
لذا حتى يمتلك الحوثي حق الإصدار يتطلب وجوده ضمن ثلاثية قوام الدولة المعترف بها بمعنى وجوده شرعا ممتلكا شرعية اصدار النقود والدستور يمارس مهامه ضمن سيادة على شعب وارض وامتلاك شرعية إنفاذ دستور وقوانين تسري دونما عوائق هنا نقول إن الحوثي لا يمتلك أيا من الأسس التالية:
ـ شعب يدير شؤونه.
ـ ارض يسيطر عليها.
ـ نفاذ ما يصدره من قوانين ونظم على كامل الارض وسكانها.
الحوثي لا يتمتع بصفة الشرعية المفتقد لها والتي بموجبها يمتلك سيادة يدير شؤونها المختلفة هو لا يمتلك هذا الأمر. الحوثي سلطة أمر واقع لعمل انقلابي على الدولة لا يمتلك اي حق شرعي لإصدار اي قرارات سيادية كحق اصدار العملة موضوع مقالنا هذا خاصة وأن ما مارسه من اصدار لن يحل اي مشكلة سوى تعلقت باستبدال مقدار الكتلة التالفة من وحدة الخمسين أو مئتي ريال كما أن هذا الاصدار لن يوسع من إجمالي حجم التداول في الأسواق إذ ان نسبة الخمسين ريالا أو الميتي ريال من إجمالي ما يتم تداوله يعتبر ضئيلا لحد ما يبقى إذن ان نسال وما الهدف من وراء هذا الإصدار لأن الأساس السليم للإصدار إنما يتمثل بممارسة حق سيادي اي حق اصدار العملة والحوثي لا يمتلك مثل هذا الحق السيادي.. فقط هو يبعث برسائل لمن يهمه الامر أنه بات سلطة أمر واقع يفرض إرادته وعلى المعترض اللجوء للقضاء والسؤال اي قضاء؟.. ليس في الساحة الوطنية غير قضاء الشرعية ناهيك عن أن الجهة الوحيدة المخولة بأمر كهذا ترجع لسلطة البنك المركزي الشرعي ومركزه العاصمة عدن.
وما الحل إذن لهذه المعضلة التي تحدث مزيدا من الخلل والارتباك في أسواق التداول؟ كما إنه إجراء يمس السيادة الوطنية للبلد التي لا يجوز لغير السلطة المعترف بها التعامل مع موضوع سيادي كهذا وهو أي إجراء الحوثي انما يضرب عرض الحائط بمصالح الكتلة البشرية التي يدير شؤونها خارج مصالح الشعب اليمني واقتصاده الوطني ككل ولما كان الأمر محاولة لفرض أمر واقع يفتقد للأساس القانوني لطريقة الاصدار الشرعية، نسأل.. وما الحل وقد خلق الحوثي المشكلة؟ هنا تتساءل:
1.هل الظروف الحالية تسمح بتحييد الاقتصاد الكلي للبلد عن الصراع السياسي لكنا نعتقد أن ذلك غير ممكن مطلقا.
2.هل لنا أن نعتبر أن مؤشر فتح الطرق الرئيسية يمثل مدخلا لتذليل كثير من عقبات تحول وتصاحب فتح الطرق وتسمح بتوسيع آفاق التداول وبالتالي التوافق على آليات تعالج جوهر عوائق تحول دون اعتماد اصدارات نقد متوافق عليها وعلى جهة الاصدار... اي جهة مخولة بإصدار العملة تتمثل بالبنك المركزي الشرعي. هذا أمر يتطلب تدخل السياسة التي تذلل عقبات من الصعب تجاوزها دون توافق سياسي بين طرف شرعي وطرف يفتقد للشرعية لكن للمصالح الوطنية العليا قراءات وسياسات أخرى وهذا بحاجة لخارطة طريق متوافق عليها.
3.ما الذي يحول دون النظر لمصلحة الشعب اولا خاصة والاقتصاد الوطني يعيش حالة تضخم قاتلة...هل حان وقت إعادة وحدة البنك المركزي.. الكرة في ملعب الطرف المحاول اتباع سياسات اصدار لا يمتلك مشروعية فيها والأمر مطلقا لا يحل بفرض سياسة الأمر الواقع الذي ينتج آثارا ضارة بالمصالح العليا للبلاد من حيث عدم الاستقرار بل توليد عناصر تزيد الأمر تعقيدا...نعتقد أن أمرا كهذا لن يتأتى إلا عبر تفاهمات سياسية وخطة مدروسة لإعادة توحيد البنك المركزي ممثلا بالبنك المركزي بعدن على أن تلعب الأمم المتحدة والتحالف والبنك وصندوق النقد الدولي دورا في هذا المسعى. لم يعد مجديا ولا مفيدا للبلد والشعب استمرار سياسات أنصار الله الحوثية الحالية إذ هي:
1.تلحق ضررا بالغا بالبلد وشعبه نظير ما سيصاحب اي اصدار من تأثيرات سالبة. 2.لا تؤثر مطلقا سياسات أنصار الحوثية بالبحر الأحمر ولا تحدث آثارا تخدم القضية الفلسطينية بقدر ما تلحق اضرارا مكلفة بالاقتصاد الوطني من جانب وما يلحق بمصر من ضرر.. الاكثر أهمية واولوية أن تعيد الجماعة ترتيب اولوياتها الوطنية بعيدا عن طروحات هي التحام بالمصالح العليا للبلد لأن مسلك الحرب وطبيعة النهج الذي تسير عبره سياساتها البعيدة كل البعد عن المصلحة العليا للوطن كله ناهيك عما يولده من عوائق تعيق أمن واستقرار البلاد.
ولما كان الأمر غاية في التعقيد نظرا للتعقيدات المرتبطة بحل أزمة البلاد فقد يكون من المفيد اقتناص فرصة كهذه للبحث في حلول تخرج البلد واقتصاده من تعابير الأزمة الهيكلية التي تعانيها البلد.. سياسة واقتصاد يفتقدان أرضية تتسم بالاستقرار ووحدة القرار الوطني المستند على أرض متصلة وشعب موحد وقرار سيادي وسلطة تغادر واقعاً تعبيراته السياسية والاقتصادية والقانونية متضادة.
هل آن أوان البحث عن بديل وطني قوي متوافق عليه يغادر ساحة سيادة مفتتة وقرار وطني غير مستقل؟ حل ذلك سيشكل ردا على تطاولات الحوثي ليس فقط في مجال اصدار النقود بل في كافة المجالات السيادية الأخرى من هنا سيتبين من الاكثر حرصا على حماية المصالح العليا للبلد والناس. وإن غداً لناظره قريب.