قصة
ظل يقطع الشارع مشيا على الاقدام للوصول الى منزله ليكمل لوحته التي بدأها في وقت سابق . الجو بارد وليلة شتوية قارسة .. قال : وهو يتمتم ، لازال في الوقت اتساع سأصل في الوقت المحدد !كانت انوار السيارات تقاطعة في سيره ، فحول نظره الى الاتجاه الآخر نظر الى ساعته التي في معصمه حسب الساعات المتبقية هز رأسه وهو يقطع المسافات المتبقية ، تذكر جبيبته القابعة في المنزل هي واولادها وراح يجر الخطى . ظل يتمتم بكلمات مسموعة ( سبحان الله الحمدلله ولا اله الا الله ولاحول ولاقوة الا بالله ) شد خطاه وراح يرددها عدة مرات . نظر الى السماء رسم لها لوحة في مخيلته جانبا . اغلق فمه لان سيارة قادمة ازعجته بنورها وقطعت حبل تفكيره اللوحة التي رسمها للسماء تلاشت من خياله لكن جزءاً منها ظل مرسوماً في خياله أف ماهذا ؟ قالها .. واخذ يسأل نفسه ويجيب عليها .هل الادراك اولا .. او الفزع ، ازعجه تفكيره اسرع الخطى وبحركات لا ادراكية .. عاد الى تمتمته من جديد يذكر الله حرك اصابعه واكمل العدد . اللوحة لازالت عالقة لم تكتمل. اضاف اليها الواناً جديدة وافكاراً افتقدها من زمن ما .. الهلال الذي كان مختفياً ورأى العمارة العالية اضافه الى لوحته . ظهر جليا .اتجه الى الشارع الرئيسي . الشارع اكثر اضاءة متجر بيع الموبيليات لازال فاتحا ابوابه في هذه الساعة اخرج تنهيدة جعلته يعود الى الماضي البعيد عندما كان يعمل نجاراً ، علمه والده تلك الصنعة . الآن ترك كل شيء فهو يعمل بوظيفة لابأس بها طرد الماضي من مخيلته واردف قائلاً ( باب النجار مخلوع ) قبل ثلاث سنوات كان الطقم بعشر آلاف ريال (سرير + دولاب + وكبدينو) وبالتقسيط واليوم بمائة الف ريال اكثر نقداً . حول اتجاهه الى الجهة الاخرى ومرّ سريعاً . اللوحة التي رسمها لم تكتمل الشارع كان هادئاً بعد ان اخذت الكهرباء راحتها واطفئت انوارها الشارع اصبح مظلماً . نحن ندفع حق الكهرباء ولا نستهلك منها الا القليل ، اصطدم بعمود الكهرباء ، اسرع الخطى اللوحة لازالت متسمرة في مخيلاته اصبحت واضحة امامة تذكر انه لم يشتر عشاء له وزوجته واولاده تحسس جيوبه الخارجية والداخلية لم يجد سوى عدد من الريالات البالية .. المرتب لم يصل بعد قالوا ان هناك زيادة في المرتب وان الزيادة ستغطى كثيراً من الامور ( يحدث نفسه ان الزيادة سيشتري بها حبة دجاج فالاولاد لايعرفون اللحمة منذ فترة ) غير رأيه فصاحب المنزل أقرب فهو يطالبه بالايجار المتأخر عليه .. الاولاد يحتاجون الى مصاريف المدرسة . صاحب البقالة انذره لانه لم يعطيه شيئاً راح يلملم لوحته اختلطت بآهات حزينة . قال : عذاب !! اسرع وترك اللوحة جانبا . الظلام خيم على الشارع والهلال القادم من الغرب ظهر جليا انه بداية الشهر القمري كان بجانب الهلال نجمة مضيئة اضاف ذلك الى لوحته . ظل يتأمل لوحة الخالق اضافها الى لوحته السابقة كان الوقت قد سرقة تأمل ساعة معصمه وبحركة سريعة ترك تلك اللوحة الربانية قفز الى الرصيف المقابل كان الشارع هادئاً وقطة جاثمة على صدر الشارع جوار قط في هذا الليل البهيج يتبادلون الحب وحديث المساء . دون رقيب لقد احظرت له قطعة خبز طرية من البيت التي تسكن فيها . وقط وقطه يراقبون المارين وكأنهم نقطة استطلاع اولية . اضاء الشارع واختفى كل شيء حتى القطط . لوحة اخرى لم تكمل بعد صادفها في يد رسام جلس يتأملها كانت تحمل في طياتها الوان الطيف كان الرسام يحاول استكمال لوحته . دخل الدكان بجانب الرسام دون استئذان .قال له : هل الالوان متناسقة . انها تشكل قوس قزح . اختفى منها اللون الاصفر والابيض اختلطت الالوان . تناسي لوحته ومنزله وراح يشرح للرسام بقية الالوان التي لم تكمتل . تذكر انه قريب من منزله . ترك الرسام مع لوحته وراح يقطع الشارع واللوحة التي لم تكتمل في مخيلته .