لتمارس حياتها بصورة طبيعية.قد تصبح المرأة فريسة سهلة بعد خروجها من السجن لضعفاء النفوس الذين يعدونها وصمة عار على المجتمع يمكنها أن ترتكب الكثير والكثير من المعاصي محاولاً جر رجل تلك المسكينة بحكم خروجها من السجن ورفض مجتمعها وأسرتها تقبلها فهذه المسكينة قد تصبح أكثر عرضة للوحوش الآدمية.لماذا يحكم الناس والمجتمع والزمن على السجينات من النساء اللاتي قد يكون دخولهن إلى السجن سيئاً مدبراً أو هي صدفة أرادها القدر بعدم تقبلهن واعتبارهن وصمة عار قد لحق بهم فالسجن قد يكون إصلاحاً وتأهيلاً للسجينات فالكثير منهن دخلن السجن مرغمات وليس مخيرات فالأم السجينة عندما يتم الإفراج عنها وتعود مرة أخرى إلى حياتها السابقة لتجد بأنها قد تخلصت من السجن إلا أنها لم تتخلص من تلك النظرات التي أصبحت تلاحقها من حين لآخر وأصابع الاتهام تشير إليها بل والأسوأ من هذا وذاك هو ما يجده أولادها من مضايقات وإساءات من قبل زملائهم في الدراسة عندما ينادونهم بأبناء المجرمة خريجة السجون لتصبح كالأغنية يسمعونها أينما يذهبون.أتمنى من المجتمع والناس أن يتركوهن يعشن بسلام وأن يكون هناك بعض الدعم المعنوي والنفسي لهن حتى يتمكن من الاستمرار في الحياة ومواصلة العيش بالشكل العادي الذي اعتدن عليه كما أتمنى من أسرهن أن تتقبلهن كما هن ويجب أن يعرفوا شيئاً واحداً إن الإنسان قد يخطئ أحياناً وإن من خلقنا على هذه الأرض يغفر لمن يشاء فحين عباده مليئون بالحقد والكراهية لبعضهم البعض لهذا أقول لهم ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء.ميسون عدنان الصادق